رمضان والفتح الشامي الأعظـم

 

رمضان والفتح الشامي الأعظـم
وحصاد عملية تفجير(خلية الأزمة) 
والديْن الشامي في رقابنا
 
حامد بن عبدالله العلي
 
غزوة بدر الكبرى ، وفتح مكة ، ووقعـة البُويب التي كُسِرت فيها جيوشُ كسرى _ وهي نظير اليرموك في الشام _  وفتح النوبة ، وفتح الأندلس ، وموقـع بلاط الشهداء ( بواتيه ) في العمق الفرنسي ، وفتح عمورية ،  وعين جالوت ، وموقعة شقحب ، وفتح قبرص ،  ومعركة المنصورة ضدّ الصليبين ، وغيرها من أيـّام الأمـّة الإسلاميّة العظمى ، إنما كانت في شهر رمضان المبارك.$$$
 
ولاعجب ففي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم : ( أتاكم شهر رمضان ، شهر مبارك ، فرضَ الله عز وجل عليكم صيامه ، تُفتح فيه أبواب السماء ، وتُغلق فيه أبواب الجحيم ، وتُغـلّ فيه مردة الشياطين ، لله فيه ليلة خيرٌ من ألفِ شهر ، من حُرم خيرها فقد حُـرم ) رواه النسائي.
 
وإذا كان شهراً مباركاً ، فأيُّ بركة أعظم من أن يجعل الله بركات النصر لهذه الأمة فيه ، ويظهرها على أعدائها ، ويجعل العاقبة لها ؟!
 
وإذا كانت تفتح فيه أبواب السماء ، فيستجيب الله فيه الدعاء ، فأيُّ دعاء أنفـع من دعاء المسلمين بنصر دينهم ، وكبت أعدائهم .
 
وإذا كان تُغـلّ فيه مردة الشياطين ، فرؤوس شياطين الإنس هم الطغاة ، وما أحوج الأمة إلى أن تسلسلهم بأغلال الثورات ،
 
وهـل تلك الانتصارات العظيمة في رمضانات الأمة في جهادها في تاريخها إلاّ غـَلُّ لتلك الشياطين الإنسية التي طغت في البلاد ؟!
 
وبإذن الله تعالى ، وفي هذا الشهر المبارك ، شهر رمضان ،  سيتم القضاء على طغاة المجوس في معركة الشام ، بشار وأزلامه ،  تهيئة للقضاء عليهم بعد ذلك في العراق ، ثم ملاحقة فلولهم في عقر دارهم ، حتى يسقط آخر معقل لهم في إيـران ، ويُحطـَّم وكر شيطانهم الأعظم في طهران بحول الله ، وقوته .
 
ولعمري كم تشبه معركة ( أزمة الخلية) ، التي وفق الله بها أبطال الشام يوم أمس ، فأبادوا فيها رؤوس الكفر ، والطغيان ، في عقر دارهم في دمشـق ،  وقطعوا فيها أذرعة الأخطبوط المجوسي في الشام ، فبقي رأسه الذي سيسقط قريبا بإذن الله
 
كم تشبه معركة البويب التي كانت بين يدي معركة القادسية المجيـدة ، وانتصر فيها المثنى بن حارثة رضي الله عنه في ثمانية آلاف من المسلمين ، على جيوش الفرس التي زادت تسعة أضعاف هذا العدد ،
 
 نصر الله تعالى فيها الجيش الإسلامي على الجيش المجوسي ، وقَتل الصحابيُّ الجليل جرير بن عبدالله البجلي مهرانَ بن باذان قائد المجوس ، وهزم الله الجيش الكسروي ، شرّ هزيـمة .
 
ثم صار هذه الانتصار العظيم الذي أعاد للمسلمين معنوياتهم أعظم سبب لانتصار القادسية الكبيـر الذي غيـّرَ مجرى التاريـخ  .
 
وبحول الله تعالى وقوته ، ستكون قادسية الشام في رمضان ، بعد معركة بويْبِـهِ يوم أمس ،  
 
وسينصر الله فيها جنود الإسلام المكبّرين ، المتوكّلين ، الصائمين ، المصلّين ، الذاكرين الله كثيرا ، على جنود المجوس الكفرة المشركين عبدة الطاغوت .
 
ولاريـب قـد أحدث نجـاح الهجوم على ( خلية الأزمة ) ، بتحويل رؤوس النظام المجوسي في الشام إلى رماد ، قـد أحدث تحولاً سريعاً ، وهائلا في ميزان القوى لصالح الثورة السورية المباركة ،
 
وسيكون من أهم تداعياته التي هي حصاد عظيم للثورة بإذن الله سبعة أمـور :
 
1ـ تصاعد وتيرة الانشقاقات في صفوف الجيش ، وانضمامهم للثورة ، وهذا ما حدث على طول ، وعرض القطر السوري إثـر الإنفجار المبارك مباشرة.
 
2ـ هذه الإنشقاقات سترفع وتيرة الهمس بالهروب داخل الحلقات الضيقة حول رأس النظام ، يبدأ بالهمس النفسي بالقفز من السفينة قبل غرقها ، ويمر بالهمس الثنائي ، ثم ينتشر حتى يبدأ القفز فرادى ، وجماعات .
 
3ـ فقدان النظام لأهم من كان يعتمد عليهم في القبضة الأمنية على البلاد ، مما يعني إنهيارا تدريجيا للنظام إلى سقوطه النهائي ، وقد بدأ بالفعل ذلك بعيد التفجير المبارك.
 
4ـ سقوط معنويات الذين لازالوا مع النظام إلى أسفل سافلين ، وصعود معنويات الثورة إلى أعلى عليين .
 
5ـ دخول رأس النظام ، والدائرة الضيقة جدا حوله في دوامة الرعب ممن حولهم _ فعملية الخلية كانت اختراقا أمنيا متقدما بامتياز _ يجعلهم في حالة هروب نفسي مستمر سيقضي عليهم بإذن الله .
 
6ـ إنكشـاف طرائق دمشق أمام الثورة المباركة لكي تجـول فيها خيولها ، وتنتشر فيها جنودها ، فتصيب من أهداف العدوّ ما تشاء في عقر داره.
 
7ـ شفاء صدور قوم مؤمنين ، لاسيما أمهات الشهداء ، ومسح دموع الثكالى ، وتضميد جراح الشام ، وتصبيـر الثوار ، وتطمين الداعمين لهم ، وتشجيع القلوب الضعيفة ، وتثبيت القوية .
 
وبعـد ..
 
فيا أيتها الأمة العظيمـة ، أمّة المبعوث المختار المصطفى من العالمين ، التي فُضـّلت على الأمم أجمعـين .
 
إنّ لأهل الشام ديْنـاً على رقابكم ،  إذ قدّموا من التضحيات لهذه الأمّـة أعظم مما يطيقه البشر ، ولولا تثبيت الله لهم ، ما قدروا عليه والله .
 
وكانوا _ وما زالوا _ في جهادهم خيرَ المتوكلين على رب العالمين ، لم يتزعزع توكلهم على ربهم ، ولم يشكّوا في نصره ،
 
 فعلَّموا الأمة كيف تتوكل على الله حق توكلّه في المحـن ( ما لنا غيرك يا الله )
 
وأعادوا بعث قيم حضارتنا العظيمة بأنها :
 
لاتحيا إلاّ بالجهـاد ، ولا تعـزّ إلاّ بالنهوض إلى العلياء ، ولا تعلـو إلاّ بالحريـّة.
 
وأحيوا رموز أمّتنا الأوائل فأطلقوا على كتائب أسودهم ، وسرايا نمورهم ، أسماء الصحابة ، فكأنهـم بعثوا في الأمـّة سير الأوائل ، ونشروا فيها ما كانوا يحملونه من الفضائـل .
 
وأسقطوا عن وجه المجوس الخبيث ، وكلّ أزلامه من العراق إلى لقيطهم في لبنان حسن نصر ، كلّ مساحيق التجميل المزيفة التي حاولوا بها خداع الأمة ، فانكشف حال هؤلاء الضباع النجسة على حقيقـته :
 
 بأنهم أخبث ، وأحقد عدوّ لنـا ، يستحـل دماءنا ، ويذبح أطفالنـا ، ويهتك أعراضنا ، ويدمر مدننـا ،
 
كما يحمل بين جنبيه الكفر بكلّ قيمنـا ، والبغض كل البغـض لرسالتنـا الحضارية.
 
ثـم صـار في جهاد الشام المبارك ، فتح الباب لهزيمة المجوس العظمى بإذن الله تعالى ، فقد وجهوا الأمة لهذه الوجهـة التي كانت عصيّة ، وفتحوا لها هذا الطريق الذي كان مغلقـا.
 
كما ردُّوا الشام إلى إسلامها ، وأرجعوها إلى عروبتها .
 
وإذا رجعت الشام فلاتسل عن بركات ستتنزّل من السماء على هذه الأمة ، ستنهض بعدها نهضة تبلغ آفاق السماء بإذن الله تعالى .
 
نعم إنّ لهم ديْنـا على رقاب الأمة ، فليعينوهم بكلّ مقدورٍ عليـه ، لتعويضهم عن كلّ ما أصباهـم ،
 
وليبْنوا لهم ما تهدّم ، وليعيدوا لهم ما فُقـد .
 
شكرا لهم على جهادهم العظيم ، وامتنانا لتضحياتهـم المجيـدة .
 
وختـاما نسأل الله تعالى العلي القدير أن يهلّ هلال العيد على شام الإسلام ، وهي ترفل بأحلى حلل النصـر ، وتتيه بآلق تاجـه ، وتتخطـرف بأجمـل وشاحه .
 
وأن يجعل هذا الفتح الأعـظم للشام ، بدء المرحلة الجديدة لنهضة أمتنا العظيمة التي انطلقت من اشتعال الربيع العربي ، لتكمل مسيرتها نحو المجد ، والسؤدد ، والرفعة ، إلى أعلى مراقي السعـد ، وأرقى مدارج العـزة بإذن الله تعالى .
 
لتنتهي بحول الله وقوته لإعادة كل حقوق الأمة المسلوبة ، وعلى رأسها القدس الجريح ، وإقامة صرح خلافتها العظيـمة ، وإرجاع مهابتها بين الأمـم .
 

والله الموفـق ، وهو حسبنا عليه توكلنا ، وعليه فليتوكّل المتوكـّلون


الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 19/07/2012