الصهاينة والمبادرة العربية !!

 

الصهاينة والمبادرة العربية !!
 
حامد بن عبدالله العلي
 
"أسست تل أبيب في العام 1909 وفي العام 2009 ستصبح أنقاضا.. أنـَّه قبل مائة عام أقاموا أولى المدن العبرية ، وبعد مائة عام من العزلة قضي أمرها".الصحافي يونتان شيم صحيفة معاريف
 
"كل إسرائيلي يُولَد وفي داخله السكين الذي سيذبحه".. الشاعر الإسرائيلي حاييم جوري
 
"لقد قلت لكم مجرد نصف ما أخشاه ، النصف الثانى أن الوقت قد فات بالفعل". الكاتب الإسرائيلي عاموس أيلون
 
 
إذا تمثلنا بالمثل القائـل إنَّ البلاء موكـلٌ بالمنطـق ، فإنَّ أكثر ما يتنزل عليه هذا المثل العجيب ، هو نهاية الكيان الصهيوني ، ذلك أنـَّه ليس ثمة مقولات ، تتردد على ألسنتهم منذ انطلاق الإنتفاضة الأولى ، كتلك التي صدَّرنا بهـا هذا المقال.$$$
 
تعالوا نتأمَّل معاً كيف عاد كلُّ كيد ِاليهود عليهم ، وأزفت نهايـة كيانهـم ، بإذن الله تعالى :
 
بدأت الإنتفاضة عام 2000م ، عندما دنَّست أقدام الصهاينة أرض المسجد الأقصى الطاهرة ، وانطلقـت مشتعلة بإذن ربها فأحرقت اليهود حرقا ، فأعطى شارون وعده أن ينهيها في مائة يوم ، وقد مضى على وعده سنوات ، وقد أكذبه الله ، وأخزاه ، ثم جعله عبرة لمن يعتبـر .
 
وخطط اليهود لمحاصرة المقاومة ، وتسليط زمرة عباس دايتون عليها ، فتسلَّطت هي عليه ، وطردته من غزة ، وأصبحت غزة تحت سلطة المقاومة بكاملها بحمد الله تعالى .
 
  وحاصر الصهاينة غــزَّة ، وجوَّعوا سكانها ، حتى مات الأبرياء جوعاً ، وهلك المرضى في المستشفيات ، وكان ذلك بهدف تركيع المقاومة ، وأنْ ينفضَّ الناس عنها إلى عصابة عباس دايتون ، فحصل العكس تماما ، وصمدت غزة صموداً بطوليـَّا ولازالت ، وانقلب على الصهاينة السحـر ، فافتضحوا في العالم ، وتبيَّن للناس أنهم وحوش ، بل الوحوش أرحـم منهم على فرائسها.
 
ووضع الصهاينة خطة لإنهاء المقاومة بإغتيال رموزها التي يسمونهم الصقور، وعلى رأسهم شيخ الجهاد الإسلامي أحمد ياسين رحمه الله ، وإبقاء الحمائم لإقناعهم بخداع السلام الزائف ، فردَّ الله تعالى كيدهم ، بأن ذهبت كلُّ رموز الصهاينة ، وأوَّلهـم شارون ، وهـذا دمه محاصرٌ داخل عروقه ، مــذْ حاصـر غزة ، وآخرهم أولمـرت الذي افتضـح بين العالمين فسقط سقوطا مهينا.
 
وقـد تساقوا واحدا تلو الآخر ، حتى إذا  لم يبق لهم إلاّ ( ليفني ) التي لم تجد من يلفُّهــا ، وجدت نفسها لاتجد من تلفُّـه للقيادة ، إلاّ حثالة بني صهيون وكلُّهم حثالة.
 
وأما من تبقى من رموز الجهاد الفلسطيني ، فتبيـَّن أنهم صقور من تلك الصقور ، وجاء الله من الأبطال ، والشجعان ، والأسود ، من أبقاهم الله تعالى غيظا على اليهـود .
 
وقد أرادوا بحصار غزة تدمير الإقتصاد فيها ، بهدف إبتزاز الشعـب الفلسطيني ليتنازل عن حقوقه ، فدمّـر الله تعالى اقتصاد الدولة التي تحضنهم ، وتمدهم بأسباب القوة كلَّها ، وهي أمريكا ،  حتـَّى إنَّ بعض الخبراء يقول : إنَّ إنهيارا إقتصاديـَّا هائلا سيكون عام 2012 م، سيكون هذا الإنهيار بالنسبة إلى ذاك كالمقدمـة فحسب !
 
