عالمية الاسلام وعولمة اللادينية

 

 

عالمية الاسلام وعولمة اللادينية
 
حامد عبد الله العلي

في موسم الحج ، و حول البيت العتيق ، ترى في الطواف أفواج المسلمين من جميع أنحاء العالم يطوفون حول الكعبة التي هي مركز عالمية الإسلام ، فتتجلى أمامك وأنت تطوف عالمية الإسلامية في أروع معانيها، ترى الناس من جميع الأمم الأرض ، العرب والعجم ، والأسود والأبيض ، وأهل الصين والسند ، الأمريكي والأفريقي وأهل الجزيرة العربية ، وأهل فارس وأفغانستان ، والترك والشيشان .

يمر عليك الحبشة بأجسادهم الطوال ، ومسلمو بكين بقامتهم القصيرة وعيونهم الضيقة ، والحمر الأوربيون ، والسمر الهنود ، وتسمع وأنت في ذلك المشهد المهيب ، دعاء واحدا ، منبثقا من عقيدة واحدة ، وقيم واحدة ، ومبادئ واحدة ، تنتظم كلها تحت كلمتين أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .

كلهم يقولوها ، وكلهم يدين بها ، وكلهم يؤمن بأن هذه العقيدة أعلى من كل عقيدة ، وما ينبثق منها من التزامات أسمى من كل منهاج على وجه الأرض ، بل كلهم يؤمن أن هذه العقيدة هي الحق وغيرها من العقائد البشرية والمناهج الوضعية هو الباطل ، بل من لم يؤمن بهذا التميز الصارم في عقيدة الإسلام ، لا يكون مسلما ، قال تعالى ( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير ) فالله تعالى الحق ، وقوله الحق ، وشريعته الحق ، وكل ما يدعون من دونه من إله ، أو يتوجهون إليه من أفكار ، أو يتخذنه دينا من تصورات ، كل ذلك هو الباطل ، لاشيء سواه ، كما قال تعالى ( فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لانفصام لها والله سميع عليم ) ، والطاغوت كل متبوع أو معبود أو مطاع يقدم أمره أو رأيه أو شرعته أو أفكاره وتصوراته على ما أنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم .

وإذا كانت العولمة هي فكرة غربية لادينية يخطط لها لكي تفرض على العالمين على أنها كعبة الشعوب التي يجب أن تلتقي حولها ثقافاتهم ، وقد أعطى الغرب لنفسه الحق المطلق ، لسلوك كل السبل الكفيلة بالوصول إلى هذا الهدف ، حتى القوة العسكرية ، مع أن هذه الفكرة الشيطانية الخاوية من كل فضيلة نتاج أفكار الإنسان ، فالإسلام الحق أولى ، و هو مبدأ الحق الذي أراد الله أن يجتمع عليه بنو آدم كلهم ليصبحوا سواء تحت مبدأ واحد هو العبودية لله تعالى والاتباع لشريعة محمد صلى الله عليه وسلم ، الإسلام أولى أن يدخل حلبة هذا الصراع الدولي ، ليتحدى بعالميته القائمة على الهدى والنور ، عولمتهم القائمة على عبادة المادة والشهوات ، وها قد بدأ الإسلام يتحــــــدى ، ويعلو نشيده ( الله اكبر يا خيل الله اركبي ) في كل مكان ، وهو منصور لاريب ، ظاهر على الدين كله ، مهما طال الزمن ( وأنتم الاعلون إن كنتم مؤمنين ) و ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ) .

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 06/12/2006