بقلم حامد بن عبدالله العلـي
إن كان ثمة شعار عام جامع لما جرى ويجري على المشهد السياسي فهو شعار "العــريّ" ، وكأن تعرية المحتل الأمريكي لضحاياهم في سجون الاحتلال في العراق ، وتعرية ضحايا التحقيق في سجون أولياء امريكا في كل مكان ، كانت تعبيرا يصرخ من العقل الباطن الأمريكي ، وتنفيسا هستيريا لا إراديا ، عما تعانيه أمريكا من تعري نفاقها ـ ومازال عاريا لذوي البصيرة ـ ، وسقوط أقنعتها ، وانفضاح أمر عبيدها .
لقد أذن الله تعالى بما فتح على الناس من ثورة المعلومات والاتصالات ، إلى انكشاف كل ما كان مستورا ، وعادت عادات البشرية إلى ما كانت عليه ، في بدء أحقابها ، حيث كانت الصراعات تعلن أهدافها الحقيقيّة ، لا تتستر وراء أقنعة كاذبة كدعاوى السلام والأمن ، ولا خلف هياكل زائفة كالأمم المتحدة ، ومجلس الأمن .
حتى لقد أصبح كل شيء عاريا الآن : ـ
فهذه معركة اليهود ضد الإسلام ، كلما قيل انقضت تمادت ، فهذا كيري يصرح بأنه يهودي يريد القضاء على أئمة دين الإسلام كما نشرت وكالات الأنبــــــــاء مـــــــــرارا ..
وهو مشروع اليهود العالمي ضد مشروع النهضة الإسلامية الشاملة الواعـــــــــــــــــدة.
وهي موجة جديدة من الحقد على هذه الأمـــــــة ، ( وما تخفي صدورهم أكبر ) .. لكنها هذه المرة صهيوصليبية مادتها الشرك والكفر ، وحشوها الفحشاء والمنكر ، ضد أمة التوحيد والفضيلة والمعروف .
وهي موجة معلنة اقتران شركها بفحشها ، وكذلك اليهودية ، دينها قائم على هاتين القبيحتين المقترنين دائمــــــــا :
كما قال اسرائيل شاحاك في كتابه الديانة اليهودية وتاريخ اليهود عن أسرار المعتقدات اليهودية : " فلذلك فإن معرفة هذه الأفكار وفهمهما ، أمر مهم لسببين اثنين : السبب الأول وهو أن المرء لا يستطيع من دون ذلك ، فهم المعتقدات الحقيقية لليهودية في نهاية فترتها الكلاسيكية ، والسبب الثاني هو أن هذه الأفكار تلعب دورا سياسيا معاصرا مهما ، بالنظر إلى كونها تشكل جزءا من نظام المعتقدات الجلي للعديدين من السياسيين المتدينين ، بمن فيهم معظم قيادات غوش ايمونيم ، وبالنظر إلى تأثيراها غير المباشر على العديد من القيادات الصهيونية للأحزاب كافة ، بما فيها اليسار الصهيوني " .
ثم قال بعدما نقل نصوصا تدل على أن اليهودية انتقلت إلى عقيدة تعدد الآلهة ولخص ثمرتها " ويستطيع المرء إذا ما حذف الكثير من التفاصيل أن يخلص النظام كما يلي :
انبثق أو ولد من العلة الأولى ، إله ذكر أولا ، يدعى الحكمة أو الأب ، ثم إلهة أنثى تدعى المعرفة أو الأم ، وقد ولد من اقتران هذين الاثنين زوج من الآلهة الأصغر ، الابن والابنة ، وعلى هذين الإلهين أن يتحدا ، ولكن مكائد الشيطان تمنع اتحادهما .. وقد تمكن الشيطان من الاقتراب أكثر من الابنة الآلهة وتمكن حتى من اغتصابها ..
وعلى نحو مماثل يعتقد أن يعتقد بأن كل حادثة في التاريخ اليهودي التوراتي مرتبطة باتحاد الزوج الإلهي أو بشقاقه ، وأن الفتح اليهودي لفلسطين والاستيلاء عليها من الكنعانيين ، ثم بناء الهيكلين ونفي اليهود من الأرض المقدسة ، ليس إلا مجرد إشارات خارجية ، تدل لا على الشقاق الإلهي فحسب ،بل أيضا على العدو الحقيقي وراء البغاء ، مع آلهة غرباء ، فالابنة تقع في قبضة الشيطان ، فيما يصطحب الابن شخصيات أنثوية مختلفة إلى فراشه ، بدلا من زوجته الحقيقية .
وواجب اليهود الأتقياء أن يعيدوا بواسطتهم صلواتهم ، وطقوسهم الدينية ، الوحدة الإلهية الكاملة ، بشكل اتحاد جنسي بين الإله الذكر والآلهة الأنثى ، ولهذا تتلى الكابالية التالية من قبل أداء معظم الأفعال الطقوسية ، التي ينبغي لكل يهودي ورع تأديتها عدة مرات ، في اليوم " من أجل المجمع [الجنسي] للمقدس المبارك وشخينته " .
وقد رتبت صلوات اليهودية أيضا ، بحيث تشجع على هذا الاتحاد الجنسي ، ولو مؤقتا فحسب ، وتتطالق أجزاء متوالية من الصلاة تطابقا صوفيا ، مع المراحل المتوالية لهذا الاتحاد ، ففي لحظة من اللحظات ، تقترب الإلهة من جارياتها ، وفي لحظة أخرى يضع الإله ذراعه حول عنقها ، ويداعب صدرها ، وفي نهاية المطاف ، يقترض أن تكون عملية الجماع قد حصلت " أ,هـ من كتاب اسرائيل شاحاك الديانة اليهودية وتاريخ اليهود 66ـ 67
فما ظنكم بدين اختلط فيه الشرك ، بمفاهيم الإغتصاب ، والبغاء ، والعريّ ، والفحش ، صلاتهم عدة مرات كل يوم " من أجل المجمع الجنسي للمقدس المبارك وشخينته " !!
