استخراج المكنون في بيان لماذا ترعى أمريكا بني صهيون ؟
حامد عبد الله العلي
** لماذا وقعت أمريكا في ضيق الأفق في هذه القضية ، إلى درجة أن العالم بدا منقسما إلى قسمين في ظل زعامتها لما يطلق عليه (النظام الدولي) :
** عالم مهيمن يؤمن بشريعة الغاب والاستكبار والسيطرة ومصادرة حرية الشعوب ، والاعتداء عليها باستعمال العنف والوحشية ، ويطلق على نفسه العالم الحر والمتحضر ، ليختفي وراء ستار أكاذيب وزيف .
** وعالم مظلوم ، واقع تحت الاضطهاد ، يريد تحقيق العدالة واسترداد حقوقه المسلوبة ، لكنه عاجز عن الحصول عليها ، فإن حاول ذلك بما لديه من قوة ، سحق سحقا بلا رحمة ، ووصف بأنه قاتل مجرم إرهابي.
**أفضل تحليل قرأته هو للكاتب "جيرارد بيكر" في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مؤخرا ، فقد أرجع انحياز إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش لسياسة إسرائيل التعسفية في الأراضي المحتلة إلى أربعة عوامل :
1ـ وجود مسيحيين أصوليين يشكلون أغلبية في الحزب الجمهوري بالكونجرس وإدارة بوش يؤمنون بحق اليهود في أرض فلسطين طبقا لوعد التوراة ، وقال جيرارد: إن أحد هؤلاء شدد في حديث معه على ضرورة تأييد حكومة شارون ؛ لأن الكتاب المقدس يقول بأن هذه الأرض لليهود.
2ـ العامل الثاني هو أن جماعة قوية ذات نفوذ كبير وأقل تدينا في إدارة بوش تُسمى بـ"المحافظين الجدد" يؤيدون وجود إسرائيل؛ لتكون سدًّا مانعًا أمام ما أسماه بـ"الإسلام الأصولي الكاره لأمريكا من البحر المتوسط حتى البحر العربي"، ويحتل أفراد هذه الجماعة مناصب عالية في إدارة الرئيس بوش؛ منهم "بول فولفوفيتش" نائب وزير الدفاع، وإلى حد أقل "ديك تشيني" نائب الرئيس.
كما ترى هذه الجماعة أنه على أساس التحدي الديمجرافي الذي تواجهه إسرائيل باختلاف نسبة المواليد بين الإسرائيليين والفلسطينيين؛ فمن الضروري تعزيز صمود الدولة العبرية من خلال حمايتها عسكريا من جانب أمريكا.
ويقول الكاتب الأمريكي: إن المحافظين الجدد تجدهم في الإعلام الأميركي يتربصون لأي تخاذل في السياسة الأميركية حول هذا الأمر فيعرونه ويعزلونه. ويضيف: إن آخر من استهدفته جماعة المحافظين هو "كولين باول" وزير الخارجية الذي يبغضون نفوذه غير الموثوق به، ويعتقدون أنه لا يؤيد كاملا ما يفعله بوش.
3ـ العامل الثالث ـ وفق نيويورك تايمز ـ الذي يقرر سياسة إدارة بوش في المنطقة ، وهو شبح 11 سبتمبر؛ فلقد نجح شارون واليمين الإسرائيلي في الربط بين خاطفي الطائرات في نيويورك والعمليات الفدائية في حيفا وتل أبيب.
ويقول الكاتب الأمريكي: إنه في البداية تمنعت إدارة بوش عن إدراج حركة المقاومة الإسلامية حماس وغيرها من الجماعات ضمن الحركات الإرهابية. ولكن مع الوقت تغلب المنطق الذي يحكم هذه الحرب، واتجه بوش وكبار مستشاريه إلى تبني الموقف الإسرائيلي بشكل كامل.
ويضيف: "من الصعب أن نجد في البيت الأبيض من يقول كلاما مغايرا؛ فقد انحسر الجدل السياسي لدرجة أن أي انتقاد -ولو كان بسيطًا- لإسرائيل يُعامل فورا كأنه يساوي التأييد للإرهاب أو الدعم لتنظيم القاعدة".
4ـ رغبة الرئيس بوش في نيل تأييد اللوبي اليهودي لتجديد رئاسته للولايات المتحدة لفترة ثانية، ويقول مراقبون: إن بوش يريد الاستفادة من الخبرة التاريخية لوالده الذي خسر أمام الحزب الديمقراطي بقيادة "بل كلينتون" في انتخابات الرئاسة بعد فقدانه أصوات اللوبي اليهود .
*** وأحسب أن ما قاله هذا الكاتب ، الذي هو من قبيل ـ وشهد شاهد من أهلها ـ أصاب كبد الحقيقة ، نسأل الله تعالى أن ييسر طلقة تصيب كبد شـــارون .