العثمانيون الجدد ..عودة الإمبراطورية العثمانية ..النظام الإسلامي العالمي

 

العثمانيـُّـون الجـُـدُد
عودة الإمبراطورية العثمانية
النظام العالمي الإسلامي
 
( الإمبراطورية العثمانية إمبراطورية واسعة ، وهي ذات أهمية غير متناهية من الناحية التاريخية ، الإمبراطورية العثمانية أشبه ما تكون بمارد يقبض بأذرعته الجبارة على ثلاث قارات في وقت واحد ..وحتى في الوقت الحاضر ( 1835م ) ، فإنّ الإمبراطورية العثمانية تحكم أقطارا تفوق سعتها ما كانت تحكمه الإمبراطورية البيزنطية في أوج عظمتها ) المؤرخ النمساوي فون هامر.
 
( تفوق قدرة تركيا اليوم (1629) قدرة مجموع دول العالم أجمع ) بيني هربين ، مفكر فرنسي عاصر الإمبراطورية العثمانية .
 
( أسس العثمانيون في آسيا وأفريقيا وأوربا واحدة من أوسع الإمبراطوريات التي عرفها العالم ) آخر سفير لأمريكا لدى الإمبراطورية العثمانية.
 
( لم يشهد التاريخ الإسلامي كيانا سياسيا قويا ومستقرا كالإمبراطورية العثمانية ، لقد كانت الإمبراطورية العثمانية هي الدولة الأكبر ، والأوسع ، والأكثر استقرارا ، كانت تمتلك أكبر المصادر الإقتصادية في أوربا ، وكان جهازها الإداري في حد ذاته بناء راسخا ، يخدم ويرعى مصالح الشعب العثماني ، كان الأسطول العثماني يسيطر على كامل البحر الأبيض ، وكانت أسطنبول تبهر أنظار السياح الأوربيين كأكبر مركز للحضارة في العالم ) المستشرق الفرنسي سوفواقت .$$$
 
( كانت الإمبراطورية العثمانية دولة عالمية كبرى بحق ) المستشرق الألماني بابنجر .
 
( الإمبراطورية العثمانية هي إحدى أهم ظواهر التاريخ العالمي المذهلة جداً ، والخارقة للعادة ) المؤرخ الإنجليزي داوني .
 
( الإمبراطورية العثمانية هي الدولة الوحيدة التي جمعت الشرق الأوسط تحت حكمها أطول حقبة في التاريخ .. إن كافة الأقوام الناطقة بالعربية اجتمعت تحت راية دولة واحدة .. إن أيـَّا من الدول الأوربية الإستعمارية التي أخذت مكان الدولة العثمانية ، سواء إنجلترا ، أو فرنسا ،  أو إيطاليا ،  أو روسيا ، لم تتمكن من إدارة هذه الأقطار مدة طويلة ، وبطريقة مستقرة كما أدارتها الدولة العثمانية ) المؤرخ الإنجليزي توينبي
كل هذه النقول عن كتاب تاريخ الدولة العثمانية ليماز أزتونا ـ ص 7ـ 9
 
لاجدال في أنه لايمكن فهم علاقة النظام العالمي اليوم ، والغرب خاصة ، بهذه المنطقة من العالم خاصة ، وبالإسلام والمسلمين عامة ، دون معرفة تاريخ الإمبراطورية العثمانية ، كيف انتظمت الأمة الإسلامية بأسرها في نظام سياسي عالمي قائم على أسس الملة الإسلامية ، والشريعة المحمدية ، وكيف انتهت .
 
بل لايمكن فهم كيف وُلدتْ الدول العربيّة الحاليّة ، وطبيعة علاقتها بالنظام الغربيّ العالميّ ، والدور الذي يريده هذا النظام لها في الحيلولة دون عودة أي إمبراطورية إسلامية عالمية ، دون التعرف على تاريخ الإمبراطوريّة العثمانيّة الإسلاميّة العالميّة.
 
