هكـــذا علمتنــي الحيـــاة

 

هكـــذا علمتنــي الحيـــاة


حامد بن عبد الله العلي

علمتني الحياة :أن أجمل ، وأنفع ، وأعظم ، وأروع ، وأحلى ، ما فيها هو حبك الله تعالى ، وأن تسعى دوما في رضاه ، فيكون هذا هو همُّك ليلا ونهارا ، سرا وجهارا ، وإنه لنعيم هذه الدنيا ، ولكن أكثـــر الناس لا يعلمون .

وعلمتني الحياة : أنها قصة واحدة ، فكل التاريخ فصول لهذه القصة ، وبدايتها انطلاق الصراع بين الحق والخير الذي يمثله الرسل وأتباعهم لاسواهم ، وبين الباطل و الشر ويمثله أعداء الرسول وأتباعهم .

وأن كل فصولها إنما هي جولات لهذا الصراع .

وأنها كما كانت بداية واحدة ، ستكون نهايتها واحدة ، وهي انتصار الحق والخير،على الباطل و الشر، فالأمل لا يزال مشعا في أرجاء صدري لاينطفىء.

وأن السعيد من وضع نفسه في صفّ الحق والخير .

وأن كلَّ من ينتمي إلى هذا الصف ، فقد اختار الصف الذي يقوده الله ، وكفى بهذا شرفا ورفعة .

وعلمتني: أن أكبر إنجاز فيها هو تقوى الله .

وعلمتني :أن أكبر خاسر هو الذي خسر معرفة خالقه ، وبالتالي سبب وجوده في الحياة .

وعلمتني: أنه لا يوجد أحد يستحق أن أكون تبعا له في كل أقوالي ، وأفكاري، وتصوراتي ، وحياتي كلها ، إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا يستحق أحد من البشر أن أحبه أكثر من حبي لهذا المصطفى على العالمين صلوات الله وسلامه عليه .

وعلمتني : أن انتمائي الوحيد الذي يستحق أن أضحي لـه بحياتي ، هو انتمائي لامة محمد صلى الله عليه وسلم .

وعلمتني: أنه لا أمان إلا بالإيمان ، ولا صلاح للناس بغير شريعة رب الناس.

وعلمتني :أن الإنسان بغير هدى الله ، ليس سوى وحش مدمر ، وكلما زادت اختراعاته وذكاؤه ، وطال عمر الإنسانيّة ، زاد توحّشــا وتدمــيرا .

وعلمتني : أن الذي يرضى أن يكون جزءا من الظلم والجاهلية ، لا يستحق أن يتكلم باسم شريعة العدل والهدى .

وعلمتني: أن عطاء الأم أعظم من أن نقدر على مكافأته ، وأن ابنك سيعاملك مثل معاملتك لأبيك .

وعلمتني : أن سر المرأة ، هو أنك تستخرج من عطاءها ، بالحب ، والمودة والاحترام ، قدرا رائعا ، وهائلا جدا ، لم يكن في حسبانك .

وعلمتني :أن ثمة طريقتين لتكون أفضل من غيرك ، إما أن تهدم بناءه ، أو تجعل بناءك أعلى منه ، فاختر الثانية مع التواضع ، فإن الأولى تهدمك معه .

وعلمتني أن التواضع ليس هو الذي يمنعك من الإنجاز ، بل الذي يحملك إليه.

وعلمتني : أنك لا تخسر بكونك تخطئ ، ولكن بكونك تيأس وتنسحب .

وعلمتني : أن الضربة التي لاتقصمك ، ستقويك فلا تكره أن تتلقى الضربات ، مادمت تسير بالاتجاه الصحيح .

وعلمتني : أنه من السهل أن تغضب ، ولكن الشأن هو متى، وكيف تمضي غضبك لئلا يدمرك أنت بدل عدوك .

وعلمتني :أن الناجحين لم يصلوا إلا بالصبر فعلمت أنه سر النجاح .

وعلمتني : أن تحديد مشروعك وأهدافه بدقة ، أول خطوات التوفيق.

وعلمتني : أن قيمة كل امرؤ هي في أي شيء تتعلق همته .

وعلمتني : أن المهمّات الكبيرة في تغيير المجتمعات ، وواقع الناس ، لن يفهمها في انطلاقتها إلا خاصة الخاصة ، وسيحاربها في بدايتها الخاصة فضلا عن العامة ، غير أنها في النهاية ستفرض نفسها بعز عزيز أو بذل ذليل .

وعلمتني: أن الفشل يعني أحد ثلاثة أمور : أن تفكر دون تنفيذ ، أو تنفذ دون تفكير وتخطيط سليم ، أو تخطط دون مشاورة من هم أهل للشورى .

وعلمتني : أن قافلة مشروع الإسلام لن تصل هدفها ، إلا بأن نصلح أنفسنا ، وننصح غيرنا ، وندع القافلة تسير .


