حامد بن عبدالله العلي
قالت صحيفة البيان الإماراتية بتاريخ 7/6/2004م القاهرة : مفاوضات سرية أميركية بريطانية لتحويل النجف إلى مركز ديني كالفاتيكان .
كشفت مصادر دبلوماسية غربية في القاهرة لـ «البيان» إن مفاوضات سرية أميركية بريطانية تتم حاليا مع بعض دول الجوار العراقي بينها دول عربية وإيران، حول تحويل مدينة النجف العراقية إلى مدينة ذات مركز ديني مستقل ومركز قانوني دولي على شاكلة وضع الفاتيكان بالنسبة للمسيحيين، وذلك في إطار كونها تتمتع بقداسة خاصة لدى المسلمين الشيعة.
وقالت المصادر إن التصور المطروح لا يرضي الجانب العربي الذي يعتبره تطورا خطيرا يهدف إلى تدويل الأماكن الدينية وهو ما يشكل خطورة على استقلال وسيادة الدول العربية، ويؤدى إلى مزيد من الارتباك في المنطقة وفي الوقت نفسه علمت «البيان» أن الفكرة تلقى ترحيبا من جانب إيران.
أرى خلل الرماد وميض نار *** فيوشك أن يكون لها ضرام
فإن النار بالعيدان تذكــى *** وإن الحـــرب أولها كـــــلام
فإن لم يطفهـا عقلاء قـوم *** يكـون وقودهـا جثث وهــام
أقول من التعجب ليت شعري*** أيقـــاظ أميــة أمْ نيـــام
فإن كانوا لحينهم نيامـــاً *** فقـل قوموا فقـد حان القيــام
لقد صدق APPADURAI عندما قال :
التدفق الثقافي على المستوى الكوني يظهر عبر خمسة أبعاد أو مجالات :
المجال الإثني ETHMOSCOPES الذي يظهر من خلال تدفق الهجرات والسياح واللاجئين والعمال الغرباء . (الجيوش والخبراء عبر المعاهدات العسكرية المزعومة ) .
المجال التقني TECHNOLOSOCOPES الذي يظهر في التدفقات التكنلوجية عبر الشركات متعددة الجنسية والشركات الوطنية والوكالات الحكومية.
المجال المالي FINANSOCOPE والذي يظهر من خلال التدفقات السريعة للنقود وأسواق العملة والبورصات .
ثم المجال الإعلامي MEDIASCOPES والذي يتبدى في تدفقات الصور ، والمعلومات عبر الصحف ، والمجلات ، والأفلام ، والتلفزيون .
ثم المجال الأيدلوجي IDIEOSCOPES والذي يرتبط بتدفقات الأفكار حول الديمقراطية والحرية والتنوير أ.هـ
والذي يحدث في العراق اليوم ، هو مشروع لفتح لجميع هذه التدفقات من غير أي مقاومة او غربلة ، عبر "صورة" وزارة علاوي" ابن الإستخبارات المركزية الأمريكية ، ومن فوق "صورة عباءة حكومة الياور" ، صنيعة الخارجية الأمريكية .
وقد وجدوا في هذا الأخير ، الشكل الرمزي المناسب لأن يولد " لقيطهم " في قالب صورته ، وتحت عباءته الأمريكية البريطانية ، التي كم يعجبه أن يزهو بها معلنا بدء ولادة كيان عراق أمريكي بريطاني جديد ، سيكون أنموذج المشروع الثقافي الصهيوني للمحافظين الجدد ، وخزينة المال الجديدة ، ومستودع الأسلحة ، ومنطلق الجيوش الصليبية ، التي ستفرض ذلك المشروع على المنطقة ، تحت شعار الشرق الأوسط الكبير .
وبهذا تتجلى المؤامرة التي طالما شرحنا أبعادها قبل انطلاق هذه الحرب ، وهي منح الشيعة ما يريدونه في العراق ، مقابل تحويل ثروة العراق ، وقراره السياسي ، إلى الحجر الأمريكي البريطاني ، وإحداث مسخ تدريجي لثقافته الإسلامية ، ثم تعميم هذه النموذج على الدول المجاورة ، بما في ذلك تدويل ما يطلقون عليه الأماكن الدينية .
والعجب العجاب ، أن هذه المؤامرة على الأمة الإسلامية ، والتي نشهد اليوم عملية ولادتها في العراق ،
تظهر ثلاثة شعارات في الوقت الذي تخفي هدم مضامينها :
فتطرح شعار : حق التنوع الثقافي، في الوقت الذي تفكك الخصوصية الثقافية .
وترفع شعار : الشراكة وإشراك الشعوب ، في الوقت الذي تسرق ثروة الشعوب وقرارها السياسي لصالح القوة المهيمنة ، وتحولها إلى شعوب مستهلكة أشبه بالأسواق التي تُصـرّف فيه السلع فحسب .
وتعلن شعار : الحرية والديمقراطية ، في الوقت الذي تسعى لتركيز جميع أسباب القوة ، العسكرية ، التكنلوجية ، المعلوماتية ، بيد الحزب أو الطائفة التي تحقق أهداف القوة المهيمنة في المستعمرة .
وفي إطار ما يطلق عليه هذه الأيام :
SIMULISATION AND IMAGES
أي صور المحاكاة والصور الذهنية ، التي لها قدرة عجيبة على تحويل الواقع إلى نماذج وصور وتمثيلات متخيلة ، بمساعدة التكنلوجيا المتقدمة ، ووسائل الاتصال .
