انقضاض الباز في الرد على مقالة أحمد بن عبدالعزيز بن باز ..
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. أمّا بعـــد :
فقد طالعتنا صحيفة " الشرق الأوسط " – كعادتها – بمقالٍ للكاتب أحمد بن العلامة عبد العزيز بن باز رحم الله ، وقد تجرأ هذا الكاتب في مقاله على الشريعة ، فحرف أصلاً من أصولها ، وخالف حكما معلوماً من الدين بالضرورة ، ولا عجب في ذلك .. فقد غدت الشريعة ، بعدما أقصيت عن الحكم ، وتطاول عليها كل جاهل ، أصبحت لهوا يلهو به اللاهون .. بلا حسيب ولا رقيب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
والمؤسف حقًّا أن يكون هذا الخائض بغير علم في شريعة الله تعالى ، ابناً لعالمٍ جليلٍ وعَلَمٍ فاضلٍ نبيلٍ ، طالما وقف سدًّا في وجه هذه الشرذمة المتجرأة على دين الله تعالى ، والتي أصبح ابنه أحــد أتباعهـــا ، بل جعلوه كأنه هو الناطق باسمهم ، لهدف لا يخفى ..!
وقد نشر مقاله السيئ الذكر ، في وقتٍ اشتدت فيه الغزوات الصليبية -الفكرية منها والعسكرية – على بلاد المسلمين ، ولكي تتم حملتهم الفكرية الرامية إلى مسخ ونسخ الإيمان والتوحيد من قلوب المسلمين ، استعانوا بعدة أطيافٍ من المنتسبين الى الإسلام ، ومن أشدّ وأنكى هذه الأطياف : المتمسِّحون بلباسِ الشريعة ، والمتسترون تحت جلباب السماحة والفضيلة ، الأباعدُ الأصاغر ، الموقِّعون زوراً وبهتاناً عن ربِّ الخليقة ، المعوّقون عن طريق أهل التوحيد إرضاءً لكل طاغوت جائر .
فشهدوا – زوراً وبهتاناً – بشرعية الجاهلية ، وجاهلية الشريعة ، لأجل لعاعة من الدنيا وعرض من العاجلة أدنى ، والله حسيبهم وهو المستعان .
ومن هذه الأمور التي حرص على تحريفها الطاغوتُ الأمريكي الأكبر وحزبُه ، إزالة البراءة من الكافرين لا سيّما اليهود والنصارى الحاقدين ، ولأجل أن تصح هذه النتيجة الماكرة فلا بد من تحريف مقدمتها ، فقالوا : ليس كل اليهود والنصارى كفاراً ، بل هناك يهودٌ مسلمون ونصارى مسلمون !! فخالفوا بذلك إجماع الأمّة المتيقن، وصادموا حكماً معلوماً من الدين بالضرورة .
وبنى الكاتب المذكور مقالته المليئة بالمغالطات على هذه الفكرة أعني تبرئة اليهود والنصارى من الكفــر !! فأظهر بذلك قلة علمه ، وعوزه الفكري .. فنادى على نفسه بذلك كله دون حياء ولا خجل ، ناشراً سمه الزعاف في صحيفةٍ يقرؤها مئات ألوف .. ولو استشهدت على جهالته هذه المئات من الألوف لشهدت " وإذا لم تستحِ فاصنع ما شئت " .
وفيما يلـــــي الردُّ على مغالطاته ، ويشتمل علـــــى :
***أوّلاً : بيان كفر اليهود والنصارى استدلالا بالكتاب والسنة .
***ثانياً : بيان أن كفرهم هو إجماع بين المسلمين ، وأنــّه معلوم من الدين بالضرورة ، مــع كفر من لم يكفِّر اليهود والنصارى ، أو شك في كفرهم أو صحّح مذهبهم .
***ثالثاً : بيان أنّ كل من دان بغير الإسلام فهو كافر .
***رابعاً : "ولتعرفنهم في لحن القول" .
***خامساً : براءة الشيخ عبد العزيز بن باز من منهج ابنه .
وسأذكر نصَّ مقالته المردود عليها في مؤخرة الرد ، حيث موضعها المناسب .
