زواج المتعة الثاني بين ا(لشيطان الأكبر) ، و(محور الشـــر)!

 

زواج المتعة الثاني بين (الشيطان الأكبر) ، و(محور الشـرّ)!
 
 
حامد بن عبدالله العلي
 
لاريب لايسـرنا حضور حفلة عرس زواج المتعة الثاني بين الشيطان الأكبر ، ومحور الشر ! ـ الأول تحدثنا عنه سابقا وكان مع احتلال أفغانستان والعراق ـ ولن يكون مريحا إطلاق العنان لتخيّـل شكل الذريّة (المباركة) التي ستتولد عن هذا السفاح !
 
لاسيما وأنَّ طعام العرس ، يبدو أنَّـه النوبة الثانية من إسهال التراجعات على المحور الإيراني ، السوري ، حزب حسن ـ النوبة الأولى تحدثنا عنها سابقا ـ  الوشيكة الوقوع ، فلتأخذوا حذركم مما سيتطاير منها.
  
في عام 1986م اعترف الرئيس الأمريكي الأسبق ريجان ـ في ذروة العداوة المعلنة مع النظام الإيراني ـ بأحد أشهر الصفقات السياسيّة السريّة القذرة بين النظام الإيراني ، والإدارة الأمريكية ، وهـي صفقات سلاح سريّة مع إيران ، إبـّان الحظر الأمريكي المعلن آنذاك ،  بهدف تأمين الإفراج عن أمريكيين ، يحتجزهم شيعة موالون لايران في لبنان ، ثم حُوِّلت حصيلة مبيعات السلاح سرّاً لمتمردي الكونترا الذين كانت تدعمهم أمريكا في نيكاراجوا $$$
 
ويُحكى أنه في ذروة أزمة رهائن السفارة الأمريكية في طهران مع أوّل اندلاع الثورة الخمينية ، وقد بدا المشهد وكأنه صدام حتمي بين الطرفين ، كانت ثمة مفاوضات على مستوى عال ، قائمة على قدم وساق بين الطرفين ،  يقود الفريق الإيراني فيها رافسنجاني ، والفريق الأمريكي جورج بوش الأب ، أما النتيجة فكانت مذهلة ،  وهي الإتفاق على عدم إطلاق الرهائن في عهد كارتر ، حتى لايفوز في الإنتخابات ، وهذا ما حدث !
 
لكن هذه المـرَّة ، أخذ الحديث يتزايد مؤخـرا عن وجود صفقة استراتيجية كبرى ، بين إيران وأمريكا ـ ليس مثـل تلك صفقات الصغيرة ـ وأنَّ تلك الصفقة الكبيرة التي يتم التفاوض عليها بين (الشيطان الأكبر) ، و(محور الشـرّ) ، في المفاوضات السريـّة بينهما ، والتي مضى عليها مدة ليست باليسيرة ، تكاد تؤتـي ثمارها.
 
ولهذا السبب ، أي حفاظا على استمرار تلك المفاوضات ، يُفسـَّر الهدوء النسبي الأمريكي ، إزاء تهديدات الشيعة لدول الخليج ، وما تفعله إيران في العراق ، ولبنان ، وعلى انتهكات النظام الإيراني لحقوق الإنسان ، كما يُفسـَّر تراجع التصعيد على النظام السوري ، وتجاهل الحديث الخطير للرئيس السوري حول ترحيبه بنفوذ إيراني إيجابي في العراق !
 
ودولٌ عربية مثل الأردن ، ومصـر ، ودول الخليج ، تعلم ذلك ، وقـد أخـذ يقلقهـا مؤخَّـرا.
 
 ويبدو أنـّه قـد تسرَّبت (روائح) غير مريحة من غرفة المفاوضات السرية  ، فأدَّت إلى مخاوف لدى منظومة دول مجلس التعاون الخليجي المسكينة ، تلك التي هريق صبوحها على غبوقها، وصارت كدافع تكاليف المؤامرات ضدَّها ، على حدِّ قول العرب : أحمق من الممهورة من نَعَم أبيها !
 
فصرَّح معبـِّر عن حالهم ، كما تناقلته وكالات الأنباء : ( لدينا مخاوف ضخمة من أن الأمريكيين يمكن أن يقدّموا تنازلات للإيرانيين من شأنها تقويض أمننا ،  ولن تكون مقبولة بالنسبة لنا ، إنَّ مطلبنا الرئيسي هو أنه يجب إلاّ تقدم أمريكا تنازلات فيما يتعلق بالبرنامج النووي الايراني ، وتدخلات طهران في العراق ، ولبنان ، وفلسطين)أ.هـ وكان ينبغي أن يقول ودول الخليج ، واليمن أيضا.
 
نعم قد يحدث هذا كلُّه ، وأكثـر منه ، وسيبدو الأمر تماما كما عبر أحد المحلّلين الغربيين : ( ستنظر دول الخليج إلى النتيجة على أنها مكافأة لتحدّي طهران لواشنطن ، وعقاب لحكّام الخليج الذين تحمّلوا غضبا شعبيا ، وأعمال عنف من قبل المتشدّدين الإسلاميين ،  للحفاظ على تحالفهم الذي يرجع إلى عقـود مضت مع الولايات المتحدة ) .
 
