ذكريات سائحٍ في أرض الرافدين.. - اختارها أبو الزبير الأنصاري

 

ذكريات سائحٍ في أرض الرافدين
(سياحة أمتي الجهاد)

 

الحلقة الأولى


بسم الله الرحمن الرحيم
الله ناصر كل صابر


الحمد لله وحده و الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وجنده وبعد،
كان من قدر الله ومنّه أن أصِلَ إلى بلاد الرافدين قبيل شهادة أميرنا أبي مصعب الزرقاوي رحمه الله ببضعة أسابيع، فآثرت الانضمام إلى تنظيم القاعدة والبيعة لأميره رحمه الله بالسمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره .

ولعل سائلاً يسأل عن سر بيعتي لهذا التنظيم دون غيره ، فأقول:
قد اخترت هذا التنظيم لأمور:
أحدها: وضوح الراية والهدف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((مَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ يُقَاتِلُ عَصَبِيَّةً وَيَغْضَبُ لِعَصَبِيَّةٍ فَقِتْلَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ)) رواه النسائي وغيره.
الثاني: الميدان الواسع لنشاط هذا التنظيم من شرق الأرض إلى مغربها.
الثالث: كون التنظيم من أقدم التنظيمات الموجودة على الساحة وأقواها وأنقاها.

وقد أمضيت الأسابيع الماضية مع أحد كتائب المجاهدين، فخالطت الأنصار والمهاجرين ،
و هذه خواطر سريعة عن حال الإخوة في تنظيم القاعدة، كنت قد أعددت مسودتها قبل استشهاد أميرنا رحمه الله، ولعله قد حان أوان نشرها اليوم:
1- تلقى الإخوة في مجموعتنا خبر استشهاد الأمير رحمه الله برباطة جأش منقطع النظير، وما لقيت أحداً إلا وقال: نحن نقاتل من أجل المنهج لا الرجال، وقد جمعتني اليوم جلسة طيبة بأميرنا ورجاله تحت ظل شجيرة ، فذكّرهم بوجوب السمع والطاعة لأميرنا الشيخ أسامة بن لادن حفظه الله ومن يقوم بتوليته على أهل العراق ، وذكرهم بأن قتالنا لم يكن أبداً من أجل أبي مصعب بل إننا أصحاب منهج، وأمرهم من الإكثار من الطاعات في هذه الأيام وكثرة الاستغفار.
وقد أعجبني حماس الإخوة لمواصلة العمل وفرحهم لنيل أميرهم شرف الشهادة.

2- لفت نظري في الأسابيع الماضية المعنويات العالية لشباب وشيوخ التنظيم، فلا تخلو مجالسهم من طرائف وذكريات عن غزواتهم المظفرة، فترى الشباب يضحكون ويمزحون وينشدون ، حتى لكأن السكينة والطمأنينة قد غشيتهم .

3- مواظبة الإخوة على رواتب الصلوات وركعتي الضحى، وقد سألت شيخنا عن ذلك ، فأخبرني أن الشيخ أبا مصعب رحمه الله تعالى كان قد أوصى الإخوة باستخدام سلاح الطاعة والعبودية لمواجهة العدو الكافر، مستحضراً في ذلك قول شيخ الإسلام ابن تيمية : " القلوب الصادقة والأدعية الصالحة هي العسكر الذي لا يغلب . " ،وقد رأيت الذُلَّ و الانكسار للملك الجبار في لهجة هؤلاء الأخيار.

4- انتشار السنة والتوحيد في المناطق التي يسيطر فيها المجاهدون، فترى الإنسان البسيط يحدثك عن ردة الحرس الوثني وعن قصص تدمير الأوثان(القبور والمشاهد الشركية) في قريته والنواحي حولها، فإذا قام إلى صلاته عجبت من جمال صلاته وإتيانه بالأركان والواجبات والسنن التي يجهلها كثيرٌ ممن يدعي العلم!
فمن عاش مع هؤلاء القوم فَهِم تلك العلاقة الأصيلة بين التوحيد والجهاد، فمن أحب الجهاد كهؤلاء الناس تأثر بأهل الجهاد و صار موحداً، ومن تعلم التوحيد على الوجه الصحيح صار مجاهداً.

