مسائل فقهية منوعة

 

مسائل فقهية منوعة

 المراد بحديث (نهى عن شرطين في بيع ) ليس الجمع بين الشرطين الجائزين كما قاله كثير من العلماء ، فقد رجح ابن القيم في الحاشية (9/292) أن المراد بالشرطين في بيع : بيع العينة كما يدل على ذلك حديث (من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا) وذلك إنما يكون في بيع العينة ، وهو الشرطين في بيع .

 (بيع الشيء قبل قبضه) قال بعض العلماء يقتصر فيه التحريم على بيع الطعام ، لحديث (نهى عن بيع الطعام قبل قبضه) ، وقال آخرون بل كل شيء يحرم بيعه قبل قبضه ، لحديث زيد بن ثابت (نهى رسول الله أن تباع السلع حيث تبتاع) رواه أبو داود ، ولقول ابن عباس : لا أحسب كل شيء إلا بمنزلة الطعام ، وللاشتراك في العلة وهي قطع علائق البائع ، واما تخصيص الطعام بالذكر في بعض الأحاديث فخرج مخرج الغالب . حاشية ابن القيم (9/276)

(معاملة من اختلط ماله بحرام)

 ما كان معلوما فيه الحرام بعينه فيحرم التعامل فيه أخذاً أو إعطاءً ، وأما مالم يعلم تحريمه بعينه فالتعامل حينئذٍ ينقسم إلى قسمين : إما أن يكون مع من غلب على ماله الحلال فهذا جائز ، وإما أن يكون مع من غلب على ماله الحرام فمكروه ، وحرمه بعضهم أخذا بغلبة الظن . الفتاوى (29/241)

 (الصحيح في علة الربا في الأصناف الستة)

 أما الذهب والفضة والدراهم والدنانير منهما فالعلة فيها : الثمنية ، لأن المقصود أن تكون معيارا لا يقصد الانتفاع بعينها ، واشترط القبض لتكميل مقصودها من التوصل بها إلى تحصيل المطالب فإن ذلك إنما يحصل بقبضها ، ولو كانت العلة الوزن لما أبيح السلم في الموزون . الفتاوى (29/471) .

وأما في الأربعة فلكونها قوتا (القوت وما يصلحه) فيتضرر الناس لحاجتهم إليها ، فلو أبيح التفاضل لطمع في الربح فيعز الطعام على المحتاج خاصة ممن ليس لديهم نقود ، وإنما يتناقلون الطعام بالطعام ، وحرم ربا الفضل سدا للذريعة لئلا يفضي للتأجيل مع الزيادة ، ولأنه إنما حرم سدا للذريعة ولذلك أبيح للحاجة في بيع العرايا . إعلام الموقعين (2/155) ، والفتاوى (29/515)

(المراد بالفلوس ، واشتراط التقابض عند شراء الذهب والفضة بالفلوس)

 الفلوس المراد بها غير النقدين ، وهل يشترط التقابض عند تبادل الذهب والفضة بالفلوس النافقة ؟ قيل : نعم لأنها أثمان ، وقيل : لا ، لأن الحلول يشترط في جنس الذهب والفضة سواء كان ثمنا أو أو صرفا أو مكسورا أو غيره بخلاف الفلوس ، ولأن الثمنية عارضة في الفلوس ، وهذا أيضا مبني على أصل وهو بيع النحاس متفاضلا إذا دخلته الصناعة ، والأصح الفرق بين ما يقصد وزنه كثياب القطن وغيره ، والنحاس في الفلوس لا يقصدون وزنها في العادة وإنما تنفق عددا . الفتاوى (29/459) .

وقال ابن القيم في الاعلام (2/160) : الحلية خرجت بالصناعة عن الأثمان فيجوز بيعها بالدراهم والدنانير .

وأما حديث القلادة فقيل : مضطرب ، ورد ذلك ابن حجر لإمكان الترجيح ، والحديث رواه مسلم ، ثم إن الاختلاف في كونه ذهبا وخرزا أو جواهر ونحوه لا يؤثر في الحكم فالعبرة يقوله (لا حتى تميز بينها) . وقيل : يحمل الحديث على أن ذهب القلادة أكثر من ثمنها فلم يكن للصياغة فيها مقابل .

 (بيع الدين بالدين)

 في الحديث (نهى عن بيع الكاليء بالكاليء) رواه البيهقي (5/290) ،

وبيع الدين بالدين أو بالعين له صور ، وبيع الدين لمن هو عليه لا بأس به لحديث ابن عمر وفيه (لابأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تفرقا وبيكما شيء) .

