الحزام الملغم وليس الأمم المتحدة

 

الحزام الملغم وليس الأمم المتحدة
حامد بن عبدالله العلي
رغم أنه يوجد في الكيان الصهيوني حانقون على سيطرة (الهالاخاهيون ) أي المتدينون اليهود، على زمام الأمور في ذلك الكيان ، مثل العلماني الليبرالي اليهودي (ميخائيل هرسجور) الذي قال في مقابلـــة لصحيفة أيديعوت أحرنوت 23/11/95 عنهم ( الخطر كبير جدا ، فهم يريدون السيطرة علينا ، والأمل الوحيد يكمن في عزلهم ، وتقليص قوتهم .. أنهم يريدون إعادتنا إلى الماضي البعيد جدا ، إلى عصر التلمود والتوراة ، وهذا الأمر سخيف جدا … ليس المقصود فقط مقتل رئيس الوزراء ( يقصد رابين ) أو الصراع ضد السلام ، وإنما هو جزء من خطة سيطرة اليمين الفاشي على الدولة ، ومن أجل إقامة نظام هنا يعمل من جديد على إنشاء بيت المقدس ( يقصد الهيكل ) نظام يريد إخراجنا من التاريخ العالمي الغربي المتقدم ).


غير أن هذا الصوت في الكيان الصهيوني ، الذي يمثل العلمانية ، والمخدوع ـ كما هو حال علمانيينا ـ بالشعارات الليبرالية للولايات المتحدة التي تدعم بلا حدود (الهالاخاهيين) اليهود الأصوليين ، وأنصارهم من متعصبة الحركات البروتستانتية الإنجيلية الصهيونية ، وتحارب ما تسميه الأصولية الإسلامية فقط وتلاحقها في كل مكان ، ليس لأنها ( حركات إرهابية متطرفة تهدد السلام العالمي ) بل لأنها تهدد سيطرة التحالف (الصهيو أمريكي) على مقاليد الأمور في الشرق الأوسط !!


هذا الصوت في الكيان الصهيوني آخذ بالتقهقر أمام تنامي الأحزاب الدينية ، يقودهــــا حزب شاس بزعامة ( عوفاديا يوسف) الذي تناقلت وكالات الأنباء مؤخرا تصريحه عن العرب أنهم ديدان يجب القضاء عليها ، ولا يوجد أصدق من وصف الباحث اليهودي الاستراتيجــي في شؤون الكيان الصهيوني : (مناحم راهط) في كتابه ( أعماق ظاهرة من عالم آخر ) ونشر في (معاريف) وصفه لسيطرة الأحزاب الدينية اليهودية : ( سترسو الأمور حسب مشيئتها ، وأن الدولة بكاملها في يدها ، مثلما المادة في يد صانعها ، وهي تمسك بمفاتيح الدولة كلها ) ترجمة مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية عدد نيسان 1990م ص120


ومن المهم جدا ، أن نبدأ معركتنا مع اليهود ، بإدراك صحيح لطبيعة العدو الصهيوني وحلفاءه ، وطبيعة المعركة التي تخوضها الأمة معه ، إنه كيان ديني عنصري ينطلق من عقيدة هي ذاتها العقيدة التي حملتهم على محاولة قتل النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، ومحاربة ظهور هذا الدين العظيم في فجر الإسلام ، وهي ذات العقيدة التي يحلمون فيها بمملكة أورشليم العظمى التي تهيمن على المنطقة بل العالم .


ومن باب ( وشهد شاهد من أهلها ) ننقل ما قاله إسرائيل شاحاك ، الكاتب اليهودي ذائع الصيت الناشط في حقوق الإنسان في الكيان الصهيوني ( يمكن القول بأن التمييز الذي يبلغ شكلا من أشكال الفصل العنصري ، لكن على أساس الدين ،وليس العرق ، تمييز متأصــــل في شخصية إسرائيل كدولة يهودية ) أسرار مكشوفة ص 21 .


ويقول أيضا ص 227( إن إسرائيل يدفعها عالم الأيدلوجية ، الذي يتصف بطبيعة ديكتاتورية ، ومن الممكن التعرف إلى الأيدلوجية بسهولة ، لان هالة من القدسية تطوقها … كما يمكن استنتاجها بسهولة من القوانين والأنظمة الإسرائيلية والسياسات المتبعة ، أما أولئك الذين فشلوا خلال كل هذه السنوات في القيام بمجهود عقلي لدراسة هذه الأيدلوجية ، كعرفات ومناصريه ومعظم المفكرين الفلسطينيين ، فليس أمامهم إلا ملامة أنفسهم على الصدمة الناجمة عن التطورات التي شهدتها العشرون شهرا التالية لاتفاق أوسلو ، ويبدو انه كل من توقف ، بعد أوسلو عن شجب (الإمبريالية) الإسرائيلية في سبيل شعار فارغ ، هو شعار سلام الشجعان لم يتعلم شيئا).


ولو كان إسرائيل شاحاك هذا يسمعني لقلت له : إنهم إلى اليوم ، و بعد نحو تسع سنين من خداع أوسلو ، وهم يرون ما يفعله الكيان الصهيوني من مجازر يومية لاطفال المسلمين الأبرياء ، وانتهاك لكل حقوقهم ، ينطلق من اسم (الهلاخاه) و( حكماء التلمود ) ويتلقى دعما غربيا غير محدود تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية ، إنهم إلى اليوم يخدعون كل يوم ، فيصدقون أن الصهاينة سيتنازلون في أي مفاوضات عن أي شــــيء ، إن اليهود ـ في تاريخهم كله ـ لا يخضعون إلا للقوة ، تلك القوة الكامنة اليوم في روح الجهاد الإسلامي ، هذه الروح التي لا يستطيع غيرها أن يصنع أحزمة التفجير المباركة التي غيرت موازين القوى ، ورفعت هذا الشعب البطل إلى قمة المجد والكرامة عندما أوجدت توازن الرعب بين شعب أعزل مضطهد ، وأكبر قوة نووية في المنطقة.


وحتى لا نبقى مخدوعين ، إن حل هذه القضية يكمن هناك بين قلب المجاهد الشامخ بعقيدة الإيمان ، والحزام الملغم على جسده ، وليس في الأمم المتحدة ، ولافي أوسلو ، ولافي كامب ديفيد ، ولا في تلك القمم العربية الفاشلة ، فهذه كلها سلسلة خداع متصلة الحلقات ، وذلك الحزام وحده هو الذي يقصمها ، ليفتح الطريق إلى التحرير والمجد .

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 05/12/2006