الإنتحـابــات الأمريكية في العــــراق |
|
" ما إن تتورط القوات العسكرية الأمريكية حتى تزيد التكاليف والعواقب المترتبة على الإخفاق في بلوغ أهدافنا المعلنة زيادة دارمية مثيرة ، وهذا يعني انك [يعني رئيس أمريكا] ستضطر ، إذا لم تكن التدخلات الوقائية ذوات التكاليف المتدنية البادية ناجحة ، إلى الاختيار بين تكبد تكاليف تصعيد تدخلنا العسكري ، ودفع أثمان قريبة وطويلة الآجــال لمصالح أمريكية ، مقابل بــدء أمر لسنا مستعدين لإنجازه " .. وهم التحكــم لمؤلفه سيوم براون ص 205
ذات مرّة قال سفير متقاعد للرئيس بوش: "أيها الرئيس أنت تكذب"، في العراق سقط نظام دموي ليحل مكانه نظام دموي يقتل ويسرق، حلت السي آي ايه محل أجهزة الأمن المتوحشة
وستكذب أمريكــا أيضــا في أن الإنتخابات المزعومة التي تجرى اليــوم قــد نجحت ، لكي يصدّقها الناس أنها نجحت في مشروعها البائس الذي كشف كــلّ عوارهـــا ، وفضح كلّ نفاقها .
لكن الحقيقة أن أمريكا تنتحب اليوم في العراق ، وليست تدعو إلى أن ينتخب العراق ، فلم تكن يومــا ما ترفع رأسها بحقوق شعــب ، أو تحريــر أمـّـة
ولن يتوقّف نحيبها التي تحاول جاهدة كتمانه لئلا يسمعه العالم ، متخفّية وراء أكاذيب وسائلها الإعلامية الــتي افتضحت كمن حاضت ولم تغسل الدم ، وفضحــت معها وسائل الإعلام العربية الخائنة التي تبعتها كالأعمى والأصــم ،
لن يتوقف حتى ينهزم كلّ باطلها ، وجميــع بطرها وخيلاءهــا ، وسينكشف على الملأ كذبها ، ونفاقها .
لكنها ستمضي قدما إلى ذلك الحيــن ، في اختلاق الأكاذيــب ، وسيمضي الببغاوات يرددون وراءهـــا بلا وعــي ،،
وإنه لعجيب ،، أمر هذا العصــر الذي نعيــشه ، فلم يكن المرء يتصور أن يطمع طامــع في خداع كــلّ العالـــم محاولا أن يخفي شمــس الضحــى عن أعين المبصرين ، ويمضي في ذلك راجيــا أن ينجــح مســعاه ، ثــم يفشل في أن يجعلهم يصدقونه ، غير أنه ينجح في جعلهم وجوما حيارى كالمسحورين .
ولكن صدق الله العظيم القائل : " " وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ * وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ * وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ * وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ " ..
إنها حقيقة كررها القرآن كثيرا ، فقليل من البشــر هم الناجون من تلبيس الأبالسة وشـَـرَكِها ، ولكنهم القليل الذين على الحــق ،،
وفي كل مرة ينسى أعداء الرســـل ، عندما يحاربون دين الله تعالى ، أنهم لا يحاربون البشــر ، إنما يحاربون الله تعالى ، وأنهم يخادعونه ، وهـو خادعــهم ، وفي كل مرة يُفتضحون ، ويُهزمون ، ويُولّون مدبرين مالهم من الله من عاصم ، ثم يأتي مـَنْ بعدهم فيمتطيهم الشيطان ، كما امتطى الذين من قبلهم ، يتبع بعضهم بعضا تترا ، حتى يجعل الله الخبيث بعضهم على بعض ، فيركمه جميعا فيجعله في جهنــم .
