حماقات النظام العربي العشـر

 

حمَاَقَاتُ النِّظَامِ العَربيِّ العّشْـر
 
حامد بن عبدالله العلي
*
الحمد لله ورضينا بالله ربا ، وبمحمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم رسـولا ، وبالإسلام دينــا ،
،
واللهـمّ لــمْ ،  ولن نرضى إلاّ بنظام يحكـم بشريعتك ، ويعـزّ دينك ، ويعيد السلطة للأمـّة ، أمرها بينها شورى ، وإنّا لبراءٌ من الطواغيت المستبدة ، وجنودها المرتدة .
،
 
ولا ها الله ، ما ينظر العاقـل إلى حال أمّتنـا إلاّ وتبصر عيناه أنّ أعظم أسباب تعاستها ، هذه الأنظمة التي جثمت على صدر الأمّة ، تحول بينها وبين نهضتها ، وتقعد لها بكلّ صراط ، تُوعـد ، وتصــدّ عن سبيل الله من آمن ، وتبتغي مهيـع الحق عوجا ، ومنهج العدل أعرجا ، وبحر الفتنة لججا .$$$
،
 
وذلك أنهّـم ـ أي ساسة هذا النظام المتعفّن ـ قـد ركبوا عشر حماقات :
،
 
الحماقة الأولى : أنهم تركوا شريعة الله تعالى المنزّلة من أعلى عليين ، المكرّمة ، المرفوعة المطهّرة ، المنزّهه مـن كلّ نقص ، المبرّءة من كلّ عيب ، الموحى بها على خير البشر ، المتضمنة كلّ خير للبشـر ، واستبدلوا بها ، طواغيت القوانين التي كتبها ملحدوا أوربا ، من حثالة السقط ، فلمّا حكموا بها ما زادتهم غير تتبيـب ، وارتكسوا بتبديلهم أعظم نعمة الله تعالى عليهم ، إلى دكادك الذل ، والانهزام ، فصاروا أخس من الرقيق بيد أعداءهم ، ثم لايتوبون ، ولاهــم يذّكرون .
،
 
الحماقة الثانية : أنهـم يعلمون أنّ العزة بالرماح ، والمنعة بإتخاذ السلاح ، وأنّ القوة هي القرار ، ومن ضيعها فليس له قرار ،كما يرون الأمم من حولهم ، يسعون في المدارج العسكرية ، ويجمعون الجيوش العرمرمية ، بينما هم في ضعفهم ، وذلهّم وخنوعهم للأجنبي ، لم يستحوا من أن تدافع عنهم العاهرات الغربية ، ولم يخجلوا من أن بلادهم استباحتها جنود الصهاينة والصليبية!
،
 
الحماقة الثالثة : أنهّم يرون الأمم من حولهم تتّحـد ، وعـن مسالك الفرقة والتناحر تبتعد ، وترجّح الروابط الجامعة ، على العصبية الوطنية الخامعة ، كما فعلت أوربا في إتحادهـا ، ومعها رأس محور الشر أمريكا في أحلافهم العسكرية ، ومع ذلك يزدادون هم في تمزقهم ،وتجزؤهم ، وتدابرهم ، وتناحرهم ، حتى ربما يكون سبب تفرقهـم المقيـت ـ من ضعف عقولهم ـ لعبة الكرة ! أو بضعة أمتار من تراب الحدود ، أو برنامج في وسيلة إعلام ، تناول بالنقد صاحب السمو عالي المقام ! إلى آخر هذه الخلافات الصبيانية!
،
 
الحماقة الرابعة : أنهـم يعلمون أنّ الرضا بالذلّ والتبعية للأجنبي ، خزْي الدنيا ، وعذاب الآخرة ، وأن الإستعلاء بعقيدة الإسلام ، والجهاد في سبيلها مجد الدنيا ، وعزّ الآخـرة ، ومع ذلك اختاروا الحياة الذليلة ، على الخلود في النعم الجليلة .
،
 
الحماقة الخامسة : أنهم يرون مصير الطغاة إلى أسفل سافلين ، ومآل البغاة إلى محل الأرذلين ، ومع ذلك يتمسّكون بالإستبداد ، ويستكبرون على العباد ، ويتنكبون المنهج الرشاد؟
،
 
الحماقة السادسـة : أنهم يرون صنهم الذي إليهم يحجون ، وبـه يطوفون و يتبركون ، أمريكا ، قـد مرّغ الله وجهها في الطين ، وأذلها على رؤوس المسلمين وغير المسلمين ، ومع ذلك يزداد تشبّثهم بها ، وظنّهم الخلاص في طريقها ، وهي تقودهم من هلاك إلى تباب ، ومن حرب فاشلة إلى خراب ، ويسيرون وراءها ، كبهيمة عجماء قاد زمامها أعمى على عوج الطريق الجائر.
،
 
