الحرب على الحجاب في تونس_بقلم إيفون ريدلي

 

الحرب على الحجاب في تونس

بقلم : إيفون ريدلي

كل يوم تقريبًا تتناهى إلى أسماعنا قصص مفزعة عن رجال الشرطة في تونس وأساليبهم في نزع الحجاب عن رؤوس النساء التونسيات.

بعض من هؤلاء النسوة تعرضن للتحرش الجنسي بل وحتى ألقين في غياهب السجون بأمر من السلطات الحاكمة في حين أنهن لا ذنب لهن سوى الامتثال لفريضة دينية وهي ارتداء الحجاب.

ولعل اندهاش المرء يتزايد إذا تصور في المقابل حال السائحات الغربيات واستمتاعهن، وهن عراة، بحمامات الشمس التونسية في المنتجعات الساحلية.

إذن لا بأس في أن تنخلعي من ملابسك تماما إذا كنت سائحةً غربيّةً ممن يدفعن بسخاء نظير استمتاعهم بحرارة الشمس والرمال والجنس والخمور... لكن حاولي أن ترتدي الحجاب وسترين ماذا سيحدث لك في هذه الدولة الليبرالية المسلمة المزعومة.

في الوقت الحاضر، أنا في زيارة إلى طهران حيث يوقف البوليس الإيراني أحيانًا النساء في الطرقات ليذكرهن بالتزامهن الديني بارتداء الحجاب الكامل.

هناك صيحات تتعالى في وسائل الإعلام الغربية تستنكر فرض السلطات الإيرانية غرامات على النسوة اللاتي لم ينجحن في ارتداء حجابهن بطريقة صحيحة أثناء وجودهن خارج بيوتهن.

شخصيًا، أطلق على هؤلاء النسوة اسم أنصاف المحجبات، فكما تعرفون هؤلاء يحاولن موازنة غطاء الرأس المفصّل حسب الموضة على خلفية رؤوسهن ويقضين باقي اليوم في هندمة الغطاء ونزعه عن رقابهن من الخلف.

ربما هذا الأمر جعل نصف سكان العالم الإسلامي يشعرون بالحب تجاه الأميرة ديانا حينما«غطت» رأسها أثناء زيارتها لبعض الدول الإسلامية، لكنَّ معظم النساء اللاتي حاولن تقليد الحجاب ماركة ديانا ظهرنَ في صورة بالغة الغباء.

أشعر بالإشفاق على الصحفيين اللذين ينتقدون النموذج الإيراني، لماذا لا يسافرون إلى تونس ليكتبوا عن قصص حقيقية مليئة بانتهاكات حقوق الإنسان كان ضحاياها من النساء التونسيات بدلا من تركيزهم الدائم على النموذج الإيراني.

لماذا اختار الصحفيون تجاهل تقرير منظمة العفو الدولية الذي يرسم صورة إجمالية عن تقارير طبية تتحدث عن السلطات التونسية وتزايد 'التحرشات الجنسية من قبلها بحق النساء المحجبات'؟

هل يعود ذلك إلى أن الحكومة التونسية تعتبر تابعًا ذليلاً لإدارة بوش بينما إيران يتمُّ تصنيفها باعتبارها إحدى دول محور الشر سيئ السمعة؟

أفعال النظام التونسي تجعل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد وحكومته يبدون مثل مجموعة من منظمي حفلة لمنتجات «تابرويرTupperawre»

على سبيل المثال، وزيرا الخارجية والداخلية ومعهم أمين عام حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم عبروا عن قلقهم فيما يتعلق بانتشار ارتداء الحجاب بين النساء والفتيات، و إطلاق الرجال للحى ولبسهم للجلابيب، حتى إنهم دعوا إلى تطبيق صارم للمرسوم رقم 108 لعام 1985 الصادر عن وزارة التعليم والذي يحظر ارتداء الحجاب داخل المؤسسات التعليمية وأثناء دوام العمل في المباني الحكومية.

لقد أصدرت الشرطة أوامرها للنساء بخلع أغطية الرأس قبل السماح لهن بدخول المدارس والجامعات أو أماكن العمل بينما أجبرت الأخريات على خلعها أثناء سيرهن في الشوارع.

