جاءت تميل بقدِّها كالبـان ** فَسَرَتْ بقلبي نشــوةُ النشـوانِ
وبدتْ فغاب البدرُ في أحزانه ** ومضى كأنّ البدر فـي نسيانِ
تستأسر اللبَّ الحليم بلحظها ** إذْ لاتزال مريضــة الأجفـانِ
تهفوا القلوب لها بأدنى نظرة ** كالسّحر تُسرق عنــده العينانِ
حيث البريق يزيد حسنَ جبينها ** والثغــر أحمر أجمـلَ الألوانِ
رقّ الحشا والجيدُ فوق ترائبٍ ** بيـضٍ، وثار بصدرها النهدانِ
والضّحْك في غُنـْجٍ كأنَّ سماعه ** أصوات عزْف من شذا الألحانِ
أوَ ما ترانـي أنّني أحببتهــا ** حبّا أذبت بنــاره سلوانــي
خضع الجمال لها كأنّ جمالهـا ** نبعُ الجمــال بسحـره الفتّانِ
قال الجمال لهـا هلُمّي واعتلي** تاج الجمـال بدرَّة العِقْيــانِ
قالت فلا، والتاج فوق روؤسهم ** أعني الرجال صواعق النيرانِ
يبنون في بغداد ذروةَ مجدهم ** بجهاد أهل الرفض والصلبــانِ
صنعوا المفاخر بالعراق بدائعا ** تكسو العراق لآلىء التيـجانِ
أمّا صنائعهم فهـنّ بمنـزلٍ ** تنحطّ عنه منــازلُ الإنسـانِ
ومن الكرامة هـنّ في عليائها ** ومن الفخامة هـنّ كالأركـانِ
فتبوَّءوا صرح الجهاد برفْعةٍ ** وبنوْا صروح العزّ في الأوطــانِ
هذا العـُـلا أمّا العراق فأصلُه ** أصـلٌ عريقٌ ثابت بمكــانِ
ووصيّتي للمخلصين أقولــها ** فلتحذروا من خدعة الشيطـانِ
إنّ الخلاف على مكاسب نصرنا **يزري بنظم مكاسـب الإخوانِ
قد كان في الأفغان سابق عهدهم ** فهوى بصرح النّصر بالأفغانِ
متخالفين بـه وهـم أبناؤُه ** ومــن البلاء تخالفُ الأعوانِ
وتفرّقوا شذَرَا كأنْ لم يعلموا ** أنّ التفرقَ هــادمُ البنيــانِ
لاتُنشئوا بالأرض دولة فرقة ** تُلقي عليكــم سوءة الشنآنِ
فالدولة المثلى تـوّفق بينكم ** وتزيدكـم من قوة الفرقــانِ
لادولةٌ في الدّين إلاّ بيعــةٌ ** سلطانها يعلــو على البلدانِ
بالحل والعقد الذين مقامهم ** وعلومهم تعلوا على الأقــرانِ
لاتُشغلوا أرض الجهاد بفتنة ** متسارعين الحكـم بالكفــرانِ
أو قاصدين القتل غير مرشَّد ** بدلائــل الآثار و القـرآنِ
فدماء أهل الدين ساوت حرمة ** بيت العظيم ببلدة الإيمــانِ
إني لأرجو في العراق تكاتفا ** إنّ التضامــن بعده النصـرانِ
نصر يطهّر أرضنا من غزوها ** ثانٍ يعيد شريعـةَ الإحســانِ
هذي صنائعكم تريد كمالها ** وتئــنَّ خائفة من النقصــانِ
ماذا يثبّطكم بها أن تنهضوا ** نحو الكمـال كثورة البركــانِ
قوموا لها إنّ الجهاد يقودها ** فالعزّ فيه على مدى الأزمـــانِ
حامد بن عبدالله العلي