دولة إيران الصفوية..لشيخنا عبد الفتاح زراوي حمداش . |
|
بسم الله الرحمان الرحيم
هكذا نشات دولة إيران الصفوية الباطنية
لشيخنا عبد الفتاح حمداش الجزائري
907- 1148 هـ = 1502 - 1736م
الحمد معز المؤمنين، مذل الكافرين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين وقائد الغر المحجلين، ثم أما بعد : لقد تعاقبت عقود أحقاب زمانية بعد قيام الخلافة الإسلامية أنواعا من المحن والفتن والبلايا منذ وفاة لاسول الله صلى الله عليه وسلم ففي أيام الصديق رضي الله عنه ارتدت جزيرة العرب إلا [ مكة والمدينة والطائف] وبعض القبائل حتى أعادها عتيق الله من النار إلى التوحيد والإسلام والطاعة بعد قتال ضروس دام سنتين، ثم جاء زمن عمر الفاروق رضي الله عنه فكانت الفرس والروم تستعدان لقتال المسلمين وتتخذ الأسباب لدخولهما إلى الحجاز أرض الإسلام لقتال مركز الخلافة وعقر دار الموحدين المجاهدين وتوقيف التوسع الإسلامي النظيف عبر الفتح المبارك الميمون، وكانت تمكر هتان الإمبراطوريتان العظمتان تحرض القبائل حول الجزيرة لتوظفها في قتال المسلمين وللإخلال بنظام أمن الخلافة الإسلامية، من هذا كانت تجهز نفسها لغزو بلاد الإسلام في عقر دار الخلافة، ولكن عمر الفاروق رضي الله عنه دوخ الفرس والروم حتى خلخل مراكزهم المتجبرة وقلاعهم المتكبرة على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ففتح الله تعالى على يديه تلك الديار الميمونة فأصبحت ملكا للمسلمين وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء لما عجزت عن مقارعت القوات الإسلامية في ميدان النزال، فدست له غلاما مجوسيا اسمه < أبو لؤلؤة المجوسي> لعنه الله فقتله غيلة، فظهرت اليد السوداء المحركة للفتن في دار الإسلام لإشغال المسلمين فيما بينهم ليتفرعوا للإدهاو على بعضهم البعض، ثم جاء زمن عثمان رضي الله عنه ففتح الله على يديه كثيرا من البلدان والأمصار وجمع الله على يديه المسلمين على مصحف واحد وكلمة واحدة في الصف والوحدة والإمامة، فتحركت اليد السوداء الشريرة فضربت من جديد على يد الجماعة المسلمة وتوغلت من العراق ومصر حتى دخلت جزيرة العرب نواة الإسلام ومركز الخلافة الإسلامية فتحرك الفتن والأهوال الداخلية ضد الخليفة لتصل إلى قلب الأمة فظهرت نبتة الخبث في آخر زمن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه فمكرت به كما مكرت بعمر الفاروق رضي الله عنه فقتل ظلما وعدوانا ثم جاء زمن الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه فكان عصره عصر خروج الخوارج المارقين الذين كفروا الصحابة والمسلمين بسبب المعاصي والكبائر فانفجرت فيه الفتن والبلابل والقلاقل، ووقعت فيه معركتان بين أهل القبلة وجرت محن بين الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، فأراد رضي الله عنه أن يخمدها ولكنه التحق بربه رضي الله عنه قبل أن يحكم السيطرة عليها نهائيا، فنشأت طائفة الشيعة ومنها خرجت طوائف الضلال الشيعية الأخرى من طرف اليهود بعد ظهور أول فرقة منحرفة ضالة الخوارج فكفرت الصحابة