كشف المؤامرة على العمـل الخيـري الإسـلامي |
|
كشف المؤامرة على العمـل الخيـري الإسـلامي
تنبيه : هذا المقال هو المحاضرة التي ألقاها الشيخ في ندوة جمعية المحامين
التي نظمتها مع منظمة الحـرية الثلاثاء 24 يونيو 2008
،
حامد بن عبدالله العلي
،
( وإنَّه من الأفضـل لهم الآن ـ يعني السعوديين ـ أن يقوموا بتطهير نشاطات هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ، ورابطة العالم الإسلامي ، والندوة العالمية للشباب الإسلامي !) من تقرير وزارة الخزانة الأمريكية الذي تضمن إدراج مؤسسة الحرمين على قائمة الإرهاب
.
أحمد الله تعالى شاهدا ً له بالوحدانية أوَّلا ، وأعقـب بالصلاة والسلام على من أشهد له بأنـّه المبعوث رحمةً للعالمـين ، إمام المرسلين محمّد وعلى رسل الله أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
وبعــد :
فسأتحدث في هذا الجزء من الندوة المخصَّصة للحديث عن الآثار المدمرة للعبث بالعدالة الإنسانية تحت مسمى ( محاربة الإرهاب ) .
ولن أتحدث عن كارثة مليون قتيل في العراق ، ولا عن مآس يندي لها جبين البشرية ، بناء على أكاذيب وأكبـر ممارسة للخداع الدولي ، تحت اسم مكافحة الإرهاب ، ولا عما يجري في فلسطين ، لاسيما غزة ، كلَّ يوم من إرهاب صهيوني ، يرزح تحت نيره شعب بأكمله تحت دعوى ملاحقة الإرهابيين الذين يجاهدون لتحرير أنفسهم ، وبلادهم من الإحتلال ، ولا عمّا يجري في أفغانستان من انتهاكات بعيداً عن وسائل الإعلام .
ولا عمَّا جرى بعد إنطلاق هذا القرن البائس من انتهاكات لاتحصى لكلِّ حقوق الإنسان في أنظمتنا العربية تحت ذريعة ملاحقة الإرهاب ، بدءً من تكريس سياسة نقل الشعوب من خانة المواطنة وحقوقها إلى خانة القطيع الذي يتوارثه هرم السلطة أباً عن جـد ! مروراً بمشاريع زيادة المعتقـلات ، وإنتهاءً بميثاق الفضائيات العربية الذي هـو ـ في نظري ـ أكبر لطخة سوداء في جبين النظام العربي ، وهو في الحقيقية ليست تكميما للأفواه ، ولكن تخييط لها ! $$$
فهذا كلُّـه قد تحدثت عنه في لقاءات ومقالات سابقة ، ويمكن للحاضرين مراجعته فيما نشر على الإنترنت .
ولكني سأخصُّ بالذكر ما له علاقة بما حدث هـنا محليـا مؤخـَّرا ، وهو الهجمة الأمريكية الشرسة على العمل الخيري ، وعلى ـ أيضا ـ شخصيات معروفة ، وملاحقتهم تحت طائلة ما يسمى (القوائم السوداء) التي هي في الحقيقة ليست سوى عولمة لحالة الطوارىء ، تحت خديعة غطاء دولـي .
انطلاقة الظلم العالمي تحت ذريعة مكافحة الإرهاب وأوَّل الضحايا
أول ما انطـلقت قصة القوائم السوداء في يوم 7 نوفمبر 2001، أي بعد أسابيع قليلة من هجمات 11 سبتمبر، التي هزّت الولايات المتحدة.
ففي خطاب ألقاه في وزارة المالية، سمّـى الرئيس الأمريكي جورج بوش بنفسه، سلسلة من الشركات التي يُـشتبه في تمويلها للإرهاب الدولي، من بين هذه الشركات، كانت هناك أيضا منظمة التقوى للإدارة في لوغانو، التي يديرها يوسف ندا والتي تغيّـر اسمها قبل وقت قليل من تلك الأحداث إلى "ندا للإدارة". بهذه الطريقة، شاهد رجل الأعمال اسمه يُـنشر ويُـتداول على الصحافة الدولية، التي لم تتردد في تلقيبه بـ "أمين مال أسامة بن لادن"، كما ذكّـرت العديد من الصحف بأن يوسف ندا كان ينتمي منذ شبابه إلى حركة الإخوان المسلمين المحظورة منذ بداية الخمسينات في مصر.
