متلازمة الإنبطاحيـَّة ! مقارنة مع متلازمة ( أسبرْجر ) ! |
|
متلازمة الإنبطاحيـَّة !
مقارنة مع متلازمة ( أسبرْجر ) !
حامد بن عبدالله العلي
كنت أقول لكثير ممن يفتح موضوع ( الفرقة الإنبطاحية ) ، التي برزت مع الربيع العربي _ مفتي القذافي مثـلا _ إنها حالـة مرضيّة نفسيّة وعقليـّة ، وأنها ليست مذهبـاً ، ولا فكـراً ، وأنه يمكن أن تُصنـف كـ(متلازمة) ، فالأعراض المتشابهة للمصابين بهذه الحالة على نطاق واسع ، لاتسمح إلاَّ بهذه التصنيـف .
ولم أكن أقصد السخرية _ مع أنها حالة مليئة بمستحثاتهـا _ بل ذكرُ حقيقة علمية ، جديرة بالدراسة الطبيـَّة .
ثم مع تكرار التأمـُّل في هذه الحالة ، وبتطبيق المعايير العلميـَّة على عدة حالات ، تأكـَّد لدي أنها (متلازمة) مرضيَّة .
وفي هذا المقال _ إن شاء الله _ سوف أفتح الباب لمزيد من الدراسة العلمية لهذه المتلازمة الجديدة على عالم الطب النفسي .$$$
وقبل أن نبدأ بتفاصيل هذا العنوان المثير ، فلنعـرِّف أولا (المتلازمة ) ، فهي مجموعة من الأعراض المرضيَّة تظهر متلازمة بمعنى مترافقة مع بعضها في بعض المرضى ، رغم أنهّـا قد تبدو غير ذات صلة ببعضها !
وفي عالم الأمراض ثمة عشرات الأنواع منها ، ومن أشهرها متلازمة داون ، ومتلازمة كلاينفلتر ، ومتلازمة راي ..إلخ
وبعض المتلازمات هي من قبيل الأمراض النفسية ، مثل متلازمة مانشاوزن ، ومتلازمة رتَّ ، ومتلازمة أسبيرجر.
هذا .. ويمكن أن تضاف هذه المتلازمة الجديدة ذات العلاقة الواضحة بالأمراض النفسية ، أعني متلازمة ( الإنبطاحية ) _ وأحتفظ هنا ببراءة الإكتشاف _ وقد وجدتها وثيقة الصلة ، قريبة الأعراض ، بمتلازمة (أسبيرجر) ، كما سيأتي بيانه .
.
ومن أعراضها الجسديـّة الظاهرية _ وللدقـَّة لم تظهر في جميع الحالات _ بروز في مؤخرة الرأس ، مع نوبات (حمُـق) تتفاوت نسبتها بين الحالات ، صغر فتحة العينيْن ، انخفاض مستوى الأذنين عن مستوى العينين مع صغـر في طوية الأذن الخارجية ، ضخامة اللحية جداً ، قصر عظم القص _ العظم الذي يربط بين ضلوع الصدر _ ، ضعف السمع أحيانا ، وهي في ذلك تشبه بعض أعراض متلازمة إدوارد !
.
وهذه المتلازمة ، أعني متلازمة ( الإنبطاحية ) ، يمكن إكتشافها بسهولة بوجـود الأعراض السبعة التالية لدى المصـاب :
.
تنبيه : سنعقد مقارنة بين هذه المتلازمة ، وبين متلازمة (اسبيرجر) بنقل حرفي للتوصيف الطبي من الموسوعة الطبيَّة ، إذا توافق مع عرض من أعراض هذه المتلازمة :
1ـ التلذُّذ المثير للدهشة بالغـرق في حالة الرقِّ ، والإستعباد ، والشعور براحة غير قابلة للتفسير ببقاء الشخص جزء من قطيع يُقـاد ، وهذا يفسِّر ولع المصابين بهذه المتلازمة بالإستحمار لمن يسمُّونه ( وليِّ الأمر ) ، حتى لو كان أفجر الخلق ، وأعظمهم إجراما ، مثل شين الفاجرين ، والقذافي ، وفرعون مصر ، وبشَّار الأسـد.. إلخ !!
.
وتظهر الدراسة _ الملاحظة _ التي أجريتُـها علـى عدة الحالات ، أنَّ لديهم مظاهر مرض ( الماسوشية ) ، أي التلذُّذ بتعذيب النفس وإخضاعـها ، ولهـذا يلهجـون كثيراً بـ ( وإنْ ضرب ظهرك ) ، ويعجبهم جداً هذا اللفظ !! وهذا هو سبب _ أعني مرض الماسوشية _ تلذُّذِهم بالرقّ ، والإستعباد ، والخضـوع !
