ماذا بعد شارون ؟ ..

 

ماذا بعد شارون؟؟!!


 شارون هو ذلك الشخصية..التي لا تعرّف بغير ذكر اسمه في عالم الإجرام..


فلا يقال..من هو شارون..لأنه قد انتقش  الذاكرة..أيا تكن هذه الذاكرة..أنه الرجل اليهودي العنيد الوحيد الذي لا يضاهيه غيره من بني جنسه..

ومذ تربع على كرسيه ..قد وعد بمئة يوم لانتهاء الانتفاضة..ومعلوم أنه قد مر قريب من ألفي يوم..ولم يفلح بشيء من ذلك..

يظن بعض الناس أن المجتمع الإسرائيلي اليهودي متماسك متلاحم..ولاشك أن هذه نظرة قاصرة..تفتقر إلى أدنى مستويات الاطلاع الموضوعي.."تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى"

 

ولست أبالغ حين أقول..إنه مامن مجتمع يحمل في طياته ركاما رهيبا من التناقضات وأسباب التفكك والانهيار..بمثل ما هو موجود في الشعب الإسرائيلي القابع في حدود الدولة المباركة "فلسطين"

فالدولة علمانية..من وجه..ودينية متطرفة من وجه..

غير أن علمانيتها تشبه علمانية أمريكا..بمعنى أنها تتمسح بالدين وتتعلق به بما يحقق مراداتها وأهدافها..وتناقضه جملة وتفصيلا..في سلوك أفرادها وقوانينها..

تأخذ من الدين نبواءات التوراة..عن الحق اليهودي المزعوم..وتنبذ منه..كل ما يتعلق بالقيم ..

 

وهي متناقضة في أطياف شعبها..وطموحاته..فالتكتلات الروسية..تحقد على الأوروبيين والإثيبوبيين من يهود الفلاشا..وعلى اليهود العرب..

والأفارقة..يحقدون على كل من عداهم..

بخلاف الصراع العام القديم المعروف بين يهود الأشكناز..والسفارديم..

 

ثم هي متناقضة في توجهات أحزابها ..فثمة توجه..يتبنى فكرة تمكين دولة مصطنعة للفلسطينيين بحدود ذليلة..وهناك من يرفض بشدة هذه الفكرة..ويعتبرها ضربا من الخيانة العظمى..

 

لهذه الأسباب وغيرها..فإن الشعب اليهودي في عامته يرى الآن في شارون"المخلّص" الوحيد..حيث شخصيته "الكاريزمية"..وحدته في الطبع..وعنده في الإصرار..وعدم التفاته لكل العالم..مع ما يحمله من توجهات عنصرية..فهو أبو كل الأفكار التي تقضي بتهجير الفلسطينيين..وإخلاء فلسطين منهم..إلخ

مع خبرته الطويلة في سلك الإجرام على المستوى الدولي..وتقلده لوزارات عديدة..وتوجهه الديني اليميني المتطرف..ونفسه الطويل في اللعب على جميع الأصعدة..

وكان لابد لهذه المرحلة العصيبة في تاريخ اليهود..من سند خارق للعادة..فكان احتلال العراق ..لتمرير المشروع الصهيوني طويل الأمد..في تشكيل الخارطة الجديدة الجهنمية..والتي تشرف عليها الصهيونية بوجهيها:المسيحي اليميني..واليهودي المتطرف..

وقد يحق التساؤل هنا:فبماذا يفسر همّ شارون بالانسحاب من غزة مع ما سبق بيانه ؟

والجواب..ينساق على التمام ولا يتعارض قط..على الرغم من كل ذلك..من نواح عديدة:-

فغزة ..لا تمثل في مفهوم شارون الديني ..التوراتي..تلك القداسة..التي يعد التخلي"الشكلي" عنها خيانة..

فقد جاءت النصوص التوراتية تلعن هذه المدينة..وتلعن ساكنيها..كما يفهم في غير موضع..وتجعلها في نصوص أخرى مجرد حدود للملكة التي وعد بها الرب-زعموا-

 

ثم إن هذا الانسحاب..أشبه..بالإقراض الربوي..لمصرف مفرط في الجشع..لا يكاد المقترض معه تسديد قيمة "الفوائد" في مدة وجيزة..فضلا عن أصل المال..وعليه..فإن وراء الانسحاب ما وراءه..وهو في النهاية ليس غير طعم..للعالم..يظهر بعده اليهود وكأنهم جددوا مسيرة التضحيات الأليمة..مقابل السلام..ولأجل سواد عيون أبي مازن "الزرقاء"!

 

وقبل ذلك كله وبعده..فإن الانسحاب..فرار بالجلد..وتولية للأدبار..وإنقاذ للبقية الباقية في من نفسية المجتمع الصهيوني المنهارة..تحت وقع صواريخ القسام..وقنابل المجاهدين الأبطال..

 

ونؤكد في النهاية..أن موت شارون..سيخلق أزمة كبيرة  تترتب عليها تغيرات على الساحة..ستعطل أو تخيب كثيرا من الخطط المرسومة في أروقة راسمي الخطط تتبعثر على إثرها كثير من أوراق أرشيفاتهم ..وستكون بإذن الله تمهيدا..لمرحلة جديدة من الصراع..أو بالأحرى "المدافعة" وفقا للتعبير القرآني..

بين الحق والباطل..

 

ولهذا..فإن شارون الآن..أشبه ما يكون على لسان الحالة الشعبية اليهودية أن يقال فيه:إلى الأبد يا شارون..على غرار "إلى الأبد يا حافظ الأسد"..مع الفارق..

وستكون نجاحات المسلمين..إبان كل ذلك..مرهونة..بحالة الميدان في كل من العراق وفلسطين..سواء بسواء..

 

"ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين"

كتبه م.أبو القاس

الكاتب: أبو القاسم المقدســــــي
التاريخ: 28/12/2006