ولامراء في أنـّه ليست ثمـة إمبراطورية قادت نظاما عالميا ، قـد تعرضت للظلم بتشويه التاريخ ، أكثـر من الإمبراطورية العثمانية الإسلامية ، والسبب ظاهر لايخفى ، وهو أن الأمم التي تآمرت لإسقاط هذه الإمبراطورية ، لاشيء ، سوى لأنها تمثـّل عظمة النظام الحضاري الإسلامي العالمي ، هي التي ـ في الغالب ـ كتب مؤخروها ومفكروها تاريخ هذه الإمبراطورية ،
 
ولهذا أدخلت فيه التزييف ، والإفتراء ، بهدف تقويض الأسس الفكرية الحضارية التي تثبت قدرة الإسلام على إدارة العالم الإسلامي كلّه في نظام عالمي حضاري ، يحقِّق كل متطلبات النظام السياسي الناجح.
 
ولهذا سننقل في هذا المقال ومضـات من تاريخ الإمبراطورية العثمانية ، من شأنها أن تلقي الضوء على عبقرية المسلمين في تأسيس النظام العالمي ، وحيويَّة ثقافتهم الإسلامية القادرة على بناء هذا التأسيس الحضاري .
 
وسننقل جميع هذه الومضات من فترات مختلفة ، تقتصر على العصر الذهبي لهذه الإمبراطورية فحسب ، من نفس المصدر الذي نقلها منه نقول المقدمة ، إذ كان من أدق المصادر الموضوعية التركية التي أرَّخت لهذه الإمبراطورية الإسلامية العظيمة.
 
ومضـة
وصف لأحـد أعظـم أباطرة الإمبراطورية الإسلامية
 
يقول المؤرخ الإيطالي zoro dolphin عن أعظم حاكم في الإمبراطورية العثمانية فاتح القسطنطينية محمد الفاتح ، والذي على يديه انتهت العصور الوسطى وبدأت القرون الحديثــة:
 
يقول : ( السلطان محمد، يندر أن يضحك ، ذكاؤه يعمل بصورة مستمرة ، كريم جدا ، عنيد ،  وجسور ، وجريء في تصميمه ، ذكاؤه متّقد ، هو كإسكندر الكبير ، لايشبع من الشهرة ، والرفعة ، يتحمل البرد ، والحر ، والجوع ، والعطش ، كلامه قطعي ، لايخشى أحداً ، بعيد عن اللهو ، والمجون ، يتكلم التركية ، واليونانية، والصربية بصورة جيدة ، ويجيد قراءة وفهم اللغات الأخرى ، يعكف على المطالعة كل يوم مدة من الزمن ، ومن الكتب التاريخية التي يطالعها ، التاريخ الروماني ، تاريخ البابوات ، أباطرة ألمانيا ، وملوك فرنسا ، ولمبارديا ، له علم بجغرافيا إيطاليا بصورة دقيقة ، وبكامل فروعها ، على علم كذلك بجميع الحكومات الموجودة في أوربا ، لايستغني عن خارطة كبيرة لأوربا ، يتبع العلوم العسكرية ، والجغرافية ، برغبة شديدة ، ماهر في تكييف نفسه على عادات ،  وتقاليد الأقطار المختلفة الموجودة في دولته ) نقلا عن كتاب تاريخ الدولة العثمانية يماز أوتونا 1/144
 
ويقول عنه مــؤرّخ بريطاني ( فاتح ، ليس متخصص لغات من الدرجة الأولى ، ومؤرخا وفيلسوفا فحسب ، بل هو إلى جانب ذلك إداري عظيم ، خيال ، وخبير في إستعمال الأسلحة بشكل خارق للعادة ) the harem. N.m.panzer لندن 1936م ، ص 237
 
ومضـة
بداية عصر النهضة مع فتح الإمبراطورية الإسلامية العثمانية لقسطنطينية
 
ويقول مؤخر ثالث ( يبدأ عصر النهضة العلمية ، مع فتح البيزنط في عام 1453م ، على يد الفاتح ، فاتح أحـد أكبـر حماة الإصلاح والنهضة العلمية الحديثة ، إن عصر النهضة العلمية مدين بالكثير ، لتسامح فاتح وخلفيه الأثنين ، يسر فاتح إنتشار اللغة اليونانية القديمة في أوربا ، دعا كل من بايزيد وياوز ، في 1506م ، و1519، أنجيلو ، وليوناردو دافينشي إلى أستنابول بصورة رسمية ، بينما لم يسمح لهما البابا بذلك ) la renaissanee.p.Fayre  ، 7، 46، 102، 104، 114
 
