قراءة تحليلية في انتخابات الرئاسة الفلسطينية .. لشاعر الإنتفاضة

 

العالم بنتائج انتخابات الرئاسة الفلسطينية ، ولم تتغير خريطة التوقع السياسي لطبيعة المرحلة القادمة ، بلى ، ولم يجر اي تعديل على شكل المسرح السياسيي القادم ، المعد سلفا لاستقبال سيناريوهات المرحلة القادمة لحل بعض القضايا الحاسمة في جدلية الصراع \" الاسلامي - الصهيو مسيحي\"

والحقيقة ان القراءة المتأنية لهذه النتيجة شبه الحتمية قد تضع جملة من الاجابات لبعض التشويهات التي فرضتها سياسة التعتيم والهيمنة الاعلامية لتسويق هذا النصر- بين فارزين -على انه مزاج فلسطيني انجز في واحد من اشهر الاعراس الديمقراطية في العالم الثالث ؛ ولن نستبق الاحداث ، هنا ؛ بل من حقنا ان نتأمل الخارطة السياسية ، ونقدم قراءة تحليلية بعيدا عن العاطفة والانفاعلية

اولا- الواقع السياسي- جاءت هذه الانتخابات في ظل واقع سياسي محدد المعالم بعد غياب شخصية تاريخية كان لها دور بارز في تشكيل الرؤية السياسية الرسمية لطبيعة الخيار السياسية في حل القضية الفلسطينية ، وجاءت هذه الانتخابات بعد اكثر من اربع سنوات من الفعل المقاوم الجاد ، وتعمق بؤرة الصراع وبروز قوى من نمط خاص كحماس والجهاد الاسلامي ، وتعنت اسرائيلي اجرامي وغياب للجهد العربي ، والضغط الدولي ؛

مما شكل حالة من التشعب في نسبة القدرة على المواجهة في ظل نظام القطب الواحد ، بل جاءت هذه الانتخابات في ظل تدخل دولي سافر في شؤون الامة وما نجم عن ذلك من احتلال العراق وافغانستان ، وبدء حرب عالمية ثالثة باردة ضد الاسلام ، هذا الواقع السياسي المتلاطم في بحر لجي دفع- في راينا - الى فرض نمط سياسي محدود المقاييس يصلح للتعامل مع الطبيعة العالمية للصراع، ولا يعني ذلك ان هذا الطرف هو مفوض اسلاميا او عربيا او حتى فلسطينيا ، بل على العكس من ذلك فهو يثبت طبيعة المفارقة التصويرية بين واقع الامة وخيارات السياسة الدولية

ثانيا-الضغط الامريكي الصهيوني : لم يخف على المراقبين حجم الاهتمام الامريكي- الاسرائيلي لهذه الجولة من الانتخابات الفلسطينية فقد حظيت هذه الانتخابات باهتمام الدولتين وكدت تتعتقد ان هذه الانتخابات اسرائيلية او امريكية ؛ اذا ان اسرائيل التي تترنح في حماة المقاومة تحت ضغط المقاومة الباسلة ، تتنتظر فارسا على طرازها، يصنع على عينها؛ ليقيلها من هذه العثرة الكآداء ، وهي غير قادرة على استيعاب اية شخصية غير مرغوب فيها ، حتى وان لم تكن اسلامية ؛ لان قبول النتيجة الانتخابية مشروطة لدى الجانب الاسرائيلي ببدء تنفيذ استحقاقات امنية مفروضة على السلطة اصلا وهذا ما بدا من تصريحات سريعة فور فوز ابي مازن من قبل الادارتين الامريكية والصهيونية

ثالثا- قائمة المرشحين : على الرغم من ان الدعاية الانتخابية لكثير من المرشحين قد انطلقت من المصلحة الوطنية والتاريخ النضالي الا ان مقومات التدخل العالمي قد فرضت مساحات واسعة لبعض المرشحين دون غيرهم ، وبدا السيد ابو مازن يتصرف كرئيس منتخب قبل ان تبدأ الانتخابات ؛ لان الدولة الفلسطينية المحفوفة اصلا بافق الاحتلال هي عهالة على هذا الغم السياسي ومن هنا فان قدرة اي مرشح دون دعم دولي ستبقى محدودة وهذا ما حاولت اسرائيل اثباته من خلال التضيق على البعض والتسهيل للاخرين؛ ولا ادل على ذلك من الاعتقالات المتكررة لبعض المرشحين ومنعهم من الحركة

. اما النسبة التي حصل عليها مرشح الرئاسة الاوفر حظا \" ابو مازن \" 66 في المئة ، فهي ايضا نسبة منطقية ، لا لان الرجل صاحب شعبية واسعة في رقعة المد الفلسطيني ؛ بل لان مقومات واسس العملية الانتخابية المفروضة فرضا على شعب محتل لن تسمح باقل من هذه النسبة ، وحتى النسبة المتبقية ال35 في المئة، فهي - أيضا- لا تدلل على حجم المعارضة؛ لان المعارضة اصلا لم تقم بدعاية تحريضية لمقاطعة الانتخابات ، بل اكتفت باعلان موقف سياسي ؛ فاستطلاعات الراي تشير مثلا الى مشاركة 9 في المئة من انصار حماس في هذه الانتخابات ، ولا اود الحديث هنا عن حجم الخروقات التي تحدثت عنها لجنة المراقبة والتي تحث عنها الناس في كافة مواقع الاقتراع ؛ لان عنصر الهيمنة والفرض من قبل الجهة المسؤولة تكفي للتدليل على كل محتمل

رابعا- المقاومة الفلسطينية : على الرغم من المجتمع الدولي وخصوصا امريكا واسرائيل وجزء كبير من اوروبا يراهن على دور فعال لمرشح الرئاسة الجديد لحسم او انهاء ثورة الصواريخ والاجساد المتفجرة ، وخصوصا بعد حصول ابي مازن على نسبة مخولة له في دور هو يريده ويبحث عن مقومات تطبيقه - فقد صرح اكثر من مرة بذلك ، واصفا المقاومة بانها غير مجدية .. الخ

، الا ان طبيعة الواقع الفلسطيني قد لا تسمح بهذا المدى المنتظر ؛ ذلك ان الانتفاضة غير مرتبطة اصلا بهذا الشكل السياسي المفترض بل مرتبطة بعمق القضية اي بوجود الاحتلال ؛ فما دام الاحتلال قائما فان مبرارات العمل الجهادي ستبقى قائمة ، هذا ما صرحت به قوى فاعلة لها حجمها وسلاحها في الشارع وستبقى مهمة الرئيس صعبة اذا ما قرر ان يسير في فلك الصهيونية ، محاولا كسر شوكة النتفاضة لان عام 2005 ليس هو عام 1993، فمرحلة التامل السلمي قد نسخت من اذهان الشعب وبقيت فقاعات يقامر بها المنهزمون لتحقيق مكاسب مادية في لعبة المتاجرات السياسية

ومن هنا فان التغيرات الجذرية التي يحلم بها الواهمون لن تحصل ولن تنزل تلك العصى السحرية لتفرق البحر عن صخرة صلبة لتشكيل رؤية سياسية ناصعة البياض ، بل ستتسع الفجوة بين فريقين فريق تعززت لديه فكرة الجهاد والمقاومة وفريق تاصل على النهزام والتنازل وستبدأ مرحلة من السباق المارتوني الطويل الرابح فيها الاكثر ثباتا على المبدأ والعقيدة

الكاتب: رمضان عمر
التاريخ: 28/12/2006