ومع أنَّ العرب قالت قديمـا : (رهبوت خيرٌ من رحموت) ، أي لئن يرهبك الناس ، خيرٌ لك من أن يرحموك ، غير أنَّ الفرس اليوم هم الذين فقهوا حقّـا هذا المثل العربي , فعلموا أنهم : لئـن يكونوا إرهابيين كبار أقوياء ، فينتزعون أهدافهـم بقوتهم ، خيرٌ من أن يكونوا ضعفاء يستجدون شهادة البراءة من الإرهاب من قوى الإرهاب العالمية ،كما فعلت دول الخليج.  
 
إنَّ السياسة الغربية لا أخلاق لها ، وهي مستعدة أن تعقد أخـسِّ الصفقات مع القويِّ الذي على قـدر قوته ، وعلى قـدر قدرته على الإيذاء ، وعلى إرهاب خصمه ، يحصل من تلك الصفقات على أكبر قدر من المصالح.
 
فماذا يُتوقـَّع من النظام الإيراني ، وقد وجد المشهد السياسي بعد سقوط أكبر ندِّين له ، وهما النظام العراقي السابق ، وحركة طالبان ، كما قال رتشارد هاس رئيس مكتب العلاقات الخارجية الأمريكية : (  إنّ الفرق هو أنّ إيران بدأت تستشعر القوة بسبب زيادة أسعار البترول ، وضعف العراق ، بسقوط نظام صدام حسين ، ونجاح حماس ،وحزب الله ، بينما الولايات المتحدة تشعر بأنَّ قواها مشتتة بسبب أرتفاع أسعار البترول ، والمصاعب التي تواجهها في العراق ، وأفغانستان )
 
إلى جانب تنامي قدرات إيران العسكرية ، ووضعها العالمي المريح بوجود أطراف دولية مثل روسيا ، والصين ، لديها سقف محدد من الضغوط الاقتصادية ،والسياسية على إيران ، بسبب شبكة العلاقات الإقتصادية المعقدة مع النظام الإيراني الحالي .
 
ماذا يُتوقَّـع منه سوى أن يقبل بصفقة مع الشيطان الأكبـر ، تحقق للنظام الإيراني هدفه الذي لم يزل يسعى إليه ، وهو صناعة معادلة دولية جديدة ، تكون إيران فيها لاعبا أساسيا ، يتقاسم النفوذ ، والأطماع في منطقتنا ، مقابل أن يتنازل عن بعض الأوراق ، لاسيما تلك التي ما صُنعـت أصْـلا إلاَّ ليُلعب بها في هذه المفاوضات ، والتي ستتبيـَّن ما هـي بعد إبرام الصفقة ،  أي بعدما يتم إسقاطها ، مثل سلاح حزب حسن نصر ، أو دعم حماس.
 
وقد ذكرنا سابقا أنَّ المواجهة حتمية بين هاتين القوّتين المتصارعتين على النفوذ في منطقـتنا ، وأن هذه المواجهة ، إمَّا تنتهي بحرب ، أو صفقة كبرى ، أو يبقى الوضع عالقا كالحرب الباردة ، وأنَّ الغباء الأمريكي ، والغطرسة الأمريكية ، هما أكبـر ما استفاد منه النظام الإيراني.
 
هـذا ، ولايعني الحديث عن مفاوضات سرية ، تتّجـه لصفقات استراتيجية كبيرة ، أنَّ الرياح ستجري كما تشتهي السفن ، بل إنّ كلَّ شيء قــد ينهار فجأة ، فيرتد الأمـر على عقبيه ، وتُفتح أبواب جحيم حرب جديدة ، فالله تعالى وحده ، عالـمٌ ما تحمله الأيام القادمة الحبلي بكلِّ أشكال الفتن ، أعاذنا الله منها.
 
غير أنَّ الخروج من هذه الفتنة الكبرى ، لا يمكن أن يأتي إلاّ بملء الفراغ الذي سمح للنظام الإيراني بتحويل المنطقة إلى رقعة شطرنج ، وطمعه أن يكون لاعبا رئيسا عليها.
 
ولايمكن ذلك إلا بمشروع حضاري إسلامي ،  يتبنّى بصدق القضية الإسلامية الكبرى ، وهي القضية الفلسطينية بحيث يطرد النظام الإيراني من استغلالها دعائيا لأطماعه التوسعية.
 
ويجـب أن يعمل هذا المشروع الحضاري على إصلاحات سياسية ، وثقافية ، جذرية ، تقوم على أنقاض الإستبداد ، والتبعية للأجنبـي ، وتنهي ثقافة القطيع .
 
 ويثـمر تكوين قوة عسكرية عظمى ، تستقل تماما عن كلِّ اشكال الإلحاق الخارجي.
 
ولايمكن بناء هذا المشروع إلاَّ بالخطاب الإسلامي ، وبالمنتمين إليه ، فهو الخطاب الوحيد الذي أثبت قدرته على التصدّي لكلِّ أشكال التهديدات الخارجية ، وعلى بناء المشاريع النهضوية الكبرى .
 
ولاريب أنـَّه ليس أمام دول المنطقة إلا هذا الحلِّ ،  أو الطوفــان.
 
فهل تُرى سيفيقـون ، أم
 
تساوى عندهم نفع وضر ** فما عرفوا الحـماةَ من العـداةِ

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 20/03/2009