ردا على الناطق الرسمي: الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين لا للكفرة واليهود والصليبين .

 

الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين لا للكفرة واليهود والصليبيين

بقلم الشيخ محمد بن عبيد الهاجري

الحمد لله معز المؤمنين وقاهر الصليبيين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في سبيل الله حق جهاده ، أما بعد :

فإني لما قرأت المقابلة التي أجريت مع الناطق الرسمي باسم التجمع السلفي وجدت فيها مغالطات كثيرة بل وطامات مؤلمة فظيعة ، وحيث انه يتكلم باسم التجمع السلفي جاء هذا البيان ، إذ لو كان يتكلم باسمه لما تحرك لي قلم ، وذلك لكثرة ما نقرأ ونسمع من التخبيط والله المستعان .

مما دفعني للكتابة ما وجدته في هذه المقابلة من أمور تهدم أصل الدين فابدأ بها مستعينا بالله وذلك أنه وجه إليه سؤال عن الرضى ببقاء الصليبيين في أرض الاسلام والمسلمين ، فجعل يعتذر لهم بدل أن يتبرأ منهم ومما فعلوه ، ثم زاد الطين بلة فصرح بعدم انزعاجه من بروز الشيعة في العراق ، سبحان الله !! ظهور الشرك لا يزعج ! وعلو الكفر والكافرين على الاسلام والمسلمين أمر يعتذر له ! واستقرار المنطقة ورفاهية شعوبها وأمنها يكون بمؤاخاة الصليبيين ! سبحانك ربي هذا بهتان عظيم ، أنسينا الولاء والبراء ؟! أم غرتنا الدنيا وملذاتها ؟! أم هي المصلحة المغلوب على أمرها وفقه التعامل مع الواقع ؟ أهكذا هي المصلحة التي تكلم عنها الفقهاء والاصوليون ، توهمها فقط هو المعتبر ؟!! ثم إنه كيف يصح في عقل أودين قول الحرام أو فعله لأجل أي مصلحة ؟!! فضلا عن قول الكفر أو فعله ؟!! والله تعالى لم يعذر إلا المكره : " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان "

جاء ضمن كتاب مجموعة التوحيد : الرسالة الثانية والعشرون : حكم موالة أهل الشرك - وقد ذكر فيها عشرين دليلا من القرآن على كفر من أظهر الكفر خوفا وطمعا في الدنيا - ذكر عند هذه الآية ما نصه :

" فحكم الله تعالى حكما لا يبدل أن من رجع عن دينه إلى الكفر فهو كافر سواء كفر بباطنه أم بظاهره دون باطنه ، وسواء كفر بفعاله ومقاله أو بأحدهما دون الآخر ، وسواء كان طامعا في دنيا ينالها من المشركين أم لا ، فهو كافر على كل حال ، إلا المكره وهو في لغتنا المغصوب ، فإذا اكره الانسان على الكفر وقيل له اكفر وإلا قتلناك أوضربناك أو أخذه المشركون ، فضربوه ولم يمكنه التخلص إلا بموافقتهم ، جاز له موافقتهم في الظاهر بشرط أن يكون قلبه مطمئنا بالايمان ، أي ثابتا عليه ، معتقدا له فأما إن وافقهم بقلبه فهو كافر ولو كان مكرها .

وظاهر كلام أحمد رحمه الله أنه في الصورة الاولى لا يكون مكرها حتى يعذبه المشركون فإنه لما دخل عليه يحيى بن معين وهو مريض فسلم عليه فلم يرد السلام فما زال يعتذر ويقول حديث عمار ،وقال الله :" إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان " فقلب أحمد وجهه إلى الجانب الآخر ، فقال يحيى : لا يقبل عذرا ، فلما خرج يحيى قال أحمد : يحتج بحديث عمار ، وحديث عمار " مررت بهم وهم يسبونك فنهيتهم فضربوني " وأنتم قيل لكم نربد أن نضربكم ! فقال يحيى : والله ما رأيت تحت أديم السماء أفقه في دين الله منك .