 فيجوز إذا كان بسعر يومه ولم يزدد بشرط القبض إذا كان مما يشترط فيه القبض ، ولا يزداد لحديث (نهى عن ربح ما لم يضمن) .

وأما بيع الدين لغير من هو عليه فلا يجوز إلا على قادر على أخذه .

وقال ابن تيمية : بيع الدين بالدين يجوز إذا كان ثابت في الذمة فيسقط ، والمحرم إنشاء دين بدين فقوله : الكاليء بالكاليء أي : المؤخر بالمؤخر . الفتاوى (29/472)

( كل قرض جر نفعا فهو ربا)

 قال ابن القيم في التهذيب (9/297) : المنفعة التي تجر إلى الربا في القرض هي المنفعة التي تخص المقرض كسكنى دار المقرض وركوب دابته وقبول هديته ،

 وأما نهيه عن ربح ما لم يضمن فهو كما ثبت عن ابن عمر (إني أبيع الإبل) فيجوز ذلك بشرطين :

1ـ أن يأخذ بسعر يوم الصرف لئلا يربح فيها وليستقر ضمانه.

 2- أن لا يتفرقا إلا عن تقابض لأنه شرط في صحة الصرف لئلا يدخله ربا النسيئة

، وأما بيع الثمار بعد بدو صلاحها على رؤوس الأشجار مع أنها لو تلفت بجائحة من ضمان البائع فجائزة للحاجة ، وهي من ضمان البائع لأنها ليست في حكم المقبوض من جميع الوجوه ، وأما الإجارة بأكثر مما استأجر فمنهم من منعها ، ومنهم من أجازه إذا جدد في عمارتها ، ومنهم من أجازه مطلقا لأنه لو عطل المكان أو أتلف منافعه بعد قبضانه لتلف من ضمانه .

وأما حديث (لا تبع ما ليس عندك) فلما فيه من الضرر فليس على يقين من حصوله .

وظن طائفة أن السلم مخصوص من هذا وليس كذلك ، لأن الحديث إنما تناول بيع الأعيان لا ما في الذمة .

 (ميراث الجد والإخوة)

 في الفرائض رجح ابن تيمية أن الجد يسقط الإخوة ، وهذا قول أبي بكر الصديق ، لأن الجد يسمى أبا ، ولأنه لا دليل على تشريك الإخوة والجد في الميراث.

(النكاح بنية الطلاق) قال ابن قدامة : والصحيح أنه لا بأس به ولا تضر نيته ، وليس على الرجل أن ينوي حبس امرأته إن وافقت وإلا طلقها . وقال الشافعي في الأم : النكاح ثابت ولا تفسد النية من النكاح شيئا ، لأن النية حديث نفس وقد رُفع عن الناس ما حدثوا به أنفسهم ، وقد ينوي الشيء ولا يفعله ، وينويه ويفعله ، فيكون الفعل حادثا غير النية .

(إذا أسلم الكافر بعد انتهاء عدة المسلمة فهل ترجع إليه ؟)

إذا أسلم الرجل قبل امرأته قال مالك : إذا عرض عليها الإسلام فلم تسلم وقعت الفرقة بينهما ، لقوله تعالى (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) .

 وإن هي أسلمت فقيل : الأمر راجع للمرأة فإن شاءت انتظرته ، وإن شاءت تزوجت ، ولا دليل على توقيت العدة للانتظار ،

 قال ابن عباس : رد رسول الله صلى الله عليه وسلم  زينب ابنته على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول ، ولم يحدث شيئا رواه الخمسة ،

 قال ابن القيم : وهو إنما أسلم زمن الحديبية وهي أسلمت من أول البعثة فبين إسلامهما أكثر من ثماني عشرة سنة ، وأما قوله في الحديث (كان بين إسلامها وإسلامه ست سنين) فوهم إنما أراد بين هجرتها وإسلامه زاد المعاد (5/136) والأمر إليها بعد انقضاء العدة ،

وقال علي كما في المحلى : هو أحق بها ما لم يخرج من مصرها ، وورد عن عمر أن نصرانيا أسلمت امرأته فخيرها عمر بن الخطاب إن شاءت فارقته ، وإن شاءت أقامت عليه .

(طلاق السكران)

طلاق السكران لا يقع وهو قول عثمان بن عفان ، لقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) فصلاة السكران غير معتد بها فكذلك طلاقه ، ولأن إقراره غير معتد به فكذلك طلاق ، ففي قصة ماعز أن النبي أمر أن يستنكهوه ،

 ولقوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان) والطلاق يمين أو كاليمين ، واليمين لا يعتد بها إذا لم تكن صادرة من إرادة وعزيمة . الفتاوى (33/102) .

