أولا : هذا الحدث ليس جديدا ولا مقطوعا من سياق آخر ،، كلا
فقد كان الغرب يهيء شعوبة منذ الحرب الباردة ، إلى أن الإسلام هو الخطر القادم بعد الشيوعية ، كما أنّه منذ أن حطت أقدام المستعمرين بلادنا في القرن الماضي وقبله ، وهم يمكرن المكر إثر المكر لتفكيك هذا الدين ، وتشويه صورته ،
عبر :
تشويه صورة النبي صلى الله عليه وسلم
والطعن القرآن
والطعن الشريعة صلاحيتها لهذا الزمان ، وللحكم في كل زمان ومكان
وتشويه التاريخ الإسلامي
ولازال هذا النهج ماض في الغرب الصليبي ، تقوم عليه مراكز تدعمها دول ، ووراءها دعم مادي لامحدود ، كما سمعنا من الأمثلة على ذلك ، ما تقوم به النائبة الهولندية الصومالية الأصل من إستفزاز مشين للمسلمين مثل ما أظهرت في فلم في الآونة الأخيرة ، آيات قرآنية مكتوبة على جسد امرأة عارية ،
وكما توالى عدة منصرين كبار مستشارين للبيت الأبيض ، من خلال الظهور الإعلامي الواسع يطعنون في النبي صلى الله عليه وسلم ويتهمونه بالإرهاب ، ويتهمون دين الإسلام بالإرهاب ، ويطعنون بديننا ويشبهون المسلمين بالوثنيين ..إلخ ،
ويمعنون في حرب الإسلام ثقافيا وإعلاميا ، في حين يظهرون من جهة أخرى بنفاق مكشوف الدعوة إلى التسامح ، ويفرضون على بلادنا تغيير المناهج الدراسية لتخدير المسلمين ،
لكيلا يعوا ما يحاك لدينهم عبر هذه الحملة الصليبية الحاقدة التي جاءت بكل ما أوتيت من قوة ـ تظهر كبرها ، وحقدها ، وتستعرض استكبارها في بلاد الإسلام ، وتمارس أشنع أنواع الاضطهاد الديني ، وبث الأحقاد ، وإهانة مقدسات المسلمين ،
وقد ظهر ذلك جليا من سجون باغرام في أقصى الشرق الإسلامي إلى سجون غوانتنامو في أقصى الغرب ،
ثم أيضاو على امتداد العالم الإسلامي ـ يدفع المال والدعم اللامحدود لكل زنديق يبيع دينه بعرض من الدنيا يتقرب إلى عباد الصليب في الطعن في النبّي وديننا وشريعنـا ، في وسائل إعلامنا ، وفي صحفنا اليومية ، وفي وسائل الإعلام المختلفة
وإذا قام المسلمون دفاعا عن دينهم على أولئك الزنادقة ، هرع الغرب الصليبي لإحتضان أزلامه الخونة الجبناء ، كما احتضن نصر أبو زيد ، سلمان رشدي ، وغيره من الحثالة .
وقد بين الله تعالى أن الطعن في ديننا يستوجب منها الجهاد دفاعا عنه :
قال تعالى : ( وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِإِنَّهُمْ لاَأَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ* أَلاَتُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَّكَثُواْأَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَؤُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ* قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَقَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ* وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَن يَشَاء وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
فإذا كان الذين همّوا فقط ، بإخراج الرسول صلى الله عليه وسلم ، أمر المؤمنون بقتالهم ، في ذلك الوقت ، فكيف بالذين زادوا على شتم نبينا صلى الله عليه وسلم ، والتجبح الفج الوقح بالإصرار على هذه الجريمة ، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم حيا بأمته ، وحقه باق إلى يوم القيامة ، يجب على أمته أن تقوم على من تناوله بسوء وتأخذ حقّ نبيها صلى الله عليه وسلم .