في إطار هذا السحر الإعلامي ، الذي يمارس على مدار الساعة عبر العالم ، طمسا للواقع .
وقتلا للقدرة الجدلية على التمثيلات الواقعية والتي تشكل وسائط مفهومة وجلية ومنظورة للواقع .
ونفيا متواصلا للعلاقة بين الدال والمدلول ، وبين المعنى والواقع .
ثم الذي يجري في أذهان شعوبنا ، بما فيهم المفكرون ـ والإسلاميون في الغالب ليسوا بريئين ـ هو نضال لمقاومة التمثيلات الخيالية واعتبارها تمثيلات زائفة في أوائل الوهلات ، يعقبه إعادة صياغة للتمثيلات المتخيلة في تمثيلات جديدة في أذهانهم ، ينتهي بهزيمة في الغالب ، للواقع لحساب الزيف .
في إطاره : تتشرب العقول الزائفة ، الجيوش الأمريكية على أنها جيوش الخير والحرية ، و"الياور" على أنه منقذ العراق ، و"علاوي" على أنه محررها ، كما تشربت من قبل كل آثار سايكس ـ بيكو على أنها دول ذات سيادة ، فصدقت مسحورة مبهورة ، تحت تأثير ألـ "SIMULISATION AND IMAGES " ، طيلة العقود الماضية .
إننا في عالم الصور ، سواء : صورة "الياور" بعباءته التي ترمز إلى تبعية العربي الذي لا يمكنه أن يعيش إلا تابعا مملوكا ـ كما تتصور الذهنية الغربيــة متأثرة بنظرية " أبو حنيك "ـ ، وصورة "علاوي" الذي يرمز إلى صيغة توافقية تدخل " السحنة العربية " في البدلة الغربية ، ليكون ترجمة مقبولة للمشروع الصيهوصليبي .
وصورة الوجه البريء العطوف الزائف "لبريمر" الذي يخفي وراءه سفك دماء آلاف الأبرياء في العراق ، وتعذيب ، وانتهاك حقوقهم ، وما صور "بوغريب" ببعيد.
وملايين بل مليارات الصور التي تصنع عقول الخاصة وذوي الرأي والفكر ، بلـه عامة الناس ، وهم مخدوعون بها ، بل مسحورون ، يسيرون :
كبهيمة عجماء قاد زمامها ** أعمى على عوج الطريق الجائر
إنه وحي شياطين الإنس والجن العصري لزخرف القول الخدّاع ، ولما كان الشر يزداد ـ كما في الخبر النبوي ـ كلما اقترب الزمان من نهايته ، كان هذا الشر العالمي أشد مما مضى تأججا ، ولهذا فهو يبتلع في اللحظة الواحدة الملايين من البشر ، وهو يصنع عقول الملايين دون أن يتصل مباشرة بهم ، وهو يستعبد الملايين يرون أنفسهم أحرارا ، في عماية تامة أنهم مستعبدون ، حتى عقولهم مصنوعة مزيفة أمام شاشات التلفزة ، يصنعها عالم الصور !
إنه عالم الزيف الكبير : جعل حتى القمم العربية منذ أنشاص عام 1946، بيروت 1956، القاهرة الأولى 1964، الإسكندرية 1964، الدار البيضاء 1965، الخرطوم 1967، الرباط1969، القاهرة 1970، الجزائر 1973، الرباط 1974، الرياض 1976، القاهرة 1976، بغداد 1978، تونس 1979، عمان 1980، فاس 1981، فاس 1982، الدار البيضاء 1985، عمان 1987، الجزائر 1988، الدار البيضاء 1989، بغداد 1990، القاهرة 1990، القاهرة 1996، القاهرة 2000، عمان 2001، بيروت 2002، شرم الشيخ 2003، وآخرها إن شاء الله قمة تونس 2004.
جعلها كلها عالما من الصور المتتابعة الزائفة الخالية من كل معنى ، سارت وراءها أسراب المغفلين من هذه الأمة التي تعاقب على تركها دينها ، عقودا من الزمن ، بعد كل قمة ، يرذلون أكثر مما كانوا يرذلون ، ثم لا يتوبون ، ولا هم يذكرون .
كلما صنعت دمية جديدة ، بعد استعمار جديد، ضمت إليهم ، إلى معرض الصور هذا .
إنها ملة جاهليّة واحدة ، لاتقابلها إلا طائفة قليلة مجاهدة
غريبة ، ولكنه لا تأبه لغربتها بل تسعد بها .
مطاردة ، ولكنها لاتبالي بل تطارد من يطاردها .
ملاحقة ، ولكنها تلاحق من يلاحقها .
موقنة بوعد الله الصدق .
وحكم الحق الذي قضى به أن يقذف بالحق على الباطل فيدمغه وهو زاهق ،
فهي لاتطلب إلا شيئا واحدا إذ أيقنت أن دين الله لامحالة محفوظ منصور
هــوأن يجندها الله تعالى سهاما يرمي بها الباطل ، هذا هو مطلبها بحسب .
فاللهم أفرغ عليهم صبرا ، وثبت أقدامهم ، وانصرهم على القوم الكافرين .
مهما دجى ليلنا وازداد في ظلم ِ ---- وقد جرى دمنا في الحل والحرم ِ
فإننا نعبر الأيام نحو غــــدٍ ---- مستعذب مشرق الأنسام مبتسم