(الحلف بالطلاق)

 قال ابن تيمية : يكون يمينا ، لأنه لم يرد إيقاع الطلاق ، وإنما أرد الحض الإلزام أو المنع لنفسه أو لغيره ، وهذا هو مقصود اليمين ، وقياسا على الحلف بالعتق الذي أفتى فيه الصحابة بعدم وقوع العتق وأنه يكون يمينا مكفرة .

 (طلاق الثلاث)

المشهور من المذاهب الأربعة وقوعه ثلاثا . وأفتى بوقوعه واحدة بعض الصحابة (أبو موسى وابن عباس ابن مسعود وعلي وعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام ، ومن التابعين : طاووس وعطاء وغيرهم ، وأخذ به بعض أصحاب أبي حنيفة ، وبعض أصحاب مالك ، وبعض أصحاب أحمد ، واختاره ابن تيمية وابن القيم) . واستدل من قال : يقع واحدة بحديث ابن عباس (كان الطلاق في عهد رسول الله ..) ، ولم يأخذ به ابن عباس موافقة لعمر وسدا للذرائع ، أو لم يكن بلغه الحديث ، ثم لما بلغه أخذ به ورجع قال ذلك أبو داود ،

ثم إن الروايات عن ابن عباس مختلفة .

وأما حديث ركانة لما طلق امرأته استحلفه النبي ما أردت إلا واحدة ، فدل على أنه لو نوى ثلاثا لوقعت ، فقال ابن تيمية : ضعفه أحمد والبخاري وأبو عبيد وابن حزم بأن رواته ليسوا موصوفين بالعدالة والضبط .

( الطلاق في الحيض)

قيل : لا يحتسب ، اختاره ابن تيمية (33/24) وابن القيم كما في الحاشية (6/171) لأنه منهي عنه والنهي يقتضي الفساد . والمراد بالرجعة أي : يعود إليها بعد اعتزالها ، ولأنه لا فائدة من أمره بمراجعتها ثم تطليقها ، ولو حسبها لأمره بالإشهاد .

 وقيل : يقع لأن الرجعة لا تكون إلا بعد طلاق ، ولأن النهي من أجل تطويل العدة لا لذات الطلاق فالطلاق صحيح ، والروايات في الاعتداد بالتطليقة أكثر ، ولا يمكن تأويلها ، ومنها : قول ابن عمر : فراجتعها وحسبت لها التطليقة التي طلقتها رواه مسلم .

أما : (فردها علي ولم يرها شيئا) رواه أبو داود وقال : الأحاديث كلها على خلاف هذا ، يعني أنها حسبت عليه بتطليقة ، وقال الشافعي في اختلاف الحديث (1/551) أي : لم يرها صوابا .

وقول ابن عمر : (لا يعتد بذلك) فقد رواها ابن حزم في المحلى (10/165) وقال : لم تعتد المرأة بتلك العدة ، وقال ابن حجر في التلخيص : إسناده صحيح ثم قال : يحمل على معنى أنه خالف السنة .

 قوله (عليّ الحرام) .

 إن لم يرد امرأته فعليه كفارة يمين على قول جمهور الصحابة . وإن قال (أنت عليّ حرام) فقال بعض المتأخرين : هو طلاق لأنه أشهر في عرف العامة ، وعلى قول جمهور أهل العلم أن الحرام لا يقع به طلاق إذا لم ينوه (الفتاوى 33/167) ، وقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد في رواية : إن نوى به الطلاق فطلاق ، وإن نوى الظهار فظهار ، وإن نوى اليمين فيمين . (التعزير بالقتل) يصل التعزير للقتل لأنه (صلى الله عليه وسلم) قتل جاسوسا .

 (قواعد أصولية)

قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات)

 هذا فيما ليس فيه اعتداء على الآخرين فالإكراه لا يبيح القتل مثلا ،

 وقاعدة (الحاجة تنزل منزلة الضرورة)

 ليس في إباحة المحرم لذاته ، بل في ما حرم سدا للذريعة ، وفي الوسائل لا الغايات ، فالحاجة لا تبيح الزنا ولكنها تبيح النظر للشهادة والعلاج ونحو ذلك ، وربا الديون لا يجوز وربا الفضل يجوز للحاجة ، لأنه إنما حرم سدا للذريعة ، ولذلك أبيحت العرايا . انظر : إعلام الموقعين (2/140) . 


الكاتب: عبدالله العايــد
التاريخ: 03/07/2009