أولا : بيان كفر اليهود والنصارى :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال تعالى عن النصارى : ( لَقَد كَفَرَ الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وما مِنْ إله إلا إلهٌ واحد وإن لم ينتهوا عمّا يقولون ليمَسَّنَّ الذين كفروا منهم عذابٌ أليم )
وقال تعالى عن اليهود : ( ولمَّا جاءهم كتابٌ من عند الله مصدقٌ لِما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين )
وقال تعالى ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ( وقال تعالى ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ) وقال تعالى )قل يأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا) وقال تعالى ( يأهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وانتم تشهدون ) .
وأخرج الإمام مسلم في : [ صحيحه ( 1 / 93 ـ كتاب الإيمان ] من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار ) .
ثانياً : الإجماع على كفرهم وكون ذلك معلوماً من الدين بالضرورة وأنّ من لم يكفرهم أو شك في كفرهم أو صحّح مذهبهم = كفر :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما الإجماع : فحكاه غير واحد ، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ حيث قال في :[ مجموع الفتاوي ( 27 / 264 ) ]: ( من لم يحرِّم التدين بعد مبعثه صلى الله عليه وسلم بدين اليهود والنصارى ، بل من لم يكفرهم ويبغضهم : فليس بمسلم باتفاق المسلميـن ) .
ومنهم ابن حزمٍ – رحمه الله - حيث قال في مراتب الإجماع ص 119 : واتفقوا على تسمية اليهود والنصارى كفارا اهـ
وكفر اليهود والنصارى معلومٌ من الدين بالضرورة ؛ قاله شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في : [ مجموع الفتاوي ( 2 / 368 )] ، والجهل بذلك لا يعذر صاحبه فيه ، بل هو كافر مرتد .
وقال ابو العباس رحمه الله : فإن اليهود والنصارى كفار كفرا معلوما بالاضطرار من دين الإسلام مجموع الفتاوي (35/201)
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه ( الفتاوى 28/524 ) : ومعلوم بالاضطرار من دين المسلمين وباتفاق جميع المسلمين أن من سوغ اتباع غير دين الإسلام أو اتباع شريعة غير شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر .ا.هـ
ويقول رحمه الله في : نقض التأسيس ( 1 / 447 ) : ( أن الأمر بالشرك كفر وردة إذا كان من مسلم ، وإن مدحه والثناء عليه والترغيب فيه : كفرٌ ورِدَّة إذا كان من مسلم ) وقال في: مجموع الفتاوي ( 27 / 463 - 464 ) : ( وهذا كما أن الفلاسفة ومن سلك سبيلهم من القرامطة والاتحادية ونحوهم ـ يجوز عندهم أن يتدين الرجل بدين المسلمين واليهود والنصارى ، ومعلوم أن هذا كله كفر باتفاق المسلمين فمن لم يُقر ظاهراً وباطناً بأن الله لا يقبل ديناً سوى الإسلام فليس بمسلم ، ومن لم يقر بأن بعد مبعث محمد صلى الله عليه وسلم لن يكون مسلماً إلا من آمن به واتبعه باطناً وظاهراً ، فليس بمسلم )
وقال القاضي عياض رحمة الله عليه في الشفا 1/133 : ولهذا نكفر من دان بغير ملة الإسلام من الملل أو وقف فيهم أو شك أو صحح مذهبهم وإن أظهر مع ذلك الإسلام .
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نواقض الإسلام : من لم يكفر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم كفر إجماعاً .
وقال البهوتي في كشاف القناع 6/214 : (أو لم يكفر من دان) أي تدين (بغير الاسلام كالنصارى) واليهود(او شك في كفرهم او صحح مذهبهم) فهو كافر .
ثالثاً : كلُّ من دان بغير الإسلام فهو كافر :
ـــــــــــــــــــــــ
قال الله تعالى : إنّ الدين عند الله الإسلام ".
قال ابن كثير – رحمه الله – عند هذه الآية : إخبارٌ منه تعالى بأنّه لا دينَ عنده يقبلهُ من أحدٍ سوى الإسلام ، وهو اتّباع الرّسل فيما بعثهم اللهُ به في كلِّ حينٍ حتى خُتِموا بمحمّد صلى الله عليه وسلم الذي سدَّ جميعَ الطرق إليه إلا من جهةِ محمّد صلى الله عليه وسلم فمن لقيَ اللهَ بعد بعثةِ محمّد صلى الله عليه وسلم بدينٍ على غير شريعته فليس بمُتقَبَّلٍ كما قال تعالى : ومن يبتغِ غيرَ الإسلام ديناً فلن يُقبلَ منه وهو في الآخرة من الخاسرين اهـ .