ومضـة
أول من اخترع الصواريخ
وكانت الإمبراطورية الإسلامية العثمانية أول من اخترع الصواريخ ، يقول مؤلف كتاب تاريخ الدولة العثمانية في أحداث عام 1478م : ( استعمل فاتح في حصار أشكودرا ، بالونات وصواريخ حريق، و11 مدفعا ضخماً جداً ، وصواريخ طيّارة تنفجر في المكان الذي تمسه ) المصدر السابق ص 168
 
ومضــة
كان يطلق عليه إمبراطور روما الشرقية
 
يقول مؤلف الكتاب السابق : ( إنَّ الأنواط التي سكَّتها هذه الدول ـ عدة دويلات إيطالية في الفترة إبان وبعد عام 1453م ـ بإسم فاتح والتي تحمل صورته ، موجودة في حوزتنا حاليا ، وتستطيع أن تقرأ على هذه الأنواط باللاتينية)
 
ومضــة
فرح الكنائس بموت محمد الفاتح
مات النسـر الكبــير
 
يقول مؤلف الكتاب السابق : ( علمت البندقية خبر موت فاتح في 19 آيار ، بعد 16 يوما من موته ، كانت الرسالة التي جلبها حامل البريد السياسي لسفارة البندقية في إستانبول تحتوي على الجملة التاريخية : مات النسر الكبير ، دقَّت أجراس كافة الكنائس الأوربية ، وجرت مراسم الشكر لمدة 3 أيام مع لياليها بأمر البابا ) المصدر السابق ص 177
 
ومضــة
ظهور المشكلة الصفوية ، وتمزيقها العالم الإسلامي ، وكسر الإمبراطورية العثمانية لها
 
يقول مؤلف الكتاب السابق عن الشاه إسماعيل الصفوي الذي شيَّع إيران : ( أمر بقتل والدته التي ثبتت ، وأصرت على المذهب السني ، وحول إيران السنية بالدم ،  والنار إلى إيران الشيعية ، حظر اعتناق المذهب السنّي ، وقتل من قبض عليه من الرجال السنيّين .. وهكذا قسم الشاه إسماعيل العالم الإسلامي السني والتركي إلى فريقين ،
 
 كان قد دخل بين تركيا وتركستان ، كان دخوله إيران وإستيطانه فيها بإقتدار ، وقوة ، أقوى بكثير من مجيء الفاطميين ـ في حينهم ـ إلى المغـرب وإستيطانهم في مصر ، وبينما استؤصل المذهب الشيعي من مصر ، بضربة واحدة من صلاح الدين الأيوبي ، ما تزال إيران حاليّا شيعيّة ، حقق الشاه إسماعيل هذه النتيجة بإستيلاءه على إيران التي يشكل أكثريتها سنيّون ، من حوزة أتراك آقويونلو السنيّين .. أرسل الشاه إسماعيل عملاءه وعيونه ـ الذين يُسمى واحدهم خليفة ـ إلى الأناضول لإدخال التركمان الذين لم يسكنوا المدينة ، ويصبحوا أتراكا ، إلى المذهب الشيعي ،
 
 من ناحية أخرى ، كان يسعى إلى إضعاف وكسر شوكة الدولة العثمانية في الأناضـول عن طريق الفوضى والإرهاب ، وعلى الرغم من أنَّ مصر كانت حائزة على الخليفة ، والمدن الإسلامية المقدّسة ، والأمانات الإسلامية المقدّسة ، والمؤسّسات الكبرى ، كالجامع الأزهـر ، فإنهّـا كانت بالنسبة للشاه مسألة ثانوية ، ذلك أنه كان يدرك أنه عندما تتضعضع العثمانية فسوف تضمحـل المماليك ،
 
 والعكس ليس صحيحاً ، وكان يعلم أنَّ الدولة المملوكية في حالة إنحطاط  ، وفي فترة تدنِّ ، أو هي على أقل تقدير ، فقدت حيويتها ، أما العثمانية ، فإنها تعيش فترة حيويتها ، مستهدفة إقامة الدولة العالمية
 
أرسل الشاه سفراء إلى البندقية ليخبرها بأنه عازم على القضاء على العثمانية ، وأنه على الدول الأوربية إن كانت تريد الحصول على بعض المكاسب أن تتحرك من روملي ، كان يعلم أن البندقية هي مركز الدبلوماسية الأوربية)
 
