حامد بن عبدالله العلي
قبل عام من أحداث 11/ 9 كنت قد نشرت مقالا في الصحافة ، توقعت فيه أن الحملة الغربية على الإسلام ستسعر نارها ، ويشتعل أُوارهـا ، أكثــر مما هي عليه ، وسيُطلب من الحكومات العربية القيام بدور أكبر ـ أكبر مما كانت تقوم به ـ في كبح جماع الحركة الاسلامية المتصاعدة في العالم العربي والإسلامي عامة ، وفي الخليج خاصة ، إذ كان في الخليج ، مبعث الدعوة الإسلامية العالميّة ، والجهاد الإسلامي العالمي ، وشريانهما الأساسي .
وكان مما استشهدت به ، لقاء أجرته مجلة دوليّة لايحضرني اسمها الآن ، غير أني لازالت أحتفظ بالنقول المترجمة من لقاءها مع أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور فرانك فريدي، وهو لقاء في غاية الأهمية ، فهو غير مسلم ، لكنه يتحلّى بجانب كبير من الإنصاف والعدل ، في نظرته الى الاسلام .
وقد ألقى فرانك فريدي الضوء ـ آنذاك .. وأنبّه القارئ أن يتذكر أن الكلام منشور قبل أحداث 11/ 9 ـ على المثلّث الذي يوضّح صورة الحرب على الإسلام في العالم الغربي ، وأضلاعه هي :
الأسباب ـ الأهداف ـ الوسائل .
أما في جانب الاسباب : فقد أوضح الدكتور فرانك أحدها فقال :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( فالطبيعة الهيستيريّة لمخاوف الغربييّن من الإسلام ، تتطلّب منّا أن نحاول تفسير أسبابها الحقيقيّة وكيفيّة حدوثها ، بدأت هذه المخاوف من سنوات قليلة مضت ، عندما قرأنا في الصحف أن بعض الغربيين ، قد استبدلوا دينهم المسيحي بالاسلام ، وأذيعت حكايات عن قيام قادة للفكر ، وبعض نخبة، وصفوة المجتمع الغربي ، باعتناق الدين الاسلامي ) .
وعن سبب آخر قال : ( كثير من الغربيين لايصدقون عيونهم ، عندما يشاهدون المساجد ايام الجمعة ، وقد اكتظت بالمصلّين ، بينما الذين يتوجهون للكنائس في أي يوم أحد في بريطانيا كلها ، لا يكادون يملؤون كنيسة واحدة .
ان كثيرا من الناس ينظرون الى هذا الموقف من الاسلام ، على أنه نوع من الكراهية له ، والعنصرية ضده ، لكنه أكثر ما يكون نوعا من رد الفعل الشديد ، الذي يشبه الهلع من الاسلام .
بسبب ما يتصف به هذا الدين من التماسك والاستقامة والثبات التي يفتقر اليها الغربيون أنفسهم ، وكذلك فان هناك تناقضا أو ازدواجية في موقف الغربيين ازاء الاسلام سببه ليس فقط التحامل والتحيز ، وانما أيضا الحسد والغيرة من أشياء لدى المسلمين ، بينما لم يعد لها وجود في الغرب ، ذلك هو الايمان الراسخ بمعتقداتهم وأيديولوجياتهم ) أ.هـ
ولك أن تتذكر قوله تعالى (وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) البقرة 109
أما عن الهدف فقـد عبّر عنه المفكر فرانك فريدي بقوله :
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(( اتخاذ مزيد من الإجراءات القهريّة ، والقمعيّة ، للتعامل مع ما يسمونه الآن الطاعون أو الوباء الجديد للإسلام، كما يتصوره الغربيّون ، وسوف يكون لذلك صداه في العالم كله .
