تعقيبا على لقاء الناطق باسم التجمع الإسلامي السلفي!م

 

تعقيبا على لقاء الناطق باسم التجمع السلفي !
بقلم محمد بن عيسى العصفور

عندما قرأت كلام الناطق الرسمي باسم التجمع السلفي ، تذكرت القاعدة العلمية: لكل فعل ردة فعل معاكسة له في الاتجاه ، مساوية له في القوّة ، والمثل القائل : ليس الحقّ دائماً حليف أعداء الخطأ ، فكما أن العقلاء لا يختلفون في إنكار الأعمال التخريبية ، والتكفير بغير علم ولا هدى ، ولكنهم لا يختلفون أيضاً في إنكار التزلف والإنبطاح والتنكر للحقائق الملموسة !!

وزبدة لقاء الأستاذ الناطق الرسمي باسم التجمع السلفي : أنه كان مجرد ثمرةً للحصاد المرّ للفكر الإنبطاحي !!

وأنا إذ أقول عنه ذلك ، فإنما أقوله عن اطلاع ومعرفة ، فمن يلق إليه سمعه ، ويعرفه عن قرب يجده معجبا بالغرب !! بل مبهورٌ به إلى أبعد الحدود ، فلا يكاد يقيم جملة سليمة لا يلجأ فيها للمصطلحات الأجنبية ! بصورةٍ تدعو إلى الشفقة ...

لكني ما كنت أظنُّ أن يصل به الانبطاح الفكري إلى درجةِ أن يجري لقاءً في صحيفةٍ ينسلخ فيه من مفاهيم الدين وثوابت الإسلام وهو يقود تجمعاً ينتهج السلفيّة "الحقّة" !! لكن عش رجباً ترى عجباً !

ولي مع لقائه وقفات مقتضبه تنبئ عما ورائها .

ولن أتطرق للجانب المتعلق بالإنجازات المزعومة لهذا التجمع ، ولن أعلق على تخبيطه في التعليق على الوضع في العراق ، فهذا كله كان متوقعا .

ولكني سأتوقف كثيراً عند دفاعه المستميت عن "الأمريكان" ، فهذا هو المهم ، وهو الأمر الذي ساء كثيرا من القراء ، لأنه تجاوز به كل حدود المعقول والمنطق!

لاسيما زعمه الغريب أنهم لم يعادوا الإسلام ولم يحاربوا المسلمين أبداً ، حتى كأنك تشعر أن هذا الرجل يستخف بعقول قراءه ، وكلامه فضلاً عن مخالفته للواقع الملموس ، فهو مخالف ومناقضٌ للنصوص القرآنية الصريحة الدالة على عداء من وصفهم الله تعالى بقوله (ولا يزالون يقاتلونكم حتـى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ) ، وقوله : (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم ) ، للمسلمين وسعيهم الحثيث في جعلهم تابعين لهم .

ولا يشكّ مسلمٌ مثقف متابع للأحداث راصدٌ للواقع أن أمريكا قد أعلنت أن الإسلام هو الخطر المتوقع الذي يجب التصدي له ، حتى أطلقوا عليه الخطر الأخضر ، وقد بقيت هذه الدعوة تبث روحها في المجتمع الأمريكي دهرا قبل 11/9 ، وتدل على أن خطة غزو العالم الإسلامي لا علاقة لها بما حدث في نيويورك وواشنطن ، بل هي من صميم الفكر الأمريكي نفسه ، ومن تطلعات السياسة الأمريكية بعد انتهاء الحرب الباردة ، وأنت لا تحتاج كبير عناء لإقامة الدليل على هذا ، لاسيما ورئيسهم أعلن الحرب الصليبية المقدسة بلسانه ، وصدقها فعله ، وإذا كان الناطق باسم التجمع الإسلامي السلفي يطلب مثالاً واحداً على ذلك ! فسأكرمه بعشرات الأمثلةِ التي أتحداه أن ينكرها !!