فكان هذا الشخص وهو رجل أعمال مرموق أول من اكتوى بنار هذا الظلم الأمريكي ، ولم يحصل على براءة من المحاكم السويسرية إلاّ عام 2005م ، ولكن لم تشفع له هذه البراءة في إزالة إسمه من قائمة مجلس الأمن ، لأن الإزالة تحتاج إلى إتفاق كلّ الأعضاء ، وأمريكا عضو دائم ، فهذا يعني أنه لن يزال إسم أحـد ـ حتى لو نزلت براءته من السماء ـ إلاّ إذا رأت أمريكا أن تلك الإزالـة تحقق لها ما تريد .
معاييـر إعتباطية
تناقلت وكالات الأنباء الخبر التالي : اكتشفت طالبة روسية اسمها ماريانا سكفورتسوفا أنها على القائمة السوداء ، ولم تفاجأ بذلك إلاّ عندما منعتها الجوازات الفنلدنية من عبور الحدود الروسية الفنلدنية ، وتبيّن أنَّ اسمها أدرج بطلب من الحكومة الإستونية ، لأنها شاركت في مظاهرة إحتجاجية أمام القنصلية الأستونية في روسيا.24/1/2008 - وكالة نوفوستي
كنت أتساءل لماذا قال المحامي الأوربي ديـك مارتي في مؤتمر صحفي عقده في باريس بعد أن اجتمعت اللجنة البرلمانية في مدينةستراسبورغ الفرنسية ، واصفا طريقة الإدراج في القائمة الدولية للإرهاب : "حتى القاتل المحترف في أوربا يتمتع بحقوق أكثر من هذه".
وفجأة تذكرت مقولة ذلك المؤرخ الأوربي القرن الماضي الذي قال : ( إذا قامت الحرب فإن أول مـن يقتل هو الحقيقة ) .
ودعنـي أقولها مع في بدايات هذا القرن : ( إذا تولت أمريكا قيادة العالم فإن أول ما يقتل هو حقوق الإنسان ) .
ولاغرابة ، فقد استطاعت أمريكا بجدارة أن (تعولم ) قانون الطوارئ والأحكام العرفية ، التي تنتقد بعض الدول عليها ، أن تعولمها على العالم كلَّه !
والآن لم أعـد أتعجـَّب ـ كما كنت سابقا ـ مما قاله ذلك البرلماني السويسري المكافح ضد العبث الأمريكي بمعايير العدالة في العالم ، بعد شهر من تسلمه التحقيق في السجون السرية الأمريكية : "أوروبا لم تُقضي المئات من السنين للتخلص من مثل هذه الممارسات كي تراها تعود بين ليلة وضحاها".
فالآن يمكن لأيّ دولة تريد أن تنهي معارضا ، أو تكمم فما، أو تضيق على جمعية خيرية ، أو تقصي حزبا سياسيا ، أو تغير في المعادلة السياسية ، أن تطلب إدراج أسماء على القائمة السوداء للإرهاب ، فهي لاتحتاج إلى أكثر ما يحتاجه أي قانون طوارئ خالي من أي قيمة للعدالة في أي أشد دول العالم تخلفا ، وقسوة.
الدور الصهيوني :
في مارس 2005 م : قال وكيل وزارة الخزانة الأمريكية ستيوارت ليفي المكلف بملف إتهام الجمعيات الخيرية الإسلامية بالإرهاب ، قال للجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC) في مارس 2005م :
( إن المتبرعين من الأثرياء ، والمؤسسات الخيرية متعددة الجنسيات في المملكة العربية السعودية ، كانوا يشكلون غطا ء لكافة إشكال الإرهاب ، وبدون أي رقابة تذكر ..نحن الآن ننتظر بفارغ الصبـر إنشاء هيئة تقوم بالإشراف على القطاع الخيري ، ولازلنا نصر على أن تقوم هذه الهيئة بتنظيم عمل جميـع المنظمات الخيرية السعودية!)
،
والمقصود بلا ريب ليس تنظيم ، ولكن إنهـاء عمل المنظمات الخيرية الإسلامية كلها وليـس السعـودية فقط ، مما يدل على حجم هذه المؤامـرة الخطيرة ،وأن الصهيونية تـقف وراءها .
