يا دعوتي الحمراء سيري .. إهداء إلى روح الشهيد الرنتيسي
يا دعوتي الحمراء سيري
الكاتبة : سعاد جبر
إهداء إلى روح الشهيد عبد العزيز الرنتيسي
صيحات تجوب الأفاق ، تسكن القلوب فتنفجر ، وتعتلي الأغصان الجريحة وتشدو بترانيم آهات مستصرخة ، تنادي من بعيد
يا دعوتي الحمراء سيري
في ألف لغة هيا بين الأحياء
تعانق أرواح الشهداء وتفوح مع تلاقي الأرواح عبق ذكر علوي ، ورعشة الغيمة على الشفق ، وتنفس الأشجار في لهيب الغضب ، ورنين القمر في النداء للجهاد ، وترسل أوراق نرجسها الحزين على قلوب من تبقى من أهل العرائش المنكوبة ، وقد تفتحت من بين ثنايا ما اغتيل من بهجة يقظتها وردة حمراء قمرية ،
تردد أي الذكر الندية ، فتبعث في الأجواء رحيق بردها العذب على القلوب التي قتلها قيظ عتمة القلوب في ديار أبناء العمومة في التصاق الجسد وانفصام الروح ،
فتركن إلى ركن شديد ، وتعانق جسد أيوبي في الصبر على الملمات ، وانكسار الجناح ، وفقدان الأحبة ، وغياب النجوم المتلألئة من على بطن السماءات الداجيات ، فأوجه حرفي نحوها واسكن ثنايا مذكراتها المخملية ،
واحلق في قمرية قلبها المنكسر ، وأشدو معها بأحزان الثكلى ، واسلي الروح بأشجانها المنتحبة ، وأمطر بحرا فياضا من الدموع المدرارة على الأوراق المنسية ،
فلا أجد رسم روحي وقد ذابت معه الأوراق الما واعتصارا ، وانعتقت منها الحروف ، تسبح في الفضاءات الحمراء تبكي الأرض والديار ، وتغرق دموعها في أثير المسافات فتلعب بها الرياح وتعصف بها الملمات وتشطرها صواريخ عابثة من سموم أرواح ذئاب مسعورة في شناعة الحال والمآل ،
وخنازير غجرية في لغة رعاة خرائب الحضارات ، فلا أجد حرفي إلا وقد آوى كريما إلى بساتين قلوب الأجداد في رحلة النزع الأخير والوداع الشريف ، في رحلة جسد أدمتها الجراح ،
وانتثرت مملكته النورانية قطعاً لحمية ملتصقة بالحديد والتراب ، فأجد رسم روحي في ثنايا الجسد المتبعثر هنا وهناك ، واتفيئ ظلال الشهداء هناك في نهارات أثيرهم المسكي المشرق من آتون الظلام ، فأتلمس القطع المبعثرة في احتضان طفلة لمولودها الدمية قبل الأوان
فأجد في دميتي الحمراء ، الوصايا الخالدة في ترداد لغة العشق السرمدية لمسير دعوتنا الحمراء ، في ألف لغة هيا بين الأحياء ، تنادي البندقية في مدارج الحرية الحمراء ، تنشد عشق الأحرار لشمس النصر الأصيلة ، وابتهالات الإياب لربنا العظيم في استمداد النصرة
وخلود لايفنى ، وفرحة لاتبلى ، ورزق عامر مشهود ، وبشارة مودعة عند الأحياء في التماس قبلات عشق الجنان ، ودعاء مسافر على أجنحة الشهداء نحو الثبات والإصرار ، وقبلات منثورة في الفضاءات النورانية تنشد في صفحة وجه المساءات ، لغة العشق الخالدة للشهداء ، وتحمل في أحضانها ماس اروحهم الندية ، وتنادي من على منبر الزمان
يا دعوتي الحمراء سيري بين الأنام
وابسطي أثواب عزك التليد
وانشدي هيا إلى الجهاد من بعيد
واقتربي من هالات جسدي
وانزعنيني من اللاوجود من وجودي
وحرري عصفورا سكن في جسدي
ليغدو قمرية تصدح في المساء
ويعانقك في لغة قبلة عز يعربية
وتحية توسم عمرية
وألف لغة تقدير أبدية
تودع مواكب الشهداء
وتسبح في الفضاءات
وترسل غزلها العذري في مسك اللقاءات
فلا تخال يا مستقرئ الزمان ، إن أوراق عشقي السرمدي هي أوراق دامية ، وقطع لحم منثورة ، بل هي روح ملائكية هبطت من السماء إلى الأرض فغادرت دار الرحيل إلى ديار لقية الأبرار ، فسكنت انسام الأمجاد في السماء ،
ومضت حرة آبية لا تبالي باللئام ، وغدر العمومة والأخوان ، فكفي أيتها الرياح المسعورة عن العبث في أوراقي المنسية و اغتيال حروفي الندية ، فعنجهية هستريا هذيانك " الشيزوفرينية" توهمك انك ستفني وجودي من الوجود ،
وتداعبك بحلم فتان راقص على أوركسترا سرقة روحي من روحي ، لكنني حلم العاشق الحاضر الغائب ، الذي لن يسرق ، ومحال أن يغتال من بين أحلام الأحرار الشرفاء ، وسيبقى مداداً سرمدياً يتفتق من انتفاضة ورود حمراء تنزف روحا خالدة في قلب الديار المباركة ،
فكفي مجونك أيتها الرياح العابثة بالأنام على ظلال موائد أفيون السلام ، فحرفي الناري سيثأر ، و بركان لابد أن يتفجر ، ولا بد من أن ينقلب السحر على صاحبه ، وانتظري مولدي ألف مرة بين الأحياء ، في ديار رنتيس ورفح ، وبساتين جنين وبيسان
سأولد ألف مرة بين الأحياء ولهيبا مستعراً يأكل الحاضر والغائب في أزقة المفسدين المسعورة على مر الزمان
سأولد خنجراً…قارورة …حجراً
يعلن ميلاده شمساً في ديار الجسد والشتات
سأعلن ميلادي لا بد حتماً
لا بد حتماً
ولو بعد حين الكاتب: الأديبة سعاد جبر التاريخ: 01/01/2007