الأَلاعيب الأمريكانيّة لن تنطلي على الحكمة الطالبانيّة

 

الأَلاعيب الأمريكانيّة لن تنطلي على الحكمة الطالبانيّة
 
حامد بن عبدالله العلي
 
بطريقة مثيرة للشفقة والغثيان في آن ـ وهو دليل على إفلاس الإحتلال في أفغانستان ـ لجأ الإحتلال الصليبي لبلاد الأفغان ، إلى حيلة قديمة ، وسخيفة ، ومكشوفة ، لخلخلة صفوف طالبان ، وتفريق صفّ الجهاد الأفغاني ، وإحداث شقاقٍ داخله ، وذلك بإشاعة أنَّ ثمة معتدلين من طالبان ، يخالفون المتشدِّدين ، وأنَّ المعتدلين مستعدون ـ مقابل رفع أسماءهم من ( قائمة الإرهاب ) ـ   للتنازل عن عقيدتهم ، وبلادهم ، وكرامتهم ، وتاريخهم ، والرضا بخطة زائفة ، ومخادعة ، وضعـها من إحتل بلادهم ، ودمـَّر أرضهم ، وقتل أبناءَهم ، ويتـَّم نساءهم ، ومزَّق أطفالهم ، وسلَّط عليهم عصابات الفساد ، والمخدرات ، والإجرام التي يرأسها كرزاي .
 
يا لسخافة عقول هؤلاء الأمريكيين ، وضيق مداركهم ، وجهلهم بالعالم $$$
 
إنهم لايعلمون أنَّ حركة طالبان ، نسيجٌ آخر يختلف تماما عمـن جربوهم من الخونة الذين تآمروا على العراق ، ولايستحقون شرف الإنتساب إلى صرحه الذي حمل على عاقته الحضارة الإسلامية قرونا متطاولة فحكم العالم ، كما يتمايـز عن زمرة عباس الذين تقطعت ألسنتهم مما يلعقون حذاء دايتون ، وطالـبان لا تشبـه بوجه من الوجوه ذلك القابع ـ وحثالته ـ بين جدران قصره المتهالك وسط مقديشو ، يحرسه الكفره ، ويتوعَّده البرره .
 
فحركة طالبان لم تقـدّم تضحياتهـا الهائلة ، وهـي تتلقّى بصدرها منذ نحـو عقـد من الزمان الهجمة الصهيوصليبية على الإسلام ، فتردّ عليها بعزيمة الجدود ، وغضبة الأسود ، لم تفعل ذلك كـي تختـم هذه المسيرة المشرفة ، ببيع الدين ، وأرض الإسلام ، وشرف الأمة ، لأشد الناس عداوة للإسلام ، والمسلمين !
 
فهي تختلف في نشأتها التي انطلقت من بيوت القرآن ، من غير منّة عليها من أحد ، ولاتدخـُّلٍ من نظام آخـر ، ثـم بُشرت برؤيا رآها قائدها فتحقَّقت ،
،
كما تختـلف في إنطلاقتها التي ضربت فيها أروع المثل في التمسُّك بالإسلام ، والإصرار على تحدي أعداءه ،
،
 وفي أهدافها التي انطبقت تماما على أهداف الأمة :
 
إنشاء نظام حكم إسلاميّ حقيقيّ ، مستقل تماما عن نظام الإستبداد العالمي الذي يقوده الغرب المتصهين.
 
بناء شبكة من التواصل مع المشاريع الإسلامية الجهادية ، والدعويّة ، في العالم الإسلامي لتسريع النهضة الإسلامية .
 
الإسهام الفعَّال في التصدِّي لكلِّ صور العدوان على الأمّة الإسلاميّة ، من الفلبين إلى غـزة ، في إطار إشاعة فكرة وحدة الأمّة ، والعمل على تحويلها إلى واقع مشهـود ، تمهيدا لإعادة الخلافة الإسلامية العظمـى .
 
ومن الواضح أنَّ الإحتلال الصهيوصليبي في أفغانسـتان ، يعيش أسوء أيامه ، ويتلقى هجمة شرسـة من أسود الجهاد الطالباني ، ويترنح تحت ضرباتهم الموجعة ، ولولا ذلك لما لجأ إلى الحيلة بعد أن أعيته القوة .
 
أما حركة طالبان فهي تعلم علم اليقين أنَّ حلة الشرف الجهادي الذي ألبسها الله إياها ، فهي تتلألأ بهـا في سماء المجـد الإسلامي ، إنما هـي مربوطة بـ(دبوس) الثبات على مبادئ الجهاد ، فإذا هـي حلَّت ـ وحاشاها أن تفعـل ـ هذا (الدبُّوس) ، سقطت عنهـا هذه الحلـَّة ، فزال عنها الشرف ، وتنزل قادتها من أسود متربعة على جبين العـز ، إلى خادم ذليل يمسح حذاء كلنتون لترضى عنه ،كما يفعـل النظام العربـي !
 
ولهذا فإنَّ حركة طالبان إختصرت مطالبها بشيءٍ واحـد : إخرجوا من أرضنا ، فلا يبقيـنَّ منكـم فيها أحـدٌ ، ثم نحن ننظـر فيما تعرضون ، فما وافق الشرع قبلناه ، وما خالفه رفضناه ، فشريعة الله هي هدانا ، وهداية القرآن هي دستورنا ، ونظامنا .
 
وذلك أنه إذا خرج المحتل طُهـّرت الأرض من أذنابه ، وجواسيسه ، وأوكاره ، وصارت مقاليد الأمور بيد أهلها ، وهـم على أرضية النصر ، والعدوُّ المعتـدي معترفٌ بالهزيمة ، خالي الوفاض من موقفٍ يملي به شروطـا ، صفر اليديـن من أيِّ ورقة ضغط يحقـّق به مكسبا .
 