فوفقا للتقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، ألقي القبض على بعض النسوة واقتدن إلى مخافر الشرطة حيث أجبرن على التوقيع على تعهُّدٍ مكتوب يقضي بتوقفهن عن ارتداء الحجاب.

ثم تصرح المنظمة الدولية بصراحة تامة أنها تعتقد أن الأفراد لديهم الحق في الاختيار ما إذا كانوا يرغبون في ارتداء أو عدم ارتداء غطاء الرأس أو أي غطاء ذي طابع دينيّ بما يتوافق مع حقهم في حرية التعبير.

ودعت المنظمة الحكومة التونسية إلى«احترام التزامات الحكومة تجاه القانون الوطني وحقوق الإنسان الدولية ومعاييرها وأن تضع حدًّا للقيود الصارمة التي يتواصل استخدامها لمنع ممارسة الحقوق الأساسية في حرية التعبير والاجتماع السلمي'.

بل إن المنظمة طالبت الرئيس بن على بطريقة مهذبة أن«يضع حدًّا للتحرش بالمدافعين عن حقوق الإنسان و محاولات إرهابهم».

أما أنا ، فأودُّ أن أكون أكثر صراحة مع السيد بن على وأن أذكره بالتزاماته كمسلم تجاه الفرائض الشرعية.

وأشك في أن يعيرني زين العابدين بن علي أي اهتمام. فالرجل يتسم بالغطرسة وهو أمر واضح تمامًا.

إنه الرجل ذاته الذي صرح ذات يوم أن الحجاب هو زي مستورد وليس جزءًا من الثقافة التونسية. يبدو أنه لم ير الصور التي التقطت للتونسيات قبل حلول عصره الميمون والتي تظهر بوضوح كيف تقضي النساء جميع أعمالهن وهن متلفحات بحجابهن.

للرجل تاريخ في الاستخفاف بالمستعمرين الفرنسيين الذي احتلوا بلاده ذات يوم، لكن التونسيين تحت حكم فرنسا على الأقل تمتعوا بقدر من الحريات لا يتمتعون به الآن تحت حكم فخامته.
وبما أن أي من أفراد عائلتي أو أصدقائي أو حتى معارفي يسكن في تونس، فأنا أكتب هذا المقال بغير رغبة أو رهبة.

أيضًا، ولأن الإسلام يساوي بين جميع البشر، فلن يعنيني موقعه الوظيفي كرئيس ولن أظهر أي احترام له كإنسان. وبالتأكيد لن أخلع غطاء رأسي أبدا لهذا الرئيس على وجه الخصوص وسأبصق في وجهه إذا أمرني أن أخلع حجابي.

ربما سيرغب النساء المسلمات في طهران في التفكير في سوء حظ أخواتهن في تونس قبل أن يحاولن أن يسحبن مقدمة حجابهن إلى خلف رؤوسهن.

وأودُّ أن أطلب منهن أن يقرأن هذا التقرير الرهيب أدناه قبل أن يتوجهن إلى صحفيين آخرين بالشكوى عن حقهن في التجول بالحجاب على طريقة الأميرة ديانا.

كتب لي إمام تونسي رسالة قام بتهريبها لتصلني وذلك لأنه يريد أن يعرف العالم ما يحدث بالضبط للنساء في بلده.

إليكم مقتطفات منها:«سيداهم رجال الشرطة مداهمة عشوائية الأسواق والمحلات وسيخلعون الحجاب عن رؤوس النساء وسيقومون بإغلاق أي مصنع يقوم بتصنيع الحجاب.»

«سيتوجهون كذلك إلى المصانع حيث تعمل النساء وسيقومون بخلع أغطية الرأس عنهن. وهذا أقل ما قاموا به.»

«سأعطيك نموذجًا واحدًا فحسب لما قام به هؤلاء الكلاب، ممن يحملون وجوهًا عربية وتسكنهم قلوب الشياطين،لأخواتنا.

لقد أمروا حافلة عامة في أحد الأيام بالتوقف في وسط الطريق بينما صعد الحافلة رجلا مباحث .

