تفريغ خطبة عيد الأضحـى لعام 1434هـ

 

 
خطبة عيد الأضحى عام 1434 هـ
 
الله اكبر ، الله أكبر ، الله أكبر
الله أكبر الله أكبر الله اكبر
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
 
الله أكبر كلَّما كبـّر الحجاج وسعوْا وطافوُا ، وكلّما قاموا لله قانتين في مشاعرهم ورجوْا ربهم ، وخافوا ،
 
وكلّما لبـّوا لله تعالى بالوحدانية فرادى ، وجماعات ،
 
وكلّما ذبح المضحّون بهيمة الأنعـام مقتدين بإبراهيم ومحمد ، عليهما _ وكلّ رسل الله وأنبيائه _  أشرف السلام ، وأتم الصلـوات ،
 
وكلما أقيمـت صلاة العيد بالفلـوات .
 
الله أكبر كبيراً ، و الحمد لله كثيراً ، وسبحان الله بكرة وأصيلا
 
 
الله أكبر والحمد لله عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته
الحمد لله الذي سبق الأزمان وأبدعها ، والخلائق وبَـرَأها ، والسماء ورفعها ، والأنوار وشعشعها ، والشمس وسيّرها ، والمياه وأنبعها ، والأقوات وزرعها ، ومنع آلات الحس عن إدراك كيفية ذاته ، وصفاته وقطعها ،
 
 نحمده سبحانه على نِعَمٍ أكثـرها ووسّعها ، ونشهد أن لا إله إلاّ هو وحده لاشريك له ، ونشهد أن محمّدا صلى الله عليه ، وعلى آله،  وصحبه ، عبده ، ورسوله ، خير من جاء بملّة ، وشرعها ، ودرة الأكوان وأشرفها . 
 
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه ، لا نحصي ثناء عليه سبحانه ، كما أثنى هو على نفسه العليّة العظيـمة ، أكْمل لنا ديننا ، وأتمَّ نعمته علينا ، وهدانا لكل خير في الدين و الدنيا ، فله الحمد في الأولى ، والآخرة.
 
أيها المسلمون ، هذا يوم عظيم من أيام الإسلام ، شرعه الله تعالى لنا عيدا لأن فيه أعظـم العبادات ، ففيه يفيـض الحجاج بعد الوقوف بعـرفة ، والمبيت بمزدلفة ورمي الجمرة ، إلـى البيت العتيق الذي رفع قواعده ،  أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام ، للطائفين ، والعاكفين ، والركَّع ، السجود ، وفيه تذبـح الأضاحي تعظيما لشعائر الله
 
ولو تأمّلنـا جوهر هذه العبادات التي في هذا اليوم العظيم ، لوجدناها تدور على تحرير الإنسان من كلّ عبودية لغير الله تعالى ، إلى عبودية الله تعالى وحده ، وذلك لعمروالله سرّ شعار الحج الأعظـم وهو التلبية ،
 
وكذا تحرير الأمة من كلّ انتماءٍ فرّقها ، فأضعفها ، وسلّط الطغاة العالميين والمحليين عليها ، إلى انتمائها الأعظم ، وهو الإسلام الذي يجمعها في أمة واحدة ، ذات رسالة واحدة ، وهوية واحدة .
 
ولهذا يجب عليهم أن يتذكّروا في هذا اليوم العظيم هذه الحقيقة العظمى ، ليجددوا الهمّـة لحمل رسالتهم هذه ، متمسّكين بعقيدتهم أمام التحديـات ، عازمين على الصمـود دفاعا عن دينهم ، مصرّين على الثبات على الجهاد :
 
 الجهادِ السياسي لاستعادة حق الأمة في سلطتها ، وإدارة شؤونها ، هذا الحق المغتصب الذي هو ينبوع المآسي التي تعيشها أمتنا ، وأعظم أسباب ذلها .
 
والجهادِ العسكري لتحرير بلادها المحتلة من أعداء الأمة الصهاينة ، والصلييين ، والمجوس.
 