وبهذا تبين أن الفضائح الجنسية ، تحتل الجزء الأهم والرئيس من عقيدة اليهود ، حتى إن ما يحصل لهم من بركات وفتوح في تاريخهم ما هو إلا انعكاس لممارسة الجنس بين الآلهة ، وحتى الصلوات هدفها حض الآلهة على ممارسة الجنس !!
ولا عجب ... إذ كان دينهم المحرف عن تعاليم النبي موسى عليه السلام ـ الذي كان دينه كما دين جميع الأنباء دين الإسلام الحق ـ كان دينهم المحرف ، هو دين الشيطان الذي كان أول إغوائه لأبينا آدم وزوجه ، من أجل أن يبدي لهم سوءاتهما ، كما قال الله تعالى في القرآن :
" فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ "
" يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ "
وكما وصف الله تعالى هدف الشيطان بقوله( إنه يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله مالا تعلمون ) .
فقد لخص الله تعالى أهداف الشيطان في ثلاثة ، ورتبها من الغليظ إلى الأغلظ ، فهو يدعو إلى فعل السيئات ، وأغلظها فعل الفواحش ، الزنا وما يدعو إليه ، وأغلظ من ذلك كله فساد العقيدة .
كما قال ابن كثير رحمه الله تعالى : ( قوله " إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون" أي إنما يأمركم عدوكم الشيطان بالأفعال السيئة وأغلظ منها الفاحشة كالزنا ونحوه وأغلظ من ذلك وهو القول على الله بلا علم فيدخل في هذا كل كافر وكل مبتدع أيضا ) .
وفي الآية دلالة على أن السيئات ، طريق إلى الفواحش ، وهي طريق إلى فساد العقيدة بالشرك والعياذ بالله ، كما قال العلماء : الصغائر دهليز الكبائر ، والكبائر دهليز الكفر .
ولهذا السبب فإنه لا يعلو اليهود في الأرض إلاّ وتنتشر الفواحش ، فإنهم أعظم الناس شركا ، وأفحشهم قولا وفعلا ،حتى لقد ملئوا كتبهم المحرفة من الفضائح الجنسية التي رموا بها أنبياء الله تعالى ، حاشاهم وهم عباده الذين اصطفى.
وهم أكثرهم نشرا للفحش والفحشاء في العالم ، وما في العراق اليوم ليس سوى علو اليهود فيها ، فالمتصهينون اليهود هم الذين يقبضون اليوم على مقاليد السياسة العالمية ، ولهذا فمن كان يتوقع غير ما دلت عليه تلك الصور في " أبو غريب " وغيره من السجون العراقية ، لم يكون سوى من زمرة الغافلين .
فقد كانوا وما زالوا يفعلون مثل ما فعلوا في " بوغريب " في الأسرى والأسيرات الفلسطينيات في سجون كيانهم المجرم .
وعن اقتران الشرك بالفواحش قال ابن القيم رحمه الله :
ولكن نجاسة الزنا واللواطة أغلظ من غيرها من النجاسات من جهة أنها تفسد القلب وتضعف توحيده جدا .. ولهذا كان أحظى الناس بهذه النجاسة أكثرهم شركا فكلما كان الشرك في العبد أغلب كانت هذه النجاسة والخبائث فيه أكثر .
وكلما كان أعظم إخلاصا كان منها أبعد كما قال تعالى عن يوسف الصديق عليه السلام : ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين ) ... ولهذا كان العشق والشرك متلازمين وإنما حكى الله سبحانه العشق عن المشركين من قوم لوط وعن امرأة العزيز وكانت إذ ذاك مشركة ... فليس في الذنوب أفسد للقلب والدين من هاتين الفاحشتين .
.. ولهما خاصية في تبعيد القلب من الله فإنهما من أعظم الخبائث فإذا انصبغ القلب بهما بعد ممن هو طيب لا يصعد إليه إلا طيب .
وكلما ازداد خبثا ازداد من الله بعدا ولهذا قال المسيح فيما رواه الإمام أحمد في كتاب الزهد لا يكون البطالون من الحكماء ، ولايلج الزناة ملكوت السماء .
ولما كانت هذه حال الزنا كان قريبا للشرك في كتاب الله تعالــــى قال الله تعالى ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين )، إغاثة اللهفان 1/65
ولهذا كان غض البصر عن زنا البصر ، يورث نور البصيرة ، التي أعلاها شهود التوحيد ، والعكس بالعكس .
وها نحن نرى الدنيا قد امتلأت كفرا وفحشا ، باستعلان وجرأة لم يسبق مثلهما في تاريخ بني آدم ، بسبب علو دين الشيطان، واستحواذه على المشهد السياسي العالمي .
وهذا ينادي بقرب المواجهة ، فما علا الباطل مستكبرا إلا وهو يصيح نائحا على نفسه بالهزيمة ، وهي بادية تلوح على وجه أهله ، منذ أن شهد العالم بأسره تعري خزيهم بانتشار صور ضحاياهم العراة في " بوغريب " ..
وغربة مجاهدي " بوغريب " ، وكل مجاهدي الإســــلام ، مثل غربة الإسلام .. وإن غدت اليوم امتحانا لأهله الصابرين عليه ، غير أنها في طريقها إلى أن تلحق الهزيمة الساحقة بالغرب ، وبالتغريب وأهلـــــه ، وستغرب عن بلاد الإسلام شمس الباطل والظلم ، وستشرق شمس الحق قريبا بإذن الله تعالـــــــى ..