وشهدت لهم بالردة بعد الإسلام، وفعلت الشيعة مثلها كفرت الصحابة رضي الله عنهم عصبة الإسلام وجماعة الإيمان، فأحدثوا البدع والخرافات وعبدوا القبور والمشاهد وتركوا منهج النبوة وتخلوا عن فهم الصحابة وأحدثوا أكاذيب مختلقة وروابات باطلة وأحاجي مكذوبة فانتشرت بدعهم وتوسع خبثهم وانتقل سرطانهم في الآفاق وظهر فيهم النفاق والتقية فكانوا بمثابة جرثمة الإلحاد ونواة الزندقة في مروق الطوائف الأخرى فتعلموا منهم المكر والضلال والبدع والله المستعان على ما فعلته اليهود والنصارى بهذه الأمة المحمدية، ومن هذه الطائفة خرجت طوائف منحرفة وفرق منحلة ومذاهب شيعية باطنية إلحادية كلها باطلة وتدعو إلى الضلال والبدع والخرافات، فقاوم علماء أهل السنة والجماعة المد اليهودي الداخلي في جسم هذه الأمة التي اجتمعت الملل والنحل والمذاهب على حربها فكريا وعقائديا واقتصاديا واجتماعيا وعسكريا، ومن هذه المذاهب الرديئة التي برزت في حرب أهل السنة والجماعة : الفرقة الصفوية البغيضة للإسلام والمسلمين، فنشأت وتكونت هذه الفرقة المنحرفة منتسبة إلى [صفـي الدين الأردبيلى] الذي عاش ما بين الفترتين: [650هـ= 1252م] إلى[735هـــ = 1334م]، والذي يعتبر المؤسس الحقيقي للفكرة والعقيدة والمنهج والفرقة الصفوية الباطنية، وهــو أحــد شـيوخ الطريقة الصوفية الشيعية، و قد درس فـي مطـلع حيـاته العـلوم الدينيـة على مذهب التصوف أولا فـي بلاده، وتحصل على العلوم العقـليـة الفلسفية التي اقتبست منها طوائف الضلال منهجها البدعي فكريا وعقائديا ومنهجيا، ثم رحـل هذا المؤسس المنحرف إلى < مدينة شيراز> واتصـل بشخصيات مرموقة معروفة في زمنه ومنهم الشاعر المعروف < سعدي الشيرازي > ثم رحـل إلى <أردبيـل> ومنها تنقل إلى < كيلان> ، ودخل في زمـرة <الكيـلانـي> المتصوف وتزوج ابنته، وهكذا توطدت العلاقة بين المتصوفين والشعيين كما قال تعالى :{ والظالمون بعضهم أولياء بعض} فنشأت طرق الضلال على هذه الطريقة وتقوت أواصرها عبر الملتقيات المنحرفة واللقاءات الباطلة فتخرج منهم أجيال من المبتدعة والمنحرفين، فلما مات المتصوف خـلفه مؤسس الصفوية فـي الطريقـة الجنونية المتصوفة، وعـهد قبل ذلك إلى أبـنــائه وأتبـاعه بـالعمـل عـلى جذب الأتبـاع والدراويش الذين هم قاعدة هذه الفرق المجنونة ليكونوا تبعا لهذا الصفوي المجنون، وحضهم على الإستكثار من الأتباع، والأنصار ليكونوا قاعدة انطلاق لمشروع صفوي صوفي مركب بين طريقتين شيعة وتصوف، ودعاهم إلى والإجتهـاد في نشر طريقتهم الجديدة، والحث على الدعاية لها عبر الفرص المتاحة، وكان هؤلاء المجانين ينتسبون إلى المذهب الشيعي بلا لف ولا دوران ويجهرون بانتمائهم لمذهبه ويدعون إلى عقائده، فمنذ تلك الوحدة المشؤومة نشأت علاقة حميمة بين الصوفية والشيعة لأن مبدأهم واحد تعظيم الأموات ودعوة أهل القبور وعبادة الصالحين من دون الله تعالى، وطلب الشفاعة منهم، وكذا دعوتهم لتفريج الكربات وقضاء الحوائج فنعوذ بالله من الكفر بعد الإيمان والشرك بعد الإسلام والردة بعد التوحيد، ولقد تمركزت