ابعثوا في المسلمين روح التحـــدّي وأبشــــــروا بالنصــر

 

 

ابعثوا في المسلمين روح التحـــدّي وأبشــــــروا بالنصــر

حامد بن عبداللّه العلي

** لم تزل العلاقة بين الإسلام والغرب سلسلة لا تنتهي من المواجهات ، وقد روي في الحديث الشريف ، بإسناد ضعيف ولكن يشهد له الواقع ، ونصوص أخـــــــرى : ( فارس نطحة أو نطحتان ، ثم لافارس بعدها أبداً ، والروم ذات القرون ، كلما ذهب قرن خلفه قرن مكانه ، إلى آخر الدهر ) .

ولنستذكر بعض الصور من التاريخ :
ـــــــــــــــــــــــــــــ

711 م سقطت شبه القارة الايبريية ( أسبانيا والبرتغال ) في أيدي المسلمين
831م فتح المسلمون صقلية وباليرمو ، وكانوا قاب قوسي أو أدنى من السيادة على إيطاليا كلها
869م فتح المسلمون مالطا
921م فتح المسلمون قسما من الأرض السويسرية ولم يرحلوا إلا عام 980م
1060م استيلاء روجر الأول على صقلية
1058م استيلاء الأسبان على أيبيريا
1099م استيلاء الملك الصليبي غودفروا دوبويوت على بيت المقدس
1187م استرجاع صلاح الدين بيت المقدس
1291م انكفأ الصليبيون نهائيا عن الشرق
1453م عودة المسلمين إلى الهجوم على الغرب وفتح محمد الفاتح القسطنطينة
1519م توغلت جيوش العثمانيين أوربا حتى حصار فيننا
1798م شن الغرب هجوما مضادا في حملة نابليون بونابرت في مصر
1800م استولى المستعمرون الهولنديون على أندونيسيا
1830م استولى الفرنسيون على الجزائر واحتلوها
1857م احتلت بريطانيا الهند التي كان يحكمها المسلمون
1869م فتحت قناة السويس ، واحتفرها دولسبس ابن ماتيو دولو سبس الفرنسي المرافق لحملة بونابرت على مصر
1882م احتل الإنكليز مصر
1897م احتل الانكلير السودان
1917م دخلت الجيوش الغربية ( الحلفاء ) بيت المقدس
وفي المقابل كر العالم الإسلامي على الغرب الصليبي في ثورات كثيرة من ثورة الجزائر 1830م ، والسنوسية 1831م ، وثورة المسلمين في الهند 1857م ، إلى ثورة عمر المختار في ليبيبا 1930م ، إلى ثورة فلسطين 1935م ، وما بعدها إلى آخر ثورة ضد الاستعمار .

** وقد أمعن الغرب الصليبي في إخماد كل حركة جهادية ضد هيمنته على العالم الإسلامي إلى أن جاء عام :

1948م فأقام الغرب الكيان الصهيوني في فلسطين ، وأمده بكل ما يكرس احتلاله لفلسطين .

ثم من 1948 م ـ إلى اليوم 2002م يواصل الغرب الصليبي هجمته على العالم الإسلامي ، ومحاولته الهيمنة والسيطرة عليه وعلى مقدراته بشتى الطرق .

**وها هو اليوم ، يطارد كل حركة جهادية إسلامية تهدف إلى التخلص من خطط الغرب لإبقاء العالم الإسلامي تحت سيطرته ، كما يحاصر قدرة العالم الإسلامي على التفوق العسكري ، ويضربها في مهدها ، حتى لو كان ذلك بالحروب التدميرية إن لزم الأمر .

**سلسلة من الصراع المستمر والمواجهات ، قرنا إثر قرن ، كلما ذهب قرن خلفه قرن مكانه .

**وهذا الصراع سيستمر إلى أن ينتهي بانتصار نهائي لأحد المعسكرين ، وقد صح في الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم ما يدل قطعا على استمرار الصراع إلى آخر الزمان قال صلى الله عليه وسلم (ستصالحون الروم صلحاً آمنا ، ً فتغزون أنتم ، وهم عدواً من ورائكم، فتنصرون ، وتغنمون ، وتسلمون ، ثم ترجعون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول ، فيرفع رجل من أهل النصرانية الصليب ، فيقول: غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيدقه، فعند ذلك تغدر الروم وتجمع للملحمة) رواه أبو داود .

**وجاء في صحيح البخاري من حديث عوف بن مالك أنهم عندما يغدرون يأتون في ثمانين راية ، تحت كل راية اثنا عشر ألفا .

** وصح في الأحاديث أن الانتصار النهائي سيكون لاهل الإسلام ، وأن هذا الانتصار سيبلغ روما بعد القسطنطينية ، ثم يعقب ذلك نهاية التاريخ العظمى بتتابع أشراط الساعة الكبرى فقيامها .

التناقض الموضوعي والتاريخي بين المشروع الإسلامي والغربي :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

**والشاهد أن هذا الصراع ، لم يزل ، وسيبقى ، لانه نتيجة لتناقض موضوعي وتاريخي بين المشروع الإسلامي ، والمشروع الغربي الصليبي .