لعل أصدق كلمة قيلت منذ اندلاع هذه الحرب الصليبية الحالية على أمتنا ، كلمـــة " رامسفيلد" بعدما أوصى بإنشاء وكالة أمريكية خاصة مهمّتها مواجهة الأفكار ، قائلا : إنها في الحقيقة حرب عقول .
وحقيقة واضحة تلك التي قالها كلاوزفيتز "Clausewitz" : " ليست الحرب إلا استمرارا للمساومة السياسية بطريقة أخرى "
كما أنها حقيقة أوضح تلك التي تقول إن الصراع السياسي العالمــي صراع عقيدة مغلف بشعارات سياسية كاذبة .
يقول جيل كيبل في كتابه المهم " حرب العقول " : ملخص القول: أن تنظيم القاعدة -كما يرى "كيبل"- نجح ببراعة في ربط انتفاضة الأقصى، التي كانت أحداثها حينذاك متأججة في قلوب جميع المسلمين، مع أحداث سبتمبر.. بهدف تعبئة الأمة الإسلامية سياسيا. لقد نجحت القاعدة -من خلال تفجيرات سبتمبر- "في استغلال الحدث لصالح تحويل الإرهاب إلى عمل سياسي، الغرض منه هو ترويج التعبئة السياسية".
ويقول أيضا : كلها أحداث دلت على أن التنظيم لم يمت ولم ينته، دلت على أن التنظيم لن يكف عن التوالد والتشعب والتفرع، وهذا ما يحسبه التنظيم نجاحا وتفوقا على جميع الظروف التي تبغي خنقه وتقييده. ولا ينسى الباحث أن يلفت انتباهنا -في هذا الصدد- إلى فشل المسئولين الأسبان والأمريكان في مواجهة القاعدة.
فالإثنان أدركا القاعدة بأسلوب ساذج وجاهل. فأما "أزنار" رئيس الوزراء الأسباني فقد أسرع بشن الاتهام على المنظمة الإرهابية الأسبانية "إيتا"، مستبعدا أن يكون لتنظيم القاعدة أي دخل في تفجير قطار مدريد، الأمر الذي أطاح به من رئاسة الوزارة، ليأتي "ثاباتيرو" مكانه.
وأما المسئولون الأمريكيون فقد ظنوا أن دخولهم بغداد وإسقاطهم إياها بتلك السهولة المفرطة التي أظهرتها شاشات التلفزيون حينذاك، سيتيح تلقائيا تعبئة المجتمع المدني العراقي سياسيا لينضم إلى المشروع الأمريكي الكبير لمقرطة الشرق الأوسط، إلا أن هذا لم يحدث على الإطلاق "
إنك لن تفهــم أيّ مشهد سياسي حتى تدخل إليه بالمدخل الصحيح ،
وتنظر إلى الصورة الكاملة ،
وتفهم إرتباط الخطوات ببعضها فهما منطقيا صحيحا ،
ثلاثة أركان من أخطأ واحدة منها أخطأ الفهم .
فمن الناس من اخطأ في فهم مدخل هذه الحرب المستعرة على الإسلام ، وأنها حرب أمة على أمة ، هدفه النهائي انتصار الصهاينة بتحطيم المسجد الأقصى وبناء الهيكل ، والهيمنة الصهيوصليبية على أمتنا ، وإلحاق الهزيمة بعقيدتنا .
فظــنّ أنها حرب على ما أطلقوا عليه " الإرهاب " ، ومنهم من ظنّ بجهله ، أنها أطماع جزئية لأمريكا لا تلبث حتى تمـر بلا أضرار تستحق المواجهــة ، ومنهم من صــدّق كذبة أسلحة الدمار الشامل ، ومنهم ، ومنهم ،،
وأتعس الناس حظا ، وأغباهم فهما ، الذين صدقوا أن أمريكا جاءت لنشر قيم الديمقراطية والحرية .
وقليل هم الذين علموا حقيقة هذه الحملة وأنه امتداد للحملات الصليبية ، وهدفها إطفاء نور الإسلام.