ثم أخبر تعالى أن هؤلاء المرتدين الشارحين صدورهم بالكفر ، وإن كانوا يقطعون على الحق ويقولون : ما فعلنا هذا إلا خوفا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم . ثم أخبر تعالى أن سبب هذا الكفر والعذاب ليس بسبب الاعتقاد للشرك والجهل بالتوحيد أو البغض للدين أو محبة الكفر ، وإنما سببه أن له في ذلك حظا من حظوظ الدنيا فآثره على الدين وعلى رضا رب العالمين فقال " ذلك بأنهم استحبوا الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدي القوم الكافرين " فكفرهم تعالى وأخبره أنه لا يهديهم مع كونهم يعتذرون بمحبة الدنيا . ثم أخبر تعالى أن هؤلاء المرتدين لأجل استحباب الدنيا على الآخرة هم الذين طبع على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأنهم هم الغافلون . ثم أخبر خبرا مؤكدا محققا أنهم في الآخرة هم الخاسرون . " انتهى .

أعود فأقول : كيف نرضى ببقاء الصليبيين أو ظهور أهل الرفض الخبيثين والله تعالى قد نهانا وحذرنا أن نوالي اعداء الدين " ياايها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون اليهم بالمودة " ولاشك في عداوة الصليبيين للمسلمين ، بل قد اخبرنا الله بذالك من قبل مئات السنين " ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم " " ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء " ود الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين لو يردونكم من بعد ايمانكم كفارا حسدا من عند انفسهم " " ولايزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا " " ما يود الذين كفروا من اهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم " وغير ذالك من الايات .

والواقع يشهد بعداوتهم ، بل هو واضح وضوح الشمس في رابعة النهار ، فلقد احتلوا البلاد ، وعاثوا فيها الفساد ، وقتلوا العباد ، نهبوا الخيرات ، وهدموا البيوتات ، وهتكوا الحرمات ، واغتصبوا البنات ، لم يرعوا حق شيخ ولا كبير ، ولا طفل ولا صغير ، بل زادوا على ذلك أن استخدموا اشد الاسلحة والتدمير.

كيف نرضى ببقاء الصليبيين ظاهرين في الارض يحكمون المسلمين بدين الصليب ، ومنهج التخريب والتغريب ، ونحن نعلم أن من أنواع النفاق الاعتقادي السرور بانخفاض دين الرسول ، أو كراهية انتصار دينه قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ : ( وأكبر ذنب وأضله وأعظمه منافاة لأصل الاسلام نصرة أعداء الله ومعاونتهم والسعي فيما يظهر به دينهم وماهم عليه من التعطيل والشرك والموبقات العظام وكذلك انشراح الصدر لهم وطاعتهم والثناء عليهم ..) {الرسائل المفيدة ص 64} فبعد هذا نعتذر لهم أو نبشر باستقرار المنطقة أو رفاهية شعوبها لا بل وأمنها في ظل أمنا الحنون الصليبية ؟!! نعوذ بالله من الخذلان .

يقول تعالى في سورة الممتحنة :" ... تسرون اليهم بالمودة وانا اعلم بما اخفيتم ومااعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل " هذا فيمن أسر اليهم بالمودة فكيف بمن أظهرها واعلنها ؟!! ثم بين تعالى عداوتهم وحقدهم " ان يثقفوكم يكونوا لكم اعداء ويبسطوا اليكم ايديهم والسنتهم بالسوء " وهاهم قد بسطوا الينا ايديهم واسلحتهم بالقتل والسفك والتدمير - الا اذا كان الواحد منا ليس همه الا نفسه، ومن غيره من المسلمين لا عبرة به سواء قتل أو هتكت عرضه أو اخذت أرضه ؟!! -

وهاهم قد ظهرت العداوة من افواههم فمن سبهم لرسولنا عليه الصلاة والسلام الى قولهم : حربا صليبية الى غير ذلك والعجيب أنهم يقرون انهم في احتلال للعراق وصاحبنا السلفي يزعم انه : تحرير العراق ، بل ويردد ماصطلحـه الاعداء من قوله : الحرب على الارهاب ؟!! .