ثم قال عن معركة جالدران ـ 1514م ـ التاريخية التي هزم فيها الجيش العثماني الإسلامي جيش الشاه الصفوي
 
( لم تكن الدولة قد تهددت حتى ذلك اليوم بخطر خارجي كبير على هذه الدرجة ، عدا تيمور .. لكن تيمور كان سنيا ـ حنيفا ، أما الشاه ، فإنه بالإضافة إلى أسره للأقطار ، كان يريد أسر النفوس والضمائر ، وكان يستعمل لتحقيق ذلك الإرهاب ، والدم ، والنار ، والسيف ، كان من الممكن أن يسفـر إنهزام الجيش العثماني عن فرض الصفويين التشيع على الأناضـول الوسطى ، وإلحاقها بإيران ) 215ـ 218
 
ثم قال في وصف المعركة : ( أمر البادشاه فتح الجناحين على شكل هلال ، وأخذت فرقة المدفعية موضعها ، وأخذت كتائب التركمان الشجاعة ، تتساقط بسرعة بنار المدفعية العثمانية ، وبينما كان يتطلع إلى صحراء جالدران المليئة بعشرات الألوف من جنود الصفويين أغلق فيالقه في الجناحين الأيمن ، والأيسـر ، وساق فرقة الإحتياطية إلى الأمام ، وأمر بالهجوم على مركز الجناح الأيمن الصفوي الذي يضمَّ الشاه ، جرحت يد الشاه ورجله ، وأخذ يستعد للهرب ، خاب ذكر الرجل الذي أفنى 12 من الدول خلال 15 عاما ..إنتقل سرادق الشاه ، وعرشه ، وخزينته التي تضم أكبر الماسات العالمية ، وزوجته تاجلي خانم ، لحوزة العثمانية ..
 
قرر الشاه عدم إمكان الدفاع عن مدينة العرش تبريز بعد مروره عليها ، وهرب إلى المناطق الداخلية من إيران ، كان عدد سكان تبريز في ذلك التاريخ يتجاوز المليون نسمة ، ولم يكن في أوربا ـ بما فيه استنبول ـ أي مدينة بهذا الحجم ، تليت الخطبة بالشعائر السنية ، وبإسم السلطان سليم 1514م ـ ) . المصدر السابق 215ـ 218
 
ومضــة
نجاح مشروع السلطان سليم العثماني في تكوين ( إتحاد إسلام ) أي الإتحاد الإسلامي العام
 
بعد معركة جالدران بسنتين ، انتصر الجيش العثماني على الجيش المملوكي الذي كان بحوزته الخلافة العباسية ، وتحت سلطته الميزات المعنوية العليا للمسلمين ، مكة ، والمدينة ، والقدس .
 
وكان الإنتصار الكبير في مرج دابق ، أعطى الإمبراطورية العثمانية قفزة تاريخية مكنتها من التربع على عرش أكبر دولة عالمية ذلك الوقت .
 
ومضــة
خادم الحرمين الشريفين
 
عندما دخل السلطان سليم حلب ، أطلق الخطيب الذي تلا الخطبة على السلطان سليم وصف ( حاكم الحرمين الشريفين ) ،فتدخل البادشاه وبدَّل كلمة ( حاكم) بخادم ، ثم تلقـب الخلفاء الذين انحدروا من بني عثمان ، بصورة رسمية حتى 1924م ، بلقب خادم الحرمين الشريفين. المصدر السابق ص 225
 
خرَّ السلطان سليم الذي لم يتمكَّن من السيطرة على دموع عينيه ، على الأرض ساجداً سجدة الشكـر ، ووضع رأسه على أرض المسجد المرمري بعد رفعه للسجادة من الموضع الذي يجلس فيه ، فرحاً لنيله خلافة الرسول صلى الله عليه وسلم الشرعية ، خلع خلعته التي لاتقدر بثمن وألبسها الخطيب ، ثم أمر بنقل الأمانات المقدسة الموجودة في القاهرة ، ومكة ، إلى ساري طوبقابو في استانبول ، وشيد جناح خرقة شريف ( البردة الشريفة ) ، لحفظها ، واكتملت صفة خلافة السلطان سليم بإنتقال القدس ، والمدينة المنورة ، ومكة المكرمة إلى الإدارة العثمانية .
 