وعلمتني : أن من يظن أنه مستغن عن المشاورة فهو جاهل مهما بلغ من وفرة العقل ، ذلك أن أتم الناس عقلا هو محمد صلى الله عليه وسلم،وكان يستشير.

وعلمتني : أن الحلم زين الرجال ، وأن دواء السفيه تركه وشأنه .

وعلمتني: أنه جميل جدا أن تحلم بأن تكون فوق النجوم ، بشرط أن لا تنسى أيضا أن رجليك على الأرض .

وعلمتني : أنك إذا قضيت عمرك في الحكم على الناس فأنت أول الخاسرين.

وعلمتني : أن أكبر عيب سيكون فيني لو أنني انشغلت بعيوب الناس .

وعلمتني : أن الحكمة هي أن تميّز بين ما تعرفه وما تجهله ، ثم تصمت عمّا تجهله ، وتتكلم فيما تعلمه بتواضع .

وعلمتني : أن الجبان المتردد في مشروعك أخطر عليك ، من ألف شجاع في مشروع عدوك.

وعلمتني : أن لا أسدي معروفا لشخص قبل أن أستعد سلفا لمسامحته على نكران الجميل .

وعلمتني : أن فشلي لو فشلت أهون بكثير من إلقاء اللوم على غيري بغير حق.

وعلمتني : أن الاغترار بالكثرة في الناس ضرب من الحمق ، وكأيّن من واحد بألف ، ألا ترى أن نحلة واحدة خير من كل ذباب الأرض .

وعلمتني : أن الحكيم ينتظر الأفعال قبل أن يغتــر بالأقوال .

وعلمتني : أنه من الظلم المبين أن تنظر إلى سيئات المرء ، وتتجاهل حسناته.

وعلمتني : أن مجالسة الحمقى تضعف العقل ، وتسبب أمراضا نفسية .

وعلمتني: أن أكثر الناس حزما وأوفرهم عقلا من يستعد للموت بعمل الآخرة.

وعلمتني :أن القسوة في بعض الأحيان مفيدة ، ولكن استمرارها دمار شامل.


وعلمتني : أن الأمة التي تنتظر أن تنهض بها أمة أخرى ، ليسوا سوى قطعان من المخدوعين ، فلن ينهض بالأمة إلا أبناؤها بخصوصياتها الثقافية ، أو سيتم استلابها حضاريا لا محالة .

وعلمتني : أن السياسة العالمية هي مركّبُ خطير من الأطماع المادية ، وحب النفوذ ، وغريزة الهيمنة ، لكنه مغلف بشعارات لم يعرف التاريخ أزيف منها .

وأنها قائمة على أن القوة هي القرار ، وغير ذلك فشار في فشــار .

وعلمتني : أن الإرهاب هو الكلمة التي لا يملك إلا أمريكا الحقوق الحصرية لتعريفها وتغيير هذا التعريف متى شاءت .

وعلمتني : أن العولمة هي أكبر عملية سطو بواسطة النصب والخداع في التاريخ .

وعلمتني : أن حق الفيتو ، هو الشيء الذي يجمع بين قدرة القوى على قلب الحق باطلا وإخراس الضعيف عن الاعتراض .

وعلمتني : أن الإعلام هو سحر العصر بجدارة ، فهو قادر أن يجعل الناس ترى الخطيئة فضيلة ، والفضيلة رذيلة ، وأن اكثر الناس واقعون في سحره .

وأن الديمقراطية الغربية خدعة مطلقة .

وأن الحرية المطلقة كذبة مطلقة .

والسلطة المطلقة بلا قيود شر مطلق .

وان النظام العالمي بقيادة محور الشر أمريكا وبريطانيا والكيان الصهيوني يسير بالعالم إلى الدمار مالم يتداركنا الله برحمته .

وان حاملات الطائرات ، والصواريخ الذكيّة ، والقنابل العنقوديّة ، والأكاذيب السياسية ، لن تجلب أمنا ، ولن تُحل في الديار سلاما ، بل العدل العالمي الذي يقيمه الإسلام ، هو الذي سيفعل .

وأن زعماء الأمة السياسيين ضيعوها لما تركوا أركان الحكم الإسلامي ، الحكم بالشريعة ، وإقامة العدل ، واحترام الشورى ، وهم المسؤول الأول عما آلت إليه أحوالها ، وأن الذين يداهنونهم ، ويزينون لهم باطلهم ، شركاؤهم في الجريمة.

وأن أول خطوات النجاح في السياسة حسن اختيار البطانة ، وأول فشل سوء اختيارها.

وأن في كل أمة ، في كل زمان رجال ، فليحرص المرء أن يكون من رجالها.

وأن الأمة لن تحيا إلا بالجهاد ، فثمرة بذل الحياة لله ، إحياء الأمة ، والجزاء من جنس العمل .


الكاتب: حامد بن عبد الله العلي
التاريخ: 06/12/2006