فكلُّ من لم يعتنق الإسلام من هذه الأمّة وأعني : أمّةَ الدعوة بسببِ عدم وصول رسالة الإسلام إليه فليس بمسلمٍ بل مشركٌ كافر = قال تعالى ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين )
وقال تعالى ( إن الدين عند الله الإسلام ) هذا بالنسبة للإسم والظاهر وأحكام الدنيا ، أما الحكم في الآخرة وهو العذاب والنار ، فمن قامت عليه الحجة ووصلته النذارة ثم مات فانه معذب ، ومثل ذلك من مات وكان مفرطا متمكنا من العلم والبحث ، ومن ذلك اليهود والنصارى فقد سمعوا الإسلام ، قال تعالى ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) .
قال ابن القيم – رحمه الله - في كتابه : طريق الهجرتين في فصل : طبقات المكلفين في الدار الآخرة الطبقة (17) قال : وهم المقلدون وجهلة الكفرة قال اتفقت الأمة على أن هذه الطبقة كفار وان كانوا جهالا مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم ، إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع انه لم يحكم لهؤلاء بالنار وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين لا الصحابة ولا التابعين ولا من بعدهم وإنما يعرف عن بعض أهل الكلام المحدث في الإسلام ...
ثم قال : والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والإيمان بالله وبرسوله واتباعه فيما جاء به فما لم يأت العبد بهذا فليس بمسلم وان لم يكن كافرا معاندا فهو كافر جاهل اهـ
واليوم مع هذه الوسائل العصرية الحديثة ، قد وصلت الدعوة كل مكان فلا عذر لأحد ..
قال الإمام أحمد بن حنبل : لا اعرف اليوم أحداً يدعى قد بلغت الدعوة كل أحدٍ فالرّوم قد بلغتهم الدعوةُ وعلموا ماذا يراد منهم اهـ نقله ابن قدامة في الجهاد ، ونقله الترمذي 5/267 .
فإذا مات من لم تصله رسالة الإسلام الصافية وإنما وصلته مشوهة ، وهو لا يعبد الله وإنما يفعل الشرك والكفر فهذا ليس بمسلم وإنما هو مشرك كافر ، قال تعالى ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ) وقال تعالى ( إن الدين عند الله الإسلام )
وفي الحديث الصحيح ( لن تدخل الجنة إلا نفس مسلمة ) .
قال ابن حزم رحمه الله ( وقال سائر أهل الإسلام كل من اعتقد بقلبه اعتقادا لا يشك فيه وقال بلسانه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن كل ما جاء به حق وبرئ من كل دين سوى دين محمد صلى الله عليه وسلم فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك ) الفصل 4/35
أما أن الدعوة ورسالة الإسلام وصلته مشوهة فهذا ليس بعذر ويعتبر كافرا قال تعالى ( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ) .
بل دلت النصوص على أن الرسالة شُوِّهت ، فلقد شوّه يهودُ المدينة دعوةَ الرسول صلى الله عليه وسلم على عوامِّهم ولم يُعتبرْ ذلك عذراً في حقِّهم . بل ما جاءت دعوة رسول ولا نبي إلا وقد حاول أعداء الرسل تشويهها على أتباعهم وعوامهم .، قال تعالى ( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون ) وقال تعالى ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا )
وقال تعالى (ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ) ، وعند أحمد من حديث جابر (حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر فيأتيه قومه فيقولون إحذر غلام قريش لا يفتنك ) ،وهذا تشويهٌ
وقال الشيخ عبد اللطيف (وإذا بلغ النصراني ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم ينقد لظنه أنه رسول الأُميين فقط فهو كافر وإن لم يتبين له الصواب في نفس الأمر كذلك كل من بلغته دعوة الرسول بلوغا يعرف فيه المراد والمقصود فرد ذلك لشبهة أو نحوها فهو كافر وإن التبس عليه الأمر وهذا لا خلاف فيه) مصباح الظلام ص326 .
