أَمّا واللهِ لا يوُفيهِ شِعْـرُ
ولاوزنٌ يَجىءُ عليهِ بحْـرُ
جمالٌ مُشْرقٌ شمْسٌ تمـُرُّ
وياقوتٌ ، ومرجانٌ ، ودُرُّ
يشُعُّ من المحاسِنِ والجَمالِ
بنورٍ مِثلِ أقمـارِ الليالي
جمالٌ فوقَ أحْلامِ الخيالِ
وأنوارٌ ، وإِبْهارٌ ، وسِحرُ
يقولُ البدرُ ويْحكَ يا حَسِينُ
حجبْتَ البدرَ أسْطعَ مايكونُ
فطلعةُ وجْهكِ النورُ المبيــنُ
ونوُري إنْ طلعـتَ سَيسْتَسِرُّ
عيونٌ لايُحيطُ بهنِّ وصْفُ
فمهْما قلتُ ، تقصيرٌ وحرْفُ
برمشٍ ساحِرٍ ، ويكادُ يغفُو
إذا شئتَ الجنونَ فأنتَ حرُّ !
ولونُ الخـدِّ أَزْهارٌ وورْدُ
وثغْرٌ ثائـرٌ ، وعليهِ شهـْدُ
وصوتٌ ناعمٌ ، لحنُّ ويشْدو
كأنَّ نشيدَهُ في السَّمعِ خمرُ
وشَعْرٌ كالدُّجَى والعطرُ فيهِ
يُعطِّـرُ بالنَّسائـمِ مَـنْ يليهِ
وتكْشِفُـهُ فيغْمـِرُها بتيهِ
فما بِكَ عنْ بلوغِ السُّكرِ صبرُ
وجيدٌ كالغَزالِ علاَ بقُرْطِ
وأنفٌ بالجَمالِ كرسْمِ خطِّ
وصدرٌ كاعبٌ من غيرِ ربْطِ
كرُمَّانٍ على صدرٍ يقِـرُّ
وقَدُّ مثلُ أغصـانِ تميلُ
نسيقٌ شكلُهُ عرضٌ وطولُ
وبطنٌ ضامرٌ حُلوٌ جميلُ
وأجملُ ما تَرى في البطْنِ سِرُّ
وأسفلُهُ جنـونُ العاشقيناَ
فهُـمْ من أجْلِهِ مُتَعذِّبـوُنا
نقَاربـُهُ ولسْنا مفْصِحِينا
ففيـهِ الشِّعـرُ إخفاءٌ وسِترُ
وأفخـاذٌ كبلَِّّـورٍ تلالا
وسيقـانٌ تشاكلُهـا مِثـَالا
بأقدامٍ تكمِّلُهـا جمَـَالا
وذاكَ لعَمْريَ الحسْنُ الأغـرُّ
فهذا وصْفُ حوراءَ الجنانِ
وليسَ وإنْ جهِدتُ بهِ يداني
قصيدةَ مَنْ لهُ بحرُ البيانِ
وصَـرْحٌ للبـلاغةِ مُشْمَخرُّ*
فشِّمرْ يا كسولُ إلى السُّعودِ
إلى الجنات بالخُلْد الرَّغيدِ
ولازمْ طاعةَ البَـرِّ الودُودِ
وإلاَّ فالجحيـمُ هيَ المقَـرُّ
حامد بن عبدالله العلي
ــــــ
* هو الإمام ابن القيم في وصفه للحور العين في نونيته ، فالسائل طلب قصيدة على غرار إمام البلاغة ، وماكان لي أن أقاربه في وصفه أو أدانيه