بريفيـك كشف ما فيك

 

بريفيـك كشف ما فيـك!
 
حامد بن عبدالله العلي
 
إذا كان هذا المتعصّب النرويجي قد ارتكب هذه المجزرة المروّعة في بني جنسه لتبنِّيهم سياسات لاتعجبه عن المهاجرين ، والأجانب ، فكيف ليت شعري سيفعل بالمهاجرين والأجانب أنفسهـم ؟!!
 
يقيـم الغرب الدنيـا ، ولا يقعدها ، وكأنّ الكرة الأرضية يكاد ينفجـر مركزها المنصهر فيمزّقهـا إربـا ، عندما يقع عنف يُنسب إلى المسلمين ، أو يقترفه بعضهم بغيـر علـمٍ ، ولا هدى ، ولا كتاب منيـر .
 
بينما يتسـتِّر ويتغافل بحقارة عن الحركـات الصلييبـة الإرهابيـة التي تتخـذ القتل العشوائي منهجا لتفريـغ ما في عقولها المليئة أرجاؤُها بالحقـد ، والكراهية ، والتعصِّب المقيت .$$$
 
ومن بابا الفاتيكـان  _ الملهِم الأكبر لجماعات التعصُّب الصليبي _ الذي يقف على رأس هرم (الإرهاب الصليبي) عندما يواصل هجومـه على القرآن ، والإسلام ، والنبيّ صلى الله عليه وسلم ،
 
 ومعـه آلاف المجموعات الإرهابية الصليبيّة  مـن أوربـا ، إلى منتهى الغرب الأمريكي ، على شاكلة جونـز الذي حرق المصحف في أمريكـا ، ودعـا إلى يوم عالمي لحرقه !
 
 مرورا بالمحافظين الجـدد أنفسهم في أمريكا ، الذين يحتشد وراءهم كنائس التعصب الأعمى الصليبي في أمريكـا ، تلك التي تولـد من أحدها بوش المعتوه المقـذوف بالحـذاء .
 
ومرورا بأمثالهم من الأحزاب السياسية المتطرفة الآخـذة بالتصاعـد في أوربـا.
 
كلُّهم يصدق عليهم ذلك الوصف.
 
ولاريب كـمْ يحـلو للصهاينة صـبُّ الزيـت على نـار هذا التعصب الصليبي ، بالإعلام الصهيوني الذي لم يـزل يبثُّ الرعب من الإسلام ، ويغذي فزّاعة ( الإسلامو فوبيا) ، وبالمنظمات الصهيونية التي تدعم المنظمات الصليبية المحرضة على إزالة المساجد ، ومنع المآذن ، وحظر الحجاب ، وطرد المهاجرين المسلمين ..إلخ.
 
ولهذا لـم يجـد أحـد رمـوز التعصُّـب الصليبي أعنـي (خيرت فليـدرز) ،  القائل : ( إنّ ثقافتنا تقوم على النصرانية ، واليهودية ، والإنسانية ، والإسرائيليون يحاربون في معركتنا ، وإذا سقطت القدس فستليها أمستردام ، ونيويورك )!
 
 لم يجـد مأوى له _ بعد حزبه المتطرف في هولندا _ مثـل الكيان الصهيوني ، حيث يلقى هناك الدعم اللامحـدود ، ومن ثـمَّ كـان يدافـع عن فيلمه الشهير ( فتنة ) ، وأقيم له هنـاك بمناسبته حفل تكريـم !
 
ثـم إن المشهـد مخيف جداً في الغـرب بأسـره ، فالأحزاب اليمينية المتعصبة التي على هذه الشاكلة ، تنتشـر بسرعـة في جنوب ، وشمال ، ووسط القارة الأوربية ، وتفوز بتشكيل الحكومات ، إمـّا وحدها أو بالتحالف مع غيرهـا ،
 
ففي فرنسا يتقدم حـزب المتعصِّـب جان ماري لوبان متحالفـا مع ( الإخاء المسيحي ) و( إخاء القديس بطرس ) ، كما يصعـد بسرعة كلُّ من ( حزب رابطة الشمال ) في إيطاليا و( حزب ديمقراطيي السويد ) في السويد ، وفي سويسرا قاد الإتحاد الفدرالي الديمقراطي ، وحزب الشعب السويسري مبادرة اليمين المتطرف لحظر المآذن ، وصُدم المراقبون من نتيجة التصويت بالأغلبية المؤيدة للمبادرة ، ومن حجـم التأييد الشعبي لها ! ،
 
 وأما ألمانيا فلا تسأل عن سرعة إنتشـار التطرف اليميني فيها ، إلى درجـة أنّ نواباً ينتمون إلى هذا التطرُّف المقيـت ، رفضـوا الوقوف في البرلمان حدادا على ضحايا هتلـر !
 
