أَلإعْلام بِوَاجب نَصْرِ الإسْلام ..

 

أَلإعْلام
بِوَاجب نَصْرِ الإسْلام
  
 
تأليف
عبد العزيز بن محمّد
 
   إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره.ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيّئات أعمالنا.من يهده الله فلا مُضلَّ له،ومن يُضلل فلا هادي له.وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.
 
   أما بعد.
 
   فإنّ الكفّارَ أعداءَ الله ـ لعنهم الله ـ مِن سائر الملل الفاسدة المفسدة قد تواصوا فيما بينهم على حرب دين الإسلام أعزّه الله تعالى.وقد خسأ الكفّار وذلّوا،فهم إنّما يحاربون دين اللهِ القويِّ العزيزِ الذي أخبر بنصر دينه وإظهاره على الدين كلّه.
 
   قال الله عزّ وجلّ(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كَرِه المشركون)[ألتوبة:33].وقال تعالى(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه وكفى بالله شهيداً)[ألفتح:28].
 
   وهذه العداوة التي تمالأ عليها أهل الكفر قد أخبر الله تعالى بها أهل الإسلام وفضح سوء صنيع الكفّار ـ لعنهم الله ـ في الصدّ عن سبيل الله ومحاربة الدين وأهله فقال الله تعالى(إنّ الكافرين كانوا لكم عدوّاً مبيناً)[ألنساء:101].
 
   وقال تعالى(ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملّتهم قل إنّ هدى الله هو الهدى ولئن اتّبعت أهواءهم بعد الذي جاءك مِن العلم ما لك مِن الله مِن وليٍّ ولا نصير)[ألبقرة:120].
 
   وقال تعالى(ما يَوَدّ الذين كفروا مِن أهل الكتاب ولا المشركين أن يُنَزَّل عليكم مِن خيرٍ مِن ربّكم والله يختصّ برحمته مَن يشاء والله ذو الفضل العظيم)[ألبقرة:105].
 
   وقال الله عزّ وجلّ(ودّت طائفةٌ مِن أهل الكتاب لو يُضلّونكم وما يُضلّون إلا أنفسهم وما يشعرون)[آل عمران:69].
 
   وقال تعالى(ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تَضلّوا السبيل والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليّاً وكفى بالله نصيراً)[ألنساء:44ـ45].  
 
   وقال تعالى(يا أيّها الذين آمنوا لا تتخذوا بِطانةً مِن دونكم لا يألونكم خَبالاً ودّوا ما عنتّم قد بدتِ البغضاء مِن أفواههم وما تُخفي صدورهم أكبر قد بيّنّا لكم الآيات إن كنتم تعقلون)[آل عمران:118].
 
   ومعنى(لا يألونكم خَبالاً)أي أنّهم لا يقصّرون فيما يضرّكم.ويسعون في إلحاقه بكم بكلّ ما يمكنهم.
 
   وقال تعالى(ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردّوكم عن دينكم إنِ استطاعوا ومَن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافرٌ فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون)[ألبقرة:217].
   وقال الله عزّ وجلّ(والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت)[ألنساء:76].فهم يقاتلون المؤمنين لأجل الطاغوت.
 
   وقال تعالى(إنّ الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدّوا عن سبيل الله فسينفقونها ثمّ تكون عليهم حسرةً ثمّ يُغلبون والذين كفروا إلى جهنّم يُحشرون)[ألأنفال:36].
 
   وقال تعالى(يريدون أن يُطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يُتِمَّ نوره ولو كره الكافرون هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحقّ ليُظهره على الدين كلّه ولو كرِه المشركون)[ألتوبة:32ـ33].
   فهذه الآيات العظيمة تبيّن شدّة عداوة الكفّار لدين الإسلام ولأهله.
 
فَصْل
   أيّها المسلم.ماذا عملت لنَصر الدين؟ وماذا قدّمت لمواجهة أهل الكفر وهم يحاربون الإسلام؟ فإنّ واجبك أن تأخذ مكانك في الصفّ المحارب للكفّار.
 
   لقد ثبت عن النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلّم أنّه قال(جاهِدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)صحيح الجامع.
 
   فهذا أمرٌ من النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلّم بجهاد الكفّار.وقد ذكر النبيّ عليه الصلاة والسلام ثلاث مراتب لجهادهم وهي:الجهاد بالمال.والجهاد بالنفس.والجهاد باللسان.وهي متضمّنة للجهاد بالقلب  بلا شك.
 
