ذبح الأســرى |
|
ذبح الأســرى
حامد بن عبدالله العلي
مهماكانت النتائج كارثية ، فإنّ كارثة ترك الأسير الصهيوني ينجو مجانا ، ستكون أعظم منهـا ، وذبحه من الوريد إلى الوريد ، ليس مجرد ذبح لمجرم ينتمي إلى أنجس جيش في العالم ، وأشدّه خبثا ، ووحشية ، ودمويّة ، إنـّه جيش كان ، ولازال ، من عاداتـه المفضّلة ـ في وقت الفراغ ـ أن يترك الحوامل حتى تلد عند نقاط السيطرة ! فيضحك على الوالدات وهنّ يلفظن ألفاسهنّ وأولادهـنّ ، ويؤخّر سيارات الإسعاف حتى يموت من فيها من المرضى ، والشيوخ ، ويسفك دماء الأطفال والنساء ، بدم أشد برودة من الثلج ، أو من وجه يهودي ملعون .
بل هـو ذبح للغطرسة اليهودية والصليبية الجاثمة على أمّة الإسلام من واشنطن إلى كابـل مرورا ببغداد ، وغاية مكرها القدس ، والمسجد الأقصى .
أذبحوه ،، فداكم كلّ عزيز ، بوركت أيمانكم ، لعنـة الله عليه ، ولعن أسياده أخوة القردة والخنازير الجبناء ، وأعوانهم من الصليبيين ومرتدي زعماء العرب ، الذي بات همّهم أن ينجو هذا الجرذ الصهيوني ، ليرجع قاتلا لأطفال المسلمين !
وإنـّه فيما مـرّ في فلسطين من الأحداث الماضية ، ســبع عبــر :
أحدها : أنظروا إلى حال الصهاينة وهم يتخبطون في فزعهم ، وقد جبُنوا أن يدخلوا غـزّة ، فيُلاقوا أبطالهـا ، كما يلاقي الرجال الرجال ، ووقفوا خارجها يقذفونها بالنيران ، كما يفعل الجرذان .
ثانيها : تأمّلوا مجــد الجهاد ، وشموخ الأمّة المؤمنـة بـه طريقا لإسترداد حقوقهـا ، وكيف بعث ـ رغم الحصار الخانق ، وتكالب الأعداء ـ معاني التحـدّي الفيّاض بالإبداع والانجازات ، وقدح في النفوس زناد العـزّة ، ليأتي بمثال حيّ على أنّ المقاومة المنبثقة من الشعوب ، قد غـدت هي خيار الأمّة الأوحــد ، وسبيلها الأمجــد .
ثالثها: يعلم اليهود أن كلّ يهودي يمثّل انتماء أمّة ، وأنّ عليها أن تدافع عن إنتماءه المتمثّل في شخصه ، وأنّ هذا المعنى هو القلب النابض في كيان كلّ أمة ، وأنّ أضاعته ، إضاعة للأمّة بأسرها ، ولهذا هم حريصون أشدّ الحرص ، على إبقاء هذا المفهوم حيا في الميادين السياسية ،والعسكرية ، كما هو حيّ في نفوسهم عند مواعظ حاخامتهم ، ولهذا وقف الحاخامات اليوم ،وراء الجيش الصهيوني ، يحرضونهم على تحريره ، ويقول كبيرهم : إنّ يهود العالم كلهم وراءكم ، يدعون لكم ، لتخليص هذا الصهيوني!
بينما تعمـل (الفئة الضالة) عندنا ـ من الزعماء الخونة ، وأبواقهم من علماء السوء ـ على إضعاف هذا المفهوم العظيم ، الذي هو من أصول الإسلام ، بإهمالها التفاعل مع قضايا المسلمين ، وتكريس الفصل بين شعوب الأمّة ، بلوثة جاهليّة (الوطنية) ، وهذه الخطيئة من أعظم رزاياهم ، وهم فيها أعوان لأعداء الإسلام ، يعينونهم على سفك دماء المسلمين في كلّ مكان .
ورابعها: قد تجلّى ببيانٍ كرابعة النهار ، أنّ الصهاينة كانوا قد انسحبوا منهزمين هاربين من غزّة ، قبل نحو عام ، وأنّ غــزّة قد أصبحت غـزّة في قلوبهم ،
إنْ دخلوها قُتلوا تقتيلا ، وإنْ تركوها أنجبت جنودا بواسل ، وتحوّلت إلى معسكرات تدريب دائمة للجيش الذي سيحرر كلّ فلسطين ، وقد اعترف الصهاينة بدلالة عملية الوهم المتبدد على تطوّر الخبرة العسكرية الفلسطينية ، وبلوغها تهديدا بالغ التأثير للكيان الصهيوني.
وخامسها : لم تزل سوءة الغرب الأفين تتكشف في كلّ نازلة على المسلمين ، فهاهم صامتون عما يفعله الصهاينة من تعذيب لشعب كامل ، من أجل تحرير جندي واحد ، بينما تشتمل سجون الصهاينة على آلاف الأسرى ، إضافة إلى من أُعتقل بعد أسر الصهيوني ، من أعيان المجتمع ورؤساءهم .