**فالمشروع الإسلامي مشروع إلهي يقوم على الأصول الثلاثة التي دعت إليها الرسل جميعا ، فدين الأنبياء واحد ، و هذه الأصول هي : الإيمان بتوحيد الله ، والإيمان بوجوب التزام البشرية للشريعة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل ، والإيمان باليوم الآخر .

**بينما يقوم المشروع الغربي على عقيدة استعمارية مبنية على التعصب الديني والعرقي والأطماع المادية .

أجنحة المكر الثلاثة :
ـــــــــــ

**ولهذا المشروع ثلاثة أجنحة : الإرث الصليبي المتعصب ، والحقد اليهودي الملتف حوله كالحية الرقطاء ، والجشع المادي الذي أورثته العقيدة العلمانية اللادينيّة الغربيّة.

**وقد تحالفت هذه الأجنحة الثلاث على أن الهيمنة على العالم الإسلامي ، وتطويق المشروع الإسلامي ، يحقق لكل جناح هدفه ، فتداعوا على الأمة الإسلامية ، كما تتداعى الأكلة على قصعتها .

المراحل الخمسة التي مرت بها خطة الهجوم الصليبي المعاصر على الإسلام:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

**وقد مرت مراحل الهجوم في خمس مراحل :

**الأولى : مرحلة العنف ، عبر حملاتهم العسكرية على العالم الإسلامي .

الثانية : تجزئة العالم الإسلامي إلى دول ودويلات في حدود سياسية صنعوها بدقة لتحقق أهدافهم على المدى القريب والبعيد .

الثالثة : التغريب بمحاربة الإسلام والأسس الإيمانية التي يقوم عليها ، من الوحي الإلهي بالتشكيك في القرآن ، والنبوة بالطعن في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم ، والشريعة بإقصائها واستبدل القوانين الوضعية العلمانية بها .
وقد اهتموا اهتماما خاصا بزرع النخب الموالية لهم من أبناء المسلمين ، ليقوموا بهذا الدور بالنيابة ، وقد قام هؤلاء بالمهمة خير قيام ، كما ذكرنا ذلك في مقال سابق بعنوان ( اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو العلمانيـــــة اللادينية ) ومقال آخر بعنوان ( الشهب الطالبانية الحارقة على العلمانية اللادينية المارقة) .

الرابعة : الإلحاق الاقتصادي ، بحيث حولت كل مقوّمات العالم الإسلامي الاقتصاديّة إلى مقومات ملحقة بالاقتصاد الغربي تغذيه وتمده بأسباب القوة والبقاء .

الخامسة : تأسيس الكيان الصهيوني ودعمه ، ليكون المراقب الميداني لإنجازات الغرب الصليبي في قلب العالم الإسلامي ( الشرق الأوسط ) ، والمتعهد بالمحافظة عليها .

الرد الإسلامي على الهجمة الغربية الصليبية :
ــــــــــــــــــــــــ

وبناء على ما تقدم فإن الرد الإسلامي على هذه المحطات ، لإفشال خطط الهيمنة الغربية ، يجب أن ينطلق إلى أبعد مدى ممكن ، وينتشر على جميع المستويات :

*** بالجهاد الذي يقابل مرحلة العنف الصليبية ، وهو قائم الآن ، ويجب تشجيعه ، وبعث روح التحدي والاستمرار فيه .

*** وبتحقيق الاستقلال الاقتصادي ، وفصم التبعية الاقتصادية عن الغرب ، ومحاربة الهيمنة الاقتصادية الغربية ( مشروع المقاطعة على سبيل المثال ) .

***وبالكر على الأفكار التي يقوم عليها المشروع الغربي وإبطالها بالمعرفة الإيمانية والحكمة الإسلامية .

***وبتحطيم الكيان الصهيوني وتفكيك وجوده .

*** وبمنح هذه المراحل أيضا أوسع مدى مكاني في العالم الإسلامي المترامي الأطراف ، وإعطاءه حقه في المدى الزماني أيضا حتى يحقق أهدافه البعيدة ولو عبر الأجيال .

المهم إبقاء روح التحدي متقدة :
ـــــــــــــــــ

فليس المهم سرعة النصر ، وإنما المهم هنا سلامة الخطة ، وإبقاء روح التحدي متقدة متوهجة لا تخبو أبــدا .

المهم امتثال قوله تعالى ( وكأيّن من نبيّ قاتل معه ربيون كثير، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله ، وما ضعفوا ، وما استكانوا ، والله يحب الصابرين ) .

أي لم يلحقهم الوهن ، وهو إنكسار الجدّ ، وما ضعفوا أي عن قتال عدوهم ، وما استكانوا أي لم يذلوا له ، ولم يخضعوا ، ولو طال أمد الصراع .

هذا وإن العالم الإسلامي اليوم ، يسير في اتجاه بعث جهادي واسع ، وقد بدأت نهضته تلوح في الأفق ، غير أننا نعلم أن التمكين لابد أن يسبقه الامتحان ، فابعثوا في المسلمين روح التحدي ، وأبشروا بالنصر .

ويا أيها المسلمــــــون .. ( لاتهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين).

 


الكاتب: حامد بن عبداللّه العلي
التاريخ: 06/12/2006