حقيقة القائمة السوداء
يجب أن نعرف أولا ما هي حقيقة القائمة التي تسمى قائمة الإرهاب الدولي ، هذه القائمة مأخوذة من مسودة أميركية مدرج عليها أكثر من 755 ألـف اسم ، سبعمائة وخمسة وخمسين ألف أسم ، كما ذكر موقع السي إن إن الالكتروني بتاريخ 30أكتوبر 2007م ،
، مما دعا أحد أعضاء مجلس الشيوخ إلى استنكار هذا الرقم ، وإلى أن يتساءل عن سبب ارتفاع معدل إدراج الأسماء إلى خمسمائة بالمائة في الثلاث سنوات الأخيرة ؟!!
ومن هذه القائمة الظالمة ، ترفع الأسماء إلى مجلس الأمن دوريا ، ويصوت عليها ، فالعام الماضي تم إضافة لجنة الدعوة الإسلامية بالكويت ، وهذه السنة تقدمت أمريكا بطلب لإدراج جمعية إحياء التراث الإسلامي في الكويت ، وتم تأجيل التصويت عليها في مجلس الأمن
وكان رجل الأعمال المصري المعروف يوسف ندى من أوائل الذين أدرجوا ولايزال يكافح لرفع أسمه .
ولو أن القارئ يطلع على مقال بعنوان : عندما تخرج العدالة عن السيطرة ، في صحيفة الواشنطن سبكتاتور بتاريخ 1أكتبور 2007م ، سيرى العجب كيف تم إدراج مؤسسة الحرمين الخيرية ـ مثلا ـ لهذه القائمة ، حيث سيتبين أنها عملية إعتباطية قائمة على معايير في غاية السخافة ، كما صرح بذلك المحامي الأمريكي في المقال .
ولهذا استطاعت بعض فروع مؤسسة الحرمين ، أن تكسب القضية ضد الخزينة الأمريكية ، لكن لايزال مركزها الرئيسي مغلقا .
ثم قبل عدة أيام من اليوم ـ الندوة في يوم 24 يونيو 2008 ـ تم إدراج مؤسسة الحرمين كلها على قائمة وزارة الخزانة الأمريكية للإرهـاب ،
وجاء في تقرير أمريكي يصف هذا الإدراج :
( مؤسسة الحرمين هي واحدة من أكبر المؤسسات الوهابية ، والمنظمات الخيرية المدعومة من الحكومة السعودية في العالم ، وقبل الحادي عشر من أيلول ، كانت مكاتبها التي كانت تعمل في مختلف أنحاء العالم ، تقدم الأموال للترويج لمذهب الوهابي ، من خلال دعمها للمشاريع ، النشاطات الإجتماعية ، والتعليمية ، والثقافية ، والإنسانية المحلية ، وقد كانت العائلة المالكة السعودية من بين الجهات الرئيسة التي كانت تتبرع للمؤسسة ، بالإضافة إلى العديد من الأثرياء من الأفراد ، والمؤسسات الخاصة ...وكانت مؤسسة الحرمين من أوائل المؤسسات الخيرية التي كانت على علاقة مباشرة بتمويل تنظيم القاعدة ، وإرسال الأموال إلى جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة وحركة طالبان ، حيث كانت تنشط في أفغانستان ، والبوسنة ، وكينيا ، والصومال ، وأندونيسيا ، وباكستان ، ودولا أخرى ، تحت مزاعم المساهمات الخيرية في النشاطات الإجتماعي.. .. وقد ظل المسئولون في وزارة الخزانة الأمريكية يطالبون الحكومة السعودية بصورة منتظمة ، ومنذ مدة طويلة بالوفاء ، بتعهداتها للسيطرة على مؤسسة الحرمين ، وغيرها من المؤسسات الخيرية الكبرى ، التي تتلقى دعما هائلا من السعودية ، من بينها هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ، ورابطة العالم الإسلامي ، والندوة العالمية للشباب الإسلامي ) .
