الحرب على الشريعة

 

الحرب على الشريعة

حامد بن عبدالله العلي

كنت قد أعددت مقالا يتمم الحديث عن مشاهدات الرحلة الألبانية ، غير أن الهجوم الذي تعرضت له الشريعة الإسلامية المطهرة في الأسبوع الماضي عبر زوايا بعض الصحف الكويتية ، استوجب تأجيل إكمال الحديث عن الرحلة الألبانية إلى المقال القادم ، ومع أن الأحداث المتفجرة حول المسجد الأقصى مسرى خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام ، في فلسطين ، والتي يبدو لي ـ ويؤيده رؤى مناميه كثيرة تواطأت وتواترت ـ أن الحرب فيها قادمة لا محالة ، نقول هذا مؤمنين بأن الله سبحانه وحده علام الغيوب، لكن مؤشرات الواقع تكاد تقطع بحصول حرب قد تتسع إلى خارج الكيان الصيهوني .


غير أن رؤيا منامية رأيتها مرارا ، بعثت لدي أملا أن هذه الحرب ستسفر عن نصر جزئي للمسلمين ، يعيد القدس إليهم ، وأعلم أنه أمل كبير جدا ، بل أقرب إلى الأحلام منه إلى الأمل ، وأعلم أن قوما سيسخرون من هذا الأمل ، ولهم نقول : نسألكم بالله دعونا نحلم كما نشاء ، فلم يبق لنا سوى الأحلام في ظل هذه الأنظمة التي ابتلينا بها ، أم تريدون أن تصنعوا بنا أيضا ، كما تحكي تلك الطرفة أن مواطنا إحدى الدول العربية ، رأى في منامه أن انقلابا ناجحا على النظام جاء بالفرج ، فهمس بمنامه هذا إلى معبر يفسر الأحلام ، لعل وعسى أن تتحقق الرؤيا ، وكان هذا المعبر عميلا للاستخبارات أيضا ، يعمل في قسم الرؤى المنامية التي لها علاقة بالحزب ، فلم يكن مصير هذا المواطن إلا الإعدام ، وصدر تحذير رسمي من مجلس قيادة الثورة بمنع الأحلام ضد النظام ، ويندد بالخونة الذين يرون في منامهم الانقلابات !! إنها مجرد طرفة .. ولكن لا تستبعد شيئا في واقعنا السياسي !!!


أقول مع أن هذه الأحداث المتفجرة إلى حد بلغت به الغطرسة اليهودية حد الجنون ، وسط الوجوم العربي المعهود ، تستدعي مقالا مطولا أيضا غير أننا سنؤجل الحديث عنها ، لنكتب عن قضية هذه الحرب المسعورة على الشريعة التي تولى كبرها بعض كتاب تلك الصحيفة التي انتصبت للصد عن دين الله ، صحيفة القبس .


أولئك الكتاب الذين حملوا راية الحرب على الله تعالى ودينه ، فتارة يلمزون أحكام الله تعالى ، وتارة يستهزئون بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم (الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ) وتارة يطعنون في شريعته ، وتارة يتهمون المطالبين بالشريعة بالمتاجرة بالدين ، وتارة يتضاحكون على المتمسكين بهدي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ، تارة يلمزون ، وتارة يسخرون منهم ، سخر الله منهم ، (كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكــون ) ، هم الذين قال الله عنهم ( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا )،.


قد أعلنوا حربا بلا هوادة على دين الله في زواياهم اليومية ، فكلما ذكر الدين ، اشمأزت قلوبهم ، حتى تعرف في وجوههم المنكر ، ثم ضجوا ضجة الشياطين إذا سمعت الأذان ، وولوا عن حكم الله مدبرين ، لا يذكرون الدين إلا إذا وافق أهواءهم ، كما وصفهم الله تعالى ( ويقولون أمنا بالله وبالرسول وأطعنا ، ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين ، وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون ، وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين ، أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون ) .


وقد أخبر الله تعالى في هذه الآية أن آية المنافقين أنهم لا يخضعون لدين الله إلا إذا وافق أهواءهم فيأتون إليه مذعنين ،وأن ذلك لا يحصل البتة من قلب مؤمن بالله ، بل إما أن يكون قلبا مريضا بالنفاق ، أو هو شاك في صلاحية حكم الله تعالى ، أو يعتقد أن حكم الله تعالى حيف ، والحيف هو الظلم ، أي يعتقدون أن أحكام الشريعة لن يكون فيها صلاح لهم وللبلاد ، بل ستورث الفساد واضطراب الأحوال ، وأن الأخذ بها ظلم ، يقول الحق سبحانه ( بل أولئك هم الظالمون ) فهم الظالمون لانفسهم ولاتباعهم إن لم يحكموا بشريعة الله تعالى ، لان كل حكم غير حكم الله فهو حكم بالجاهلية ، لانه حكم الإنسان القاصر الجاهـــل قال الحق سبحانه ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ) .


وأخيرا فهي كلمة واحدة تفضح هؤلاء الذين يسمون أنفسهم الليبراليين أي دعاة الحرية فيما يزعمون : فيا تجار شعار الحرية ، إن كنتم صادقين في دعواكم الحرية ، فأطلقوا حرية الشعب إذا اختار الدين ولا تعارضوه ، ولا تنصبوا أنفسكم أوصياء عليه إذا طالب بحكم الله تعالى ، ولاتقولوا : شعب متخلف لا يعرف مصلحته ، ويريد أن يردنا على أعقابنا القهقرى ، فلا يستحق أن نحترم اختياره ، ولنحكمه بآرائنا التقدمية رغما عنه!! كما قلتم لما اختار الشعب منع المرأة من الترشيح والانتخاب ، وهكذا تسقط أقنعتكم كل مرة ويظهر زيف شعاراتكم الكاذبة ،وكذلك الباطل سرعان ما ينكشف زيفه ( قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا) .

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 06/12/2006