وهم الذين دبـَّروا ، وحرضوا على إحتلال العراق ، وكان هدفهم مشروع الشرق الأوسط الكبير ، الذي حلمـوا أن تحوِّل فيه أمريكا المنطقة كلَّها ، إلى خريطة جديدة يكون الكيان الصهيوني جزءاً طبيعيَّا منها ، وبذلك يرتاحون وإلى الأبد من كلِّ تهديد عليهم ، فتدهور كلُّ المشروع الأمريكي ، وانهزم في العراق ،
 
 وأثناء ذلك ، ذاق الصهاينة أذلَّ الذل في حرب تموز 2006م ، ثـم انكشف الأمر كلُّه على تهديد أكبر على الكيان الصهيوني ، وهو التهديد الإيراني القادم من الشرق ، الباحث عن إمبراطورية تسدُّ الفراغ الذي أحدثه الأمريكان بحماقاتهم ، وغبائهم .
 
وهم الذين كادوا ، ومكروا ، ما يسمى ( الحرب الدولية على الإرهاب ) بهدف القضاء على ـ لا أقول الجهاد فحسب ـ بل ثقافــة الممانعة والمقاومة برمّتها ، واجتثاث كلّ ما يمت إليه بصلة في ثقافتنا ، فحصل العكس تماما ، حتى قالت تقارير غربية ، أنَّ ما يسمى الحرب على الإرهاب ، قـد أدَّت إلى مضاعفته في العالم ، وهم يقصدون بلاريب بما يسمونه (الإرهاب ) كلَّ فكرة إسلامية ، ترفض التبعيَّة للأجنبي ، وتدعو إلى إستقلال الأمَّـة ، ووحدتها ، وقوّتـها .
 
وأراد الصهاينة محوَ حتى آيات الجهاد في مناهجنا الدراسية ، تحت ستار الحملة الدولية على الإرهاب ، فانطلقت فضائيات تنشر ثقافة الجهاد ، وتبثُّهـا بين الناس ، وأمـَّا مواقـع الإنترنت ، فهي بغير عدِّ ، ولا حـدِّ .
 
والصهاينة أعـرفُ الناس بما أصابهـم من هذا كلـَّه ، وأنَّ الله تعالى أبطل كلَّ كيدهم ، وأعاده بالضدِّ عليهم ، وهي سنَّته بالكائدين عامّة ، وباليهود خاصّة .
 
 ولهذا السبب رضخوا أخيراً ، وجاءوا يشحذون طالبـين إعادة مناقشـة ما يُسمَّى المبادرة العربية ، وهي ليست مبادرة ، وإنـما وضع مهين مضيَّع لحقوق الأمَّـة أصلا ،  لعلهم يجدون في نظام إقليمي ـ كما صرح وزير خارجية البحرين ـ يجمعهم مع الدول العربية تحت ظلال هذه المبادرة الساقطة ، في حلف جديد  ، لعلهم يجدون فيها ما ينقـذهم ، بعد أن تراجعت ثقتهـم فـي أمريكا ، بأنها قـد لاتُصبح قادرة على تحمل أعباء مرحلة جديدة تحمل تحدّيات كبيرة ، لاسيما مع ما تعانيه من أزمات على رأسها الأزمة الإقتصادية ، ومع التغير السياسي الجذري فيها ، الذي سيُعقب سقوط كلَّ عصابة بوش الصهيونية المجرمة ، إلى مرحاض التاريخ ، وليس مزبلته .
 
ونحن نقول بكلَّ وضوح أن أيَّ وضـع سيكون الصهاينة جزءاً منـه ، لمواجهـة مطامع إيران ، سيؤدّي إلى الفشل الذريع ، وسيكون سبباً في ضخّ التأييد للمشروع الإيراني ، أو تمزيـق الأمـّة ، وهو من أخبث أهداف اليهود أيضـا.
 
وأنَّ اليقين الذي لايخالطـه ريـب ، أنَّ أي مواجهة للمشروع الإيراني الخطير ، لن تحصــد الحشد والتأييد المطلوب ، إلاَّ إذا كان القائمون عليـها ، يواجهون أيضا الأطماع الصهيونية ، ويرفضون التطبيع مع هذا الكيان ، ويعملون على سحـب البساط في هذه القضية من تحت أقدام المشروع الصفوي الذي يحتلّ العراق ، أو جزءاً منه ، ولايزال يحرِّض الغرب على حركة طالبان الإسلامية ، وهو يزعم أنه نظام إسلامي !!
 
وقد ضرب الله تعالى للمسلمين ، بالمجاهدين في فلسطين مثلاً ، فقد نجحوا بالإيمان ، والتوكُّل على الله تعالى ، والإستفادة من أدنى معطيات العصر ، ووسائل القوَّة ، أن ينزلوا بالحلم الصهيوني أعظـم دمـار ، رغم الدماء ، والحصـار .
 
ولاريب أنَّ المشروع الصهيوني قـد بدأ بالتآكل حتى وصلت الأكلة النخـاع ، وهو إلى السقوط آيل ، وإنَّ نهايته لقريبـة بإذن الله تعالى .
 
وقد قال الحق سبحانه : ( ولاتهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ). واللـه حسبنا ، عليه توكَّلنا ،وعليه فليتوكَّل المتوكُّلـون.

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 25/10/2008