دعوتهم الفاسدة على وجه التأكيد في إيران خاصة لأته مركز دعوتهم وشهدت هذه البلاد فترة عصيبـة ضـاعت فيهـا الحقوق وكثرت فيها المظالم وساءت فيها أحوال البلاد والعباد وفسدت معاملة الولاة للناس فمهد كل ذلك للخراب والدمار والفساد العقدي والتعبدي والمنهجي وسهل لقيام امبراطورية الشر نبتة أتباع الفارس الصفويين المتصوفين، وهكذا كان الأمر دائما يستغل المبتدعة فساد بعض ممن ينتسب إلى السنة سواء عن طريق معصيتهم أوظلمهم أو انحرافهم عن العدالة حتى يروجوا لباطلهم، لكي تقوم دعوتهم على المظالم والحقوق، ويسهل عليهم تحريض الشعوب على ظلام أهل السنة من قادة دينيين أو ساسة أو ولاة وعسكريين، فتكون تلك المظالم سببا لتمرير مشروع التصوف أو التشيع أوغيرهما من المذاهب الهدامة الفاسدة، ولقد كانت بلاد إيران على السنة وعلى المذهب الشافعي على وجه الخصوص حتى ظهرت هذه الدعوات الشيعة أبعدها الله عن المسلمين وأراح أهل السنة والجماعة منها ومن دعاتها المجانيين الضلال، فكثر أنصار المشييعين للمذهب الشيعي وتحول شيوخ الصفويين من أصحـاب دعوة وشيوخ طريقة صوفية شيعية إلى مؤسسي دولة شيعية لها أهدافها السياسية والمذهبية والقومية الفارسية، وكــانـت < إيـران> وقتئذ تئن بسبب ثقل الخلافات على الحكم والصراعات على السلطة فاضطربت أحوال الناس بينما كان يقوم أتباع حركة الصفويين الشيعيين بتعبئة الناس وتحريضهم على الحكام المفسدين الظالمين وحضهم على الخروج عليهم وحثهم على التمرد على دولتهم ومركز نفوذهم، فاستغلوا هذا الوضع المزري بين المسلمين فـلم يجد الناس أمامهم من مخرج عما هم فيه من الفتن والفوضى والإضطربات سوى أن يكونوا مريدين وأتباعًا لشيوخ الصـفويين الجدد وأنصارا وأتباعا لطريقتهم الضالة، وكما قيل قديما العوام هم الطوام لا يفقهون العواقب الوخيمة إلا بعد وقوعها ولا يدركون خطورة التحالف مع الشيعة الصفويين لإسقاط ظلمة أهل السنة وعوام المسلمين، فقام < إسمـاعيـل الابن الثالث لحيدر حفيد صفى >، فـأسس «الدولة الصفوية» فى عام [907هـ = 1502م]، ثم دخـل < تبريز> وأعـلن نفسه فيهـا مـلكًا عـلى [إيرانٍ]، وتـلقب بـ:[ أبي المظفر شـاه إسمـاعيل الهادي الوالي]، وأصدر السكة باسمه وفرض المـذهب الشيعـي على الناس بالقوة وسياسة الحديد والنار ومنهج القتل والتشريد والمطاردة والقمع والإضطهاد ضد الناس، وجعـل المذهب الرسمـي للدولة الصفوية الجديدة في إيران مذهب الرافضة الباطنية بعد أن كـانت تتبع المذهب السني الشافعي لمدة تسعة قرون، وقـال لعنه الله حين أعـلن ذلك رسميا بعد أن قيل له إن الناس لا يرضون بذلك : < لا يهمنـي هذا الأمر ! فـالله وحضرت الأئمـة المعصومين معـي! وأنـا لا أخشى أحدًا وبإذن الله تعـالى لو قـال واحد من الرعيـة حرفًا فسأسحب سيفي ولن أترك أحدًا يعيش >، وهكذا أعلن هذا الملعون المجرم سياسة البطش علانية ومنهج التنكيل بواحا ومذهب الباطنية صراحة فمن خالفه قمعه أو سجنه او نفاه أو قتله، وأمر المؤذنين أن يزيدوا في الأذان : <أشهد أن عليا ولى الله>، وزاد فيه كذلك <حي على