وحينئذ لاتذهب التضحيات العظيمة التي قدّمها الشُّهداء سُدى ، ولا تضيع دماء الأفغان الـتي قُدمـت للإسلام هباءً منثوراً .
 
أما إن تنازل الجهاد عن هذا الشرط فقد ألقى بنفسه في شَرَك الخديعة ، ومكَّن عدوَّه من رقبته ، ولن يعقب ذلك إلا إدبار الخير ، وإقبال الشر ، وذلك لن يكون بإذن الله تعالى .
 
وحركة طالبان المباركة على إدراك كامل بأنَّ الأهـداف الإستراتيجية للإحتلال الصهيوصليبي لبلاد الأفغـان هي :
 
تحويل بلاد الأفغان إلى مرتع لثقافة العهر التي يروِّجها ، وموقع للتمدُّد شرقا مزاحمة للمشاريع الدولية المنافسة هناك ، ولتقوية الهند ضد الحالة الباكستانية تمهيدا لتفكيكها ، ولتخريـب ثقافة ، ونهج الجهاد الإسلامي في كلِّ ذلك الحزام الممتد من باكستـان إلى شمال أفغانسـتان.
 
وذلك كلُّه في إطار هدف الغرب المتصهين الأعلى وهو تدمير الحضارة الإسلامية.
 
وسيُعرض على حركة طالبان أن يُسمح لها بالحكم مقابل أن ترضى بالإشتراك في منظومة إتفاقيات تؤول بها في النهاية إلى أن تصبح دولة خاضعـة للنظام العالمي بقيادة المحور الصهيوغربي ، ثـم تجد نفسها بعد ذلك في خنـدق العدوّ نفسه ، تتآمر معه ضد الإسلام ، من دعم إقتصاده إلى حصار غـزّة !
 
غير أنَّ هذا كلَّه لن يحـدث منه شيءٌ بإذن الله تعالى ، بل سيخرج العدوُّ الصهيوصليبي من أفغانسـتان يجـر أذيال الخيبة ، والهزيمة ، وسيحدث له مثل ذلك في كل بلاد الإسلام التي غزاهـا ، وسيتردُّ عليها عدوانه بالسوء ، يتوالى عليه حتى ينهار كما إنهار الإتحاد السوفيتي ، وينكفئ على نفسه مجتـرَّا ويلات طغيانه.
 
إنَّ هذا العدوَّ المحتل لأفغانسـتان ليس عدوَّا عاديّا ، لتحـلَّ مشكلته بحوار سلام ! لأنه غزا حدوداً بسبب تصعيد عابـر !
 
 إنـَّه نظام عالمي يتحرَّك ضمـن خطة عالميّة واحـدة يستهدف فيها الإسلام نفسه ، وهـو نظـام حقـود ، يسير بمنظومة قيم مادية خبيثـة واحدة ، ممزوجة بروح صليبية مقيـتة ، وُلد بسقوط جدار برلين ، وفُطـم بإحتلال الخليج عام 90 م ، وترعرع على حصار العراق ، يرضع من دماء أطفاله ، ثـم انطلقت جيوشه تدكُّ بلاد الإسلام ، وتمطرها بالصواريخ ، والقذائف ، والموت ، ,الدمـار ، بإعلان بوش الحرب الصليبية 2001م ،
 
إنـَّه نظام وضع نصب عينيه إطفاء نور الإسلام ، وجعل همـَّه محو حضارته ، وهو متشـبّع بثقافة التدميـر ، والإبادة ، ولهذا تعيـث جيوشه أو حلفاؤهـا فسـاداً في فلسطين ، والعراق ، وباكستـان ، والصومال ، والآن تتوجَّـه إلى اليـمن .
 
وإنَّ حركة طالبان اليوم هي التي ترتفـع إليها أبصـار الأمة لتجهض عدوان هذا العدو الطاغية المفسد ، في مقبرة الإمبراطوريات .
 
فالمسؤولية المناطة على عاتقـها جسيمة ، والأمانة الملقاة على أكتافها عظيمة ، وهي بإذن الله تعالى أحـقُّ بهـا ، وأهلها .
      
قال الحق سبحانه : (لا تجد قوما يؤمنون بالله ، واليوم الآخر ، يوادُّون من حاد الله ورسوله ، ولو كانوا آباءهم ، أو أبناءهم ،  أو إخوانهم ،  أو عشيرتهم ، أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه , ويدخلهـم جنات تجري من تحتهـا الأنهار خالدين فيها , رضي الله عنهم ورضوا عنـه ،  أولئك حزب الله , ألا إن حزب الله هم المفلحون )
،
وقال : ( يا أيّها الذين آمنوا لا تتّخذوا عدوّي ، وعدوّكم ، أولياء تلقون إليهم بالمودّة , وقدكفروا بما جاءكم من الحق , يخرجون الرسول ، وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم , إن كنتم خرجتم جهاداً في سبيلي ، وابتغاء مرضاتي , تُسرُّون إليهم بالمودّة ، وأنا أعلم بما أخفيـتم ،  وما أعلنتم , ومن يفعله منكم فقد ضلّ سواء السبيل) .
،
وقال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم ، وإخوانكم ، أولياء إن استحبُّوا الكفر على الإيمان ، ومن يتولهّم منكم فأولئك هم الظالمون ).
،
وقال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود ، والنصارى أولياء , بعضهم أولياء بعض , ومن يتولهم منكم فإنّه منهم , إن الله لا يهدي القوم الظالميـن ).
،
والله حسبنا عليه توكلنا وعليه فلتوكل المتوكــلون

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 29/01/2010