الحماقة السابعة : أنهم يعلمون أنّ عدوّهـم إنما يتسلّط عليهم بالمال الذي يسرقه من أيديهم ، وبالثروة التي يسطو عليها من تحت أقدامهم ، وأنّ بها قوتـه ، ومنها يستمد إستكباره وسلطته ، ومع ذلك يعطونه منها بلا حساب ، ويمدونـه بها بلا عتاب ، فجعلوا ثرواتهـم عزة لسواهم ، و قوة لغيرهم لا لهم !
،
 
الحماقة الثامنـة : أنّهـم يعلمون من أعظم أسباب قوّة السلطان ، بتقريب ذوي الحزم  بالرأي والعلم بالسنة والقرآن ، وأنّ أمّتهم فيها أعظـم الخيـر ، وأنه لاغنى لحاكم عن شعبه ، فكلّما أتاح لهم فرص المشاركة في إتخاذ القرار ، كان أقرب إلى الصواب ، إذ الجماعة أقـرب إلى إصابة الحـق ، وخطل الرأي في احتقار الخلق ، ومع ذلك لايزالون في استكبار الجهلة ، وغيّ البَطَلـَة ،
،
 
والعجـب أنهم لايرعوون عن هذه الحماقة إلاّ إذا خافوا من ضغط الكفرة عليهم ، تحت شعار الديمقراطية الزائف ، فيخافون من الغرب الكافـر أعظم من خوفهـم من الله ، وخضوعهم للـ ( معزة الجربة رايس)   ـ على سبيل المثال ـ أكبـر في نفوسهـم من احترامهم لشعوبهـم ، فحينئذ يجمعون من باعة الذمم طائفة ، فصنعوا لهم مجلسا ، واتخذوهم ليغطوا ظلمهم واستبدادهم بالتزوير ، غير أن أمرهم مكشوف لاينفع فيه التغرير .
،
 
الحماقة التاسعـة : أنهم يهينون علماء الشريعة الذين هم أولياء الله ، وملجأ الناس بعد الله ، ومكمن القوة الشعبية ، ومحرّك الحماسة الأممية ، ثم إذا احتاجوهم لتمرير باطلهم ، جاءوا بعلماء السوء ، وبتجار الدين ، فأظهروهم في مظاهر الخزي ، والدجل ،  والكذب ، فزاد الطين بلّة ، وعطّلوا أعظم أسباب القوة في الدولة .
،
 
الحماقة العاشـرة : أنهم يصبـون أعظم ظلمهـم على خير الناس ، وأنفعهم للناس ، وهم المجاهدون في سبيل الله ، الباذلون مهجهم لنصـر الدين ، وإغاثـة المسلمين ، ثـمّ على الدعاة إلى الله تعالى ، المصلحين ، القائمين على تعليم الناس الخير ، فامتلأت سجونهـم بهؤلاء الأخيار ، وتسلطوا بالشـر على الأبرار ، أما أهـل المجون ، والعهر ، فيسرحون ويمرحون ، وبدين الله والاخـلاق يعبثون !
،
 
 وهم مع ذلـك يرون مصرع الظالميـن ، هـو مصيـر واحـدٌ عبر التاريخ فـي كلّ حين ، وكلّما نصحهم الناصحون بأنّ الله تعالى يمهـل ، ولا يهمـل ، وأنه بالظلم تزول الدول ، وكـم في ذلك من عبرة في القرون الأُوّل ، ما زادهم ذلك إلاّ نُفـُـورا .
،
 
وبعد هذا كله ، أليس هو الواقــع المُصدّق ، لمن لايحتاج قوله إلى مُصدّق ، إذ خرج أبو يعلى رحمه الله بإسناده : ( خطبنا معاوية في يوم جمعة ، فقال : إنما المال مالنا ،والفيء فيئنا ، من شئنا أعطينا ، ومن شئنا منعنا ، فلم يرد عليه أحد ، فلما كانتالجمعة الثانية قال مثل مقالته ، فلم يرد عليه أحد ، فلما كانت الجمعة الثالثة قال : مثل مقالته ، فقام إليه رجل ممن شهد المسجد ، فقال : كلا ، بل المال مالنا ،والفيء فيئنا ، من حال بيننا وبينه حاكمناه بأسيافنا ، فلما صلى أمر بالرجل فأدخلعليه ، فأجلسه معه على السرير ، ثم أذن للناس فدخلوا عليه ، ثم قال : أيها الناسإني تكلمت في أول جمعة فلم يرد علي أحد ، وفي الثانية ، فلم يرد علي أحد ، فلماكانت الثالثة أحياني هذا ، أحياه الله ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : سيأتي قوم يتكلمون فلا يرد عليهم يتقاحمون في النار تقاحم القردة ، فخشيت أن يجعلنيالله منهم ، فلما رد هذا علي أحياني ، أحياه الله ، ورجوت أن لا يجعلني الله منهم ) .
،
 
(يتقحّمون في النار تقحّم القردة) .
،
 
والله ما يزيّن لهم باطلهم ، ولايسمّيهم ولاة الأمر ، إلاّ مفتر ، غاش لدينه،  وأمته .
 
حسبنا الله ونعم الوكيل
 
ونسأل الله العافية في ديننا ، ودنيانا ، وأهلنا ، وأموالنا .

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 17/02/2007