أما الحكومات الغربية فسوف تستعرض عضلاتها لممارسة ضغوط لاجبار الدول الاخرى ، على اتخاذ اجراءات مشابهة لمواجهة الوباء القادم ، كذلك فلن يمر وقت طويل قبل أن نرى المزيد، والمزيد من الحكومات الاسلامية ، وقد تم اجبارها على القيام بدور الشرطي لمطاردة الاسلاميين ، لحفظ السلام والامن ، وللتاكد من أن العدو المسلـم ـ الذي يعيش في خيالهم ـ قد تم صده وكبح جماحه ) أ.هـ
ولك أن تتذكر هنا قوله تعالى (إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ ) الممتحنة 2
وأما أولياؤهم من الحكومات التي رضيت لنفسها أن تكون أداة لقمع الإسلام ففيهم قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُواْ أَهَـؤُلاء الَّذِينَ أَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُواْ خَاسِرِينَ ) المائدة 51ـ52
وأما عن الوسائل فقد عبر عن بعضها بقوله:
ــــــــــــــــــــــــ
( اعتبار من يُتهم في معتقداته ، بأنه يشكل تهديدا للحياة الطبيعية في المجتمع الغربي ، مثل هذا الشخص يصبح مستهدفا من الدولة التي يعيش فيها بالغرب نتيجة لمعتقداته ).
ثم قال ( لعلك تلاحظ هذه الأيام انشغال المنظمات الغربية غير الحكومية ، في محاولة إنقاذ الأطفال الإفريقيين ، من إساءة معاملة مزعومة من جانب أولياء أمورهم الأفريقيين .
كذلك ما يثار عن الحاجة الى انقاذ المرأة المسلمة من براثن الرجل المسلم ، طبقا لادعاءات ، ومزاعم المنظمات غير الحكومية النسائية الغربية ، ان ما يحدث الان هو أن المخاطر التي تقلق الغرب ، والهواجس التي تنتاب الغربيين ، قد تحولت الى قضايا عالمية، فهو تخف في زي دولي أو غير حكومي .
00 لقد صورت الجماعات النسائية الغربية الرجل المسلم ، بصورة يبدو فيها أمام العالم كأسوأ رجل في هذا الكون ، والجماعات المهتمة بالسكان تشجب الاسلام ، وتدين المسلمين لموقفهم من موضوع تحديد النسل )أ.هـ
وهذا كما قال نفسه في كتابه " الأيدلوجية الإمبريالية الجديدة " : ( أنه نادرًا ما يتم السؤال عن المطالبات الأخلاقية للإمبريالية بالغرب، وأن الإمبريالية والامتداد العالمي للقوى الغربية تم تقديمه في صورة إيجابية كمساهم حقيقي في الحضارة الإنسانية، ولم تعد كلمة الإمبريالية متواجدة، والكلمة الدارجة الآن هي الحضارة، أو إذا أردنا التحديد أكثر تكون "الثقافة" ) .
والمقصود أن هدف الغرب هو الاستلاب الحضارى ، وإحلال ثقافته محل الثقافة الإسلامية ، فهي إمبريالية جديدة ، يطلق الغرب عليها ، أسماء جديدة .
إنها حملة لمحاربة الإسلام نفسه ـ وليس ما يطلقون عليه الإرهاب ـ وتفكيك عوامل قوته ، وفرض غطاء دولي لتهجين معتقداته ، تحت اسم حقوق الإنسان أو غيرها ، وهذا هو التفسير المنطقي الوحيد لمواقفهم الازدواجية تجاه ما يطلقون عليه ( الإرهاب ) ، فلا يعنيهم منه إلا ما يتعلق بالعالم الإسلامي فحسب.
وأهم شيء فيما قاله الدكتور فرانك فريدي ، هو اعترافه بفشل الليبرالية الغربية على مستوى الفكر أيضا ، حيث قال :
( وتقوم الجماعات الليبرالية التي تنتهج فكرا ليبراليا متحررا بالقاسم المشترك ، أو العنصر الموحد بين تلك الجماعات ، والحكومات التي تقف للإسلام بالمرصاد ، المهم أن كلّ ذلك يحدث من نخبة المجتمع الغربي، وقادة الفكر فيه ، ثم يمتدحهم المادحون معبرين عن إعجابهم بهم قائلين : انهم ليبراليون متحررون يتمتعون بعقول متفتحة ) !!
وقال ( ذلك هو مثال عن الليبرالية الزائفة التي تنتهجها نظم الحكم ، والجماعات الغربية هذه الأيام ، التي تستهدف الناس وتلاحقهم، طبقا لمعتقداتهم، وأساليب حياتهم ) أ.هـ.