وقد كان الشخص المكلَّف بهذا العمل على نطاق واسع هو ستيوارت ليفي ، وكيل وزارة الخزانة الأمريكية الذي قال للجنة العلاقات العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC) في مارس 2005م :
( إن المتبرعين من الأثرياء ، والمؤسسات الخيرية متعددة الجنسيات في المملكة العربية السعودية ، كانوا يشكلون غطا ء لكافة إشكال الإرهاب ، وبدون أي رقابة تذكر ..نحن الآن ننتظر بفارغ الصبـر إنشاء هيئة تقوم بالإشراف على القطاع الخيري ، ولازلنا نصر على أن تقوم هذه الهيئة بتنظيم عمل جميـع المنظمات الخيرية السعودية ، وبالإضافة إلى القلـق الذي نشعر به تجاه تصدير الأموال الإرهابية ، نشعر بقلق كبير أيضا تجاه تصدير الفكر الإرهابي ، فهذه التعاليم تعد ضرورية ، ولاغنى عنها بالنسبة للإرهابيين ، مثلها مثل الأموال ، بل ربما تكون أخطر منها ، ويجب علينا أن نبذل قصارى جهدنا للتأكد من أن الفكر المتطرف الذي يدعو إلى العنف ، لايتم نشره تحت غطاء المنظمات الدينية ، أو المؤسسات الخيرية ، أو المدارس.. )
ثم قال التقرير بعد أن ذكر أن قرار إدراج مؤسسة الحرمين جاء متأخرا :
( وإنَّه من الأفضـل لهم الآن ـ يعني السعوديين ـ أن يقوموا بتطهير نشاطات هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية ، ورابطة العالم الإسلامي ، والندوة العالمية للشباب الإسلامي ؟ ) انتهى من التقرير.
ولأنَّ هذه القائمة لاتقوم على معايير العدالة ، تقـدم المحامي العام للإتحاد الأوربي بواريه مادورو بتوصية للإتحاد الأوربي ، بعدم الإلتفات إلى قرار الأمم المتحدة ، وإلى رفع الحظر عن أموال ياسين قاضي رجل الأعمال السعودي ، قال : ( لأن الأمم المتحدة لا تبني قراراتها على محاكمة عادلة ، وهو نفس السبب الذي من أجله رفعت منظمة مجاهدي خلق من القائمة ) هذا الخبـر كما في صحيفة الوسط الإلكترونية بتاريخ 21 يناير 2008م
، ولكن ياسين قاضي لم يرفع اسمه حتى الآن ، وأما (مجاهدي خلق ) فلهم دور سياسي آخر سيأتي في الصراع مع المشروع الإيراني ، ولعله لهذا رُفع أسمها الآن ؟!!
على أية حال تشمل هذه القائمة كثيرا من المؤسسات الإسلامية ،والشخصيات الإسلامية ، والمفكرين ، والدعاة ، وتزداد كل سنة ، فوزارة الخزانة الأمريكية تدفع بين الفينة والأخرى بأسماء جديدة ، تجمع معلومات عنهم من وسائل الإعلام ، وتضيفهم وهكذا ، فهي قائمة تتضخم ، والله يسـتر كم سيبلغ العدد ، لكن بالتأكيد لن يكون عليها أي شخصية إسرائيلية مهما كانت جرائمها !!
مدى صدقيـة الجهة الراصدة لأسماء من يدرج على قائمة الإرهاب
بتاريخ 23 يناير 2008م نشر موقع السي إن إن ، دراسة أمريكية أن بوش ومعاونيه ، قـد أرسلوا مئات الإفادات المضللة عن العراق ، منذ 2001م !
ولسنا بحاجة إلى تفصيل القول بمدى صدقية الإتهامات الأمريكية ، مادام الناطق الرسمي للبيت الأبيض سكوت مكليلان قد كفانا في كتابه الذي صدر هذا العام ، وهـزَّ الإدارة الأمريكية : (ماذا حدث.. داخل البيت الأبيض في فترة بوش وثقافة الخداع في واشنطن) ، فهذا الكتاب فضح أكاذيب الإدارة الأمريكية ، وبين كيف أنها تمتهـن الخداع .
نظام القوائم السوداء يُوجّه رسالة مُدمّـرة إلى العالم
نشر موقع الإذاعة السويسرية الخبر التالي في 12نوفمبر 2007م : ( صادقت اللجنة المعنية بالشؤون القانونية في الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يوم الإثنين 12 نوفمبر الجاري في باريس على تقرير السويسري ديك مارتي حول القائمة السوداء لكل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي للمشتبهين بالتورط في نشاطات إرهابية.
ودعت اللجنة إلى إعادة النظر "بشكل مستعجل" في آليات وضع تلك القائمة "التعسفية بالكامل ومنعدمة المصداقية"، آليات تجسد حسب المُقرر مارتي "انزلاقا خطيرا للديمقراطيات الغربية نحو الاستبداد في مكافحة الإرهاب وتبعث بـرسالة مدمرة إلى العالم".
