وحدة الدم بين الفلوجة ومخيم جنين
من الفلوجة الى جنين جرح واحدقبل أن تسدل الستارة على المسرح ((الصهيو -سريالي ) ، تنطلق خفافيش الظلام العملاقة في سماوات العروبة؛ معلنة بدء جولة جديدة من القصف العنيف .
ولا ينس(( جول بريمر )أن يهنئ ظله ((موفاز)) من النجف الاشرف الى القدس الشريف ، في إشارة صوتية واضحة ، تخترق الأفاق عابرة كل الفيافي والأحزان ؛ لم لا والمسرح العربي السياسي من طنجا إلى جاكرتا يُنسَج بخيوط عنكبوتية واحدة على منوال شاروني يذكرني بقبعات اليهود اليمنين .
ولا فرق في قاموس بلير السياسي أو الإعلامي بين مدلولات : مجلس الشيوخ الامريكي ، أومجلس العموم البريطاني ، أو المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر ، أو مجلس التعاون الخليجي، أو جامعة الدول العربية ، أو منظمة الدول الإسلامية، أو مجلس الأمن أو الأمم المتحدة، فكل ذلك لا يعني لبلير أو مفاز إلا شيئا واحدا : أن كل تلك المصطلحات تمثل مكاتب أمنية متقدمة للشبكة العنقودية العالمية … يفرحها ما يفرح شارون ويسوؤها ما يسوءه ؛
فهي ترى في الطائرات العملاقة(( اف 18 أو الإف 16)) سلاحا مشروعا للدفاع ؛ عن الحرية المفروضة ، والديمقراطية القسرية ،بينما تقيم الدنيا ولا تقعدها عندما ينحب طفل رضيع في مخيم جنين أو في أحد أزقة الفلوجة؛ باحثا عن بعض أشلاء أبيه أو أمه !!عله يرتشف من عبق الدماء النازفة بعض مآثر الحنين … فيضج ( الموقرون) في محافل التقييم السياسي ويستنكرون ؛ لأن آنينه المزعج قد عكر صفوهم وأفسد كيفهم .
إن فلسفة الانكفاء السياسي ، ومحاولة صياغة فكر سياسي جديد يناسب مفهوم العولمة ، فارضا على الذات نوعا من المزاجية القمعية ؛ كي تقبل الآخر كيفما اتفق وتقلب الحقائق كما أراد لها الخفافشة أن تنقلب ، وتكيل بمكيالين ، ضاربة عرض الحائط كافة القيم الدينيةوالانسانية والخلاقية ..
إن هذه الصورة التشكيلية السريالية تثبت لقارئ المشهد السياسي العالمي : أن طبيعة الصراع لا تنفك أن تندرج تحت مصطلحات المعركة الازلية بين الحق والباطل ، وتحت دلالات المصلحون في الأرض والمفسدون .
وعندما نصل إلى حالة تصويرية دقيقة في عقد التشابه بين مأسدة جنين ومأسدة الفلوجة ؛ حيث يقف ثلة من المؤمنين المخلصين أمام ترسانات البغي والضلال ؛ فتسقط الأقنعة وتبدو الحقيقة في كنهها الأزلي حقيقة ؛ يظهر الظلم ببشاعته وغدره وافتراءاته ، ويظهر الخير ببراءته وطهره ومصداقيته ..
يظهر أبلج من الشمس الساطعة لا تذيبها سماجة الكلمات في مصطلحات الإرهاب ولا تغير المعادلة الواعية –فيها – خيانات الحكام وسقطات أنصاف المثقفين اللئام، حين يخرجون لنا بين الفينة والفينة ناعقين : حيدوا المدنيين !! نعمللحوار مع الغرب …لا للتطرف .
أين أنتم يا هؤلاء وما جرى بالأمس في مخيم جنين وما يجري اليوم في الفلوجة ؟أين أنتم أيها الخفافيش الصغار؟ التي لا تخرج إلا في الظلام ناعقة بصوتها المشؤوم مناشدة جموع الأمة قبل أن تجف دماء المجاهد أحمد ياسين بأن لا تردوا على جريمة شارون لكي لا نعطي له الذرائع ، عن أي إنسانية تتكلمون وعن أي الذرائع تتحدثون ؟
كنا نعتقد ولوقت قريب أن هؤلاء المتساقطين إنما يقولون ذلك خائفين أو جاهلين بيد أنها المفاجأة العظيمة حين يصل هذا الخطاب في قلوبهم وأفواههم إلى نوع من التشكيل الفكري والتنظير الثقافي لا لفلسفة الانهزامية فحسب بل لبناء بديل خياني بذائقة صهيونية ليصبح الموطن الصالح في عرف هؤلاء الأقزام هو من يبيع أرضه وعرضه ويقتل طفله ويقبل يد جلاديه
.
إن مشهد جنين والفلوجة يعلن بدء مرحلة المفارقة الثقافية لا المصالحة السياسة بين الشعوب والأنظمة .
إن مشهد جنين والفلوجة -من خلال حرارة الدم المهراق هنا وهناك -يصرخ في الملايين العربية أن تتجاوز الحكام وتدافع عن نفسها بنفسها فقد وقعت الفأس بالرأس وما عاد يجدي التسويف أو التعليل ؛ فأن لم تكن أنت منهم في هذا اليوم فسيأتيك حظك بعد . وشتان بين موت على أسنة الرماح مقبلاً ، وموت جبان على شفا الذل تنتظره حسرة فيأتيك فجأة.
إن مشهد جنين والفلوجة هو المشهد الحقيقي الوحيد لقراءة الواقع السياسي لانعكاسات المرحلة ومتطلباتها ، وأيما نظرة سياسية غضت الطرف عن هذا المشهد زاعمة أن السياسة لا علاقة لها بالدم والنيران ،هي نظرة قاصرة سقيمة ليس لها عقل ولا يد ولا يؤمن بها إنسان.
مع تحيات الشاعر الفلسطيني رمضان عمرالكاتب: رمضان عمـــــر التاريخ: 01/01/2007