وعلى هذا المنوال تنمو الأحزاب المتطرفة في الغرب الأوربي ، والأمريكي ، وتتوالد تحت سطحها ديدان جماعـات التعصُّب الصليبي ، والتطرف الغربي ، منتشـرة على طول الخريطة من شرق الغرب الأوربي ،  إلى حدود المكسيك .
 
ومما أذهل المراقبون في تفجيري النرويج ، أنّ مرتكب المذبحة ، هو بعينـه مستشار رابطة الدفاع الإنجليزية المتطرفة ، خصوصـا في الكراهية ضد المسلمين ، وكان يقدم النصائح لها بهذا الشـأن ، وكان محـطّ إعجابها ، وسبـق أنْ ناقش مع الرابطة تكتيكات وقف أسلمة أوربـا !
 
أمـّا في أمريكا ، فحدث عن هذا الثالوث البغيض : ( التعصُّب ، والإرهاب الصليبي ، والتطرف ) ولا حـرج ،
 
ومن آخـر الأخبار ، أنـه ظهرت أكثر من خمسين منظمة متطرفة صليبية جديدة في السنتين الأخيرتين ،
 
ووصل عدد المجموعات الإرهابية المتطرفة الصليبية في أميركا إلى نحو 1000 منظمة بنهاية عام 2009 م ، وهي على غرار منظمة تيموثي ماكفي الذي فجر في مبنى حكومي في أوكلاهوما عام 1995م ، وقتـل أكثر من  168أمريكيا ، ثم شُـدّدت الرقابة على المباني الحكومية الأمريكية ، فأحبطت أكثر من 50 عملية تفجير خططت لها الجماعات الإرهابية اليمينيّة في أمريكا !
 
ثم تكاثـرت الجماعات اليمينية المتطرفة في أمريكا إلى درجة أنّ مؤلف أفضل كتاب يتحدث عنها بالتفصيل _  أعني كتاب عودة كلمة اللام _ قـد صرح : أنه يستحيل حصرها بدقة !
 
وتأمّلـوا .. أننـا لم نتحـدَّث بعـدُ عن الإرهاب الغربي الرسمـي الذي تنفـذِّه الجيوش الأمريكية في العالم بأسره _ لاسيما العالم الإسلامي _ و تأمر به الحكومات الغربيـّة متّخـذة من آلتيها العوراوين ( مجلس الأمن ، والأمم المتحدة ) غطاء سياسيا ،
 
ولا عـن جرائم هذا الإرهاب وكوارثه التي يندى لها جبين البشرية ، لاسيما بدعمه اللامحدود لجرائم الكيان الصهيوني منذ عقود ، وحمايته للطغاة ، وإحتلاله للشعوب ، وتدميـره لإقتصاد العالم ، ولبيئته .
 
وإنما حديثنا عن الحركات الإرهابية الغربية فحسب ، تلك التي تنتهج القتل العشوائي ، إنطـلاقا من كراهيـة (الآخر) لاسيما المسلمين !
 
ولعلَّك بعد هذه النبـذة السريعة ، تصـرخ بأعلى صوتـك _ أيها القارئ _ متعجِّبـاً : ياللهول أهـذا كلُّـه في الغرب !
 
ولا نسمع عنه شيئا ؟!!
 
ورويـدك ..لا تعجـب أخي القارىء ، ذلك أنّ الآلة الإعلامية الصهيوغربية كانت _ وستبقى تحاول _ مشغولـة بسـتر هذه العورة المغلَّظـة ، وبصـرف الأنظـار عنها إلى تشويه صورة الإسلام ، وأنـَّه تهديد خطيـر ، ويوشك أن ينهار العالم الحـرّ بسببه !!
 
