كلمات هامة حول العَلمانية وموقفنا منها

 

-إيران ليست إسلامية ليست منا ولسنا منها ونظامها ليس بإسلامي وليس هذا ابتداء منا لكن هي من فصلت نفسها عنا وعنأصولنا وليس بيننا مشتركات وإن ادعت ذلك في الظاهر وهذا كلام علمي موثق ليس الفيس بوك موضع تناوله فلا يحتج علينا مطلقا بهذه "الجمهورية الإسلامية" كأنموذج
-العلمانية حاجة حياتية فرضتها النخب الأوربية على نفسها في عصور التخلف الأوربي (العصور الوسطى) حيث كانت هذه النخب بين شرين إما العيش في ترهات وخزعبلات الكنيسة المتحالفة مع الظلمة والمبررة لأفعالهم وهذا ما لم يرضاه الأحرار لأنفسهم وإما الانخلاع عن الكنيسة والدين الذي تنطلق منه وبالتالي البحث عن منهج جديد للحياة صنعه هؤلاء المتنورون! ولكن:

1- هل المنهج الذي أتوا به كاف شاف لهم وأعني حياتهم فضلا عن آخرتهم؟
والجواب لا لأنه من صنع البشر الذين تحكمهم التجارب القاصرة والنظرة الضيقة للأمور فهو عرضة للتغير والتقلب وهذا ليس بمحمود لأنه ليس مرونة كما يتخيل البعض بل من أنواع الفشل


2- هل يصلح هذا المنهج للتصدير وبخاصة للمسلمين؟
والجواب لا يصلح لأنه آني وهو يحتاج للتعديل كل يوم وبالنسبة للمسلمين فهو لا يناسبهم لأنه قاصر من جهة ولأنه يعارض المنهج الذي أمر الله به والذي يقيم أمري الدنيا والدين معا

3- لماذا نقول إن لدى المسلمين منهجا صحيحا للحياة وننفيه عن غيرهم ونحن نرى أنهم ناجحون في حياتهم؟
والجواب لأن منهج المسلمين رباني يعني من صنع الله الذي صنع البشر وما جبلوا عليه من طبائع وغرائز وأخلاق وهو يجمع لهم بين مرضاة ربهم بعد الموت والحياة الهانئة في الحياة وأما المناهج الأخرى فهي تحل بعض إشكالات الحياة لبعض الناس لكن على حساب بعض آخرين ففيها ظلم؛ فالغرب مثلا لا يرى النهوض والغنى والرفاهية إلا باحتلال البلدان وسرقة شعوبها وإفساد حكامها وإن ادعى خلاف ذلك بينما في منهجنا الكل يعيش وبدل أن يأكل الغني الفقير فهو ملزم شرعا وقانونا بدفع المال له هذا للحياة الحاضرة وبالنسبة لما بعد الموت فالمنهج الإسلامي هو الوحيد الصادق في تقديم الخلود والسعادة الأبدية لأتباعه

4- كيف نجزم بأن منهج المسلمين رباني؟
والجواب لأنه وصل إلينا من دون تحريف عن طريق الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم وهو من قد ثبت لنا صدقه بأنه تلقى الوحي من الله والله تكفل لنا بحفظ هذه الشريعة وكفايتها لنا في حياتنا وبعد مماتنا وعليه فمن آمن بالله ورسوله وكتابه ودينه الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم لزمه اتباع هذا المنهج لأنه جزء من الدين لا ينفك عنه فالدين يؤخذ كله أو يترك كله وليس لأحد أن يأخذ ويذر كما ليس لمواطن في بلد ما أن يلتزم بما يعجبه من قوانين ويترك ما لا يعجبه إذ يعتبر ذلك خروج عن القانون

5- ألا يوجد من الخلاف في تفسير ما جاء به القرآن والسنة ما يدعو إلى إسقاط الاستدلال بهما؟
والجواب يوجد اتفاق كامل على أصول الدين والتشريع والأخلاق والخلاف إنما هو في أشياء تنحى منحيين:
الأول أن يكون عن هوى لبعض الناس والنصوص واضحة الدلالة في نفي هذا التوجه الأهوائي من هذا الشخص -ولذلك نفينا علاقة المذهب الجعفري الحاكم في إيران بالإسلام لأنه يضاد أساسات الدين المتفق عليها والواضحة وضوح الشمس لأن لمن يتحكم بالشيعة وعقولهم غايات معينة ليست من الدين في شيء-
والمنحى الثاني في الخلاف هو الاختلاف الذي لا يشكل عقبة في الحياة بل فيه رحمة للناس أحيانا والذي يطلق عليه اسم: خلاف التنوع -للتمييز بينه وبين خلاف التضاد- وهذا الذي يدندن حوله الكثيرون ويريدون أن يسقطوا المنهاج الإسلامي من بابه وهو أمر غير صحيح مرده إلى الجهل بأنواع الاختلاف غالبا ومعاداة الدين لكراهته والتفلت من الالتزام بمبادئه أحيانا والحقد عليه والحرب له من قبل البعض أحيانا أقل