ندد السيد ديك مارتي، النائب عن الحزب الراديكالي في مجلس الشيوخ السويسري ورئيس لجنة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان التابعة للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا (مقره ستراسبورغ)، بالقائمة السوداء لكل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي للمشتبهين بالتورط في أعمال إرهابية، قائلا إنها تنتهك حقوق الإنسان.
وفي مؤتمر صحفي عقده يوم الإثنين في باريس، شدد مارتي على أنه "باسم الحرب على الإرهاب، تقوم الأجهزة التنفيذية بصورة متزايدة، بالحد بقوة من مجال اختصاص السلطة القضائية، مضيفا "هذا يعني ضمنا، وهذه رسالة مدمرة، أن الحقوق الأساسية وسيادة القانون وحقوق الإنسان (...) لا تصلح إلا عندما تكون الأمور على ما يرام. أما في حالات الأزمات، فتنعدم قيمتها تماما".
وتبنت لجنة القضايا القانونية للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا تقرير السيد مارتي حول تلك القوائم التي تُدرج فيها أسماء أشخاص على أساس مجرد الاشتباه، وأحيانا، دون إبلاغها، ولا إمكانية الاستئناف ولا شطب أسمائها بعد التحقق من براءتها، حسب ما أكده تقرير المقرر السويسري.
ودعت اللجنة في بيان إلى إعادة النظر "بشكل مستعجل" في آليات تطبيق هذه اللوائح السوداء "التعسفية بالكاملة والمنعدمة المصداقية" على حد ما جاء في التقرير.
"دينامية تعسفية"
وفي عرضه لأبرز الاستنتاجات التي خلص إليها تقريره، قال السيد مارتي "إذا القينا نظرة على اللوائح السوداء، وعمليات الاحتجاز السري (...) في غوانتانامو، والتجميع الجديد للمعلومات حول كافة ركاب الطائرات، أَستنتجُ أن ثمة دينامية تعمل، باسم الحرب ضد الإرهاب، على أن تصبح الحقوق الأساسية مُقيدة بشكل متزايد، والحق في الدفاع وهمي أكثر فأكثر".
وأضاف في تقريره الذي صدر يوم الأحد 11 نوفمبر الجاري "إن الممارسة الحالية التي تعتمد القوائم السوداء تنتهك الحقوق الأساسية وتضعف مصداقية الحرب الدولية ضد الإرهاب".
ونوه إلى أن الأشخاص أو الشركات المُدرجة أسماؤها على تلك القوائم تواجه عقوبات فردية مثل تجميد ممتلكاتها أو حظر سفرها إلى الخارج. وندد مارتي بغياب "حقوق الدفاع" بالنسبة للأشخاص المسجلة على تلك اللوائح مشددا على أن "هذا الإجراء لا ينص على أي ضمانة بحقهم" خلافا للمعاهدات الدولية والأوروبية التي صادقت عليها كافة الدول المعنية.
وجاء في هذا التقرير الذي سيـُناقش في يناير القادم أمام نواب مجلس أوروبا في ستراسبورغ "إن العواقب قد تكون مأساوية على الحياة الشخصية والمهنية"، مذكرا أنه "في غالب الأحيان تقترح دولة ما إدراج اسم على اللائحة بدون تقديم أسباب مفصلة للجنة العقوبات التي تعطي موافقتها بدون الاستماع إلى الشخص المعني أو حتى إبلاغه بالأمر".
اقتراحات الإنصاف.. وحالة يوسف ندا
ويقترح تقرير السيد مارتي أن يتم إبلاغ وإعلام الأشخاص المدرجين على القوائم بالاتهامات الموجهة ضدهم كي يتمكنوا من تأمين الدفاع عنهم واللجوء إلى هيئة مستقلة، وكي يتلقوا تعويضات في حال حصول انتهاك غير مبرر لحقوقهم. كما يدعو إلى شطب اسم من تثبت براءته من تلك اللوائح.
ويضيف المقرر السويسري "بصراحة، هذا الأمر يتجاوز الحد، فمثل هذا الإجراء غير قائم ومن المستحيل تقريبا سحب اسم من اللائحة السوداء، وهذا وضع غير شرعي وغير مقبول".
واستشهد مارتي بحالة السيد يوسف ندا، التي شبه مضمونها بالأجواء الكئيبة لمؤلفات الكاتب التشيكي "فرانز كافكا". ويُذكر أن السيد ندا هو رجل أعمال إيطالي مصري الأصل، وعضو جماعة الإخوان المسلمين، ومقيم مع عائلته منذ 30 عاما في جيب كامبيوني الإيطالي الذي يقع وسط كانتون تيتشينو جنوبي سويسرا.