أيتها الأمة العظيمة إنك اليوم وفي المرحلة القادمة أمام تحديات ، وابتلاءات، وبشارات
.
أما التحديات فثلاثـة :
 
أحدها : تحدّي التآمر على نهضة الأمة في الربيع العربي ، هذا التحدي الصهيوغربي الذي استخدم دولا خليجية لإعادة الأمة إلى ربقة عبودية الطغاة ، هؤلاء الطغاة على شعوبهـم ، الأذلة على أعداء الأمة ، الذين لاهمّ لهم إلاّ حماية مخططات العدوّالصهيوصليبي في بلادنا أي :
 
 1ـ إبقاء الكيان الصهيوني متفوّقا وآمنا في احتلاله لفلسطين إلى أن يصل إلى غاية مشروعه وهو هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم
 
2ـ إبقاء ثروة الأمة تغذي الإستعلاء الغربي ، وسيطرته على مركز القوى العالمي
 
3ـ محاربة الحركة الإسلامية ، لمنع رجوع الأمة إلى هويتها ، والحيلولة دون وحدتها ، وقوتها .
 
ومواجهة هذا التحدي تكون بالإصرار على إبقاء جذوة ثورة الشعوب متّقده ، وروافدها متعدّده ، وبث الوعي الذي ينهض الأمّة ، والحماس الذي يوقض الهمـّة ، حتى يستكمل الربيع أهدافه بتحرير كل بلادنا من : الإستبداد ، والقمع ، والفساد ، والتخلف ، و التبعية للأجنبي
 
والتحدي الثاني هو تحدي احتلال البلاد الإسلامية في فلسطين أولا ، ثم أفغانستان ، والعراق ، وسوريا ، وحاجة الجهاد إلى مددٍ ماديِّ ، وآخر معنويِّ ، لايتوقفان ، ولايعرفان اليأس ، أمام عدوّ شديد البأس .
 
ومواجهة هذا التحدي تكون بدعم الجهاد بكلّ وسائل الدعم.
 
والتحدّي الثالث هو تحدي تحريف الدين ، والتلبيس على المسلمين ، من منابر مزيّفة ، وألسنة محـرِّفة ، تُلبس الباطل لباس الحق ، وتلوي أعناق النصوص عن هدايتها لتضل الخلق
 
إنهم الأئمة المضلّون الذين كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يخشى على أمته منهم  ، ومن تلبيسهم ، كما حدث ثوبان رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين) رواه أحمد ، وأبوداود ، والدارمي ،  والترمذي ، ولأحمد من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : ( غير الدجال أخوف على أمتي من الدجال ، الأئمة المضلون )
 
وعن أبي عثمان النهدي قال: إني لجالس تحت منبر عمر رضي الله عنه وهو يخطب الناس فقال في خطبته: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة كل منافق عليم اللسان )
 
وعن زياد بن خدير قال: قال لي عمر رضي الله عنه: ( هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ قلت: لا. قال: يهدمه زلة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، وحكم الأئمة المضلين)  رواه الدارمي
 
وقد قال الإمام ابن كثير في البداية و النهاية : ( لما ولي يزيد بن عبد الملك _ أي بعد عمر بن عبدالعزيز رحمه الله _ قال: سيروا بسيرة عمر، فمكث كذلك أربعين ليلة، فأتي بأربعين شيخا فشهدوا له أنه ما على الخلفاء من حساب ولا عذاب)
 
وقد كثرت ظاهرة توظيف الطغاة للدين ، واستخدامهم مناصب الفتيا للوصول إلى مقاصدهم المنحرفة ، وشهواتهم الخبيثة ، كما رأينا من أمثلة السوء استخدام الطاغية بشار للخائن لدين الله البوطي وأخيه حسون المفتون ،
 
واستخدام الفرعون سيسي للخائب الضال علي جمعة ليفتي بإباحة دماء المتظاهرين ممن قاموا لله تعالى ينصرون الحق ، والعدل ، والشرعية ، وكذا ركوب الإنقلابيين لظهر حزب الزور الذي صار جسرا للطاغية يعبر عليه إلى ارتكاب كلّ سوء في أمة الإسلام ، والمكر بهذا الدين وأهله .
 
ومواجهة هذا التحدّي بجهاد الكلمة ، والصدع بالحق ، وتقديم النماذج النزيهة من العلماء الذين يقفون مع حقوق الشعوب ضد الطغاة ، وينحازون لأمتهم في مواجهة الظلمة ، 
 
الذين يقدمون الفكر السياسي الإسلامي المستنير القائم على ثلاثة أركان ، والذي يحارب ثلاث كوارث سياسية من شأنها أن تهلك الأمة
 
يقوم علـى :
 
 
1ـ أنّ السلطة للأمّة ، بمعنى : أنّ الأمـة هي التي تملك الحلّ ، والعقد ، عبر ممثليها  ، ولهذا سُمُّوا (أهل الحل والعقد) ، ولهم بقوة السلطة التي بأيدهم ، أن يستعملوا كلّ آليات ، ووسائل حفظ حقوق الأمة ، ومنع تعسّف الحاكم ، بما فيها وسائل العصر النافعة ، حتى لو كان مصدرها غير المسلمين ، كسائر وسائل التنظيم ، والإدارة ، والآليات التي هي اختراعات البشرية النافعة .
 
