رسالة الصيام الإنتصار على الحملة الصهيوصليبية العالمية

 

رسالة الصيام الإنتصار على الحملة الصهيوصليبية العالمية

حامد بن عبدالله العلـي

من أهم حكم الصوم في شهر رمضان ، تحقيق وحدة الأمّة العقدية ، وتميزها عن غيرها ، وانتصارها الروحي .

فصيام شهر رمضان يمـيـّز الأمّة عن غيرها بشعيرة زمانية ، توحد الأمة في كل بقاع الأرض في عبادة واحدة تذكرها بانتماءها الإيماني إلى نظام واحــــد قائم على الإيمان ، وبوحدتها العقدية ، كما يميّزها الحج بشعيرة مكانيّة تفصلهم عن غيرهم ، فينحازون جميعا بأجسادهم وأرواحهم عن أهل الجاهلية ، ليعبدوا الله تعالى وحده ، يوالي بعضهم بعضا ، وليكفروا بما سواه ، وليزايلوا الكافرين بربهم ، فهـــم براء منهم .

وفي كلا المناسبتين تجتمع الأمة على عبادة الله تعالى ، ثم تفرح بعيدها ، فهي لا تفرح بعيد إلا بعد عبادة ربها في وحدة روحية عميقة الأثر فيها ، فرحا بأعظم نعم الله تعالى عليها ، في إشارة إلى أن الأمة إن تركت الدين ناظما أوحدا يجمعها ويميزها عن غيرها ، فلن تفرح بعزة قط ، كما هو حالها اليوم ، نسأل الله أن يردها إلى دينها ردا جميلا .

ولهذا ـ والله أعلم ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لاتزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر " لانهم إن عجلوه أفطروا جميعا في لحظة واحدة ، فتجمعهم وحدة روحية في كل صعق من الأصقاع ، على أمر دينهم .

أما تحقيق الإنتصار الروحي ، فهو قطب رحى الإسلام ، ولهذا كانت أهم أسبــاب انتصارات المسلمين في رمضان مثل انتصار معركة بدر ، وفتح مكة ، وعين جالوت ، ..إلخ ، أن روح الأمـّـة تكون في هذا الشهر أقرب إلى الله تعالى ، وأرواح الشياطين مع عدوها الطاغوت الأكبر الشيطان الذي تقاتل الأمة أولياءه مسلسلة .

ولهذا لخص الله تعالى حقيقة الجهاد بأنه ( الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله ، والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت ، فاقتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيـــــفا ) ، وإنما يكون ضعيفا ، في مقابلة من يقاتل في سبيل الله ، لأن من يقاتل في سبيل الله منتصر قبل المعركـــــة .

ومعلوم أن معركة الإسلام مع أعداءه تدور بين الأرواح أولا ، وإنما الأجساد آلات الحرب ، ولهذا لما ذكـــــــر النبي صلى الله عليه وسلم سبب انهزام الأمة في زمان تداعي الأمم على أمتنا قال (ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن . فقال قائل : يا رسول الله ! وما الوهن ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت) رواه أبو داود من حديث ثوبان رضي الله عنه .

وقد قال تعالى ( ولاتهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ) ، وفي ذلك دلالة واضحة على أن الوهن ، والإستعداد الروحي للهزيمة ، هو الخسران الحقيقي .

كما بيــّن الحديث السابق أن الروح حين تكون مهزومة ، قد أصابها الوهن ، بسبب تعلقها بالدنيا ، لن تنتصر حتى لو كانت الأجساد كثيرة العدد ، وكثيرة جدا ، فهي غثاء لا معنى له .

ولهذا لما كانت روح الأمة عزيزة بإيمانها ، كانت تنتصر دائما بعدد أقل من عدوها ، لأنها كانت منتصرة أصلا قبل خوض المعركة ، ولهذا فحتى لو سقط الجسد صريعا في هذه المعركة فإن سقوطه ليس سوى إعلان الانتصار ، حتى نهانا الله تعالى أن نصـــف الشهيــــــــــــد بالميت ، ( ولاتقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ) لان روح الشهيد قد حققت الإنتصار الأعظم ، فارتقت من سفول الدنيا إلى أعلى مقام ، فهي في قناديل معلقة بالعرش ، وأي انتصار أعظم من هذا الانتصار لو كانوا يعلمون .

ولهذا أيضا فإن الروح إن حققت الإنتصار الأعظم على الشيطان والتعلق بالدنيا ، فهي منتصرة على الطاغوت ، وإن تلفت الأجساد في هذه المعركة ، فهي ليست سوى آلات تحقق بها النصر ، كما في قصة أصحاب الأخدود ، فإنهم كانوا ( يتعادون ويتدافعون في النار ) كما في صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه ، متلفين أجسادهم في انتصارهم الروحي الأعظم على الطاغوت .

ولما كان الصوم تدور معانيه على التخلص من شهوات الدنيا ، كما في الحديث ( يدع طعامه وشرابه وشهوته من اجلي ) ، حتى إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، مما يعكس قوة الصلة بين الصائم وربه ، فيجعل العبد في اتصال وثيق متفاعل بين جسده على الأرض ، وبين ربه في علوه على العرش ، ليحقق بذلك ســر التقوى .

لما كان الأمر كذلك ، كانت أعظم حكمة الصوم هو تحقيق انتصار الروح ، في معركتها الكبرى مع الشيطان ، وهي أول وأهم خطوة في الإنتصار ، في معركة الإسلام مع أعداءه .

ولهــذا فإن أهم ما يجـــــــــــب أن يهتم به العلماء ، والخطباء ، والوعاظ ، في هذا الشهر العظيم ـ وهو أهم من بيان مبطلات الصوم ، وآداب الفطور ، والسحور .. إلخ وكل ذلك مهـــــــم أيضــــــا ـ أمــــــــــران : ـ

أحدهما : التذكير بمعاني ومفاهيم وحدة الأمة ، وتميــّزها بولاءها لبعضها ، عن غيرها من الأمم ، ووجوب إلغاء كل السدود والحدود التي وضعها عدوها ليفرقها ، وربط المسلمين جميعا ، بمعاناة الأمة ، فبلادها محتلة في فلسطين ، و أفغانستان ، والعراق ، ومهيمن عليها في كل بلاد الإسلام الأخرى ، ممزقة ، مُتَحكّم بإقتصادها ، مسلوبة الإرادة السياسية .

وأن أهم رسالة صوم رمضان ، وجوب السعي في جهاد متواصل لتغيير هذا الواقع الأليم .

الثاني : التذكير بمعاني الإنتصار الروحي ، والعزة الإيمانية في مفارقة الجاهلية ، والبراءة من أهلها ، لاسيما هذه الحملة الصهيوصليبية على أمتنا ، فيجب على المسلمين أن يعلنوا انتصارهم الروحي عليها ، بإعلان الجهاد عليها في كل أصقاع الإسلام ، والسعي لكسرها بكل سبيل .

ومن ذلك الدعاء في الصلوات ، ودعــــــاء القنوت ، فهذه الحملة الصهيوصليبة هي أكبر واعظم خطر ماحق يحيط بأمتنا العظيمة ، وقد حولت هذه الحملة حتى الدول إلى مراكز ، وأدوات لتحقيق أهدافها ، فهي قائمة بذلك على أتم وجه .

ولاريب أن صرف الأنظار عن هذا الخطر العظيم ، إلى مشكلات مصطنعة ، مثل ما يطلقون عليه : " الإرهاب " و " التطرف " ، وإشغال وسائل الإعلام بهذا الزيف ، ليس سوى جزء من مكر تلك الحملة الخبيثة نفسه .

فالواجب أن نبطل هذا التلبيس في الخطاب العام في كل منابرنا ، ونعيد الأمور إلى نصابها ، ونظهر عدو الأمة الحقيقي ، ونعرّي كيده كله ، ونحضّ أمّتنا على جهاده ، فهذا الشهر العظيم ، شهر الإنتصار على حب الدنيا ، وهوى النفوس ، وشياطين الإنس و الجن ، وعلى رأس شياطين الإنـــس قادة الصهيونية والصليبية العالمية ، وأولياءهم .

نسأل الله تعالى أن يعيد لأمتنا روحها المنتصرة ، وعزتها المنتظرة آمين


الكاتب: حامد بن عبدالله العلـي
التاريخ: 07/12/2006