وأكثــر النّاس هم الذين رأوا جزءا من الصورة وهي صورة تغيير نظام وحشـي مستبد عربي .
ولم يـروا وراءها صورة الاستبداد العالمي الأمريكي وأهواله التي لا توصف ، وأنه كان يمدّ هذا النظام المستبد نفســه ، ولــم يروا ـ أو لم يحبـّـوا أن يروْا ـ الكوارث البديلة الذي جاءت بها أمريكا للعراق ولمنطقتنا ، كوارث على العقيدة ، والقيم ، والأخلاق ، وجميع مستويات هوية الأمة وقوتها.
ولم يروا رعاية أمريكا للاستبداد العربي من عقود وإلى اليــوم فرحة به غاية الفرح ، إذ كان ولا يزال يحقق لها أطماعها وهيمنتها ، ولم يـروا مشروع أمريكا الجديد للهيمنة العالمية ، ولإعادة تشكيل المنطقة العربية وفق أطماع الصهاينــة .
وقليلٌ هم الذين رأوا الصورة جلية واضحة .
وأكثر الناس ضلُّوا في فهم الترتيب المنطقي للأحداث في المشهد السياسي ، فنسوا أن الترسانة الأمريكية الهائلة ، والدمار الواسع الذي نشرته في العراق ، وسعي أمريكا لتحقيق هيمنتها ، وإلى تحويل دول وثروات المنطقة إلى محرقة لمشروعها العالمي ، وتحويل شعوبها إلى جنود فيه ، سيترتب عليه ولابد ضياع الأمن ، واختلاط الأوراق ، وانتشار الفتن التي تموج مــوج البحار ،
ومن يظنّ أنّه سيستطيع أن يدفع وقوع ذلك ، أو يوقف استمراره ، فهو مــن أحمق الناس ، واجهلهــم بسنن الله التي لا تتبدل ولا تتغيــر .
ذلك أنه لايمكن أن تغزو أمـّة ، أمّـةً أخرى ، وبينهمــا من التناقض الثقافي ، والموضوعي ، والتاريخي ، أشد مما بين أيّ أمتين ، ولا يترتب على ذلك ردات فعل عنيفة ، وعنيفة جدا ، حتى تلحق الهزيمة بأحد الطرفين ، وينتصر الآخر.
فكيف إذا كانت الأمّة التي غُزيت في عقـر دارهــا ، هي أمّة الإسلام الخالــدة ، خير أمة أخرجت للناس ، وهي أمة الجهاد ، وأمة الأبطال ، وأمة العطاء ، وأمة الأمجاد ، وأمة التضحيات العظيمة ، وأمة الانتصارات الباهرة ؟
وكيف إذا كانت الأمـّة التي غُزيت موعودة بالنصر من رب العالمين ، وأبناؤها مع ذلك يحملون في عقيدتهم مفهوما للنصر ، يختلف عن كلّ المفاهيم الأرضية ، إنه إنتصار الروح بالثبات على العقيدة ، أما انتصار المعركة فأمـرٌ ثانوي ، ولهذا فهم يقدّمون أعظــم التضحيــات للدفاع عن عقيدتهــم ، إنهم يقدمون أرواحهم رخيصة .
وأخيرا يا أمـّة الإسلام ، إن فيما سنستقبله بإذن الله تعالى ، بشارات عظيمة ، ممزوجة بمحن ، وانتصارات كبيرة ترادفها فتن ، وانقســام سيزداد وضوحاً وحدّة ، بين أهل الحق أنصار الإسلام ، وأهــل الكفر والنفاق والإحنْ .
والسعيد اليوم وبعد اليوم ، من توكل على الله واتخذه وليـّا ، واستمسك بالوحي ، والشقيّ من توكل على غير الله كائنا من كان ، واتبع هواه ..
" أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ * وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ * وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ * قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيـهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ " ،،،