 
تنتخب الأمّة القيادة الأنموذج التي تتمثل فيها مبادىء الأمة السامية ، وقيمها العالية : كما في الآثـر : ( عففت فعفَّت رعيتك) ، وفي الحديث ( لو أنّ فاطمة سرقت لقطعت يدها ) _  وهذا لعمرو الحق هـو معيار قوة الأمة ، وضعفها ، وتقدمها ، وتأخرها
 
 
شرعية القيادة ، مرهونة بقبول الأمة لها بحفاظها على أهداف حضارتنا ، وحمايتها من التبعيّة للأجنبي .
 
 
وتحارب ثلاث كوارث سياسية :
 
 
الطغيان على الأمّة بإهدار حقوقها ، وعلى رأسها حقوقها السياسية ، وكرامة أفرادها .
 
إقرار النماذج السيئة في السلطة حكّاما على الشعوب وإضفاء الشرعية عليهم  
.
كلّ ما من شأنه أن يعرض الأمّة للضعف ، وللتفرق ، ويهدّد الهوية ، ويجعلها تبعاً للأجنبي.
.
ولاريب أنّ الأنظمة العربية بقيت عقودا طويلة تقلـب هذا كله رأسا على عقـب ، لتجعل كلّ ما شنّت عقيدة الأمة عليه الحرب ، تجعله واقعا مفروضا في حياة الأمة
.
 كما أعلـن النظام العربي الحرب على أركان قوة الأمـة ، ونهضتها ، بل جعل كلّ عوامل هذه النهضة سخرة للأجنبيّ
.
وإنما بدأ التغيّير الحضاري المبشر بإنطلاق الربيع العربي الذي ندعوا إلى تعميمه ، لإنهاض الأمّـة من تخلفها ، وضعفها ، وشتات هويتها ، وتفرّقها ، وهوانها على الناس
 
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
 
هذا وأمّا الإبتلاءات فإنها سنة الله في السائرين على طريق المرسلين ، والقائمين على نهج الهداة المصلحين ، لايمكن الله تعالى لهم دينهم إلاّ بعد أن يبتليهم
 
 قال تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)
 
وقال سبحانه : ( أمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ )
 
وقال عز من قائل : ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ )
 
ستنزفُ إن سلكتَ إلى المعالي
                       وتركبُ في مسالكِها الصّعابا
وتنبحكُ الكلابُ وأنت تمضي
                         لكي تلوي عن الحقِّ الرّكابا
وسوف تُصابُ في أهلٍ ومالٍ
                        وتسجنُ كي تقول لهم كِذابا
ويُطلب منك توقيعٌ لطاغٍ
                         أذلّ بسـوطِ سطْوتِهِ الرّقابا
فإمّا تصبـرنّ فأنتَ حرٌّ
                          وإلاّ صـرتَ تحتهـمُ ترابا
 
فلتصبروا أيها الدعاة المصلحون على البلاء ، ولترابطوا على الحق رباط المجاهد على ثغرِه ، ولتثبتوا على الصدع بالهدى حتى يثبت الناس بثباتكم ، ويبني من يأتي بعدكم على بنائكم .
 
وأما البشارات فهي ما نراه اليوم في بلادنا من عودة الإسلام في حياة المسلمين ، حتى صار له الحظ الأوفر ، والنصيب الأكبر ، والشأن الأخطـر ، وما نشاهده من انتشار عقيدة الجهاد ، وارتفاع رايته ، واعتياد الأمة على شعيرته ، وتسابق المتسابقين في مضماره وشريعته ،
 
وكلّ ذلك إنما يدل على أن الإسلام قادم ولسوف يخفق بأعلامِه ، ويرجع بأيامِه ، وينهض بذروة سنامِه .
 
فالحقوا يا عباد الله بركب قافلة الإسلام الماضية إلى العلياء ، وتقدموا إلى مقدمتها فإنه طريق الأنبياء ، لتنالوا ثواب الروّاد ، وجزيل أجـر أوائل الأجنـاد.
 