ثانيا : ( لاتحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم ) ـ
ونعلم ايها الأخوة الكرام ، أن هذه الاية نزلت في الطعن في عرض النبي صلى الله عليه وسلم ، ونعلم أن إظهار العدو ما في قلبه خير من كتمانه ، كما قال تعالى :
يَاأَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُواْلاَتَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَيَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَاعَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَاتُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُقَدْ بَيَّنَّالَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ* هَاأَنتُمْ أُوْلاء تُحِبُّونَهُمْ وَلاَيُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَالَقُوكُمْ قَالُواْآمَنَّاوَإِذَاخَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ* إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَ اوَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَيَضُرُّكُمْ كَيْدُهُم ْشَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَايَعْمَلُونَ مُحِيطٌ )
ولاريب أنّ القضية لم تكن عفوية ، ولا تصرف شخصيّ ولا شذوذ من صحيفة ، بل هو شيء معد له ومقصود ، حتى إنه قريبا سينزل كتاب في الدنمرك من أكثر من 270 صفحة ، مليء بالطعن والتشويه لنبينا صلى الله عليه وسلم ، واصلا ما في هذه الصحف التي تنشر مأخوذ من ذلك الكتاب ، وقد رأينا أن الاتحاد الأوربي يقف وراء هذا كله ، وقد أعلن ذلك ، ,أعلن تأييده للدنمرك.
هذا الحقد أظهره الله تعالى ، بعدما وجدت الروح الصليبية الغربية نفسها مهزومة ، ملحق بها العار : ـ
عسكريا في مواطن الجهاد بحمد لله ،وعلى أيدي أبطال هذه الأمة في أفغانستان والعراق وفلسطين وغيرها .
وثقافيا بانتشار الإسلام وتربعه على الخطاب الذي يحرك الشارع الإسلامي في كلّ البلاد الإسلامي في كل البلاد ، وأيضا غزو ديار الغرب ، في عقر دارهم ، حتى فرنسا وجدت نفسها غير قادرة على هزيمة الحجاب الإسلامي ، فأظهرت سوءتها بإكراه النساء قسرا على نزع الحجاب ، لأن الحقد على الإسلام غطى عقولهم وأبصارهم فأنساهم حتى شعاراتهم الـــتي يزعمون أنها قامت عليها حضارتهم المعاصرة .
ثالثا حكم الساب :
روى أبو داود (4361) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَجُلاً أَعْمَى كَانَتْ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ تَشْتُمُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَتَقَعُ فِيهِ ، فَيَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي ، وَيَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ ، فَلَمَّا كَانَتْ ذَاتَ لَيْلَةٍ جَعَلَتْ تَقَعُ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَشْتُمُهُ ، فَأَخَذَ الْمِغْوَلَ [سيف قصير] فَوَضَعَهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأَ عَلَيْهَا فَقَتَلَهَا . فَلَمَّا أَصْبَحَ ذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعَ النَّاسَ فَقَالَ : أَنْشُدُ اللَّهَ رَجُلًا فَعَلَ مَا فَعَلَ لِي عَلَيْهِ حَقٌّ إِلَّا قَامَ . فَقَامَ الْأَعْمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنَا صَاحِبُهَا ، كَانَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ فَأَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي ، وَأَزْجُرُهَا فَلَا تَنْزَجِرُ ، وَلِي مِنْهَا ابْنَانِ مِثْلُ اللُّؤْلُؤَتَيْنِ ، وَكَانَتْ بِي رَفِيقَةً ، فَلَمَّا كَانَ الْبَارِحَةَ جَعَلَتْ تَشْتُمُكَ وَتَقَعُ فِيكَ ، فَأَخَذْتُ الْمِغْوَلَ فَوَضَعْتُهُ فِي بَطْنِهَا وَاتَّكَأْتُ عَلَيْهَا حَتَّى قَتَلْتُهَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلا اشْهَدُوا أَنَّ دَمَهَا هَدَرٌ) . صححه الألباني في صحيح أبي داود (3655) .