الحافلة تشبه مثيلاتها في الغرب مع فارق بسيط وهو أنها تحمل داخلها من البشر ثلاث أضعاف ما تحمله الحافلات في البلاد الغربية.

قام الرجلان بجر فتاة ترتدي الحجاب وأخذاها إلى خارج الحافلة. هذه الأخت كانا قد أنذراها من قبل.

لقد جاءا بها إلى جانب الطريق وبدءا في صفعها على وجهها وسبها بأقذع ما يمكن أن تتخيله من ألفاظ. ثم خلعوا عنها حجابها وقال لها الضابط الأعلى رتبة :«متى ستتوقفين عن لبس هذا ال***. فردت إن هذا لن يحدث أبدًا وانخرطت في البكاء.


فأخذها الرجلان قريبًا من حمام عمومي قريب وخلعا عنها ملابسها واعتدوا عليها جنسيًّا مستخدمين في ذلك قنينة صودا زجاجية كان قد أحضراها لهذا الغرض. وكانا في أثناء ذلك يضحكان وذلك في حضور كثير من الناس إلا أن أيًّا منهم لم يجرؤ على التدخل. وبعد أن انتهيا منها، جعلوها ترتدي تنورة قصيرة وتي شيرت بلا أكمام وجعلوها تمشي عائدة إلى بيت زوجها على هذه الحال.

أقسم بالله أن هذا قد حدث بالفعل.»

سرعان ما ستأتي اللحظة التي تتوحد فيها الأخوات من جميع أنحاء العالم وأن تجتمعن دفاعًا عن الحجاب ودفاعًا عن الأخوات المسلمات.

مناشدتي أتوجه بها إلى أنصار حركات التحرر النسوية من كل الأديان وممن لا يؤمن بأي دين ولكن رجاءً لا تعتقدن أن النساء المسلمات ضعيفات فأنا أعتقد أن حركات التحرر النسوية الإسلامية هي أكثر راديكالية من الحركات النسوية الغربية.

ثوابتنا وقيمنا متباينة إلى حدٍّ ما باعتبارنا مسلمات لكنَّ ذلك لا يجعل منا كائنات بشرية أعلى أو أقل مقامًا من أنصار حركات التحرر النسوية في الغرب. ليس هناك مكان للطائفية عند الأخوات المسلمات وليس لدينا وقت للمشاحنات والانقسامات والتربيطات الثقافية أو العشائرية التافهة.

المحصلة النهائية هي أننا نحتاج أن نظهر تضامننا مع أخواتنا في تونس... إنه بلد صغير للغاية ما يجعل سيطرة الجيش على الناس وسحق مقاومتهم بقسوة أمرًا بالغ السهولة.

حتى أهل تونس في المهجر ترى في أعينهم مسحة خوف، لأنه في الوقت الذي يعيشون فيه في أمان في الغرب، فإن أفراد عائلاتهم في تونس سيدفعون ثمن أي تحركات تحدث في الخارج باعتبارها أعمالا تخريبية.

قسوة النظام ممزوجة بمواقف رجال الدين أصحاب الشطحات ومواعظهم التي تشبه أفعال مدمني المخدرات في امتداح الحكومة وتوجهها الصوفي يستقطب قطاعات أخرى من الشعب التونسي.


لا عجب إذن أن الشباب المسلم لم يعد يتقاطر إلى المساجد في الجُمَع حتى لا يستمع إلى الخطباء الذين يقضون نصف وقت الخطبة تسبيحًا بحمد الرئيس ورجاله.

لهذا السبب أحيي شجاعة أخواتنا في تونس ممن يحاربن للحصول على حقهن في تنفيذ الفرائض الشرعية المفروضة عليهن كنساء مسلمات، أي لارتداء الحجاب.

إذا كان أحد القراء يرغب في مد يد العون، فليأخذ نسخة من هذا المقال وليلصقها في بريد إليكتروني لأقرب سفارة تونسية وليطالب باحترام حقوق هؤلاء النسوة المسلمات في ارتداء الحجاب.


ترجمة/ كرم شومان
مترجم خصيصا لموقع لواء الشريعة


الكاتب: الربيع الشامي
التاريخ: 13/04/2010