الله أكبر الله أكبر الله أكبر
الله أكبر الله أكبر ولله الحمد
**** 
 
الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر
الله اكبر كبيرا والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيـلا
 
المحمود الله جل في علاه ، والمصلى والمسلم عليه نبيـّهُ محمّد صلى الله عليه وسلم والمرضي عنهم صحابته وآله ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين
 
فياعباد الله عليكم بتقوى الله في السر والعلن فإنها وصية الله للأولين و الأخرين إذ قال سبحانه ( ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله )
 
فعليكم بالتقوى فإنه زينة الإنسان في الدنيا ، وزاده في الآخرة ، وهي الجامعة لكل خير.
 
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : (  قلت يا رسول الله أخبرني عن عمل يدخلني الجنة ، و يباعدني عن النار ؟ قال :  لقد جئت تسأل عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه : تعبد الله لا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم ، رمضان ، وتحج البيت , ثم قال : ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جُنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار , وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا - (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون ، فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونََ ) ... ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر ، وعموده ، وذروة سنامه ؟ ،  قلت : بلى , يا رسول الله قال :  رأسُ الإسلام , وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد ،  ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كلّه ؟ فقلت  بلى يارسول الله , فأخذ بلساني ، وقال كف عليك هذا ،  فقلت : يا نبي الله , و إنا لمؤاخذون بما نتكلم ؟ فقال :  ثكلتك أمُّك , وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلاّ حصائـد ألسنتهم ؟! )  رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح .
 
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث مهلكات ، وثلاث منجيات ، وثلاث كفارات ، وثلاث درجات ، فأما المهلكات : فشح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه ، وأما المنجيات : فالعدل في الغضب والرضى ، والقصد في الفقر والغنى ، وخشية الله في السر والعلانية ، وأما الكفارات : فانتظار الصلاة بعد الصلاة ، وإسباغ الوضوء في السبرات ،  ونقل الأقدام إلى الجماعات ، وأما الدرجات فإطعام الطعام ، وإفشاء السلام ، وصلاة بالليل والناس نيام ) روه الطبراني والبيهقي.
 
وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أجتنبوا السبع الموبقات ، قالوا يا رسول الله : وما هنّ ، قال الإشراك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا،  وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) متفق عليه
،
وخرج ابن ماجه من حديث ابن عمر رضي الله عنهمـا ، قال صلى الله عليه وسلم: ( خمس إذا ابتليتم بهنّ ،  وأعوذ بالله أن تدركوهنّ ،  لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلاّ فشا فيهم الطاعون ، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلاّ أخذوا بالسنين ، وشدة المئونة ، وجور السلطان عليهم ، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلاّ منعوا القطر من السماء ،  ولولا البهائم لم يمطروا ، ولم ينقضوا عهد الله، وعهد رسوله ،  إلاّ سلط الله عليهم عدوا من غيرهم ، فأخذوا بعض ما في أيديهم ، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلاّ جعـل الله بأسهم بينهم )
 
ومما ورد عن السلف من المواعظ الجليلة :  أصلح سريرتك يصلح الله علانيتك ، وأصلح ما بينك وبين الله ، يصلح الله ما بينك وبين الناس ، واعمل لآخرتك يكفك الله أمر دنياك ، وبع دنياك بآخرتك تربحهما جميعا ، ولا تبع آخرتك بدنياك فتخسرهما جميعا ، احذروا سخط الله في التقصير في أمره وما حكـم ، وفعل ما حرم ، وعدم الرضا بما قسم ،
 
أيها المسلمون : قـد شرع الله تعالى ذبح الأضاحي هذه الأيام المباركة ، وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم ( من وجد سعة فلم يضحّ فلا يقربنَّ مصلاّنا ) .
 