   فأمّا مرتبة الجهاد بالمال فإنّ عليك أيّها المسلم أن تنفق مالك في جهاد الكفّار.وأن تبذله في دعم الجهاد.لأنّه من الجهاد الذي أمرك الله تعالى به.فهو جهاد عظيم المنزلة،كثير الثواب.
 
   ولْنذكر بمشيئة الله تعالى بعض النصوص التي تأمر بالجهاد بالمال وتبيّن فضائله.
 
   قال الله تعالى(إنّما المؤمنون الذين آمَنوا بالله ورسوله ثمّ لم يرتابوا وجاهَدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)[ألحجرات:15].
 
   وقال تعالى(إنفروا خِفافاً وثِقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في   سبيل الله ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون)[ألتوبة:41].
 
   وقال الله عزّ وجلّ(يا أيّها الذين آمنوا هل أدُلُّكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابٍ أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون يغفرْ لكم ذنوبكم ويُدخلكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار ومساكنَ طيّبةً في جنّات عَدْنٍ ذلك الفوز العظيم وأخرى تُحبّونها نصْرٌ من الله وفتحٌ قريب وبشّر المؤمنين)[ألصف:10ـ13].
 
   وقال تعالى (أجعلتم سِقاية الحاجِّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند اللهِ واللهُ        لا يهدي القوم الظالمين الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجةً عند الله وأولئك هم الفائزون يبشّرهم ربهم برحمةٍ منه ورضوانٍ وجنّاتٍ لهم فيها نعيمٌ مقيم خالدين فيها أبداً إن الله عنده أجرٌ عظيم)[التوبة :19-22].
 
   وقال الله تعالى(لكنِ الرسولُ والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون أعدّ الله لهم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم)[التوبة: 88- 89].
 
   وقال تعالى(إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون وعداً عليه حقّاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومَن أوفى بعهده من الله فاستبشروا بِبَيعكمُ الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)[ألتوبة:111].
 
   وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال(أتى رجلٌ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:أي الناس أفضل؟ قال:مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله. قال ثم مَن؟ قال:مؤمن في شِعْبٍ من الشِعاب يعبد الله ويدع الناس من شرّه)متفق عليه.
 
   وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم(مَن جهّز غازياً في سبيل الله فقد غزا.ومَن خلَفَه في أهله بخيرٍ فقد غزا)متفق عليه.
 
   وعن أبي مسعودٍ الأنصاريِّ رضي الله عنه قال:جاء رجلٌ بناقةٍ مَخْطُومة فقال:هذه في سبيل الله.فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقةٍ كلّها مَخْطُومة)رواه مسلم.
 
   وقد حثّ الله تعالى عباده في غير موضعٍ من كتابه على الإنفاق في سبيله وبيّن الثواب الجزيل الذي وعد به المنفقين.
 
   قال تعالى(من ذا الذي يُقرِض الله قرضاً حسناً فيُضاعفَه له أضعافاً كثيرة والله يَقبِض ويبسُط وإليه تُرجعون)[ألبقرة:245].
 
   وقال تعالى(مَثَلُ الذين يُنفقون أموالهم في سبيل الله كمَثَلِ حبّةٍ أنبتتْ سبعَ سنابلَ في كلِّ سنبلةٍ مائةُ حبّةٍ والله يُضاعِف لِمَن يشاء والله واسعٌ عليم الذين يُنفقون أموالهم في سبيل الله ثمّ لا يُتْبِعون ما أنفقوا منّاً   ولا أذىً لهم أجرهم عند ربّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون)[ألبقرة:261ـ262].
 
   وقال تعالى(وما تُنفقوا من خيرٍ فلأنفسكم وما تُنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تُنفقوا من خيرٍ يُوَفَّ إليكم وأنتم لا تُظلمون)[ألبقرة:272].
 
   وقال تعالى(وسارعوا إلى مغفرةٍ من ربّكم وجنّةٍ عَرْضُها السماوات والأرض أُعدّت للمتّقين الذين ينفقون في السرّاء والضرّاء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحبّ المحسنين والذين إذا فعلوا فاحشةً أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومَن يغفر الذنوب     إلا الله ولم يُصرّوا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرةٌ من ربّهم وجنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونِعْمَ أجر العاملين)[آل عمران:133ـ136].
 