خير العمل>، مضـى هذا الشـاه المجنون الجديد <إسمـاعيـل> فـي إرساء قواعد وأسس دولته الرافضية الباطنية التي قامت على جماجم أهل السنة والجماعة ودماء المسلمين، ولقد قام هؤلاء الصفويون بإرساء دعائم مـذهـبهم الباطل وتقعيد أصول عقائدهم عبر دولتهم وتـنظـيم إدارة بــلادهم وترسيخ أسس حكمهم، ويعتبر هذا المنعرج الخطير تحولا فاسدا لتاريخ إيران المسلمة السنية، لأن الإسلام دخلها في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة < 642م>، لما انتصر المسلمون على الفرس في معركة < نهاوند> ودخلت أمة الفرس في الإسلام بعد أن تخلصوا من ملك < الساسانيين الذي دام "416 سنة >، وبقيت إيران على مذهب السنة إلى أن أفسدها الحكم الصفوي الباطني، والله المستعان وعليه التكلان على مكر الأعداء وخيانة المبتدعة العملاء الشيعة وقلة النبهاء الأكياس من عوام الناس المنخدعين بزخارف الأقوال ولما يحاك ضد أمتنا المسلمة السنية عبر العصور والأزمان والدهور حسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ولقد ترعرع < إسماعيل الصفوي> على يدي < كاركار ميرزا حاكم لاهجان> وكان محبا للصفويين وظل معه إسماعيل مدة خمس سنوات يأخذ منه ويتعلم منه فتعلم منه أحكام الفروسية والقتال، فلما بلغ أربعة عشر سنة بدأ القتال ضد أهل السنة والجماعة وعصاة أهل القبلة الذين ليسوا < شيعة> فبعد أن قامت الدولة الشيعية الصفوية وتوسع أركان معتنيها اتخذ الصفوي من < حسين بك لله> نـائبًا له وجعل < شمس الدين اللاهيجي > حاملا للأختام واستوزر < محمد زكريـا> ثم قضـى عـلى قبيـلة < آق قيونلو > ودخل < مدينة شيراز> وأقر فـيهــا مـذهـبه الشـيعـي الباطني، لما بسط < إسماعيل الصفوي > يده على تلك الديار جاءه علماء الشيعة، وقالوا له : < إن ثلاثة أرباع سكان مدينة تبريز من اهل السنة والجماعة ولا يدرون شيئا عن المذهب الشيعي ونحن نخشى أن يقولوا لا نريد ملك الشيعة >، ولكنه رفض الإستماع لهم وبنى المدارس الشيعية وألزم الناس دراسة المذهب الشيعي وأمر الخلق باعتناق المذهب الشيعي القوة ثم استولى على أجزاء واسعة من العراق وتبنى المذهب الإسماعيلي رسميا كمذهب الدولة والسكان وقاتل من خرج عليه أو من لم يعترف به، ثم توجه إلى مقاتلة من لم يقر بالمذهب الشيعي في كل بلاد < فارس> فاصطدم بجيوشه ضد قبائل < الأوزبك السنية> ودامت المعارك بين أهل الملتين بين أهل الملة الإسلامية السنية والملة اليهودية الإسماعيلية الصفوية الفارسية طويلا حتى تمكنت < الفرقة الصفوية بسط السيطرة على قبائل تبريز السنية> فأعمل إسماعيل الصفوي المجرم السيف في أهل السنة والجماعة وقتل منهم خلقا كثيرا من الرجال والعلماء والقادة والزعماء السنيين وذلك [ بين سنة 913-916 هـ]، فاجتمعت القوى السنية من < العثمانيين والأزبيك وغيرهما> فالتحمت الجيوش في صحراء < جالديران شرق الأناضول > فانهزم إسماعيل الصفوي هزيمة نكراء : [سنة 920هـ- 1514 م] وفر المجرم من المعركة وقتل وأسر الكثير من قواد جيشه الصفوي الباطني، فدخل سليم الأول العثماني مدينة [ تبريز] واستولى عليها وغنم أموالها وبعث بها إلى <الأناضول> وتشجع السنيون في < كردستان> في مناهضة الصفويين الشيعة ولم يمضي وقتا طويلا حتى استرجع السنيون خمسة وعشرين مدينة ومنها كل مدن < كردستان> ولله الحمد، ثم توفي القائد < سليم السني> سنة 926هـ وهو يجهز جيشا للقضاء على الصفويين بإيران، وتوفي < إسماعيل الصفوي> سنة 930هـ بمرض السل بعد أن أدمن شرب الخمر بسبب هزيمته، فـأصبحت <إيران> دولة شيعيـة صفوية باطنية بين قوتين سنيتين همـا : < الهند> التي لم يدخلها الفساد الشيعي بعد، وبين الأتراك السنية من جهـة الشرق، والعثمـانيون والشـام في الغرب، وقد قــاسـت < بــلاد الكـرج وأرمـينـيــة> وسكان المناطق المجازرة لها من مـرارة الصـراع بين الصفويين الشيعة الباطمية والعـثمــانيين السنيين إذ إنهـا تـارة تصير تـابعـة للصفويين فينكلون بهم ويعملون فيهم السيف إذا انهزموا أمام القوات السنية، وبقي الصراع بين أهل الملتين بين الأمتين السنية والشيعية فتارة تكون الغلبة للسنة وهي غالب الأحيان وتارة للرافضة الصفويين وبقي الصراع على الحدود وبين الحدود حتى فصلت بقيام دول بجيوشها على حراستها وحمايتها، والذي مكن للحدود العثمانية السنية حقيقة هو[مراد الرابع] الذي فصل حدود إيران الغربية حيث ضم [بـغداد والجزيرة] إلى الحكم العثمـانـي سنـة 1048م، كمـا نجح في المقابل [أحمد درانـي] فـى إقـامـة دولة مستقـلة فـي أفغانستان بعد أن كــانـت تــابـعــة مرة للهند وأخرى لإيران، ولمـا ضُمت < مدينة هراة إلى دولة أفـغــانـستــان > رُسمت حدود دولة إيران الشرقيـة، ثم حددت حدودهـا الشمـاليـة باستيلاء الروس على المناطق الشمالية، وبقيت هذه الحدود قائمة حتى تمت [اتفاقية الجزائر 1975م]، وهكذا عزلت دولة الصفويين وحددت معالمها في بعض نواحي إيران، ومن أهم ما صاحب تلك الحقبة الزمنية من القهر والتطش الإسماعيلي بأهل السنة والجماعة من طرف < الشاه إسماعيل الأول> [900هـ = 1494م]، هي أبـرز إنـجـازات < إسمـاعيـل الصفوى > هـي إقراره لوحدة < إيران الشيعية القومية والسياسية والدينية> وتحديد معالم شخصية دولته في الداخل والخـارج، والذي مكنه من إقامة دولته تبنيه بالقوة الظالمة المذهب الشيعي الإسماعيلي الفاسد وقتله للسنة بلا رحمة فكان مجرما حقا، وهو ممن صعَّد في الوقت نفسه حدة الصراع بين الصفويين الباطنيين والعثمانيين السنيين، ولقد كان فتنا من الفتانيين الكبار الذين أشعلوا الفتن في بلدان المسلمين واوقفوا فتوحات المجاهدين، ومما عمل كذلك أنه عمَّق الخلاف المذهبي بين السنيين والشيعة والمسلمين عامة وإن أهم ما يقال عن هذه تلك الحقبة المظلمة أن < الصفوية> أعملوا السيف في المسلمين ولم يفتحوا بلاد الكفر والشرك ولم يحاربوا الردة والإنسلاخ من الدين، ولم يلزموا اليهود والنصارى والمجوس بدفع الجزية ولم يقيموا في الناس أحكام الملة ولم يلزموا الأعاجم بما يجب من حق الله في بلاد الإسلام، ولم يقيموا دولة دينية حقيقية تحفظ للإسلام كيانه وهيبته وبيضته ودولته بين الدول، بل كانوا سببا