الجواب الكافي عما ذكره الناطق باسم التجمع السلفي سالم الناشي
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
أما بعد؛
فقد قرأت ما كتبه الأستاذ سالم الناشي في تعليقه على الرد السلفي لشيخنا حامد بن عبد الله العلي فلم أزدد إلا ألماً وحسرة على التخبط الذي يقع فيه الأخ الناشي وهو الممثل لطائفة من التيار السلفي السياسي مع أن حقيقة قوله بعيدة عن طريقة السلف والخلف .
وقياماً بواجب النصح لله ورسوله ولعامة المسلمين أحببت أن أعلق على ماذكره الأستاذ الناشي في مقاله الثاني-وإن كان مقال شيخنا كافياً شافياً لكن الذي يظهر لي أن الأستاذ لم يفهمه على الرغم من استدلاله بصحيح المعقول وصريح المنقول وضربه للأمثلة -
فقد ذكر أموراً أربعة:
أولها أنه لن يستفد شيئاً من ذم أمريكا وسبها وأن عدم ذكره لها بسوء اقتداء بالنبي- صلى الله عليه وسلم- كما أنه لا يريد أن ينجرف شباب الأمة خلف أمر لم يحسبوا حسابه .
وثانيها:يزعم أن الهيمنة الأمريكية أوضح من أن توضح وقد تركها احتراماً للقارئ .
والثالث: لا يرى -عفا الله عنه -غضاضة من دخول الكويت في حلف استراتيجي دائم مع الدول الكافرة بل ولو مع أشد الدول عداوة للإسلام وأهله -وهي رأس الكفر أمريكا-.
والرابع: أن الأمة عليها أن لا تنساق خلف الخطاب الشيوعي الذي أذاقها الويلات عبر الدهور والسنين مع أن الواجب عليها البناء الصحيح دون بث العداوات.
هذا خلاصة ماذكره عفا الله عنا وعنه وإليك الرد المفصل والجواب الكافي بحول الله وتوفيقه:
أولاً: مما لا ريب فيه أن القرآن ملئ بذم الكفار وآلهتهم كمثل قول الله تعالى " أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلاً" وقوله " فما لهم عن التذكرة معرضين كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة " وقوله " إن شر الدواب عند الله الذي كفروا فهم لا يؤمنون" ونظائر هذا في القرآن كثير؛ فهل ذم القرآن لهم ليست له فائدة ؟!
والمعلوم أن النبي -صلى الله عليه وسلم-مبلغ عن ربه. وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قام على رؤوس الكفار فأخذ قبضة من تراب فحصبهم بها وقال : شاهت الوجوه .رواه أحمد في المسند وصحح إسناده الشيخ أحمد شاكر.
وقد روى الشيخان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ألقي عليه سلا الجزور قال"اللهم عليك بقريش -ثلاثًا- ثم تسمى: اللهم عليك بعمرو بن هشام".الحديث.ونظائر هذا كثير في السير والمغازي بل وفي الصحاح وغيرها؛ فكيف يقول الأستاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذم المشركين؟! فتحصل من ذلك أن الأستاذ قد قال على الله ورسوله ما ليس له به علم.
ثانياً: المقطوع به أن ذم الكفار وآلهتهم والجهر بالعداوة لهم إنما هو من الكفر بالطاغوت الذي هو أحد أركان العروة الوثقى التي لا انفصام لها وفي الحديث "من شهد أن لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله فقد حرم ماله ونفسه" رواه مسلم وفي القرآن" قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده".
فبعد ذلك ،هل هناك فائدة من ذم الكفاروإظهارالعداوة لهم؟
ثالثاً:أحد الأسئلة المتبادرة لقارئ المقال "ما هو الأمر الذي يدخل فيه الشباب ولا يحسبون حسابه؟" وهل شباب الأمة اليوم بحاجة إلى إذكاء حميتهم على دينهم؟أم هم بحاجة إلى تحذير وتخدير من خطورة العداوة للنصارى واليهود لأنها ستدخلهم في أمر لا يحسبون حسابه؟ فليت شعري أي قارئ احترمت عقله؟!
رابعاً: لا يرتاب العاقل أن ترسيخ عقيدة الولاء البراء في قلب الأمة أمر بالغ الأهمية لاسيما في وقت رمى فيه الكفارُ وأذنابُهم من المنافقين تعاليمَ الإسلام وثوابته عن قوس واحدة حتى صارت جملة ليست بقليلة من المسلمين تشك في كفر النصارى بل ومن الناس من يجهر بأنـهم ليسوا بكفار ؛ وأبعد من ذلك أن يظن أناس من أهل الصلاة والقرآن أن لا خطر من أولئك النصارى والطواغيت على العقيدة وميراث الأنبياء وقد قال الله "إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين" بل صار من ينكر موالاة الكافرين ويأمر باتباع المرسلين إرهابيًا؛
ولا يخفى ما تتعرض له مناهج التعليم من محاولات جادة لإرساء قواعد التراجع عن العقيدة ومسخها من قلوب الأجيال.أضف إلى ما تقدم أن خطر الصليبية الأمريكية صار خافياً حتى على القياديين في الحركات الإسلامية حتى رآها جملة ليست بقليلة منهم أنها لم تضر الكويت بشيء بل يقول قائلهم لولا أمريكا لم يستطع الخطيب أن يمتطي منبر الجمعة؛ وهؤلاء هم الدعاة إلى الله !! فكيف عادت الهيمنة الأمريكية أوضح من أن توضح؟ وقد طلبتم في لقاء الرأي العام مثالا على ضرر أمريكا بالمسلمين!!! وهذا يعكس التناقض بين اللقاء وبين المقال المنشور في الوطن فلا أدري على أي الطريقين أنت؟!
