الكفر الممنهج

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .أما بعد :

فمنذ فترة ليست بالقصيرة سقط رداء النفاق عن الإعلام العربي الإسلامي وجاء يركض بنواقض الإسلام يقدمها بقوالبه البراقة لهذه الأمة ... وكنت أظن في وقت مضى أن صور الردة المتناثرة على رقعة الإعلام هي من قبيل الأخطاء الشخصية والغلطات الفردية ..هذا ما كنت أظنه قبل ...ولما عكفت لفترة من الزمان على متابعة غثاء الإعلام وبالأخص البرامج الجادة والهادفة -في مقاييس الإعلام ذاته - هالني ما علمت وأفجعني ما قرأت وسمعت ورأيت ..وجدت كفرا بواحا وضلالا بعيدا يراد بهذه الأمة ..ورأيت شياطين الإنس تجوب في عقول المسلمين طليقة لا يردعها قانون ولا يمنعها أدب أو حياء ..ولأن سرد الشواهد. والأمثلة يطول فألخص مشاهداتي في أصلين يحوم حولها الإعلام الفاجر لتحقيق غرض واحد وهو سلب الأمة دينها وتحويلها إلي راكب ذليل في درجة دنيئة في مؤخرة قطار العولمة الفخم المهيب ..

أما الأصل الأول فهو تبديل المعايير التي يقاس بها الحق والباطل سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة أو غير ذلك لتحل المعايير المنسجمة مع الثقافة الغربية محل الكتاب والسنة والإجماع ..فانتشرت معايير القوانين الدولية وحرية الإبداع الفني ..وصارت المسلمات المحاكم إليها هي مسلمات الغرب من حقوق الإنسان - بمقاييسهم الخاصة - وحرية المعتقد والشرعية الدولية والذوق العام ...ومئات المعايير الجديدة في مختلف التخصصات ومن شأن هذه المعايير أن تقلب الحق باطلا والباطل حق ذاتيا بمجرد التسليم بها ..

وقد أتقن الإعلام الترويج لهذه المعايير و تسويقها حتي اخترقت أوساطا منتسبة للمشروع الإصلاحي الإسلامي ..وصارت جزءا من مفهوم الثقافة العالية والخطاب الحضاري والطرح التقدمي رغم عنا وبغير رغبة منا .. أما الأصل الثاني فكان في تبديل مفردات الخطاب الثقافي العربي بإحلال المفردات ذات الدلالة المنسجمة مع العلمانية التنويرية محل المفردات الإسلامية البالية - حسب مزاعمهم الباطلة - وهذا التغيير في المفردات العريقة النسب بالعلمانية تنزلق إلي مسامعنا محملة بكل المعاني الباطلة دون أن تؤذينا أو تسبب الحرج للمتفوهين بها وذلك لسبب بسيط جدا وهو كونها مفردات مرنة مرونة الزئبق يستطيع أيا كان أن يفسرها بمحض الحق و محض الباطل في آن واحد ..فهي مغلفة وغير صادمة ..على الأقل بالنسبة للجماهير من عامة المسلمين ..وأمثلة هذا الأصل كثيرة جدا بكثرة هذيان الإعلام لبل نهار ..

خذ مثلا مفردة ( الآخر ) عندما يشار بها لغير المسلم وتأمل كيف استطاعت هذه المفردة أن تنزع كل الحواجز العقدية وأن تمحو كل الفوارق الحقيقة والحكمية بمجرد نطقها ؟! .. والتعايش مع ( الآخر) انظر كيف صار تولي الكفار ( تعايشا ) كأي تصرف نزيه برئ ؟! ..

وانظر كيف تركبت من هاتين المفردتين عقيدة بديلة لعقيدة البراءة من الكفار ؟! ولاحظ ما في هذين اللفظين من نعومة ومرونة وسلاسة ؟! .. وعلى ذلك فقس !! ثم اعلم أن إعمال هذين الأصلين جزء من سياسة عامة ومقصودة وليست مواهب فردية لمذيع ليبرالي أو كاتب علماني أو محاور عالي الثقافة في مجاله ... ولذا أصبحت لا أشك لحظة أن هذه الوسائل تمارس الكفر الممنهج ..ولعلها أحرزت أهدافا وحصدت نجاحا ونحن في سبات عميق نهنأ بأحلامنا ! .. 


الكاتب: حسين الخالدي
التاريخ: 06/11/2010