هذا كله كنت قد كتبته قبل عام من أحداث 11/9 ، متوقعا أن الأمور ستتطور إلى نحو دراماتيكي سريع في محاربة الإسلام ، ليس استشهادا بكلام فرانك فريدي فحسب ، بل بأن كل الحملة الإعلامية الغربية المستعرة ضد الإسلام ، والتي تصاعدت وتيرتها بصورة ملفتة جدا في التسعينات الميلاديّة ، مع تصاعد العودة للإسلام ، لايمكن أن تكون عشوائية ، ولا وليدة الصدفة ، بل كانت موجّهة ، تحضّر لتغيير عالمي ، وأنها لاريب تتّجه إلى صدام مباشر وهائل ، هائل إلى درجة مستوى الصراع الحضاري مع الإسلام ، ونقصد هنا الإسلام المنزّل ، وليس الإسلام المبدّل الذي تصنعه الدوائر الغربية في ضمن كيدها نفسه.
ثم ما لبثنا حتـى :
جاءت أحداث غزوة مانهاتن :
ــــــــــــــــ
ثم إطلاق ما يسمى الحملة الدولية ( الصليبية ) على الإرهاب ، وإجبار الدول العربية والإسلامية على أن تحدد موقفها بوضوح ، مع أو ضـد ، فانكشف الغطاء ، وسقطت الأقنعــة .
ثم احتلال أفغانستان .
ثم إطلاق حملة صليبيّة أخرى ، أطلق عليها حملــة ( إعادة ترتيب الشرق الأوسط ) .
بدأت بالاحتــلال الصليبـيّ للعراق .
ثم نصب حكومة عميلة في العراق ، تمهّد لقبول الكيان الصهيوني ، تحت غطاء حمل إعادة ترتيب الشرق التوسط ، وتسمح بتمريــر هذه الحملة .
وما تبقى من المخطّط هو :
ـــــــــــــــ
** إنهاء القضيّة الفلسطينيّة لصالح المخطط الصهيونيّ الصليبيّ الذي وضعته عصابة شارون وبوش .
** استكمال إدخال دول المنطقة في وضع سياسي جديد ، يتلاءم مع النظام العالمي الجديد بقيادة القطب الواحد ، والرضوخ لمتطلباته .
** إحداث التغيير الثقافي والاجتماعي الذي يختاره هذا النظام العالمي لدول المنطقة ، وفق المعايير الأمريكية نفسه قطب النظام العالمي الجديد .
وعلى جميع الموظفين على زعامات الدول العربية تنفيذ ما تقدم ، كلُّ في اختصاصه !!
الواجب ، والتوقعات :
ـــــــــــ
وإذا تبيّن هذا كله ، فلاريب أن من أعظم الفروض على المسلمين اليوم :
أولا : رفـع مواجهة هذا الخطر ليكون على رأس سلم الأولويات بلا منازع.
ثانيا : إطلاق حملة مضادة ، لجهاد هذه المخطط الخبيث ، وإفشاله بكل الوسائل المشروعة .
ولاريب أن جهاده فرض على الأمة :
ــــــــــــــــــــ
بالسلاح فيما يقتضيه الوضع ، القيام بهذا النوع من الجهاد .
وباللسان ، والمال، فيما يتعذّر فيه الجهاد المسلّح ، أو يكون بحيث لا يحقّق أهدافه ، فيؤدي إلى إخفاقات في الحملة الإسلاميّة المضادّة .
وبإطلاق المشاريع الإسلاميّة الدعويّة ، وزيادة زخمهــــا ، وتكثير مؤسساتها ـ على أن تتوحّد أهدافها وتتساوق جهودها على مسارات غير متقاطعة ـ لمزاحمة وإزاحة المشاريع الغربيّة المزروعة في الأمّة ، والتي تتمثّل في المؤسسات الإعلاميّة ، والثقافيّة ، والاجتماعيّة الموالية للحملة الصليبيّة.
التوقّعات :
ـــــ
أما على صعيد التوقعات ، فهي تقودنــا إلى احتمالين :
أحدهما :
ــــــ
أن تحقق الحملة الصليبيّة نجاحـاً في مشروعها في العراق ، ويترتّب على هذا إخفاقات متسلسلة ليست في صالح المسلمين ، على صعيد الصراع مع اليهود في فلسطين ، ثم تدخل المنطقة في تطورات سياسية وفق المخطط الصليبيّ .
ويلقى الحضور الإسلامي عنتـاً ، وفترة عصيبة جدا ، تكون مرحلة امتحان عسير لها ، ثم يقضي الله في أمره ما شاء .