رابعاً : "ولتعرفنَّهم في لحن القول" :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صدق زهيرٌ حين قال :
ومهما يكنْ عند امرئٍ من خليقةٍ * * * وإن خالها تخفى على النّاس تُعلمِ
وأصدقُ من قولِهِ قولُ ربِّه : ولتعرفنّهم في لحنِ القوْل "
وكاتب المقالة ممّن يدخل في ذلك .. فرؤيته للواقع كانت عبر المنظار التغريبي التخريبي ، الذي يرى الحلَّ والمخرجَ من الأزمة هو الانبطاح للأعداء وترديد شعاراتهم .. بل والتنظير لذلك ، وإلا فما الذي دعاه إلى مقالته الجاهلة ، حتى بلغ به الأمر إلى التعريض بالمناهج الدراسية المُشن عليها حربٌ شعواء تقودها أمريكا وعملاؤها من طواغيت العجم والعرب ؟
وانتقاد المناهج الشرعية التي أخذت من مؤلفات العلماء السابقين ، هو انتقادٌ للدعوة السلفية كلها ، وما يريد منتقدها إلا انتقاد منهج الإمامين ابن تيمية وابن عبد الوهّاب رحمهما الله ، ومن سار على دربهم ممن بعدهم ..
وما هو لعمري إلا انتقادٌ الإسلام نفسه .. وانتقادٌ للتوحيد .. وانتقادٌ للشريعة .. وبالله عليكم ما الذي يبقى من الدين نافعاً ، إن ذهب البراء من الكافرين .. ووُئدَ الكفرُ بالطاغوت .. وتُرك الجهادُ في سبيل الله ؟!!
خامساً : براءة الشيخ عبد العزيز بن باز من منهج ابنه :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قد كان الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله ، أبٌ لأهل التوحيد والجهاد وليس أباً لأهل البدع والاستغراب .
وأسوق هنا كلمات من نور للشيخ الإمام عبد العزيز بن باز – رحمه الله – تنقض ما ذكره ابنه هداه الله ، ويمكن أن نسمي هذه النقولات : ردُّ الشيخ عبد العزيز بن باز على أحمد بن عبد العزيز بن باز ..
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : من لم يكفر الكافر فهو مثله إذا أقيمت عليه الحجة وابين له الدليل فاصر على عدم التكفير كمن لا يكفر اليهود أو النصارى أو الشيوعيين او نحوهم ممن كفره لا يلتبس على من له أدنى بصيرة وعلم . 7/418 .
وقال : الدين الإسلامي هو الحق الذي يجب على جميع آهل الأرض المكلفين اتباعه أما النصرانية فكفر وضلال بنص القرآن الكريم . الفتاوى 2/173 .
وقال : تعليقاً على قوله تعالى : قل يا أيّها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض لا اله لا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون " : من هذه الآية يتضح لكل عاقل أن الهداية والنجاة والسعادة إنما تحصل لمن آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم واتبع ما جاء به من الهدى ومن حاد عن ذلك فهو في شقاق وضلال وبعد عن الهدى بل هو الكافر حقا وله النار يوم القيامة .2/188 .
وقال : فوجب على أهل الإسلام ان يكفروا من كفرهم الله ورسوله وان يبينوا باطلهم وان يحذروا المسلمين من مكائدهم لان دين اليهودية ودين النصرانية اصبحا دينين باطلين لا يجوز التمسك بهما ولا البقاء عليهما لان الله نسخهما ببعث محمد صلى الله عليه وسلك وايجابه على جميع الثقلين اتباعه والتمسك بشريعته ودلت الآية السابق على أن جميع الطوائف التي لم تؤمن به ولم تتبعه كافرة ضالة ..3/43 وما بعدها
هذا وما جاء عن الشيخ في ذلك كثير جدا ، يتعذر حصره في هذا المقام ، ونكتفي بهذا تجنباً للتطويل إذ المقام مقام اختصار.. والحمد لله .