وذلك لتحقيق ثلاثـة أهـداف :
 
أحدهما : إضـفاء الشرعية على مشاريع التحالف الصهيوغربي الإستعمارية الجديدة في العالم الإسلامي ، وما يندرج تحتها من جرائم إبادة ، وهيمنة ، ونهب ، وسلب .
 
الثاني : إبقاء أنظمة الطغيان التي تنفـّذ تلك المشاريع الإستعمارية على رأس السلطة في العالم الإسلامي ، مصـورةً بقاءها أنـَّه حماية من ( الإرهاب الإسلامي ) الذي يفجِّر فيكم أيها الشعوب ، ولسان الحال الكـاذب يقول : فعليكم أن ترضخوا للطغاة ، أو يأتيكم المفجِّرون البغـاة !!
 
 ثـم استخدام هذه الأنظمـة لمحاربة الإسلام بإسم الإسلام ، وتبديـله بإسلام مهجَّن يقبل الخضـوع لمخطّطـات التحالف الصهيوغربـي تحـت عناوين زائفـة مثل ( الوسطية ) ، ( الإعتدال ) ، ( التعايش مع الآخـر ) .. إلـخ !
 
الثالث : لرفع الغطاء الإخلاقي عن الحركات الجهادية التي تسلك سبيل المقاومة المشروعة لتحرير الأوطان من المستعمـر ، ولقلب الشعوب الإسلامية ضدها .
 
غير أننا نقول للغـرب بعد تفجيـر النرويج :
 
 إنَّ بريفيـك قد كشف ما فيك !
 
ذلك أنـَّه لايمكـن لأحـد إخفـاء دويِّ التفجيـر الهائل ، والمذبحة المروّعة التي اقترفها بريفيك في الأبرياء ، فجعل أوسلو تسلو عن كلِّ ما سوى هذه الكارثة التي أفقدت عاصمة السلام عذريـتها سفاحـاً لانكاحـاً !
 
وبذلك أرغـم بريفيك الغرب على كشف عورته ، وإبداء سوءته ، في ملف التطرُّف الإرهابي الغربي ، ففُتـحْ على مصراعيـه .
 
وكان ذلك _ بحمد الله تعالى _ بمثابة إنصاف للإسلام وأهله ، وردّ الأكاذيب عنه ، وذبِّ الإفتراءات عن وجهه الناصع البـريء الوضّـاء .
 
وكأنَّ الحادثة تقول للعالم : إذا كان المسلمون يُـتَّهمون بما يُظـنّ أنه يشينهم ، بسبب جماعة واحدة _ وهي مع ذلك تنكر ما ينسب إليها ، وتتبـرّأ منه _ وعامة الجهاد الإسلامي ، وقاعدته المقـررة أنَّ الجهاد مقصور على البلاد المحتلة ، لاتُوسَّع عملياته خارجها ، لاعتبارات كثيـرة إتفـق عليها العلماء ، كما يحرم بشدة ، وهو من أعظـم المحرمات في الإسلام ( فكأنما قتل الناس جميعا ) ، استهداف الأبرياء ، وكلِّ من ليس له علاقة بالإحتـلال .
 
إذا كان المسلمون يتهمـون كذلك ، فالغـرب الذي يتهمهـم ، لديـه أضعـاف مضاعفـة ، مـن الجماعات التي تعترف بوقاحة بجرائمهـا الوحشية ، بل تفتخـر بما يكفـي ، كما فعل (بريفيك) ، وقبـله (ماكفي) !
 
وبعــد :
 
فتأمَّلوا كيف يحمي الله تعالى هذه الدين العظيم ، تصديقا لقوله تعالى : ( ويأبى الله إلاَّ أن يتـمّ نوره ولـو كره الكافرون ) ، في هذا اللطف الخفيّ ،
 
 وفـي ثلاثـة ألطـاف أخـرى :
 
أحدهـا : بعدما ظـنّ التحالف الصهيوغربي أنه نجـح في إجهاض المشروع الإسلامي تحت خدعة ( الحرب العالمية على الإرهاب ) منفقـا الترليونات لتحقيق هذا الهـدف !
 
قلـب الله تعالى الشعـوب على الطغاة ، في هذه الثورات المباركـة ، فجعلت شعوبُنـا الطغـاةَ أنفسهـم ، هـم عنوان ( الإرهاب المذمـوم ) حقـّا كمـا يستحقونه ،
 
حتـى سُحـب من ( التداول الإعلامـي اليومي ) ، مصطلح ( الحرب على الإرهاب ) كما أرادته أمريكا ، وفرضته على الأنظمة العربية ، وما أثمره من حرب على الدين الحق ، ودعاته الصادقين ، حتى امتلأت بهم السجـون ، والمعتقـلات .
 