الاحتمال الثاني :
ـــــــــ
فهو أن تفشل الحملة الصليبيّة فشلاً ذريعـــاً ، يبدأ بفشل مشروعها في العراق ـ كم هو في طريقه إلى الفشل الساحق في أفغانستان ـ يعقبه سقوط إدارة بوش ، وتهاوي كل عصابتـــــه المجرمة ، وتراجــــــع نفــــــوذ ( المحافظون الجدد ) ، إثـر ذلك ، وتعثر خططهم الجديـــدة ( خارطة الطريق وأبو مازن ) في الصراع في فلسطين أيضـا ، وعودة كل شيء ـ تقريبا ـ إلى ما كان قبل 11/ 9 .
غير أن هذا ، سيكون أثره كبيرا جدا على القوّة الأمريكيّة ، إذ سيتطور الوضع العالميّ بعــد انقشاع الحلم الإمبراطوريّ لبوش وعصابته ، بانهيار في القوة الأمريكيّة ، وسيكون ـ والله أعلم ـ تراجعا تدريجيّاً ، يواكبه تصاعد تدريجيّ في قوة الحضور الإٍٍسلاميّ على الصعيد العالمي ، وسيأخذ هذا التناسب العكسي ، مدى زمنيّاً طويـلا نسبيّاً .
لكنه سيؤدّي في النهاية ، إلى تغيّر كبير في معالم المشهد السياسيّ العالميّ ، فيصبح نظاما متعدّد الأقطاب ، مما يسمح بامتلاك الحضور الإسلاميّ آلـة الدولة ، في أكثر من مكان ، فيمهّد ذلك لتشكّل قوّة إسلاميّة عالميّة ضاربة والله أعلم.
وهذا الاحتمال الثاني هو الأقرب بل هو الواقع فعلا إن شاء الله تعالى .
ذلك أن كل المؤشرات تتوجه إلى حقيقة واحدة هي أن خطط التنفيذية للمحافظين الجدد ، التي يقودهــا إبليس ، وأبالسة البيت الأبيض ، إنما بُنيت على :
معلومات مغلوطة أو دراسات فاشلة ، عن حقيقة هذا الدين .
وعلى الإستكبار في الأرض ، وغــرور القوة .
وعلى ردة أفعال انتقاميّة غير متّزنـة ، كعادة الأمريكييّن خاصة.
فأمرهم إذاً كما قال تعالى : (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَارِهِم بَطَرًا وَرِئَاء النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَاللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ * وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ )
أما الذين يثبطون المسلمين عن مواجهة الحملة الصليبية ، فهم طائفتان :
المنافقون من الزعماء الخونة ، وأذنابهم من المثقفين المرتزقة .
والذين في قلوبهم مرض الانهزام ، أو الخوف ، والشك والارتياب .
فأمرهم كما قال تعالى :
(إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ).
وأما نهاية فرعون البيت الأبيض وآلــه ، فهو كما قال تعالى :
( وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ ) .
وأما واجب المسلمين ، فقد بيّنه الله تعالى في قوله :
( فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَّنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ، وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاء إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ * وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ * وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ ) .
الحملة الصليبيّة الأمريكيّة تتعرض لاختبار عسير :
ـــــــــــــــــــــــــــ
ويجب أن يُعلم أن هذه الحملة الصليبيّة ، تتعرّض اليوم لاختبار عسير ، في ثلاثة مواضع ، في أفغانستان ، وفي العراق ، وفي فلسطين .
فهي كحيّـة برأسين ، رأس صليبي ، ورأس صهيوني ، ملتفة على العالم الإسلامي ، تبيض في كل ناحية منه ، فتفـــــرخ حيات صغــار .
غير أن رأسها إنما هو في أرض بابــل ، ولهذا إن فشلت ثـَـــَّم ، فما بعـد ذلك أيسر و أيسـر ، وإن نجحت فيه ، فاستعدُّوا لمرحلة عصيبة ، يبتلي الله فيها من شاء ، ليهلك من هلك عن بيّنة ، ويحيى من حيّ عن بيّنة .
وأبشـــــــروا … إن فشلها يلوح في أفق السماء ، وتبشّر به الأنباء ، فالمشروع الصليبي الأمريكي ، مشروع الجبت والطاغوت ، في مستنقع أرض هاروت وماروت ، في كل يوم ألف مرة يموت .
فيا أسود العراق ، بتــّوا رأس الحيــــــّة شــرّ بتوت .
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .