إلى سامي الحاج بعد خروجه من المعـتقل

 

إلى سامـي الحـاج وكلّ صحافي حـرّ
 
حامد بن عبدالله العلي
 
لاتقل قيمة جهاد سامي الحاج في صبره ، ومثابرته ، ومصابرته ، لعدوّ الإسلام وعدوّه ، وفي ثباته على مبادئه ، حتى خرج من أسره ،
لاتقـل قيمة هذا الجهاد ، عن قيمة أي جهاد من جهاد الأمّـة الممتد بحمد الله تعالى من جبهة مورو إلى مقديشو ، ومن أرض الأقصى إلى بلاد الرافدين .
 
وهو أنموذج من مئات النماذج البرّاقـة ، قـد خرجت من المعتقـل الذي يعبـّر عن عنوان المشروع الصهيوصليبي حقَّ تعبيـر ، بكلّ ما يحمل هذا العنوان من بشاعة ، واستهانة بالحياة البشرية ، واحتقار لكرامة الإنسان ، وجشـع لايعرف الضميـر ، ولا يعتـرف بأي أخـلاق .
 
وهي نماذج عودتنا أن تخرج من تلك المحنـة ، أشد صلابة ، وأثبـت ثباتا ، وآكـد إيمانا ، وأعظم بصيرة ، وأكثـر إصرارا على صدق قضية الإسلام ، وعدالتها ، في جهادها ضد الهجمة الإستعمارية الخبيثة التي تستهدف هذه الأمّـة $$$
 
لقد بدا سامي الحاج وضّـاء الوجه ، ثابت الجنان ، سديد القول ، رغم ما رآه من الأهوال من عدو ذي إحـن ، وما تعرض له من الشدائد ، والمحـن .
 
لقد بدا كذلك ، وهو يصـرّح أول تصريح له بعد خروجه من معتقـل خبث الإدارة الأمريكية ، معلنا بعبارات جلية ، كافية ، وشافية ، تعبـر عن جوهر الحملة الصهيوصليبية على أمّتنا :
 
فذكـر أنهم يركـزون هناك ،  على تدنيس المصحف ، وإهانة المعتقدات الدينية ، وأنَّ هدفهم من إعتقاله وهو مجرد صحافي ، هـو إجهاض العمل الإعلامي العربي الحـرّ ، وهذه هي حقيقة حربهم تماما ، مختصرة في ذلك المعتـقل ، ومفصَّـلة عبـر خارطة العالم الإسلامي كلّه .
 
نعـم ..بلا ريب ، فقـد إعتاد الغرب الإمبريالي أن يتلاعـب بالعقول ، بتحكمه بوسائل الإعلام ، فيزيـف الحقائق ، ويعبـث بالصورة ، ويصيـغ الخبـر صياغة ماكرة ، ظاهرها أنه أمين في نقل الأنباء ، وباطنـها فيه أخبـث كيـد الأعـداء.
 
حتى إذا جاءت ثورة الإعـلام ، والإتصالات ، ويسـّر الله بها وسائلها ، وأخذت الأمـّة بطرف منها ـ لايزال بحاجة إلى كثيـر من التحرر من التبعية والتسلط ـ ظهـرت حقيـقة هذا الغـرب في دعواه الحرية ، وأنها مجرد شعارات زائفة ، يستعلمها لتمريـر أبشـرع صور الإستعباد للشعوب ، تماما كما ظهرت حقيقة فرنـسا التي تدعي أنها أم الحرية ، ظهـرت في حربها للحجاب ، ثـم ها هـي آخـر مخازيهـا : منعـهم لطفل مسلم من الظهور الإعلامي في وسائل إعلامهم ، لمجـرد أن أسمه إسلام !
 
حتى إذا جاءت هذه الثورة ، ظهرت حقيقة هذا الغـرب بهجمة شرسـة على حرية التعبـير في بلادنا ، تولّـت كبرها أمريكا ذات الشرور ، وهي تستـر وراء أنظمة أكل عليها الفساد ، وشـرب ، ويطـلب المزيـد ، واستمـرأت لـعـق الذل مـن حذاء المستعـمر الجديد.
 
ومن آخر مخازيهم ميثاق الفضائيات العربية ، ميثاق الخزي والعار ، الذي وقفت أمريكا حاملة شعلة الحريـة ، صامـتة إزاءه ، فكشفت سوءتها ، وإن كانت قد إعتادت كشف العورة ، حتى لو يعد لها عورة أصلا .
 
ذلك أنها تريد أن يستـمر الإعلام العربي في رسالته المفضَّلة ، وهي إشغال الشعـوب بآخر أخبار العهَّار ، والعاهرات ، وما فضـل من الوقـت بتعبيد الشعـوب (لولاة الأمـور ) ، أولياء العدوّ العقور ، وعقّار الخمـور ، وأصحاب الفجـور ، وأما رسالة الإسلام في وسائل الإعلام العربية ،  فيقدمها شيوخ ( المخابرات) ، الذين يتوعَّـدون كلَّ من يفكر بإستعادة حقوق الأمـة ، ويدعو إلى نهضتها ، وتخلصها من رقّ الأنظمة المستبدة ، بالويل و الثـبور .
 
فلمَّا ظهـر بصيص نور يحترم عقول الأمة ، فيكشف لها سبيل الحرية ، ويضعها أمام حقيقة التحدي ، ويبـرز معاناة المسلمين ، ويظهـر كل مستـور ، ويعـرف الأمـة بما وراء شعارات الغرب الزائفة عن الحرية ، وحقوق الإنسان ، والديمقراطية ، تلك التي فضحتها معتقلات النازية الأمريكية ، والفاشية البريطانية ، والسادية الصهيونية ، في كوبا ،والعراق ، ومعتقلات الكيان الصهيوني ، وأبشعها معـتقل غزة الكبيـر.
 
لما ظهر بصيص هذا النور في بعض الفضائيات ـ رغم ما فيها ـ جـنَّ جنـون أعداء الحرية ، في الإدارة الأمريكية ، إلى درجة التفكير بقصـف أحد الفضائيات العربية ، أما إستهدافهم بالقتل لمراسلين صحافيين ، يبحثون عن الحقيقة المحضة ، فـقد كان للمسلمين منه أعـظم نصيـب ، وذلك منـذ إنطلاق ما يسمى مشروع نشر الديمقراطية في العالم !!
 
وختـاما نقول لسامي الحاج ، هنيئا لك هذا الثبات ، ومبارك عليك هذا النصـر الذي شـرفت بـه أمتك ، وإنهـا لتفخـر بـك وبأمثالـك.
 
واعلم أن سنوات أسرك لم تذهب سدى ، بل أديت بها جهادا عظيما ، بلغ تأثيره في الأمـة إلى أبعـد مدى .
 
ولاريب أنه من الواجب على كل صحافي عربي مسلم حر ، أن يؤدي لسامي الحاج التحـية ، ويحتفـي بإنتصاره ، ليكون مثالا يحتذى به ، وأنموجا لثورة إعلامية تقود الأمـة إلى تغييـر جذري ، يسيـر بها نحـو الحرية من الهيمنة الأجنبية ، وإستبداد الأنظمـة المحلية .
هذا وقد كنت أقترحت على الناجين من معتقل غوانتنامو أن يشكلوا رابطة تجمعهم ، فهم أصحاب رسالة مهمة في الأمـة ، وتجربتهم مهمة حضارية عظيمة ، واليوم أقتـرح أن يكون سامي الحاج أمين هذه الرابطة ، أو الناطق الرسمـي بإسمها .
والله ولي التوفيـق
 
 

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 02/05/2008