ولعلي لضيق المقام أكتفي بأهمها وأبرزها :

أولاً : القضية الفلسطينية ، والتي استمات الناطق باسم التجمع السلفي في إلصاقها بالبريطانيين ، وهذا أعجب العجب ، فنحن لا ننكر دور البريطانيين في دعم اليهود ، فهذا معروف ولكن تحيز الأمريكان لليهود ودعمهم لهم ووقوفهم في صفهم أمرٌ يعترف به الأمريكان أنفسهم ويكتسب المرشحون للرئاسة هناك ثقة الشعب بإعلانهم له ، فأين يعيش ناطق باسم حركة سياسية تمارس السياسة من أكثر من 20عاما!
ولعل آخر ذلك ترحيبهم للسفاح شارون حتى سماه بوش : رجل سلام !!

ثانيا : احتلالهم لبلدين مسلمين ، العراق وأفغانستان ، وأما تسمية العراق تحريرا فهي نكتة ، إذ يطلق عليها الأمريكيون أنفسهم احتلالا ، ويسميه الناطق الرسمي تحريرا !! وأما أفغانستان فقد احتلوها وفعلوا فيها الأفاعيل ، ولكنه لم يذكره ، بل قال " بلد عربي " ،ولكني أؤمن بقوله تعالى : (وأن هذه أمتكم أمةً واحدةً ) ، وقولــه : (( لا فضل لعربي على أعجميٍّ إلا بالتقوى )) .

والغريب في حديث "الناطق الرسمي" أنه يحاول تأجيج العداء والكره ضدّ الروس زاعماً أن كل المصائب التي حلت بالمسلمين فالروس خلفها وهم سببها ، أليس هذا تحريضا على التفجير في روسيا!! وهذا من أعجب العجب ، فنحن نفهم الدوافع السياسية خلف هذا الكلام "الشجاع" ، ونعرف تماماً أنه يتكلم بكل هذه الشجاعة لأن الروس لم يكونوا يوماً حلفاء استراتيجيين ، فضلاً عن أنهم الآن في أضعف مراحلهم !!

ولكني سأقطع عليه الطريق فأقول : لعلك ضعيف المتابعة لآخر التطورات في حرب الشيشان مع الروس !! لعلك لا تعرف أن الأمريكان أعلنوا التحالف الكامل مع الروس في حربهم ... وأدرجوا قادة الجهاد الشيشاني في قوائم المطلوبين للعدالة !! ولا ينسى الناطق الرسمي أن يختم حديثه بالنيل من شخص (أسامة بن لادن) فيتبرع بمعلومةٍ مهمة يخالف فيها أسياده الأمريكان فيقول : إن أسامة بن لادن قد انتهى أمره !

والعجب أن الإدارة الأمريكية ما زالت تعتبره أكبر خطرٍ يواجهها وما زالت ترى تنظيم القاعدة تنظيماً يشكل بعبعاً مقلقاً يلاحقها في كل مكان ، فمن أين عرف الناطق الرسمي أنه بن لادن انتهى ، من أين استقيت معلوماتك أيها (الناطق) ؟!وأخطر ما في اللقاء أن الناطق الرسمي بدا وكأنه لم يسمع بعقيدة الولاء والبراء! كان هذا هو تعقيبي على لقاء الناشي في جريدة (الرأي العام) بتاريخ 10 من ذي الحجة ...

ثم قرأت تعقيبه على رد الشيخ / حامد العلي ، والذي نشر في الوطن 17 ذو الحجة فعجبت أشد العجب من هذا الرجل ، فهو يبرر تخبيطه في دفاعه عن الأمريكان بحفظ شباب الأمة من الوقوع في أمر لم يحسبوا حسابه .

ولي على كلامه تعقيبان مقتضبان :

الأول : أن شباب الأمة لم يفقدوا العلماء الموثوقين والأئمة الصادقين ليأخذوا فكرهم من لقاء مع طالب في كليّة الشريعة !

الثاني : أنّ خوفك على الأمة وشبابها لا يبرّر تلاعبك بالحقائق ودفاعك عن أعدائها ، فكلا طرفي قصد الأمور ذميم.

الكاتب: محمد بن عيسى العصفور
التاريخ: 01/01/2007