ثم بين تعالى بعد ذلك في نفس السورة البراءة من المشركين فقال عز من قائل :" قد كانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا برآء منطكم ومماتعبدون من دون الله " ( وهنا نكتة بديعة وهي ان الله تعالى قدم البراءة من المشركين العابدين غير الله على البراءة من الاوثان المعبودة من دون الله لان الاول اهم من الثاني فانه قد يتبرأ من الاوثان ولا يتبرأ ممن عبدها فلا يكون آتيا بالواجب عليه ، واما اذا تبرأ من المشركين فان هذا يستلزم البراءة من معبوداتهم ، وهذا كقوله تعالى " واعتزلكم وما تدعون من دون الله وادعوا ربي عسى الا اكون بدعاء ربي شقيا " فقدم اعتزالهم على اعتزال معبوداتهم وكذا قوله " فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله " وقوله " واذ اعتزلتموهم وما يعبدون الا الله " ) انتهى من كلام الشيخ حمد بن عتيق { مجموعة التوحيد ص 275 } .

ثم قال تعالى :" كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنا بالله وحده " فانظر الى من جعله الله اسوة لنا كيف تبرأ من أعداء الله ولم يكتف بذلك حتى أظهر العداوة والبغضاء أبدا وليس وقتا محصورا بل هو ابدا الى ان يرجعوا الى دين الله ، فسبحان الله ألم يكن ابراهيم عليه الصلاة والسلام يعرف هذه المصلحة التي يعتذر بها ؟!! أم لم يكن يعرف السياسة الشرعية والتعامل مع الواقع وحساب المصالح والمفاسد التي عرفها صاحبنا ؟!! نعوذ بالله من قول السوء وعمل السوء .

قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى :" اعلم رحمك الله تعالى ان اول ما فرض الله على ابن آدم الكفر بالطاغوت والايمان بالله ، والدليل قوله تعالى :" ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت " فأما صفة الكفر بالطاغوت : ان تعتقد بطلان عبادة غير الله وتتركها وتبغضها وتكفر اهلها وتعاديهم . واما معنى الايمان بالله :ان تعتقد ان الله هو الاله المعبود وحده دون سواه ، وتخلص جميع انواع العبادة كلها لله ، وتنفيها عن كل معبود سواه . وتحب اهل الاخلاص وتواليهم ، وتبغض اهل الشرك وتعاديهم ، وهذه ملة ابراهيم التي سفه نفسه من رغب عنها . "{مجموعة التوحيد ص 13}

قال تعالى :" ياايهاالذين امنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء بعضهم اولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم ان الله لا يهدي القوم الظالمين " وقال تعالى " ياايها الذين امنوا لا تتخذوا الكافرين اولياء من دون المؤمنين اتريدون ان تجعلوا لله عليكم سلطانا مبينا " وقال تعالى " لا يتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين " وقال تعالى " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا اباءهم او ابناءهم او اخوانهم او عشيرتهم " وقال تعالى " ياايها الذين امنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم والكفار اولياء واتقوا الله ان كنتم مؤمنين " .

وقال تعالى " ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم انفسهم ان سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون " وقال ايضا " ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما انزل اليه ما اتخذوهم اولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون " .

قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ( واما الموالاة والمعاداة فهي من اوجب الواجبات وفي الحديث " اوثق عرى الايمان الحب في الله والبغض في الله " واصل الموالاة : الحب ، واصل المعاداة : البغض ، وينشأ عنهما من اعمال القلوب والجوارح مايدخل في حقيقة الموالاة والمعاداة كالنصرة والانس والمعاونة وكالجهاد والهجرة ونحو ذلك من الاعمال ) { الدرر السنية 2 / 325 } .

لقد أكثر الله جل وعلا في كتابه من الايات التي تحث على موالاة المؤمنين ومعاداة اعداء الدين ، ولكن اكثر ما يحول بين المرء وفهم القرآن - كما قال العلماء - شعوره بان واقعه لا يدخل تحت هذه الايات وانما هو في قوم قد خلوا من قبل ولم يعقبوا وارثا ، نعوذ بالله ان يحول بيننا وبين فهم القرآن ، واسال الله جل وعلا ان يهدينا الصراط المستقيم صراط الذين انعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، انه ولي ذلك والقادر عليه ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

كتبه / محمد بن عبيد الهاجري
في ضحى الخميس بتاريخ
21 من ذي الحجة 1424 هـ

الكاتب: الشيخ محمد الهاجري
التاريخ: 01/01/2007