وكانت الشبهات قد حامت حوله بالمشاركة في تمويل أحداث 11 سبتمبر 2001 قبل أن يُبرأ في 1 يونيو 2005 من قبل القضاء السويسري بعد تحقيق استمر أربع سنوات، إذ أصدر مكتب المدعي العام الفدرالي حكما بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى في التحقيق الأولي ضده، ليـُغلق الملف بسبب الافتقار للأدلة ولتـُقدم تعويضات بسيطة للسيد ندا.
وقال مارتي "حتى اليوم لا يزال اسمه (السيد ندا) على القائمة السوداء"، وقد حرم من ممتلكاته ومن حق السفر.
لجنة البندقية بالمجلس الأوربي تقر بعدم مشروعية القوائم الإرهابية السوداء
نشرت الوكالات الخبر التالي بتاريخ 14 نوفمبر 2007م ( صادقت لجنة البندقية بالمجلس الأوروبي على تقرير السويسري ديك مارتي حول عدم مشروعية القوائم السوداء السرية للإرهابيين، والتي تضعها كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وذلك بسبب أسلوب إدراج أسماء المشتبه بهم والشركات والمؤسسات، وانتهاكه لحقوق الإنسان وللاتفاقيات الدولية.
وطالبت اللجنة الدول المشاركة في وضع هذه القوائم بضرورة التزام آليات موضوعية واضحة يتم على أساسها إدراج الأسماء، مع ضرورة إبلاغ المدرجين وأن تعطى لهم الفرص القانونية للدفاع عن أنفسهم، وألا يتم الإدراج بناء على شبهات بل على حقائق ومستندات تفيد تورط هؤلاء في تنظيمات إرهابية أو تمويل الإرهاب. وطالبت اللجنة برفع العقوبات عن الأشخاص الذين ثبتت براءتهم من الإرهاب وأن يتم رفع الحصار والتجميد عن أموالهم وأنشطتهم. وشددت اللجنة على ضرورة إنهاء الإجراءات والعمليات التعسفية في وضع هذه القوائم واعتماد آليات جديدة يتم من خلالها احترام حقوق الإنسان)
خلاصـــة :
ونقول بعد هذا كلَّه إنَّ أعظم عار على لجان حقوق الإنسان الكويتية ، والعربية ، والعالمية ـ وأعني بها غير المسيّسة ـ أن تقبل الهزيمة أمام هذه الطامة الكبرى التي أصابت العدالة في مقتل ، وهي القوائم السوداء ، لمجرد أنَّ الأمم المتحدة هي التي تتبنى هذه السياسة المليئة بالتعسف ، وإنعدام العدالة .
ولهذا فإني أدعــو أن يتمّ تشكيـل جبهـة موحدة بين جميع جمعيات حقوق الإنسان العربية والعالمية ضد هذه القوائم السوداء ، وممارسة جميع الوسائل لإنهاء هذه البلاَّعة التي تذكرنا بمحاكم التفتيـش ، بل هي أسوء من تلك المحاكم ، فكانت تلك المحاكم على الأقل فيها محكمة صورية ، أما هذه الأحكام القرقوشية فهي أسوء حتى من حكم فرعون ، فحتى فرعون لعنه الله ، استمع لموسى ، وطلب منه أن يعرض أدلته علنـا أمام الملأ ، ثم تم رفع القضية إلى محاكمة علنية كبرى حيث حشر الناس كلُّهم ، كما قال تعالى ( موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى ) ، وأظهر موسى عليه السلام حججه وبراهينه أمام الشعب كلَّه ، وهذا كلـّه تم بموافقـة أعلى سلطة في حكومة فرعون لعنه الله ،
أما هذه القائم السوداء ، فيفاجأ المـدرَج عليها بأن أرصدته قـد جمُدت ، وتم حبسه في بلده ، وهو لم يطلَّع حتـّى على صحيفة إتهامه ، وعندما يطـلب ذلك ، يقال له : إنها أدلة سرية !!
هذا وأسأل الله تعالى أن يعين كل من يسعى لتحقيق العدالة في العالم ، وأن يرد الطغاة ، والظلمة ، والمعتدين على حقوق الناس على أعقابهـم خاسرين ، آمين
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 26/06/2008