وروى النسائي (4071) عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ قَالَ : أَغْلَظَ رَجُلٌ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ ، فَقُلْتُ : أَقْتُلُهُ ؟ فَانْتَهَرَنِي، وَقَالَ : لَيْسَ هَذَا لِأَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . صحيح النسائي (3795)
هذا والصحيح ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية ، أن شاتم النبي صلى الله عليه وسلم وقع في أمرين الكفر : لأن شتمه والطعن فيه طعن في الدين ، وحق النبي صلى الله عليه وسلم ،
ومع أن نبينا صلى الله عليه وسلم كان أحيانا يعفو عمن ظلمه لدرء مفسدة أعظم ، لكن بموته لايمكن أن يتحقق عفوه ، فيبقى حقّه بوجوب قتل شاتمه ، على كل الأحوال لاتقبل له توبة ، لأنه كما قال الصديق النبي صلى الله عليه وسلم ليس كغيره .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله في كتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول : ( وهذا الذي ذكرناه من سنة رسول الله e في تحتم قتل مَنْ كان يسبه من المشركين مع العفو عَمْن هو مثله في الكفر كان مستقراً في نفوس أصحابه على عهده وبعد عهده، يقصدون قتل السابِّ، و يحرضون عليه، وإن أمسكوا عن غيره، ويجعلون ذلك هو الموجب لقتله، ويبذلون في ذلك نفوسهم، كما تقدم من حديث الذي قال: سُبَّني وسُب أبي وأمي وكُفَّ عن رسول الله e، ثم حمل عليه حتى قتل، وحديث الذي قتل أباه لما سمعه يسبُّ النبي e، وحديث الأنصاريِّ الذي نَذَرَ أن يقتل العَصْماءَ فَقَتَلَهَا، وحديث الذي نذر أن يقتل ابن أبي سرح وكَفَّ النبي e عن مبايعته ليوفي بنذره )
وقال في موضع آخر : (وأيضاً، فقد تبين بما ذكرناه من هذه الأحاديث أن الساب يجب قتله، فإن النبي e أمر بقتل الساب في مواضع، والأمر يقتضي الوجوب، ولم يبلغه عن أحد السب إلا أهدر دمه، وكذلك فعل أصحابه )
رابعا : يجب أن نعلم أن تعطيل شريعة النبي صلى الله علي وسلم في أمته ، وبيع أمته لأعدائها بأبخس الأثمان ، حضاريا واقتصاديا وثقافيا ، والتخلي عن نصرة من يقوم بنصرها ، بل محاربته ، جريمة لاتقل شناعتها عن هذه الرسومات الساخرة ، التي نشرت في الدنمرك .
لكن للأسف إن الناس اعتادت على تلك الجرائم ، واستمرأتها ، ولأننا تعودنا على أن العاطفة تحركنا وقتيا ، أكثر مما نبني مواقفنا على أسس عقدية راسخة .
لأنه ينبغي أن نتذكر شيئا مهما ، أن السبَّ أصلا سلاح الضعيف ، وتصرف أحمق ، وهو يفيدنا أصلا ، يوحّد أمتنا ، ويجمعها على قضية دينية عظمى ، ويعزز الخطاب الإسلامي ، ويزيد اعتزاز المسلمين بدينهم ،
لكن الأعظم شرّا ، والأشد ضررا ،ا ما يجري كلّ يوم في بلادنا ، ومع ذلك الناس استمرؤوه ، فلم يعودوا يشعرون بفظاعته ، وكونه أعظم شتم للنبي صلى الله عليه وسلم ، بل هو شتم للنبي صلى الله عليه وسلم ، لانه تنقيص لدينه ، لو كانوا يعلمون .
أولا : تعطيل الشريعة ،
تعطيل الشريعة والحكم بغيرها ، رمي لدين النبي صلى الله عليه وسلم ، بالنقص والعيب ، وأي عيب وأي شتيمة أعظم من أن ينحى دين الرسول الذي هو أعظم نعمة ، ويحكم بالقوانين الوضعية ، ولهذاجاء ت النصوص القرآنية التــي تحذر من هذه الجريمة الشنعاء ، جامعة لكل أوصاف الذم
الكفر والظلم والفسوق ونفي الإيمان ، والردة والشرك والنفاق والضلال البعيد.
