إلى جميع كتائب الجهاد |
|
نور الهدى الأعظم ، تنزل من أعلى عليين ، فوق سابع سماء ، فأشرق بالحق الوضاء ، ساميا بالحـقّ كلّه ، مشعّا بالجمال كلّه ، مجلجلا بالصدق كلّه ، مطابقا للفطرة ، مشتملا على كلّ ما تحتاجــه النفوس من غذاء ، وطبيبا لكلّ ما تحمله من أدواء ، في غايــة الإحكام ، أعظـم من نعمتي الماء والهواء للأنام ،
ينبعث منه الخير انبعاث الأنوار من الكواكب المتلألئة المبهرة للأنظار ، ويلمع منه الصلاح لمعان الشهب النيـّرة ، ويقيم على الفلاح القلوب المنقادة له فيجعلها خيـّرة ،
ما إنْ يلامس الأرواح، حتى يملأ أرجاءها بهجة، فتجد النور بعد الظلمة ، والفرح بعد الحزن ، والأنس بعد الوحشة ، والسعة بعد الضيق ، والسعادة بعد الشقاء ، بل الحياة بعد الموت ،
الوحي الإلهي ، القرآن العظيم ، كلام الحقّ ، المنزّل بالحـق على منقذ البشرية الأكبر ، محمّد صلى الله عليه وسلم ، فاقتبس منه أعظم شعاع ، أصحابه الكرام ، وانطلقوا يحملونه ، يقودهم إلى النصر ، والعزة ، يزدادون به إشراقا ، وشرفا ، ويهزمون به كلّ الظلمات ، ويأخذون به نواصي الأكاسرة ،والقياصرة ، ويُذْرون به التراب على جباه الجبابرة ، ويطوفون بسيوف النصـر البلاد ، فيزلزلون به عروش الاستبداد ، ويضعون أنوف المتكبّرين العتاة في الرغام.
ثم لما علم الأعداء أن السبل مقطوعة بهم لامحالة ، أن يدفعوا باللسان ملّته ، أو يوقفوا بالقوة صولته ، أجلبوا عليه بالحيل ، وصروف الدهاء ، وأنواع النفاق ، وضروب الفخاخ ، يبتغون إفساده ، وإلغاءه ، وطمس ماضيه ، وشلّ حاضره ، وتهديد مستقبله .
فزحفت إليه الصلبان المتصهينة من الغرب ، والسبئيّون الزنادقة الباطنية من الشرق ، يدّعي أولئك أنهم يحاربون "الإرهاب" لا الإسلام ، وإنما يبتغون إطفاء نوره ، ويزعم هؤلاء أنهم ينصرون الإسلام ، وإنما يقيمون ديانتهم المناوئة للإسلام ، وتطاير شرر هؤلاء ، وأولئك على أمّة الإسلام ، فوافاها ضعيفة العقيدة ، مزعزعة اليقين ، أسيرة للجهل ، محبطة العزيمة ، واهنة القوى ، مسلِمةً أمرها إلى الخونة الذين لايألونها خبالا .
تطاير شررهم غرورا ، فأعمـى أعيناً كانت مبصرة ، ورنّ صدى ضلالهم فأصمّ آذانا كانت سامعة ، فولغت أفواهٌ في مستنقع الغـيّ ، فأنطقها الشيطان بالغوايـة ، وتساقطت قلوب في أوديـة الشكوك والريب ، وألقى إبليس على ألسنتهم الكذب.
غير أن الطائفة المنصورة ، والأجناد المبرورة ، عطفوا عطفـة حماة الوحي إلـى لواء القرآن ، وأحاطوا به إحاطة الفرسان الشجعـان ،
وسلّوا سيوفهم لنصـرة الوحي فهي مُصلتـه ، ونطقت ألسنتهم بحقّـه فهي لذوي الضلال مسكته .
فما إن تناهت أصوات سنابك خيولهم ، وقعقعـت سيوفهم ، إلى الأسماع ، حتى قـرّت بهم عيون المؤمنين ، وانشرحـت لهـم نفوس المسلمين ، وارتفعت الأكفّ المتضرعة بنصرهم .
وما إن دوّت كلمات العقيدة الحيـّة المستعلية بالوحي ، الصادعة بالحق :
إنّ الحرب التي وضعها الله تعالى على أعداء الدين ، لا يجوز أن يكون فيها لبس ، لا غمغمة ، ولا جمجمة ،
بل الحقيقة الواحدة الخالدة :
إننا كما نعادي الغرب الصليبي ، وجهاده حـقّ في كلّ بقاع الإسلام ، فمحال أيضا أن نصافي خصوم الصحابة ، وخلفاء المسلمين ، وإن امرءا يدّعي موالاة أولئك ، أو مؤاخاة هؤلاء ، وبطلان جهادهم ، لمدخـول في إسلامه ، دعـيّ في إيمانه ، قد لُبس عليه دينه ، فخصم النبيّ صلى الله عليه وسلم وصاحبه الأكبر الصديق رضي الله عنـه وخلفاءه ، خصمنا ، وعدوّهم عدوّنا ،فالمسلم الصادق لايمكن أن يكون وليا لخصمهم.
ما إن دوّت كلمات هذه العقيدة حتى فتحت أعينا عميا ، وآذانا صمّا ، وقلوبا غلفا ، وأيقظت عقـولا سادرة ، وانطلقت تأخذ في بلاد الإسلام زمـام المبادرة .
وجعلت كلّ من العدو الغربي الصليبي، والشرقـي الباطني السبئي ، يسير كأنـّه تائه متحيـّر في متاهة يطوفها سراب من آمال كاذبة ، وهو إلى هلاكه سائـر ، وخططه جميعا خائبة .
فيا أيها المجاهدون ، ياخيـر الرجـال ، ويا حماة الوحي ، من حملة السيف ، وأنصار العقيدة الأبطال ، الثبات الثبات ، والصبر والصبر ، فليس ثمـة ، إلا أنتم اليوم ، من يجاهد لإعلاء كلمة الله تعالى ، جهاد العقيدة الحـقّة ، المعقودة رايته المظفرة ، لنصرة الوحي المنزّل ، كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وقطع الأيدي المبتغية إبطال هدايته ، أو تحريفه تحريف المبطلين .
شنُّوا على العـدوّ الغارة الشعواء ، وشدّوا على السيوف الأيدي حتى تخضب الدماء ، وأبشروا بالنصـر ، فرايتكم منصورة ، وأعمالهم عند الله صالحة مبرورة .
ويا علماء الإسلام أنيروا بنور الوحي الظلمات ، وزلزلوا بصولته أركان الضلالات ، ومزِّقوا تلبيس الشيطان ، وأظهروا الحـقّ أظهـر بيان .
وأبشروا بالفتوحات العظيمة التي أزِفَت ، وآن أوانها وقرُبت ، وأنارت طلائعها وبـدَت .
(وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ، وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ، فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) .
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما ، رفعه : ( ليأتين على الناس زمان قلوبهم قلوب الأعاجم ، حب ّالدنيا ، سنتهم سنة الأعراب ، ما أتاهم من رزق جعلوه في الحيوان ، يرون الجهاد ضرراوالزكاة مغرما ) خرجه الطبراني ، وأبو يعلى
عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه : (أول هذا الأمر نبوة ورحمة ، ثم يكون خلافة ورحمة ، ثم يكون ملكا ورحمة ، ثم يتكادمون عليه تكادم الحمر ، فعليكم بالجهاد ، وإن أفضل جهادكم الرباط وإن أفضل رباطكم عسقلان ) خرجه الطبراني .