WE WANT CHANGE!

 

تحميـل محاضرة ما وراء هزيمة أصحاب الفيل الحزب الجمهوري الأمريكي في الاعلانـات 
WE WANT CHANGE!
 
،
حامد بن عبدالله العلي
,
 
هاهي الأمّـة الأمريكيّة قد طلـبت التغيير وحصلت عليه ، بعد أن رأت بأم عينيها ما فعلته زمرة من المتسلّطين الذين قادهم التعصب الأعمى ، والغطـرسة ، والجهل ، والحماقة ، إلى تحويل كِّل شيء كان تحت أيديهم إلى حطام ، فالإقتصاد الأمريكي محطَّم بل العقيدة الليبرالية قـد أضحت بسببهم مصلوبة على بوابة التاريـخ ، وسمعة القيم الأمريكية ملطَّخة ، والسياسة الخارجية فاشلة ، وأما قيادة أمريكا للعالم فقد تـم إعلان نعيها رسميَّـا .
 
لقد قادت عصبة اليمين المتصهين ، وهم من حثالة المحافظين الجدد ، قادت الأمة الأمريكية إلى الخزي والعار ، وأضحت فترة رئاستهـم هـي أحلك الفترات في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية .
 
وإن كان لديهـم حسنة واحـدة $$$ فهي أنهّـم أثبـوا أنَّ الوسائل المادية التي تملكها الأمم مهما كانت متطورة ، وقوية ، فإنها تتحول إلى نقمـة إذا كانـت بيد أهل الظـلم ، وعمى البصيـرة ، ولاينفعهم حينئذ ذكاؤهم ، ولا خبرة المستشارين ، ولاحنكة الخبـراء.
 
ومن عجائب تصريف الله الأمـور ، وضربه الأمثـلة للناس ، أن هذه الزمرة المتغطرسـة أرادوا أن يستعبدوا العالــم ، فسلَّط الله عليهم من يحتقرونه أشد الاحتقار بسبب لونه الذي يقرنونه بالرقِّ ، ويربطونه بأصله الإفريقي ، وجعلهم جميعا تحت أمره وسلطانـه!
 
كما أنهم أرادوا سرقة العالم فإنهار اقتصادهم ، وأرادوا إرهاب العالم ، فزاد خوفهم ، وابتغوا هزيمة أمتنا ، فبعثوا فيها عزيمة النصر ،وروح النهضة .
 
غير أنَّه يبقى من الحقِّ علينا أن نعتـرف بحيوية هذه الأمة التي استطاعت أن تنتفض وتغير واقعها المرير ، وتطلب التغيير ، رافضـةً أن تبقى سائرة وراء من حاول تضليلها ، كما تسير الخراف وراء جازرها .
 
وعلينا أن نتأمل كيف أنَّ هذا الرجل أوباما لم يمنعه أصله ، ولا نسبه ، ولا لونه ، أن يصل إلى حيث يستطيع أن يقنع أمته بقدرته على التغيير ، ثم لم تؤثِّـر جيناته على قناعـة الأمريكين به ، فانتخبـوه ، وقد علموا أنَّ من أعظـم ضروريات النهضة ، ولوازم التغير الناجـح التخلص من شوائب العنصرية ، ورواسـب الطبقية البغيضة.
 
كما في ثقافتنا الراقية التي أنارت العالم : ( ولو وُليَّ عليكم عبدٌ حبشيٌ ) 
 
ويبقى من الواجب على أمتنا أن تستفيد من هذا المثال ، وتطلب هي أيضا التغيير ، لتتخلَّص من كلِّ نظام يقودها بالجهل ، والاستبداد ، فيسرق البلاد ، ويستعبد العباد ، ويسوقها إلى الدمار ، وينزل بها العار والشنار .
 
والعجب والله كل العجـب أن تشهد الشعوب عندنا ، كلَّ هذه الأمثلة الحيـَّة حولها ، وتشهد كيف تثور شعوب العالم على إنحراف السلطة ، وتسعى نحو التغيير للأفضـل حتى تحصل عليه ، بينمـا شعوبـنا تبقـى واجمة ، فاغرة فاها ، عاجزة عن تغيير حالها التعيس!!
 
وقد ذكرنا سابقا مرارا أن وراء ذلك من الأٍسباب ، فساد بنية النظام السياسي ، والدور الخبيـث لعلماء السوء ، وخيانة المثقفين ، وجهل الشعـوب .
 
نقول هذا معترفين بإنجاز الأمة الأمريكية في صناعة هذا التغيير ، مع يقيننا أننا ـ بالنسبة لأمتنا ـ لاننتظر كثيراً منـه ، سوى خلاص العالم من تلك العصبة المارقة التي تربعَّت على عرش البيت الأبيض ، وملكت أعتى قوة عسكرية في التاريخ ، فملأت الأرض جورا وظلما.
 
لقد انتهى بوش وعصابته ، وذهـبت معهم قلوبهم المليئة بالكراهية ، ونفوسهم المريضة بالعنصـرية ، وبرامجهم التي كانت تفوح منها رائحة الكبر والغطرسة ، ونسأل الله أن تذهـب معهم وسائلهم البوليسية ، وسياستهم الخرقاء ، ونشرهم الأحقاد في العالم.
 
ذهبوا ولم يستطيعوا ـ بحمد الله ـ أن يهزموا هذه الأمـة ، ولا أن يحقِّقوا شيئا مما منـَّاهم به الشيطان ، بل سقطوا سقوطا مريعا ، لم يجنوا منه سوى الخراب ، والهلاك .
 
وسوف ينشغل الإعلام الأمريكي فيما يأتي ، ومعـه المراقبون ، والمحللون ، بكشف المزيد من فضائح تلك العصابة التي لم تنشـر بعد ، وسوف تظهر مخازيهم على الملأ ، ولا يستبعد أن تلاحقهـم الدعاوى القضائية إلى أجـلٍ غير مسمى.
 
هذا ومن المتوقـع أن يشهد المستقبل مزيدا من الإنفراج النسبي المحدود في بعض القضايا المتعلقة بأمّـتنا ، وأمّـا على المدى البعيد فليس أمامنا سوى مشهد عالم متعدد الأقـطاب ، سوف يأذن ـ بإذن الله تعالى ـ بمزيد من الخطوات المباركة لنهضـة أمّتنا المجيـدة .
 
ولكننا مهما خطونا من تلك الخطوات ، لن نصل إلى التغيير المنشود إلاَّ بنشر الوعي في أمتنا بحقوقها ، وعلى رأسها الحقوق السياسة ، وعلى رأسها حقها في تغيير النظام إذا عبث برسالة الامة ، وقيم ثقافتها ، ومكانة مقدساتها .
 
ثم منح أمِّتـنـا القدرة على استعمال تلك الحقوق ، بإصرار النبلاء ، وحكمة العقـلاء ، حتى تستعيـد أمُّتنا مكانتها التي فقدتها بسبب فساد الأنظمة السياسية المتسلطة عليها.
 
والله نسأل أن يأتي اليوم الذي تقـر أعيننا بذلك ، وهو سبحانه حسبنا عليه توكلنا وعليه فليتوكل المتوكلـلون

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 05/11/2008