قتل نفس وقتل شعب سيد عبد الهادي |
|
قتل نفس... وقتل شعب
كتبه/ سيد عبد الهادي
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فلقد نهى الإسلام عن إيذاء المخلوقات العجماوات، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خِشَاشِ الأَرْضِ) (متفق عليه)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شَيْئًا فِيهِ الرُّوحُ غَرَضًا) (رواه مسلم)، و(غَرَضًا): هدفـًا للرمي كنوع من التسلية، فكيف بمن آذى البشر بغير حق؟! قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا) (رواه مسلم).
وما الظن بمن يعذب المؤمنين ويستبيح دماءهم وأعراضهم؛ قال الله -تعالى-: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) (النساء:93)، وقال -تعالى-: (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) (المائدة:32)؟!
فقتل المسلم جريمة أعظم من هَدْم الكعبة بيت الله الحرام، وقتل شعب مسلم بأكمله بحصاره وتجويعه وتسليمه إلى عدوه كي يستأصل شأفته جريمة أعظم وأشد.
إن قتل الجندي المسلم على الحدود المصرية جريمة مستـَنكرة الخاسر منها هو إخواننا في غزة؛ حيث إنهم سيفقدون تعاطف الناس معهم؛ فإن الشعوب تفكِّر بعواطفها لا بعقولها، ولا يستبعد أن تكون "الأيادي اليهودية" أو "الفتحاوية" وراء الحادث، أو أنه تمت عملية استفزاز "مخابراتية" لأحد العناصر الفلسطينية بهدف تشويه صورة حماس والفلسطينيين، فيهدأ الضغط على الحكومات الموالية لليهود.
وإن كان القاتل من حماس فعلاً فهذا خطر داهم يستدعي وقفات مع المجاهدين العقلاء حتى لا يتكرَّر مثل هذا الأمر؛ فإن وجود السلاح في يد الإنسان قد يدفعه إلى استخدامه بسهولة، كما حدث في أحداث مسجد ابن تيمية.
وهذا قد يقع من الأفاضل، كما قال عمر -رضي الله عنه- عن خالد بن الوليد -رضي الله عنه-: "إن في سيفه رهقـًا"، وكقتل أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- لمن نطق الشهادة أثناء القتال، وإن كان هذا تأويلاً منهما -رضي الله عنهما-، ولكن المحصِّلة أن مثل هذه الوقائع تـُغَيِّب عن الناس الحقيقة، وتُشغلهم عن رؤية الأمور ببصيرة، لا سيما مع عمليات "غسيل المخ" الإعلامية التي تقلب العدوَّ صديقـًا والأخَ عدوًّا.
فلابد من محاسبة الجاني وفق شرع الله -عز وجل-، وتسليم الدية إلى أهل الفقيد -رحمه الله تعالى-.
جدار الموت:
لابد من وقف هذا الجدار القاتل لإخواننا في فلسطين، فالواجب علينا مدهم بالعون والسلاح وإعانتهم على الجهاد، لا أن نحاصرهم ونسلمهم إلى القتل بأيدي أعدائنا وأعدائهم، فتدور علينا الدائرة بعد ذلك؛ فإن سقطت المقاومة الإسلامية فسيجتاح اليهود الدول العربية دولة دولة.
وقد يتساءل العاقل: لماذا هذا الجدار الآمن؟! هلا بنيتموه قبل ذلك؟! ولماذا لا يكون بيننا وبين اليهود الذين اتخذوا من سيناء ملهى ليليًّا لهم؟! ثم بعد ذلك يتباكون على الشباب الذين يتزوجون من إسرائيليات ويقعون في بئر الخيانة!!
وإذا كانت المخدرات تُزرع أصلاً في سيناء تحت السمع والبصر؛ فكيف سيمنعها الجدار؟! وأي سلاح سيُهرَّب إلى مصر والمجاهدون في غزة يحتاجون إلى كل رصاصة؟!
يا أيها العقلاء... قال الله -تعالى-: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) (البقرة:120)، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنِ الْتَمَسَ رِضَاءَ اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ، وَمَنِ الْتَمَسَ رِضَاءَ النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ) (رواه الترمذي، وصححه الألباني)، أم أنه كُتب على المسلمين أن يُقـَدموا قرابين من أجل الكراسيّ؟!
اللهم إنا نبرأ إليك من إراقة دماء المسلمين، ونبرأ إليك من موالاة أعدائك وخذلان أوليائك.
اللهم أرنا الحق حقـًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبسًا علينا فنضل.
اللهم ارحم موتى المسلمين أجمعين، وكف عنا شر اليهود والنصارى والمنافقين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.