   وقال تعالى(وما أنفقتم من شيءٍ فهو يُخْلفُه وهو خير الرازقين)[سبأ:39].
 
   وقال جلّ وعلا(آمِنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلَفين فيه فالذين آمنوا منكم وأنفقوا لهم أجرٌ كبير)[الحديد: 7].
 
   وقال تعالى(الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانيةً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)[البقرة: 274].
 
   وقال الله تبارك وتعالى(إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سراً وعلانيةً يرجون تجارةً لن تبور لِيُوَفِّيَهم أُجورهم ويزيدَهم من فضله إنه غفورٌ شكور)[فاطر:29-30].
 
   وفي هذا الباب من سنّة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أيضاً نصوص كثيرة تبيّن فضل الإنفاق في سبيل الله تعالى.
 
   فقد قال النبيّ عليه الصلاة والسلام(ما تصدّق أحدٌ بصدقةٍ مِن طيّبٍ ولا يقبل الله إلا الطيّب إلا أخذها الرحمن بيمينه وإن كانت تمرةً فتربو في كفِّ الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يُرَبِّي أحدكم فَلُوَّه أو فَصِيله)متفق عليه.
 
   وعن مطرف عن أبيه قال:أتيتُ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وهو يقرأ   (ألهاكم التكاثر) قال:يقول ابن آدم مالي مالي.قال:وهل لك يا ابن آدم من     مالك إلا ما أكلت فأفنَيتَ أو لبِست فأبْليتَ أو تصدّقت فأمضَيت)رواه مسلم.ومعنى(فأمضيت):أمضيته وأبقيته لنفسك يوم الجزاء (شرح جامع الترمذي).
 
  وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم(أيّكم مال وارثه أحبُّ إليه من ماله؟ قالوا:يا رسول الله ما منّا أحدٌ إلا ماله أحبُّ إليه.قال:فإنّ ماله ما قدّم،ومال وارثه ما أخّر)رواه البخاري.
 
   وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: جاء رجلٌ إلى النبيّ  صلّى الله عليه وسلّم فقال:يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال  (أن تصَدّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تُمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلانٍ كذا ولفلانٍ كذا وقد كان لفلان)متفق عليه.
 
   وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم(ما مِن يومٍ يصبح العباد فيه إلا مَلَكانِ ينزلان فيقول أحدهما:اللهمّ أعطِ مُنفقاً خَلَفاً.ويقول الآخر:اللهمّ أعطِ مُمسكاً تَلَفاً)متفق عليه.
 
   وقال النبيّ عليه الصلاة والسلام(إتّقوا النار ولو بشِقِّ تمرة)ألحديث متفق عليه.
 
   وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث:صدقةٍ جارية.أو علمٍ يُنتفع به.أو ولدٍ صالحٍ يدعو له)رواه مسلم.
 
   وعن أبي ذر رضي الله عنه قال:كنت أمشي مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في حرةٍ بالمدينة فاستقبلنا أُحُد فقال( يا أبا ذر.قلت: لبيك يا رسول الله.فقال:ما يسرّني أن عندي مثل أُحُد هذا ذهباً تمضي عليَّ ثلاثة أيام وعندي منه دينار إلا شيء أرصده لدَين إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا ـ عن يمينه وعن شماله ومن خلفه ـ ثم سار فقال:إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة إلا من قال بالمال هكذا وهكذا وهكذا ـ عن يمينه وعن شماله ومن خلفه ـ وقليل ما هم)ألحديث متفق عليه.
 
   وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال(قال الله تعالى: أنفق يا ابن آدم يُنفق عليك)متفق عليه.
 
   وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله تعالى عليه وسلّم قال      (ما نقصت صدقةٌ من مال.وما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزّاً.وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عزّ وجلّ)رواه مسلم.
  
 
   فعليك أيّها المسلم واجبٌ عظيم وهو الجهاد بمالك الذي أنعم الله به عليك،وجعلك مستخلَفاً فيه.فاتّقِّ الله في هذا المال.ولا تبخل به أن تنفقه في دعم الجهاد.بل أنفق ما تستطيعه.وإذا كنت عاجزاً عن الكثير فأنفق ما تستطيع وإن كان قليلاً لأنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يقول(إتّقوا النار ولو بشِقِّ تمرة)ألحديث متفق عليه.
 
   وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم(أفضل الصدقة جهد المُقلّ)ألحديث صحيح الجامع.
 
   وداوم على الجهاد بالمال،وقدّم مالك لدعمه بشكل مستمر.وسارع إلى هذا العمل العظيم.وسابق فيه ولا تتردد.
فَصْل
 
   وأمّا جهاد الكفّار بالنفس فقد أمر الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم به. وبيّن الكتاب والسنّة فضائله العظيمة وثوابه الكثير.
 
   فقد قال الله تعالى(إنفروا خِفافاً وثِقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون)[ألتوبة:41].
 
   وقال تعالى(قاتِلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يَدينون دين الحقّ من الذين أوتوا الكتاب حتّى يُعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون)[ألتوبة:29].
 
   وقال جلّ وعلا(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إنّ الله لا يحبُّ المعتدين واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشدُّ من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتّى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين فإن انتَهَوا فإنّ الله غفورٌ رحيم وقاتلوهم حتّى لا تكونَ فتنةٌ ويكونَ الدين لله فإن انتَهَوا فلا عُدوان إلا على الظالمين الشهرُ الحرام بالشهرِ الحرام والحُرُمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتّقوا الله واعلموا أنّ الله مع المتّقين)[ألبقرة:190ـ194].
 
   وقال جلّ وعلا(وقاتلوا المشركين كافّةً كما يقاتلونكم كافّةً واعلموا أنّ الله مع المتّقين)[ألتوبة:36].
 
   وقال الله تعالى(وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أنّ الله سميعٌ عليم)[ألبقرة:244].
 
   وقال تعالى(يا أيّها الذين آمنوا هل أدُلُّكم على تجارةٍ تنجيكم من عذابٍ أليم تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون يغفرْ لكم ذنوبكم ويُدخلكم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهار ومساكنَ طيّبةً في جنّات عَدْنٍ ذلك الفوز العظيم وأخرى تُحبّونها نصْرٌ من الله وفتحٌ قريب وبشّرِ المؤمنين)[ألصف:10ـ13].
 
   وقال الله عزّ وجلّ(إنّما المؤمنون الذين آمَنوا بالله ورسوله ثمّ لم يرتابوا وجاهَدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)[ألحجرات:15].
 
   وقال الله تعالى(أجعلتم سِقاية الحاجِّ وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند اللهِ واللهُ        لا يهدي القوم الظالمين الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظمُ درجةً عند الله وأولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمةٍ منه ورضوانٍ وجناتٍ لهم فيها نعيمٌ مقيم خالدين فيها أبداً إن الله عنده أجر عظيم)[التوبة :19-22].
 
   وقال تعالى(إنّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتلون وعداً عليه حقّاً في التوراة والإنجيل والقرآن ومَن أوفى بعهده من الله فاستبشروا بِبَيعكمُ الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم)[ألتوبة:111].
 
   ومِن النصوص التي جاءت في السنّة: قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم(أُمرت أن أقاتل الناس حتّى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنّ محمّداً رسول الله ويُقيموا الصلاة ويُؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلا بحقِّ الإسلام وحسابهم على الله)متفق عليه.
 
   وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال:سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:أيُّ العمل أفضل؟قال:إيمانٌ بالله وجهادٌ في سبيله)ألحديث متفق عليه. 
 
   وقال النبيّ عليه الصلاة والسلام لمعاذٍ رضي الله عنه:(ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه)قلت:بلى يا رسول الله.قال(رأس الأمر الإسلام،وعموده الصلاة،وذروة سنامه الجهاد)جزءٌ من حديث أورده النووي في رياض الصالحين رقم1530 بتحقيق الشيخ الألباني وعزاه النووي للترمذي.
 
   وعن عائشة رضي الله عنها قالت:قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم  (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهادٌ ونيّة،وإذا استُنفرتم فانفروا)متفق عليه.
 
   وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم(تكفّل الله لِمَن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق بكلماته أن يدخله الجنّة أو يردّه إلى مسكنه بما نال من أجرٍ أو غنيمة)متفق عليه.
 
   وقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم(مَن قاتل في سبيل الله مِن رجل مسلم فُواقَ ناقةٍ وجبتْ له الجنّة.ومَن جُرح جُرحاً في سبيل الله أو نَكِب نَكبةً فإنّها تجيء يوم القيامة كأغزر ما كانت،لونها الزعفران،وريحها كالمسك)رياض الصالحين بتحقيق الشيخ الألباني 1304 وعزاه النووي لأبي داود والترمذي وقال الترمذي حديث حسن.
 