سُحـب وزُجّ في المزبـلة زجّـا ، ومجـَّهُ الناس مجـّا ، وجُعـلَ مكانه في كلّ جمعـة ، هذه الخُطب المباركـة التي تحـرّض الشعوب على الثورة الكامـلة إلى إمتلاك كامل إرادتها ، وتحريـر الإنسان من كلّ صور الإستبداد ، والطغيان ، الداخلي ، والخارجي.
 
وليس هذا فحسب ، بـل غدت شعوبنا _ بحمد الله تعالى _ تبصق في وجه كلِّ منبطح للطغيان ، مؤيـّد للظلمة ، من ( خصيان السلطان ) الذين استخدمتهم أمريكا في مشروعها ، وصارت شعوبنا تضعهم على (قوائم العار ) ، فانقلـب السحر على الساحر.
 
ثـمَّ فضح الله تعالى الغرب في هذه الثورات ، إذ حاول أن ينقـذ الطغاة ، مبديا مستور نفاقـه ، حتى إذا نجحت الثورات ، واقتربت من الإطاحـة بدُمَـاه ، خاف الفضيحة ، فهرول مدَّعيـا ماليس لـه ، كالدعيّ الزنيـم .
 
ولكن هيهـات فقد فات الأوان ، وانكشفت حقيقـة الغـرب ، وهو الآن يحاول إجهاض الثورات ، من وراء ستـار خبـثه ،  إذ لاشيء يثيـرُ حنق التحالف الصهيوغربي أكثـر من أن تقرر شعوبنا مـن يحكمها ، وتملك إرادتها السياسية الكاملة .
 
والثانـي : أظهـر الله تعالى بهذه الثورات سماحة شعوبنا، وبراعتها في إدارة الثورات السلمية ، وأنها شعوب متحضـِّرة ، قادرة على إحداث أعظم التغييرات بأدنى الخسائر ، ومع الحفاظ على الدماء ، والأموال ، والأعراض ، مصونـة .
 
حتى اليمن التي هي أكثـر بلاد الله سلاحـا ، تبيـن بالثـورة أنهم أكثـر شعوب الأرض تحضُّرا !
 
وسبحان الله تعالى .. هـذا في الوقت الذي تحدث مجـزرة ( التطرف الغربي ) في النرويج أهـدأ البلاد الغربية على الإطـلاق ،
 
فكيـف بغيـرها !!
 
فهذا من عجائب اللطف الربّاني بأمـّة المبعـوث العدناني .
 
واللطف الثالـث : قلـب الله على الكنيسة كيدهـا ، فبعد أن تطاول البابا على مقام النبيِّ الأعظم صلى الله عليه وسلم ، وأعقبه مدير مكتبه ، وعدة قساوسة أخباث قبله وبعـده ، سارت الركبان بفضائح الكنائـس الجنسية في إنتهاكاتهم لبراءة الأطفـال ، حتى لطَّخـت الفضيحـة وجـه البابا نفسه ، بتستِّره على ما يُنتهـك في كنائسه من جرائم جنسية ضد الأطفال !
 
أرادوا تشويه صورة النجم الألمـع ، والبدر الأروع ، والنور الأسطع ، محمّد صلى الله عليه وسلم ، فشوه الله صورتهم ، وقبح الله تعالى سمعتهـم ، بما لايقدرون على دفعه ، ولا يملكون منعـه !
 
قال الحقَّ سبحانه : ( إنَّ الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهـم ، إنْ في صدروهم إلاّ كبـر ما هم ببالغيه ) .
.
ووالله الذي لا إله إلاّ هـو ، لن يبلغـوا ما في صدورهم من الكيد للإسلام ، وأهـله ، بل سيـرتدّ عليهم حسرة ، وسيظهر الله تعالى هذا الدين الحقّ ، على الدين كلّه ، ولو كره الكارهـون .
.
 
والله أكبـر ، والحمد لله رب العالمين ، وهو حسبنا عليه توكلّنا ، وعليه فليتوكّـل المتوكـّلون .

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 25/07/2011