و إنّ الشاة تجزئ عن الرجل وأهل بيته في الأضحية ، وتجزئ البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة ، ولا يجزئ من الضأن إلاّ ما تم له ستة أشهر، ولا من المعز إلاّ الثنيّ وهو ما تم له سنة ، ولا من الإبل إلاّ ما تم له خمس سنين ، ولا من البقر إلاّ ما تم له سنتان ، ويستحب أن يتخيّرها سمينة صحيحة، ولا تجزئ المريضة البيّن مرضها، ولا العوراء ، ولا العجفاء ، وهي الهزيلة ، ولا العرجاء البيّن ضلعها ، ولا العضباء التي ذهب أكثر أذنها أو قرنها ، وتجزئ الجمّاء ، والخصي 
 
والسنة نحر الإبل قائمة معقولة اليد اليسرى ، والبقر والغنم على جنبها الأيسر متوجهة إلى القبلة ويقول عند الذبح : (بسم الله) وجوباً، ويستحب أن يزيد( الله أكبر)  ، اللهم هذا منك ولك ، ويُستحب أن يأكل ثلثاً ، ويهدي ثلثاً ، ويتصدق بثلث ، لقوله تعالى: (فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْقَـٰنِعَ وَٱلْمُعْتَرَّ) ولا يعطي الجزار أجرته منها.
 
ووقت الذبح بعد صلاة العيد باتفاق ، ويومان بعده ، واختلف العلماء في اليوم بعدهما .
 
واعلموا أيها المسلمون أن التكبير المقيد لغير الحاج يبدأ من  يوم عرفة إلى آخر عصر أيام التشريق، وأما الحاج فيبدأ من ظهر يوم النحر، وأما التكبير المطلق فيكون في عشر ذي الحجة.
 
أيها المسلمون، اعلموا أنه ليس السعيد ، من تجمَّـل للعيـد بلبس الجديـد ، ولا من تباهى بالمال المديـد ، ولا من خدمـته الخـدم والعبيـد ، لكن السعيد من فاز بالجنـة والمزيـد ، ونجى من عذاب النار الشديد ،
  
هذا وأكثروا من الصلاة على الحبيب المصطفى ، والشفيع المجتبى ، محمّد صلى الله عليه وسلم ، فقد أمركم الله بذلك فقال سبحانه : " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين صلوا عليه وسلموا تسليما " ، اللهم صلّ ، وسلّم ، وزد ، وبارك على عبدك ورسولك نبيّنا محمد ، وعلى آل بيته ، وعلى الصحابة أجمعين ، وخصّ منهم الخلفاء الأربعة الراشدين ، أبا بكر وعمر وعثمان وعليّ ، والتابعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . 
 
 اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين ، وأذلَّ الشرك والمشركين ، ودمّر أعداء الدين ، لاسيما الصهاينـة ، والمجوس ، والصليبيين ، واجعل بلاد المسلمين تعود إلى خلافتـها ويحكمها نظام الإيمان بشريعة الرحمن.
  
اللهم من أراد أمتنا بسوء ، فاجعل تدبيره ينقلـب عليه ، وكيده يرتد إليه ، اللهمّ من أراد أمتنا بشـرِّ ،  فرده على أعقابه خاسرا ، ودمّـره حتى يرجـع خائبا خائـرا.
 
اللهم طهـِّر بلاد الإسلام من رجس اليهود المعتدين ، والصليبيين المستكبرين ، لاسيما الأقصى وفلسطين ، اللهم انصر المجاهدين فيها ، وبالشام ، والعراق ، وأفغانستان ، وفي كل مكان .
 
اللهمّ فـرّج عن أهلنا بالشام حصارهم ، وارفع عنهم بلاءهم ، وأمدهـم بمددٍ من عندك ، تربط به على قلوبهـم ، وتثبّت أقدامهم ، اللهمّ وانصرهم على عدوّك وعدوّهم ، واجعل على عدو الإسلام بشار الخبيث ، وجنده ، وحزبه ، الهزيمة ، وادر عليه دائرة مكرهم ، واجعل رماحه في نحـورهم.
.
اللهم عليك بالسيسي وأركان نظامه الطاغوتي ، اللهم زلزل عرشهم ، واقلب نظامهم ، واجعل عاقبتهم خسرانا مبينا ، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك ، واضرب عليهم الذلة ، والعار ، جزاءً وفاقا بما فعلوا في مصر الحبيبة من الظلم والطغيان والشنار ، 
.
اللهم وانصر أعوان الحـق في مصر ، المتظاهرين لنصرة العدل ، وردّهم إلى عزّهم ، وكن معهم في جهادهم حتى تعاد الأمور إلى نصابها يا ربّ العالمين    
  
اللهم واجعلنا هداة مهتدين ، صالحين ببررة ، غير ضالين ولا مضلين ، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين ، واحفظنا بالإسلام قاعدين ، واحفظنا بالإسلام راقدين ، ولا تشمت بنا الأعداء ،  ولا الحاسدين يارب العالمين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، آمين ، آمين ، آمين  ، 
 

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 12/10/2013