فقال : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ، وقال: هم الظالمون ، وقال: هم الفاسقون
وقال ( فلا وربك لايؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجامما قضيت ويسلموا تسليما )
وسماهم مرتدين في قوله :
(إِنَّالَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ* ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوالِلَّذِينَ كَرِهُوا مَانَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِوَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ)
وقال ( ولايشرك في حكمه احدا )
وقال واصفا المنافقين :
وَإِذَاقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَاأَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا)
وقال :
أَلَمْتَرَإِلَىالَّذِينَيَزْعُمُونَأَنَّهُمْآمَنُواْبِمَاأُنزِلَإِلَيْكَ وَمَاأُنزِلَمِنقَبْلِكَيُرِيدُونَأَنيَتَحَاكَمُواْإِلَىالطَّاغُوتِ وَقَدْأُمِرُواْأَنيَكْفُرُواْبِهِوَيُرِيدُالشَّيْطَانُأَنيُضِلَّهُمْ ضَلاَلاًبَعِيدًا
وإذا تذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لاينتقم لنفسه ، لكن إذا انتهكت حرمات الله غضب وانتقم ،
فإذا أردنا أن ننتصر له حقا ، ونأتسي به حقا ، فلنغضب لإنتهاك شريعته وتعطيلها أعظم من غضبنا لشتمه وسبّه ،
ولهذا أمر النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم ـ الذي عفى عن بعض من آذاه ـ أمر بقتل الذي شرع شريعة واحدة عقد على امرأة أبيه ، متحديا شريعة الله المنزلة على رسوله ، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل ويجعل ماله فيئا للمسلمين ، شريعة واحدة ، عقد واحد ، تزوج امرأة أبيه ، فكيف بوضع الشرائع الكفرية الطاغوتية ، بديلا عن شريعة الله ، فهذا لوحده أكبر عنوان للطعن في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم .
ثانيا موالاة أعداء الأمة والتآمر معهم على وحدتها وقوتها .
فهذه الجريمة أيضا جمع الله تعالى أشنع أوصاف الذم في القرآن
فتبرأ ممن يوالي أعداءه
( لايتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء )
وألحقهم بالمغضوب عليهم والضالين
فقال ( يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض )
وسماهم منافقين
(بَشِّرِالْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا* الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَفَإِنَّ العِزَّةَلِلّهِ جَمِيعًا)
وسماهم مرتدين
إِنَّالَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِمَ اتَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ* ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوالِلَّذِينَ كَرِهُوا مَانَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِوَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ
وجعلهم ساعين في الفتنة ، ومفسدين في الأرض الفساد الكبير.
( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير )
وكان النبي صلى الله عليه لايهمه أمر ، كما يهمه أمر أمته ، ولهذا كان دائما يدعو اللهم أمتــي أمتــي ، وقال ( لكل نبي دعوة مستجابة دعا بها ، وخبأت دعوتي شفاعة لأمــتي يوم القيامة ) .
فمن آذى أمتــه فقد أذاه أشد الأذى ، لأنه مثل الوالد لأمته ، لذلك كان أزواجه أمهات المؤمنين ، وكان المؤمنون أخوة ، فهم أسرة واحدة ، وفي قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم ) .
فكل من اعان الكفار على قتل المسلمين واحتلال ديارهم ، وإظهار الكفر فيها ، أو خذل أمة محمد حيث تجب نصرتهم ، فقد أذى النبي صلى الله عليه وسلم أشد الاذى ، آذاه في أبناءه ، وخذله أشد الخذلان .
ويدخل في هذا تمزيق أمته صلى الله عليه وسلم ، إلى دويلات تضعفها ، وتطمع فيها أعداؤها ، ونشر التعصبات لهذه الوطنيات بينها ، وتكريس هذا الواقع بالخطاب الإعلامي والثقافي ، فهذا أشدّ الأذى للنبي صلى الله عليه وسلم ،
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول :
إنه ستكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائنامن كان
وقال : إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما خرجهما مسلم
وتأملوا ما يقع في العالم الإسلامي من سفك لدماء المسلمين ، بلا حسبان ، لماذا لايحركنا ، وهو أعظم إيذاء للنبي صلى الله عليه وسلم ، وأعظم من سبه وشتمه ، حتى الواحد منّا يعلم أن قتل أبناءه وتعذيبهم ، أشد جرما من سبه شخصيا .
في العراق ليس هناك أ؛إحصائيات أصلا لدماء المسلمين ( السنة ) ، لا قيمة لمن يقتل منهم ، وفي فلسطين يجري دم المسلم أنهارا من عقود ، والمسجد الأقصى أهين عدة مرات ، ومساجد أخرى في فلسطين حولت مراقص ، وبارات ، ولا يوجد أمة أهينت مقدساتها مثل أمتنا .