وأخيراً :
فإن حري بهذا الكاتب الذي تطاول وتجرأ على ثوابت الشريعة الإسلامية ، ومن معه من المنهزمين نفسيا ـ والهزيمة داء وأي داء ، فهي أخطر على الأمم من الهزيمة العسكرية ، فالهزائم العسكرية قد يستعيد أصحابها قوتهم ، أما المهزوم نفسيا فهو يائس يعتقد أن خصمه أفضل منه ، فهو في خطر جسيم ـ حري به أن يراجع الحق ، فليس في هذا عيب ، ولا عار ، بل العيب كل العيب ، والعار كل العار ، أن يتمادي الشخص في الباطل ، ويصر عليه حتى يهوي به في النار ، والعياذ بالله تعالى ، فأدعوه إلى التوبة والرجوع ، وليحذر أن يكون ممن قال الله تعالى عنهم : " وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد .
-----------------
وهذا هــو نص مقالة أحمد بن باز :
[ إن مظاهر الغلو والتطرف العملية والسلوكية هي في الحقيقة نتاج طبيعي للتطرف في الفكر والتصور العقلي ومن أخطر صور التطرف الفكري (التعميم) و(الاجمال) في اطلاق الالفاظ والمصطلحات، لا سيما حال اصدار الاحكام ومن ذلك لفظ (الكافر)، حيث اصبح يطلق على كل شخص لا يدين بدين الاسلام وهذا اصطلاح خاطئ ونصوص الكتاب والسنة شواهد بذلك، وللاسف استطاع الخطاب الثقافي لدينا، بل والتعليمي وبشكل مكثف ارساء هذا المصطلح وتعميقه لدى شبابنا ومجتمعنا على وجه العموم. وخطورة مثل هذا التطرف الفكري تكمن في مستلزماته ـ التي لا نهاية لها غالبا ـ فمثلا في حالة «الكافر» هناك مستلزمات البراءة من العداوة والكراهية والبغض واستحلال الدم والمال الى غير ذلك بعد قيام الحجة وابلاغ الدعوة، المذكورة في قوله تعالى: «قد كانت لكم أسوة حسنة في ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده» (سورة الممتحنة 4)، وقوله سبحانه وتعالى: «لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله» (المجادلة 22).
مع ان غير المسلم قد لا يكون بالضرورة كافرا فقد يكون ممن يتعبد الله باليهودية او النصرانية ولم يسمع بالاسلام او سمع به سماعا مشوها ـ وهو الغالب ـ او سماعا لا تقوم به الحجة كما قال سبحانه وتعالى: «ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون» (آل عمران 113) وقوله سبحانه وتعالى: «وان من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما انزل اليكم وما انزل اليهم خاشعين لله لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا أولئك لهم أجرهم عند ربهم إن الله سريع الحساب» (آل عمران 199).
أو قد لا يكون يهوديا ولا نصرانيا ولم يسمع بالاسلام او سمع به ايضا سماعا مشوها او سماعا لا تقوم به الحجة، وهو كثير جدا فيحكم عليه بأنه من أهل الفترة ومعلوم حكمهم. وقد كان لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة فقد جاور اليهود واخدمهم فاستعملهم على خيبر وعاد مرضاهم وأكل طعامهم وباعهم واشترى منهم ومات ودرعه مرهونة عندهم، وأوصى بأهل الكتاب خيرا، بل أمر بصلة المشركين ممن لم يعاد المسلمين، فكيف بغيرهم، كما في حديث المرأة التي سألته فقالت: «ان امي قدمت عليَّ وهي مشركة أفأصلها؟»، فقال صلى الله عليه وسلم «صليها».
وقبل ذلك كله فقد قال سبحانه وتعالى: «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم» (سورة الممتحنة 8)، وهل بعد البر والاقساط شيء من الاحسان؟!، بل وأباح سبحانه وتعالى الزواج من أهل الكتاب مع ما يحصل في الزواج من الرحمة والألفة والمحبة المذكورة في قوله سبحانه وتعالى: «ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة» (سورة الروم21)، كل هذا ليؤكد بقوة ان كون الانسان غير مسلم لا يعني بالضرورة كونه كافرا، ويؤكد كذلك على ان كون الانسان ايضا غير مسلم لا يعني بالضرورة استحقاقه للعداوة والبغضاء، واستحلال الدم والمال حتى ولو لم يكن معاهدا ولا ذميا وان هناك فرقا كبيرا بين من يعادي المسلمين ويحاربهم وبين من لا يعاديهم ولا يحاربهم وهو الغالب على أهل الأرض. والحديث ذو شجون] أ.هـ الكاتب: عمر العمــــــر التاريخ: 01/01/2007