التغيير والإصلاح مسؤولية الجميع : الحكام والعلماء والشعوب

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله، ثم أما بعد : إن مسألة التغيير والإصلاح مسؤولية جميع المسلمين على اختلاف شرائحهم وأطيافهم والتقدم إلى الأمام نحو الأحسن يجب أن يكون دائما بخطوات علمية عملية مدروسة وفق قوانين التغيير وأحكام وضوابظ الإنكار وإلا ستكون فوضى في الميدان وفي زماننا كل فئة ترمي الأخرى بالتقصير أو الخيانة وفي رأيي في هذه المسألة [معقدة ضروس] والمخرج منها إلى الإصلاح والتغيير يكون والله تعالى بالعمل على جميع الأصعدة الجبهات : الدعوية والسياسية والفكرية والإقتصادية والسياسية فعلينا أن نحدد مسؤولية كل فئة من شرائح الشعوب المسلمة على اختلاف قدراتها وطاقاتها العلمية والعملية على حسب منازلهم وهيئاتهم الإجتماعية

1:فالحكام والمسؤولون: يحب عليهم القيام بالحق اتجاه الله تعالى ثم اتجاه شعوبهم وما كلفوا به من حمل الأمانة ونصر الدين والعمل بالحق والحكم بالعدل والقسط وإنصاف الناس وإعطاء كل ذي حق حقه وإقامة دولة الحق والنهوض بالأمة بين الأمم حضاريا وعسكريا وتكنولوجيا مع الحفاظ على مقاصد الشريعة وهوية الأمة وأصالتها ولسانها وإعداد أجيال مستقبلية صالحة تأمر بالمعروف والتوحيد وإقامة العبودية لله تعالى والدعوة إلى الخير وتنهى عن المنكر والشر والشرك والفساد..

2 : والعلماء: يجب عليهم القيام بمهمتهم التعليمية والعملية في الدعوة إلى الله تعالى بصدق وإخلاص وإظهاركلمة الحق بالقسط ونصر الإسلام والدفاع عن المظلومين وجمع كلمة الشعب المسلم والوقوف دوما مع المقهورين المستضعفين في الأرض ومحاربة الظلم والظالمين والسعي لتقويم الحكام الجبابرة ونصحهم بالحق وكفهم عن الظلم والعدوان بكل سبيل شرعي وطريق مثمر وتغييرهم إذا لم يصلحوا للحكم إذا استوجب الأمر وخلعهم عند المصلحة حفاظا على حق الله سبحانه وتعالى

3 : والشعوب المسلمة: يجب عليها القيام بدورها الديني والدنيوي في الحياة اتجاه الله أولا ثم اتجاه دينهم وأمتهم ووطنهم وبلادهم وعشيرتهم وأمتهم الإسلامية ومقدساتها ومن واجباتهم كذلك القيام بالعلم النافع والعمل الصالح ونصرة الحق والتعاون على البر والتقوى وإنكار الفساد والمنكر والعمل على جمع كلمة الأمة وتوحيد صفهم ونصرة إخوانهم المستضعفين والقيام بما أوجب الله تعالى من رد العدوان عن الشعوب المسلمة المحتلة وإلى غير ذلك من الواجبات المقدسة، والذي نشاهده اليوم في واقعنا المعاش هوالعكس تماما لهذه المقررات الأساسية والمسلمات القطعية وكل واحد من شرائح الأمة يسب الآخر ويرميه بالعجز والتقصير والخيانة وبهذا المنهج صرفت الأمة عن العمل ولجأت إلى الذم والتقبيح

فالحكام يقولون :إن الشعوب متخلفة علميا وحضاريا وليست متحضرة وهي عاصية مستعصية غير مطيعة على من يسوسها وهي متمردة غير خاضعة لا يمكن أن نضبطها بالنظام لأنها ليست في المستوى المطلوب وهي تستعين بالغرب والمنظمات الكافرة التي تسيرها الأجهزة الإستخبارتية للدول الأجنبية وغير ذلك !

والشعوب الإسلامية تقول :إن هذه الشرذمة من الحكام الخونة عملاء للكفار ومتعاونون مع اليهود والنصارى باعوا دينهم وأرضهم ووطنهم وبترولهم وثروات أرضهم للغرب الكافر وهم ليسوا أكفاء لا شرعا دينيا ولا كفاءة دنيويا،وفي المقابل العلماء ساكتون عن هؤلاء الحكام العاجزين فهم يداهنونهم ويتقربون إليهم زلفى ليمنحوهم العطايا والأموال والهدايا ويغدقونهم بالمناصب ليرضوا عنهم ويكفوا عن الطعن فيهم وتبيين عوارهم للأمةحتى يتركوا الإنكارعلى أعمالهم سرا وجهرا

والعلماء يقولون : نحن مكرهون تحت مطرقة وقوة وبطش الحكام لو نأخذ بالعزيمة ونقل لهم كلمة الحق نسجن ونقتل ونخطف ونمنع من الدعوة إلى الله تعالى وتعليم الناس العلم والقرآن، فينشأ في الأمة أقوام علمانيون أعداء الدين والملة ويتصدرعوضنا أقوام قبوريون مشعوذون دجالون يحاربون الله تعالى ودينه
ويقول العلماء كذلك إن الشعوب المسلمة ليست قادرة على الإنكار ولا التغيير فلا نريد أن نكلفها ما لا تصلحه ولا تحسنه وهي حاليا غير مستعدة للقيام بأمر سياسة الأمة وفق أحكام الشرع في أمر[الراعي والرعية] لتتحمل أعباء الحكم والسلطنة ؟
والحق فوق هؤلاء كلهم جميعا:على كل واحد من هؤلاء القيام بالحق في منصبه يقوم عليه فالذي أوجبه الله تعالى على كل واحد العمل بالصدق والإخلاص والقيام بحق الأمانة ولا ينتظر أن يقوم بعمله غيره من الخلق إعذارا إلى الله تبارك وتعالى
- فالحكام يحكمون بالشرع والحق ويسوسون رعيتهم بالعدل والقسط ونصر الحق كما أمرهم بذلك ربنا تبارك وتعالى في القرآن الكريم :{ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل}، والعلماء يجب عليهم أن يعلموا الناس ويربوا جيلا صالحا وينصحوا الخلق بالحق ويجتهدوا لقول الحق وفق قواعد الشرع ويتحملوا لذلك في سبيل الله تعالى ما كلفهم الله تعالى به من الحق والنصرة لأهله كما قال تعالى فيهم :{ لولا ينهاهم الربانيون عن قولهم الإثم وأكلهم السحت}، وأما الشعوب المسلمة فعليها أن تقوم بواجباتها اتجاه الله وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر طاعة لله كما أمر تعالى في كتابه العزيز: {كنتم خير أمة أخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}، وبهذا يجتمع شمل الأمة ونصنع مجدا أضعناه لما تركنا مهماتنا ومناصبنا فعلى قدر صلاح الشعوب يكون مصيرها إما في الخير والعافية وإما في الشر والضر
الشيخ عبد الفتاح زراوي حمداش الجزائري


الكاتب: أبو مريم العايدي الجزائري
التاريخ: 21/04/2010