وللأسف قامت الدنيا كلها ولم تقعد من أجل صنم بوذا ، ولما تطاول الخنازير الصليبيون على نبيّنا صلى الله عليه وسلم ، انتقلت النغمة إلى الحديث عن حرية الرأي والنشر ، وعندما سأل مذيع الجزيرة مدير الصحيفة المشؤومة ، عن الهولوكست ، محارق اليهود المزعومة ، وهل تسمحون بنقدها ، تهرب الخبيث من الجواب ، ذلك أنه من أشد المحرمات في كثير من البلاد الأوربية التعرض فقط بالتشكيك إبداء للرأي بمحارق اليهود التي تُسمى الهولوكست ، ويعاقب من يتعرض لها بالتشكيك بالنشر ، ويلاحق ويحكم عليه ، ويصادر الكتاب الذي فيه ، كما حصل لروجيه جارودي في فرنسا .
خامسا
المقاطعة سلاح فتاك ، ومهم ، ومؤثر ، وما حصل مع الدنمرك خير برهان ،
ودليل المقاطعة قوله تعالى ( فخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد )
وحاصر النبي صلى الله عليه وسلم بني النضير ، والطائف ، وقصة ثمامة بن أثال متفق عليه ، قال لكفار قريش : ( لا والله لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم )
والمقاطعة سلاح الشعوب ، ولا يسمع لمن يقول يشترط أذن السلطة ، لأنه لم يعد خافيا أن نصر الإسلام صار منوطا بالشعوب اليوم ، وأما الحكومات فهي بين التآمر والتخذيل .
لكن ينبغي أن نلتفت لشيء مهم هنا ، فإنه إذا كان مبلغ نصرتها للرسول صلى لله عليه وسلم أننا نقاطع الدولة الضعيفة التــي منتجاتها يمكننا الاستغناء عنها بغيرها ، لان وقفت موقفا ضد ديننا .
ونترك الدولة التي تحارب ديننا بأضعاف مضاعفة أكثر من الدنمرك، لأننا نستورد منها السيارات الفارهة ، والتــي نخشى على رفاهنا إن نحن نصرنا دين النبي صلى الله عليه وسلم بمقاطعتها ، فبئس النصرة هذه ،
والله بئس النصرة هذه ، هؤلاء الصهاينة اليوم يخططون لحصار حماس ، لكي ترضخ للتنازل عن أرض المسلمين ، فمن ينصرها ، ويخططون لتطبيع العلاقات مع المسلمين ،
اليهود في إعلامهم من عقود يشتموننا ، يقتلوننا، ويهينون جميع مقدساتنا ، الفتيات الفلسطينيات تُعرى في سجونهم ، تهُتك الأعراض ، ويُسب ويُشتم النبي صلى الله عليه وسلم في التحقيق كلّ يوم ،وفي وسائل إعلامهم ، ومع ذلك كلّ سنة يقترب الزعماء ووسائل إعلامنا أكثر إلى الصهاينة ، متناسين هذه الحرب الشنيعة على أمتنا ، وعلى ديننا .
لماذا لم نتحرك لمقاطعة من هم السبب فيما يفعله فينا الصهاينة، الدول التي تدعم ، وتحتضن ، وتؤيـّد ، وتمد الصهاينة ، بكل ما تحتاجه لمحاربة ديننا .
لماذا كلّ هذا الحماس الديني على الدنمرك ، يختفي عند ما تطل طلعة البيت الأسود !!، وهو أشدّ جرما من الدنمرك بلا مقارنة .
فلهذا أيها الأخوة ينبغي أن ننتبه إلى أن المقاطعة كما كانت سلاحا مؤثرا في هذه القضية ، والحمد لله ، الله تعالى جلبها لكي يجمع أمة الإسلام ، ويحيي فيها دينها ومكانة نبيها ، يجب أن نربطها أيضا بقضايا الأخرى المصيرية ،
سادسا :
لايجوز أن نغفل عن أن بعض الدول ستستغل هذا الحدث بإظهار بعض المواقف المعارض للدنمرك ، المؤيدة للإسلام ، للتغطية على جرائم سترتكبها في حق المسلمين لاسيما في فلسطين .
