بين رحيل ياسين .. ورحيــل عــرفـــــــــات ..

 

عندما استشهد البطل الكبير الشيخ أحمد ياسين..اتسم موته-عفوا شهادته-بجملة من الأمور..التي تؤكد على ماقاله الإمام أحمد"بيننا وبينكم الجنائز"..ومن أظهر ذلك..توحد الصف الفلسطيني..وإجماع الأمة الذين رثوه في كل مكان..على الخيار الإسلامي..الذي يعني الجهاد..ولاشيء غير الجهاد,,



لقد كان انتقاله للرفيق الأعلى..أشبه بالوهم..حيث لم يصدق الناس أن رجلا كهذا..يمكن أن يرحل..وهكذا هم العظماء على مر العصور..!

وهو يتلخص في أمور:-


1-

كان إعلان اغتياله..إعلانا عن بدء مرحلة جديدة ..أهم مميزاتها:لن يزول الحتلال إلا بالجهاد..فما زاد مقتله جذوة الانتفاضة إلا اشتعالا..


على الرغم مما ظهر من ضعف في "نَفَس" حركة حماس تمثل بالجانب النفسي الشاعر بالقهر من جراء خذلان الجيران..لكن ما لبثت أن لملم الحماسيون جراحهم..كما هو شأن المجاهد الذي باع..إذا كان المشتري هو الله تعالى

2-
وكان يوما من أيام الله..أدرك فيه اليهود أن الأمة الإسلامية ليست بالشيء الذي يهمل..رغم وهن الأنظمة وتخاذلها..

3-
وكان يوما مهيبا..تديّن فيه بعض الناس لمجرد سماع الحدث..



وزاد إيمان البعض..ولو قدر لقصائد الرثاء أن تحصى لبلغت المئات



واختلطت العبرات برائحة الجنة بإذن الله ممزوجة بخضاب الدم الممسّك بعبير الرياحين ..فما عاد الكثير يعرف هل يفرح لنوال الشيخ حلمه..أم يحزن لفوات فلسطين رجلا كهذا؟

4-
وكان يوما مقشقشا للمنافقين وأصحاب الأقلام المأجورة..وبراءة للمخلصين..فقد انكشفت أقنعة لطالما ظنها الناس شريفة..وفي الخطوب الجليلة تنماز معادن الرجال!


5-
وكان يوما اختبرت فيه إسرائيل على عادتها ردة فعل بعض الدول..وإذلال العالم العربي..فما خاب ظنها..ولسان حالهم يقول:لو هدمنا الأقصى..لن يتحرك أحد إذن!


أما رحيل عرفات..



فاتسم موته..بأمور....وإليك أبرز الملامح..لتدرك الفرق..بين من يتخذ الإسلام شعارا ومنهجا..وطريقة..وبين من هو على خلاف ذلك:

أولا-من الناحية الشرعية البحتة..كان أول من شيعه..الكفار..نعم الكفار!..حيث حمله الفرنسيون وفق "البروتوكول" الغربي على الطريقة النصرانية في التشييع..ثم..شيعه بعد ذلك..رؤساء العرب في مصر..فتأمل الفرق بين الحالين

ثانيا-برزت بعد موته تيارت "فتحاوية" تمثل حالة الانشقاق والتأزم الحقيقي في الحركة فكشف غيابه في الحقيقة عن سقوط الدعاوى العريضة في تماسك فتح وأنها ذات وحدة كلمة فيما بين أجنحتها المتعددة..وإليكم أبرز هذه التيارات:-



1-
جماعة المفاوضين..أو إن شئت قل جماعة أوسلو


 
وأبرزهم:"أبو مازن"..وأحمد قريع..ومن خلفهم كصائب عريقات ونبيل شعث..ونبيل عمرو..وهؤلاء اختزل نفوذهم في كونهم مفاوضين..فهم يفاوضون لمجرد التفاض..لما يشكل لهم من كينونة في الخارطة السلطوية والفتحاوية..فلهذا تراهم ينافحون بشدة عن استمرار المفاوضات..مهما كانت التنازلات المعروضة..

2-
جماعة الأجهزة الأمنية..



وهم الذين تولوا كبر حمل العصا الغليظة بالنيابة عن اليهود في فترات عديدة..ويشكلون أخطر ما يهدد الوحدة الفلسطينية..وأبرزهم دحلان وجبريل الرجوب..وقد عملوا عبر الحقبة الأسولوية على ملء كروشهم بكل وسائل الجشع والنهب والتورط في أعمال "وسخة"..وضعتهم في زبالة التاريخ..وكم لدى التاريخ من زبالة

3-
جماعة التقليديين..وهؤلاء..الذين مازالوا يتكلمون بعبارات فيها روح المقاومة..وإن كانوا يحاولون التسوية للخروج بصيغة ترضي الماضي والحاضر"إذا سلمنا بأن المرحلة الماضية تعبر عن حالة شرفية"..ولذلك فهم مهمشون..ومجرد وجوه أمام وسائل الإعلام..


للتكلم بصوت فتح..حتى يقولوا:نحن هنا..ونفوذهم معدوم في السلطة..وبدرجة أقل في المنظمة
وأبرز هؤلاء سمير المشهرواي..وزكريا الأغا..وأحمد حلس..وغيرهم

4-
الثوريون..وهم الذين لهم نبرة عالية..تؤكد على أن المقاومة هي الحل..وأنه لا خيار غير المقاومة..في ظل الاعتداءات الإسرائيلية..
وأبرزهم مروان البرغوثي وهؤلاء بعضهم في السجن وبعضهم لايكاد يصل صوته

5-
شهداء الأقصى..وهم ما يسوغ أن يقال فيهم" شرفاء فتح"
الذين يمثلون الحالة العملية لكلام الثوريين..وقد قضت حكمة الله أن الأفعال إذا صدقت الأقوال..خصوصا في منابذة الأعداء..فهذا يعزز المكانة..ويرفع من شأن المصداقية..مهما كان ظاهر التصريحات..



وذلك أن الله سبحانه وتعالى سمى المجاهدي:الصادقين وأمر المؤمنين أن يكونوا معهم..فقال عز من قائل"يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"


 


6-"الفتحاويون" خارج فلسطين..كقادة المنظمة في لبنان وغيرها..


 


وليس لهم أثر فقد تم اغتيال معظمهم..وبقي فاروق القدومي وحيدا في الساحة..


 


ولا يملك من الأمر شيئا إلا ينازع نبيل شعث في منصبه..لأن الأخير وزير الخارجية..والقدومي:منسق العلاقات الخارجية!..فكأنهما وزيران يحملان نفس الحقيبة

وبهذا العرض الموجز..يتبين أن فتح..ليست متجانسة..
يدل على ذلك حالة الاضطراب التي ظهرت في تمثيلية ترشيح "أبي مازن"..والمراهنة في المرحلة القادمة على إخماد الجذوة الصادقة..ممثلة في  (شهداء الأقصى)


الكاتب: أبو القاسم المقــدســي
التاريخ: 28/12/2006