- القرآن منهج حياة متكامل يتضمن أصول التعامل مع الله أولا ومع الناس والكائنات من حولنا ثانيا ففيه دين ودنيا وليس هو كتاب في الجغرافيا أو العلوم الطبيعية ولكن من إعجاز الله فيه أن جعله معجزة لغوية وبلاغية وبيانية ومنهجية دائمة وأن جعل في بعض نصوصه إشارات علمية لا تستنبط منها المعارف بل بعد أن تكتشف بعض المعارف يتبين للباحث أن ثمة إشارة إليها أرجو أن يفهم هذا جيدا ورجاء دعونا ممن يريد أن يحمل آيات القرآن رسالة غير الذي جاءت به ولأجله

- الرسول صلى الله عليه وسلم نبي رسول وبشر فأما في أمور الآخرة ومناهج الحياة التي ينبغي أن ترتسم بها حياة الناس كما أمر الله -كما بيناه سابقا- فهو نبي رسول ينبغي اتباعه فيه وكذا ما جبله الله عليه من أخلاق وكونه بشر لا يعني أنه معرض للخطأ فالله حفظه من الوقوع في الخطأ وإن حصل ووقع فلا يقره الله عليه بل يرسل له الوحي ليرده إلى الصواب وهذا لا إشكال في فهمه عند عموم المسلمين وأما ما ورد عنه من مثل قوله "أنتم أعلم بأمور دنياكم" فهو من عدم معرفته بأمور بشرية محددة فقد نشأ في مكة ولا زرع فيها فلا خبرة له بالنخل وزرعه ولما رأى شيئا لم يألفه مقدمه المدينة استغربه وأبدى الأمر لبعض من حضر فظنوه أمر نبي رسول فالتزموا به ولم يعرفوا وقتها أنه رأي بشري فبين لهم الفرق بينهما بكلمته هذه وقد فقه الصحابة ذلك فلما كان بعد حين وكانت غزوة بدر وأمرهم بمنزل ينزلونه في حربهم سأله أحد الصحابة إن كان الأمر وحيا (فهو أمر نبي رسول) أم اجتهادا (فهو بشري) فأجابه بأنه الحرب والرأي والمكيدة يعني أنه بشري فأشار عليه بمكان آخر وبين له ما يقوي وجهة نظره فذهب النبي صلى الله عليه وسلم إليها والذي أريده من هذا البيان إيضاح أن الاستدلال بقوله "أنتم أعلم بأمور دنياكم" له إطار محدد وليس كما يرغب البعض بأن يجعله بابا لنسف تعاليم الدين بهذا النص بفهمه خطأ والبناء على هذا الفهم مع تجاهل لنصوص كثيرة بذلك

- العلمانية كانت المركب السيء الذي تسلط به الظلمة (المحتلون الوطنيون) علينا بها وإن ادعى العلمانيون براءتهم منها اليوم بعد غرقت جل قواربها وبدأ الماء ينفذ إلى ما بقي منها

- وكلمة أخيرة: الإنسان -كما قيل- عدو ما جهل. ولا يضر الإنسان جهله بشيء لم يكن عرفه قبلا ولكن يجب على كل منا أن يعرف ما حوله من مصدره الصحيح وليس من موروثات ثقافية مختلطة وليس من كتاب اتخذوا مواقف مسبقة ولأهداف محددة وليس بناء على أفهام يشوبها ما يشوبها أو عواطف تذهب بصاحبها ذات اليمين وذات الشمال وينبغي على من عادانا من العلمانيين أو أتباعهم أن يعرفونا ويعرفوا منهجنا قبيل التهجم علينا بله على ديننا وإن ادعوا خلاف ذلك

ما هذه إلا تنبيهات في كلمات بسيطة ولكن بعد سقوط العصابة سنسمَع وسنسمِع وسنتحاور وسنجعل من سورية بلد النقاشات والمؤتمرات لنصل إلى قناعات حرة وسليمة بإذن الله تعالى


الكاتب: منذر السيد
التاريخ: 16/12/2011