في إشعال نار الفتن وامتحان المسلمين بالحروب الداخلية التي تعطل الفتوحات والجهاد، فكانوا حقيقة سما مدسوسا في عمق الأمة، ومن مفاسدهم التي نشروها بين الناس أن بتروا العلم وأهله لأنهم كانوا يدمرون مساجد السنة ويحرقونها ويقتلون علماء السنة ويسجنوننهم، ويمكنون اهل المذهب الصفوي على أهل المذهب السني ويفضلون العنصر الفارسي على العنصر العربي أو غيره من أجناس المسلمين الأعاجم، ويعاملونهم بتميز عنصري فضيع ولاسيما إذا كان المرء سنيا ومتمسكا بأصوله السنية وقواعده النبوية :{والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}، ولقد قامت كثير من الدول والإمبراطوريات والمذاهب على أنقاض إمبراطوريات ودول أخرى وعلى مذاهب مشتقة من مذاهب أخرى، وهكذا الدنيا هي صراع أفكار وعقائد ومناهج وعبادات وملل ومذاهب وأديان تتكرر بصيغ مختلفة وأوجه متعددة، ولكن أصلها واحد وجوهرها غير مختلف عن المذهب الأم الذي نشات منه المذاهب الفرعية وغن اختلفوا في بعض الأصول أو مجملها ، والذي يتأمل حقيقة هذه المذاهب الهدامة للإسلام يعرف أن أعداءه في كثير من الحالات هم من أحدثها وابتكرها ليحارب أهلها من الداخل، وأغلب هذه المذاهب البدعية أنشأت على هذا الأصل الفاسد بتأويل غير سائغ، وكثير من هذه الإنحرافات الردئية الضالة كمذهب الإسماعيلية الصفوي الباطني هو من صنع أجهزة يهودية نصرانية مجوسية،{ والله غالب على أمره}،{وكان أمر الله قدرا مقدورا}، {ليقضي الله أمرا كان مفعولا }، ولما مات < إسماعيل الأول> مؤسس الدولة الصفوية الباطنية خلفه الشاه < طهماسب الأول> وجلس على عرش الملك يوم [ الاثنين 19 من رجب عـام 930هـ = 1524م] وحكم أكثر من نصف قرن فمن أهم أعماله الماجنة وانجازاته الإبليسية أنه قاتل المسلمين على العموم وخاصة أهل السنة والجماعة، وعامل الخلق بالسياسة الجنونية التي كان عليها والده الفاسد، ودخــل خــلال نصف قرن فــي حـروب كـثيـرة مـع العـثمــانيين والأوزبك وأهل كـردـستـان الذين يدينون الله تعالى بمذهب < أهل السنة والجماعة > ولقد أراد هؤلاء الفرس الصفوييون على العموم من خلال سياستهم العمياء أن يسقطوا أمجاد الأمة الإسلامية ويطرحوا حضارة قامت على دماء الصحابة وجماجم المجاهدين وجهود علماء أهل السنة الأبرار، ولقد عمل هؤلاء الشيعة دائما على حرب أهل الإسلام فهم لا يفتحون بلاد الكفر وإنما يشيعون بالسيف بلاد أهل السنة فتراهم دائما في كل حرب بين الإسلام والكفر يكونون في صف الكفار إما علانية وإما خبثا ومراوغة فهم دائما عيون الإفرنجة على بلاد الإسلام يفتحون لهم قلاع بلاد السنة ويمكنون لليهود والنصارى والمجوس في حروبهم ضد بلاد المسلمين ويدمرون حصون أهل السنة ويخبرون الكفار بعوارت المسلمين، ويفجرون السدود على أهل الثغور المدافعين على بلاد الإسلام من الهجمات الشرسة لأعداء الإسلام من الداخل والخارج، فهذه هي حالة أعداء الإسلام الشيعة الصفويين الباطنيين ضد أهل السنة وبلادهم منذ نشأة دولهم الباطنية الخبيثة الإلحادية التي ما أنشأت إلا لحرب السنة ولما مات