لان الذي يجري في فلسطين تحول تاريخي ، حماس الآن أصبحت تمثّل الشعب ، وهي مصنفة منظمة إرهابية في أمريكا وأوربا ، وصارت بين التمسّك بحق الأمة الإسلامية في أرضها ، ومقدساتها في فلسطين ، وبين أن تحاصر ويضغط عليها ، فهي بحاجة اليوم إلينا ، وإلى العالم الإسلامي ، وإلى الشعوب الإسلامية ، لكي تدعمها في مواجهة هذا العدو الصهيوني الصليبي الخبيث المدعوم بدعم لامحدود .
فحينئذ يجب أن لاننسى أن بعض الدول ستستغل هذا الحدث ، بإظهار بعض المواقف الدينية المعارضة للدنمرك للتغطية على جرائم سترتكبها في حق المسلمين ، لاسيما على المشهد الفلسطيني .
إن الطغاة اعتادوا أن يستغفلوا شعوبنا ، باستغلال أحداث دينية ، وركوب الموجة ، لتجميل صورتهم القبيحة في خذلان الإسلام والمسلمين ، وكونهم أصلا سببل لما آلت إليه الأمور ، إنّ تجرؤ هؤلاء الحاقدين على نبينا صلى الله عليه وسلم ، فما تجرؤوا إلا بسبب هؤلاء الطغاة ، القابعين على سدة الحكم ، الذين مزّقوا الأمة ، وأضعفوا ، وجعلوا اقتصادها ، وقرارها السياسي ، وحتى عقول أبنا ءالامة ، ألعوبة بيد الغرب الصليبي الحاقد ، ثم جاءونا اليوم يظنون أننا نسينا جرائمهم ، يضحكون علينا بمواقف إعلامية عابرة ، بينما كان ولايزال خذلان نبي الإسلام ، في شريعته ودينه وأمته ، ديدنهم ، وإيواؤهم لكل طاعن على دين الرسول صلى الله عليه وسلم ، ساع في إطفاء نوره ، وإعانتهم له ، ظاهر واضح لائح ،
وقد ذكرت لكم غير مرة ، ظاهرة غريبة ، إذا وجدتم من هؤلاء الطغاة ، موقفا ظاهره أنه تعاطف مع قضايا الإسلام ، أو انقياد لشريعة الإسلام أو نصره ، فاعلموا أنه محاولة للتخفيف لطامة تأتي بعد ذلك ، فيها دمار على أمة الإسلام ، وفساد في الأرض كبير .
سابعا وأخيرا :
يجب أن لاننسى أن المسؤولية في الأصل لاتقع على الشعوب ، بل على من تولاها ، وأنهم الدول الإسلامية تستيطع بسلاح النفط وحده ، والله لو هددت الدنمرك بحظر النفط عليها ، سوف تلبي كل ما يريده المسلمون في بمجرد إعلان الحظر ، وحينئذ لانحتاج إلى تكليف التجّار كل هذه الخسائر من اجل المقاطعة.
ولكن للأسف صار نصر الإسلام منوطا بالشعوب .
وحينئذ يجب أن ننتبه إلى نبقي الإسلام حيا في شعوبنا ، عبر وسائل الدعوة ، وإحياء الدين فيها ، فأمتنا فيها الخير ، وهي أمة الخير ، وهي مليئة بالرجال والنساء الذين على استعداد أن يقدموا أرواحهم فداء للنبي صلى الله عليه وسلم وللإسلام ،
وإلى أن استغلال المؤسسات الإسلامية ـ حتى تلك المرتبطة بالسلطات ـ لنصر أي قضية دينية أمر مهم ، لان هذه أصلا ملك للأمة ، السلطة ملك لأمتنا ، ومال لأمتنا ملك لأمتنا ، هؤلاء الزعماء الخونة سطوا على أملاك الأمة لاغير .
كذلك لاننسى أن وقوف الاتحاد الأوربي مع الدنمرك والتهديد بالإحالة إلى منظمة التجارة الدولية ، فيه درسان لنا :
أولا أن الغرب الصليبي يكسب قوته من إتحاده ، بينما نحن نزداد فرقة وتمزقا ، ولازال فينا ـ حتى للأسف من حملة العلم من أهل التزييف والتحريف ـ من يطبّل ويزّمر لهذا الوثن الذي يدعى الوطنية ، الذي جعلوا فيه الوطن إلها معبودا مع الله ، والوطنية شريعة ت
الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 07/12/2006