.
2ـ يبدي المصابون بهذه المتلازمة ، إستعداداً قياسيا للعمل في الإستخبارات ، حتى لو وظِّفـوا مخبرين !! _ الأمر الذي ينزِّه عامة الناس أنفسهم منه ، ويترفّعون عنه !!_ بل ويعدُّون ذلك من أفضـل القُرَب الدينية ، والعبادات الإسلامية ، وقد أظهرت أفلام منشورة باليوتيوب ، بعد سقوط طاغية مصر ، فضائح عجيبة أصابت كثيراً من المتابعين بالذهـول ، عن شيوخ دين بلحى طويـلة ، يعملون مخبرين في ( البوليس السري ) !
.
وبهذا يكون لديهم أيضا أعراضٌ من مرض ( السادية ) أي التلذُّذ بتعذيب الآخرين ، فهم يتلذّذون بإلحاق الأذى بغيرهـم عن طريق العمل بالإستخبارات ، وكم وشوْا بأهل الجهاد ، والدعوة ، والمصلحين ، لما يجدونه من راحة متوهّمة في نوبات التلذِّذ بإلحاق الأذى بالغيـر !
.
2ـ فقدان الشعور بمعاناة الآخـرين ، مثـل الشعوب المظلومة ، والجماهير المسحوقة ، تحت الطغـاة ، مع إنتشار الظلم ، وإتساع المظالم الإجتماعية ، ولهذا تجد المصابين بهذه المتلازمـة ، دائما في حالـة لامبالاة مثيرة للإشمئزاز ، بينما دماء المسلمين تُسفك ، وبلادهم تُحتـلّّ ، وأعراضهم تُنتهك ، سواء من الطغاة المتسلِّطين على العباد ، أو المحتلين للبـلاد ، وإن نطق أحدهـم بشيء إلتفت قليلا فألقى باللائمة على الشعوب ، ورد ما أصابهم إلى الذنـوب ، ثـم عاد إلى التسبيح ( لولي أمره ) !!
.
من أعراض متلازمة أسبرجر : ( عادة ما يكون الفرد المصاب غير مدرك ، أو متفهم لمشاعر الآخرين ) !!
.
3 ـ الإشتغال الدائم بتتبع إنجازات الآخرين لتخريبهـا ، والبحث عن زلاّتهم ، والتفتيش عن الأخطاء ، مع غلظة في الطباع ، وفجاجة ، وسماجة ، وحمُـق .
.
من أعراض متلازمة أسبرجر ( غرابة أو شذوذ في العلاقات الإجتماعية ، التي غالبا ما تكون فجّة ، غليظة ، سمجة ، خرقاء ، إذا ما قورنت بعلاقات الأشخاص العاديين )
.
4ـ التكـرار الممـلّ لقضايا محـدَّدة ، مثـل ( طاعة ولي الأمر ) ، ( السمع والطاعة ) ، ( الخوارج ) ، ( المبتدعة ) ، ( الفئة الضالة ) ، ( سيد قطب ) _ ولديهم حساسية غريبة تصل للهستيريا لهذا الاسم تحديدا !! ـ وإستعمال ألفاظ عنيفـة مثل ( خبثاء ) ، ( خبيث مخبث ) .. إلـخ.. ثم تكرار هذه القضايا ، والألفاظ وكأنَّه ليس لديهـم غيرها !!
.
من أعراض متلازمة أسبرجر : ( غالبا ما تدور الأحاديث ، والإهتمامات حول موضوعات محددة ) ، ( استخدام أنماط لفظية غير عادية تتميز بالتكرار الممل ، أو تعليقات عنيفة ، أو غير مناسبة للموقع ) !!
.
5ـ صعوبة في فهم دقائـق الأمـور ، ودرجات التفاوت ومستوياتها في أيِّ مشهد من المشاهد ،
.
ولدى المصابين بهذه المتلازمـة قصور عقلي شديد في وعي التفاصيل ،
ولهذا عجزوا عن فهم التطور البشري في أنظمة الحكم ، لأنَّ فيه تفاصيلَ كثيرة ، تجعل الأنظمة معادلات سياسية ، تفرّق بين الدولة ، والنظام ، والوطن ، والحكومة ، وتحقق التوازن بين السلطة ، والشعب ، وبين آلـة الدولة ، وقوّة وحقوق الأمّة ، وبين الحكومة ، والمعارضة التي قد تشكل حكومة ظـلّ أيضا .. إلـخ
.