   ومعنى(فُواقَ ناقة):ما بين الحَلْبتين من الراحة،وهو كناية عن قليل الجهاد.(هامش رياض الصالحين للألباني ص426).
 
   وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال(أتى رجلٌ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم فقال:أي الناس أفضل؟ قال:مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله قال ثم مَن؟ قال:مؤمن في شِعْبٍ من الشِعاب يعبد الله ويدع الناس من شرّه).متفق عليه.
 
   وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال(رِباط يومٍ في سبيل الله خيرٌ من الدنيا وما عليها.وموضع سَوطِ أحدكم من الجنّة خيرٌ من الدنيا وما عليها.والرَّوحة يروحها العبد في سبيل الله تعالى أو الغدوة خيرٌ من الدنيا وما عليها)متفق عليه.
 
   وعن سلمانٍ رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول(رِباط يومٍ وليلة خيرٌ من صيام شهرٍ وقيامه.وإن مات فيه أُجريَ عليه عمله الذي كان يعمل،وأُجري عليه رزقه،وأمِن الفتّان)رواه مسلم.
 
   وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم(..إنّ في الجنّة مائة درجة أعدّها الله للمجاهدين في سبيل الله.ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض)رواه البخاري.
 
   وعن أبي بكر بن أبي موسى الأشعريّ قال: سمعت أبِي رضي الله عنه وهو بحضرة العدوّ يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم(إنّ أبواب الجنّة تحت ظِلال السيوف)فقام رجلٌ رثُّ الهيئة فقال:يا أبا موسى أأنت سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول هذا؟ قال:نعم.فرجع إلى أصحابه فقال:أقرأ عليكم السلام،ثمّ كسر جَفْن سيفه فألقاه،ثمّ مشى بسيفه إلى العدوّ فضَرب به حتّى قُتل. ـ رواه مسلم ـ.
   وعن عبد الرحمن بن جبير رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم(ما اغبرّت قدما عبدٍ في سبيل الله فتمسّه النار)رواه البخاريّ.
 
   ـ وأمّا الجهاد باللسان الذي أمر به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في قوله(جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم) ففضله عظيم،وشأنه مهم.ويكون بكلّ ما فيه نكايةٌ بالكفّار،ونصرٌ للإسلام والمسلمين.
  
 
فَصْل
   أيّها المسلم.إنّ الأمر جدٌّ وليس بالهزل.فنصرُ الإسلام واجبٌ عظيم أمر الله تعالى به عباده.وأنت ترى ملل الكفر الخاسئة وقد تحزّبت لعداوة الدين وأهله.فجهادهم فرض عينٍ على المسلم.كما قال       شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
 
   (فأمّا إذا أراد العدوُّ الهجوم على المسلمين فإنّه يصير دفعه واجباً على المقصودين كلِّهم،وعلى غير المقصودين لإعانتهم)[مجموع الفتاوى 28/198].
 
   وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أيضاً:
 
   (وأمّا قتال الدفع فهو أشدُّ أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجبٌ إجماعاً.فالعدوّ الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب  بعد الإيمان من دفعه.فلا يُشترط له شرط،بل يُدفع بحسب الإمكان.وقد نصّ على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم.فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر وبين طلبه في بلاده)[الفتاوى الكبرى 4/608].
 
   وقال شيخ الإسلام أيضاً:(وإذا دخل العدوُّ بلاد الإسلام فلا ريب أنّه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب،إذ بلاد الإسلام كلّها بمنزلة البلدة الواحدة.وأنّه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم.ونصوص أحمد صريحة بهذا،وهو خير ممّا في المختصرات)[الفتاوى الكبرى 4/609].
 
   وقال شيخ الإسلام:(وسـواءً كان الرجل من المرتزقة للقتال أو لم يكن.وهذا يجب بحسب الإمكان على كلِّ أحد بنفسـه وماله.مع القِلّة والكثرة.والمشــي والركوب.كما كان المسـلمون لما قصدهم العدوُّ عام الخندق لم يأذن الله في تركه لأ
الكاتب: عبد العزيز بن محمّد
التاريخ: 28/12/2006