خامساً: قال تعالى" لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة "قال العلامة سليمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب "نهى سبحانه المؤمنين عن اتخاذ الكافرين أولياء وأصدقاء وأصحاب من دون المؤمنين وإن كانوا خائفين منهم وأخبر أن من فعل ذلك (فليس من الله في شيء) أي لا يكون من أولياء الله تعالى الموعودين بالنجاة في الآخرة (إلا أن تتقوا منهم تقاة) وهو أن يكون الإنسان مقهوراً معهم لا يقدر على عداوتهم فيظهر لهم المعاشرة والقلب مطمئن بالبغضاء والعداوة؛ فكيف بمن اتخذهم أولياء من دون المؤمنين بغير عذر إلا استحباب الحياة الدنيا"أ.هـ.
قلت: ونظائر هذا في الكتاب العزيز كثير جداً وقد بسطه العلماء وتناولوه بالتوضيح وليس هذا محلاً لبسطه. فهل يجوز بعد ذلك الدخول تحت ولاية الكفار في أحلاف استراتيجية تتخذ من خلالها أراضي المسلمين وبلدانهم منصة يقفز من فوق هامتها الكفار لاحتلال بلاد المسلمين ؟!
سادساً:لو فرضنا-جدلاً- أن رامت تلكم الدولة المعاهدة غزو بلاد الحرمين -لا قدر الله- لإلقاء القبض على أحد المتهمين بأحداث سبتمبر أو إزالة الظلم عن المظلومين أو نحو ذلك من الأسباب فهل يجوز موافقتها على ذلك بمقتضى ما بيننا من تحالف؟! فكيف يجوز إذاً الدخول معها في حلف وقد غزت بلاد الأفغان وقتلت النساء والرجال والأطفال وأسقطت دولة تقيم الشرع وأقامت محلها أخرى ترعى الخنا والفجور وتزرع الهروين وقد أقامت طاغوتًا تحكم به على العباد ؟!
ولا تزال تلك الدولة المعاهدة وأذنابها من العملاء والمنافقين تسفك دماء المدنيين الأبرياء -شيوخاً ونساء وأطفالاً- في كل أصقاع الدنيا وتحتجز المسلمين أسرى في كوبا . فأي عهد أم أي ميثاق وحلف يجوز البقاء فيه وتأييده والرضا به؟!
سابعاً: لازم ما ذكر الأستاذ مما يفيد رضاه بالتحالف مع أمريكا أنه يجوز لأي من بلاد المسلمين إقامة عهد مع الكفار ولو مع الصهاينة ما دام يخدم الاقتصاد وينعش التجارة؛ولا ريب أن فساد اللازم يدل على فساد الملزوم.
ثامناً: قال الموفق ابن قدامة في المغني" لا تجوز مهادنة الكفار مطلقاً من غير تقدير مدة لأن ذلك يفضي إلى ترك الجهاد بالكلية. ولا يجوز أن يشترط نقضها لمن شاء منهما"أ.هـ.بتصرف يسير.
تاسعاً: لا أدري ما هي علاقة الحديث عن المد الصليبي والتحالف الإستراتيجي معه بالحديث عن الشيوعية ومقاومة المد الأحمر...الخ ما ذكر
إلا أن يكون مراده أن المعسكر الغربي خير من الشرقي !! وهذا بلا ريب كلام لا طائل تحته لأن الشيوعية احترقت في بلادها ؛ ومن وجه آخر فإن ملة الكفر واحدة .
عاشراً: لا ريب أن بناء الأمة أمر مهم لكن الذي أهم منه هو أن تبنى على العقيدة السليمة والتي مبناها على بغض أعداء الله -كما تقدم- قال الله على لسان إبراهيم "فإنهم عدو لي إلا رب العالمين".
وختاماً فإني أسأل الله تعالى أن يهدينا والأستاذ الناشي ويشرح صدرنا وصدره لمعرفة الحق والعمل به وسائر إخواننا المسلمين.إنه هو السميع العليم.سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
كتبه الفقير إلى عفو ربه الكبير
أبو سليمان خالد بن جاسم إبراهيم الهوليالكاتب: الشيخ خالد الهولي التاريخ: 01/01/2007