5- حرص الإخوة على معرفة الأحكام الشرعية وعدم تهاونهم في ذلك، وقد رأيت الإخوة يلقون القبض على جاسوسٍ قد شارك في قتل المجاهدين فلا ينفذون حكم الله فيه حتى يعرض الأمر على المحكمة الشرعية وتبتَّ في شأنه. و ما حلَّ شيخنا في مكانٍ إلا واجتمع حوله الإخوة يطرحون عليه مسائلهم ومشاكلهم ويطلبون المزيد من الكتب والمحاضرات.

6- كنت أظنَّ المهاجرين كلهم من علية طلبة العلم، ففوجئت أن غالبهم شبابٌ بسطاء قد صحت فطرهم وعقولهم ، فلم تلتبس عليهم الأمور الجلية الظاهرة من دين الله ، فهاجروا إلى أرض الرافدين يبتغون الذود عن دين الله وأعراض المسلمات ، وصدق شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب : " إن العامي من الموحدين يغلب ألفاً من المشركين"، ولا يظنن ظانٌ أن معنى كلامي هذا هو عدم وجود طلبة علم كبار من المهاجرين ولكنهم كالملح في الطعام ، وقد مضى كثيرٌ منهم إلى ربه ، ولا ننسى أبا أنس الشامي وعبد الله الرشود وغيرهم كثير و لله الحمد.
ومن تأمل في حال القوم علم أن هذا الأمر اصطفاءٌ من الرحمن جلّ وعلا ، فهو الذي اختارهم من بين ملايين البشر ويسر لهم أمر الوصول إلى سوح الجهاد.

7-كثرة الجواسيس الذين باعوا دينهم بعَرَضٍ رخيص، وقد تمكن الإخوة في قاطعنا من كشف العديد من شبكات التجسس في الأسابيع الأخيرة وتنفيذ حكم الله فيهم.

8- العشائر هم وقود المعركة، وقد كرّم الله الكثير من أبنائهم بالشهادة ، وقد رأيت العجب العجاب من جلد القوم وصبرهم وعظيم كرمهم، قد صيّروا من دورهم ملاجئ للمجاهدين من مهاجرين وأنصار، فشاركوهم الدار والطعام ، وتحملوا مخاطر وآلام هذه النصرة.

9- حسن سياسة المجاهدين وتعاملهم مع أهل المنطقة التي يتمكنون من السيطرة عليها، فيظهرون اللين أحياناً والشدة أحياناً ؛كلاً في موضعه.

10- خبرة المهاجرين القدماء بأرض العراق وعشائرها و جمعوا إليها خبرةً واسعةً في المجال العسكري، وقد رأيت كثيراً منهم قد صار من القادة الميدانيين الذّين يشار إليهم بالبنان.

11- معرفة قادة المجاهدين بأهمية العمل الإعلامي ودوره في الصراع مع معسكر الكفر، ولكني رأيت بعض الإخوة المجاهدين لا يحرص-مع الأسف- على تصوير غزواتهم، فكم من غزوة قاصمة لظهر العدو قد فوّت الإخوة توثيقها ولا حول ولا قوة إلا بالله.

12- ألمُ الإخوة المهاجرين من حال مشايخ السوء - في بلدانهم – الذين لم يكتفوا بالسكوت عمّا حلَّ بأهل السنة في العراق من حيف بل و زادوا على ذلك تخذيلاً و صداً عن سبيل الله تعالى .

13- تقدم أمراء المجاهدين وطلبة العلم للصفوف وخوضهم غمار المعارك بأنفسهم،و قد تعلموا من الشيخ أبي مصعب رحمه الله تعالى حكمة بليغة يلهجون بها و هي " إذا أردت أن تكون إمامي فكن أمامي " ورحم الله أبا حفص النجدي الذي استشهد في اقتحام سيطرة للحرس الوثني، وكان رحمه الله من خيار طلبة العلم وتوّاقاً لطلب الشهادة، و الأخ أبا الحسن النجدي رحمه الله الذي جمع بين الغزو والإثخان في أعداء الله وبين فتح الدورات الشرعية التي خرجت العشرات من طلبة العلم الذين توزعوا على كتائب المجاهدين مرشدين ومعلمين.

 

وكتب
أبو مارية
القرشي
الكاتب: أبو مارية القرشي
التاريخ: 28/12/2006