وهذا كلُّه يصيبهم بالدوار ، فهم لايفهمون المشهد السياسي _ على سبيل المثال _ إلاَّ ( ولي أمر ) يحمل عصا ، ويضرب ظهورهم ، وهم يسيرون كالقطيـع ، كلَّما جاعوا ألقى عليهم الشعير ، ولايهمُّهم إلى أين يذهب بهم وليُّهـم ، إذ لاهدف للقطيـع !
.
وأيضا _ مثال آخر _ في فهم جمع الشخص الواحـد ، أو الجماعة ، بين السنة والبدعة ، والصواب والخطأ ، والخير والشر ، وأنَّ المشاريع الناجحة هي التي تشجـع وتتبَّنـى جوانب الخير الراجحة حتى لو قارنتها شرورٌ مرجوحة ، وأنَّ الأمّة في زمن الشرور ، وتكالب الأعداء ، بحاجة إلى إعمال هذه القاعدة الجليلة المهمّة .
.
فعند هذه التفاصيـل تضيع عقولهم ، وتتيهُ أفهامهم ، لضيق مداركهم عن وعيها.
.
ومن أعراض متلازمة أسبرجر : ( صعوبة في فهم ما يقرأ ، أو يسمع ) .
.
6ـ ومن أعراض هذه المتلازمة الغرور بالنفس ، فيما يشبه مرض ( الميغالومانيا) ، وهو وسواس مرض نفسي ، يجعل المصاب به ، يتوهم أنهم وحده يملك مالايملكه الآخـرون ، حتى لقـد ذكرت بعض كتب الطـبِّ النفسي أنَّ المصاب بهذه الداء ، قـد ( يرى نفسه أنـَّه رجل من رجال الدين المنزَّهين عن العيـوب ، وقد يتعاظم هذا به حتى يدعي المهدية ، أو النبوة ) !!
.
ولهذا تجدهم يسيطر عليهم أنهم ( الفرقة الناجية ) التي اصطفاها الله من بين الخلق أجمعين ، فجعلها متميّزة بـ ( النقاء التام ) ، فهم ينظرون إلى غيرهم بأنهم جميعا حملة شوائب ، قد تطهـَّروُا هم منها !!
.
ولهذا يرى المصاب بهذه المتلازمة نفسه الإمتداد الوحيد للأنقياء عبر التاريخ ، وأنّ جميع الآخرين خارجين عن هذه الدائرة _ أهل البدع ، والفئات الضالة !! _ فيشغل نفسه بنقدهم ، وإظهار عيوبهم !
.
ولهذا ظهرت فيهم ظاهرة ( هجر غير الأنقياء ) ! ، فحاربوا بفظاظة ، وغلظة ، وعنـف لفظي شديد ، كلَّ الجماعات الإسلامية ، والدعاة المخلصيـن ، والمصلحين السياسيين ، والمجاهـدين ..إلخ
.
من أعراض متلازمة أسبرجر : ( عدم وجدود تفاعل إجتماعي ، وعدم الرغبة في تكوين صداقات ) !!
7ـ هذا ..ومن عجائب التوافق بين متلازمة أسبرجر أنَّ من أعراضها ( المطّ ، أو التطويل ، في نطق الألفاظ مع لهجة متكلفة رسميّة ) ،
وهي ظاهرة مدهشة في ( متلازمة الإنبطاحية ) ، فلدى المصاب بها ولعٌ في هذا المطّ ، والتطويل في نطق الألفاظ ، وتكلف مثير للقشعريرة خاصة إذا وقف على حرف ( العين ) من لفظة ( أهل البدع) ، فكاد يتقيـأ !!
هذه هي أهم أعراض متلازمة الإنبطاحية ، فإذا قدَّرَ الله ، ومرَّت بك إحدى الحالات ، فتأمّل أولا في الأعراض الجسديـَّة ، ثم انظر في هذه الأعراض النفسيّة السبعـة ، فإن وجدتها ، فاحمد الله أولا على العافية ، واتـلُ دعاءَ المبتلى ، ثـمَّ حاول أن تدلّ المصاب على العلاج النفسي المناسب عند طبيب نفسي حاذق ،
ولا تتعب نفسك بالجدال معه ، فإنها حالة مرضية بحاجة إلى علاج ، لانقاش ، وهذا يفسِّر عدم فائدة الجدال مع المصابين بهذه المتلازمة غالبا !
كما أنَّ الرقية الشرعية نافعة بإذن الله أيضا ، فقد قال الحق سبحانه ( وننزِّل من القرآن ما هو شفاءٌ ، ورحمة للمؤمنين ) .
ومنـَّا إلى الأطباء النفسييّن لمزيد الدراسة
والله أعلم ، وهو حسبنا ، عليه توكلنا ، ونعم الوكيـل ، نعم المولى ، ونعم النصيـر
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 10/01/2012