سلطانهم المحارب خـلفه ابنه الشـاه < إسمـاعيـل ميرزا > الذي تـلقب بــالشــاه < إسمـاعيـل الثـانـى > فـى عـام [ 984هـ = 1576م]، واعتمد سيـاسـة الموازنة فـي نشر المذهب الشيعـي بدون سيف على خلاف أجداده الأوائل فـأبعد عددًا من عـلماء الشيعـة المتعصبين عن بـلاطه، وأمر بمنع لعن الخلفاء الثلاثة وأمنا < عـائشـة > رضي الله عنهم أجمعين فوق المنابر والطرقات والمساجد والأعياد والمناسبات والملتقيات، فحاول إعادة المذهب السني إلى البـلاد بـالتدريج، وهذا ممـا أثـار عـليه سخط الطبقة الحاكمة والبطانة الشريرة الشيعية على الخصوص والمـجتـمع الشيعي على العموم، فقرروا عزله وتعيين ابن أخيه < حسن ميرزا> إذا لم يتراجع عن مواقفه، وقد عمـل هو عـلى تهدئـة الثوارات التي قـامت ضده، وتحت الضغط المفروض غليه وعلى عرشه أبعد عـلمـاء المذهب السنـي عن بـلاطه ولم يكن لهم دور كبير إلا الحضور فقط حتى يكسب أهل السنة ويهدأ من روعهم ومن ثواراتهم، ونقش عـلى السكـة بيتًا مضمونه: < أن عليا وآله أولى بالخلافة في العالم الإسلامي كله >، وهذا دليل على هيمنة رجال الدين الصفوية الشيعية على سياسة الدولة الباطنية، ولم يتمكن الشاه <إسماعيل الثاني> من البقاء في الحكم فترة طويلة حيث تعرض لعملية اغتيال، وقد اختـلفت الروايـات فـي كيفية قتله ولكن الإسماعيلية هم من قتله بلا شك، وتم اختيار < محمد خدا بنده > ملكًا على إيران فى عام [985هـ = 1578م]، فكثرت في عهده الاضطرابـات التـي عصفت بالصفويين ولم يستطيعوا السيطرة عـليهـا، إذ لم يكن جديرًا بـالحكم، فخلفه ابنه < الشاه عباس الأول> وجلس على عرش الملك من عام [996هـ = 1588م] إلى عــام [1038هــ = 1629م]، ويـعد عـهده من أبرز عهود الحكم الصفوي فـي [ إيران الشيعية] وأهمهـا، إذ عمـل هذا الحاكم الصفوي عـلى رفـاهيـة شعبه الشيعي وتـعمـير بـلاده أي : مدائن الإسماعيلية، ونقـل عـاصمـة دولته من < قزوين إلى أصفهـان >، وأعــاد الحـكم المـركـزي إلى <الدولة الصـفويــة> عــلى الرغـم مـن الصعوبـات التي تلقاها والحروب الكثيرة التي خاضها، وقد اتخذ مجـلسًا لبـلاطه ضم سبعة أشخـاص بـسبـع وظــائـف هـى: < اعتمـاد الدولة و ركن السـلطنـة و ركن الدولة وكبير اليـاوران و قـائد حمـلة البنادق و رئيس الديوان و كـاتب مجـلس الشاه> وبالرغم من وجود هذا المجلس كان هو صاحب القرار الأول في الدولة مع رجال الدين الشيعة الذين كانوا يحكمون حقيقة، ولأنهم أحكموا السيطرة على الحاكم وبطانته الحاكمة واخكموا القبضة على البلد وسكانه جميعا، ثـم تـوالى عــلى حكم < الدولة الصفويـة عقب وفـاة الشـاه عبـاس الصفوي شاهات> كثر ضعاف الدور متصارعون فيما بينهم مما أدى إلى الصراع فيما بينهم على السلطة فضـعف دولتهم وتخلخلت أركانها فسمحت هذه الفرصة الذهبية للأتراك العثمانيين السنيين لغزوها ومحاولة السيطرة عليها وحكم < صفى الأول > [عام 1038ه= 1629م]، ثم < عباس الثـاني> عام [1052هـ = 1642م]، ثم < سليمان الأول> عام [1077 هـ = 1667م] ثـم < حـسين الأول> عـام [1105هـ = 1694م]