والعجب من هذا الغرب المنافق ، كيف يظهر خوفه على حقوق المرأة في بلاد الإسلام ، ويبكي على منعها من حرية التعرّي ، ثم يلوذ بالصمت الجبان ، عندما تنزل صواريخ الموت على نساء المسلمين ، في العراق وفلسطين ، وتنتهك أعراضهم في سجون الصهاينة ، والصليبين وإخوانهم العلاقمة !
فمثل هذا الغـرب في حضارته الزائفة ، مثل مــن :
تغطي بجلباب لها حرّ وجهها ** وتبدي استها هذا الحياء المخالف !
أما أمريكا اللعينة فقد بالغت بالإسفار عن سوءتها على الطريقة الأمريكية المفضّلة في التعـرّي الفاضــح ، وإنحازت إنحيازا كاملا للصهاينة ، ولا عجب ، فلا فرق ، وما مصابنا أصلا من اليهود الأراذل فهم أخسّ ، وأحقـر ، بل من الصليبين الذين يحمونهم ، ويسلطونهم علينا ، كما قيل :
ومن ربط الكلب العقور ببابه **فعقر جميع الناس من رابط الكلب
وسادسها : تأمّلوا هذا الأثــرِ القبيح على الأمّة من علماء السوء ، وما انتهت إليه ثمار نهجهم المنهزم المخدِّر للشعوب ، إنّ مجرد سكوتهم عن جرائم الزعماء وهم واقفون معهم على منصّة الخيانة العظمى ، التي يقبعون عليها جميعــا ، هو أعظم جريمة في حقّ أمتنا .
وأنظرُوا كيف نشرُوُا الهزيمة النفسية في النّاس ـ إلاّ فيمن رحم ربك ـ حتّى ترى كثيرا من الناس كأنّهم سُكارى ، أو هم في وثاق ، يحول بينهم وبين التفاعل مع الأحداث الدامية فلسطين ، فلم تصدر بيانات من هيئات الفتوى التابعة لأجهزة الاستخبارات ! ولا من مجامع الفقه المشغولة بالنظر في ملاحقة (الإرهـاب) ! فلم يعد لديها وقت للنظر في جرائم الصهاينة والصليبين !
ونحن هنا لانطالبهم بالدعوة إلى الجهاد ، فقد منّينا أنفسنا بالمحال إذن! ، لكن في أقلّ الأحوال دعوة إلى فك الحصار عن الشعب الفلسطيني ، وإلى مقاطعة الصهاينة المعتدين ، وإلى بيان حكم من يخذل الفلسطيين في محنتهم ،ويقف مع أعداءهم ، أعداء المسلمين .
وسابعها : لنتذكـّر كيف أن طريق الجهـاد الذي عاد إليه الشعب الفلسطيني ، موصلا جهاد القسّام الأول ، بجهاد أحفاده الحالي ، وكافرا بكل سراب الخداع الصهيوصليبي ، وكاشفا جميع زيفه ،
كيف أنه يكبـُر ، ويزكو ، ويُؤتي أُكلـه كلّ حين بإذن ربـّه ، فقد بدأ قبـل عشرين عامـا بالحجارة ، ثم أصبح أولئك الذين كانوا يلتقطون الحجارة في دلالة رمزيـّة على المقاومة ، يصنعون اليوم القنابل اليدويـّة ، والعبوات الناسفة ، وينقلون عملياتهم إلــى عمق الكيان الصهيوني ، فيحدثون ثلاث تفجيرات عظيمة :
في حلم الصهاينة ، يحوّله إلى كابوس ،
وفي نفوس الشعب الفلسطيني فيحوّلها إلى بركان ، يحرِق الخوف ، والوهن ، وإنكسار العزيمة ، لينبع من تحت ذلك ، الإِقدامُ ، والعزيمةُ الصادقة ، والإستهانةُ بالعدوالصهيوني ،وتبديد أوهام قوته الزائفة .
وفي نفوس الأمّة فيوقظها ليضرب لها مثلا عظيما : مثل شعب حوصر ، وتآمر العالم عليه ، وأجلبت الشياطين الإنسيّة ، والجنيـّة بخيلها ، ورَجِلِها إليه ، فما وهن ، وما استكان ، بل ضرب أروع أمثلة العزم الشديد ، والبأس الحديد ، في نساءه ،وأطفاله ، بلْهَ رجاله وأبطاله .
حتّى لايبقى لهذا الأمـّة عذر أن تتخلف عن الجهاد ، مرتابةً في بركاته ، مترددةً في اليقين أن الدماء التي تهراق في طريقه هي وقود مجده ، إذا توقفت ، انقطعت به السبل .
فالسيف هــو أبو الأحـرار :
أبا الأحرار لا ينساك حـرّ ** أسوُدُهُمُ تجلّـكَ والشبولُ
فصوتك غالبُ في كلّ أرض ** إذا دوَّى سيُسْمِـع ما يقولُ
يقولُ الحق رجـّاع لقومٍ ** بأيديهـم سيـوفٌ لا تزولُ