ومضــة
حجم الإمبراطورية العثمانية عند وفاة السلطان سليم
 
قال في المصدر السابق : ( قام خلال 8 سنوات بأعمال لايستوعبها العقل ، وجعل الإمبراطورية العثمانية دولة عالمية حقيقية كبرى ( 1517) ، وحافظت الدولة العثمانية على فتوحاته مدة 4 قرون ، ترك دولة مخيفة لأعدائها ، تمتد بين فاس وحضرموت ، سودان ، وروسيا ، كان هدفه ، يحقق في إيران ما حققه صلاح الدين الأيوبي في مصر من حيث القضاء على الحكم الشيعي ، الذي لم يكن قد أكمل بعد سنته ألـ 20 ، والسعي لإقامة الإتحاد الإسلامي ، والوصول إلى طوران ، تركستان ، والهنـد ) ص 237
 
ومضــة
فتح رودس عام 1522م ، وقصة فرسان مالطة
 
تولى السلطان سليمان القانوني الذي حقَّق عالمية الإمبراطورية الإسلامية العثمانية بحق ، تولى الخلافة الإسلامية ـ كان الإمبراطور سليم قد أعلن أنه وارث الخلافة من الخليفة العباسي بعد سقوط المماليك ـ بعد والده ، لفتح بلغراد ، ففتحها.
 
ثم توجه برفقته شيخ الإسلام علي أفندي ـ أي المفتي العام ـ إلى جزيرة رودس ، قال المؤلف في المصدر السابق : ( كانت رودس بلوى كبرى بالنسبة للمسلمين ، كانت طريقة saint-jean العسكرية التي تسيطر على رودس ، والجزر الأثني عشر وبودروم ، قد تأسست خلال الحملات الصليبية في عكـّا للجهاد ضد المسلمين ، كانت هذه الطريقة لاتزال تقوم بمهمتها بواسطة أسطولها ، تضرب السفن التي تسير في شرق البحر الأبيض المتوسط بين الأناضول ، ومصر ، وسورية ..
 
ثم بعدما وصف حصار المسلمين للجزيرة قال : عجز الفرسان ـ أي فرسان مالطا سمُـُّوا بذلك لأنَّهـم انتقلوا بعد ذلك لمالطا ـ بسبب إمكان الرمي داخل القلعة بواسطة مدافع الهاون ، والقذائف التركية ، كان الجاسوس الموجود داخل القلعة ، يخبر بالأماكن الحسّاسة في القلعة بواسطة الضوء ، لم يقبض على الجاسوس إلاَّ بعد أسابيع حيث مزَّقه الفرسان ، لقيت الجاسوسات التركيات الـ 3 الموجودات في القلعة ، نفس العاقبة ، أثناء إضرامهنّ النار ، ورغـم تقطيع أعضاء هؤلاء إرباً إرباً ، لم يبحن بأسماء الجواسيس الآخرين الموجودين في القلعة )
 
ثم قال بعدما ذكر سماح الخليفة سليمان للفرسان بالخروج من القلعة سالمين  : ( أخذ الفرسان أسلحتهم ، ووافق السلطان سليمان على زيارة الأستاذ الأعظم الذي كان فرنسيا ، حيث مَثـُل بين يديّ السلطان مرة أخرى بعد 6 أيام ، وشكره على السماح للفرسان بالخروج بسماحة إنسانيّة لاتصدق ، خلال هذه الأيام كان البابا أندريانوس الثاني يجري مراسم أعياد الميلاد في كنيسة سان بيترو في روما ، فتدحرجت حجارة سقطت من حافة سقف الكنيسة نحو قدميه ، فتشاءم الباب ، وقال ( سقطت رودس ) .. وهكذا اقتلعت وأزيلت من شرق البحر الأبيض المتوسط دولة كاثوليكية ، من بقايا الحملات الصليبية التي يرجع تاريخها إلى 213سنة ،  وهي آخر دولة صليبية قضى عليها المسلمون ، وفي 1530م ، أعطى الملك شارل كوينت إلى الفرسان جزيرة مالطة ، وفي هذه المرة قاموا من هذه الجزيرة بإيذاء المسلمين الموجودين في أواسط البحر الأبيض ) . ص 264
 
ومضــة
قصة لجوء فرنسا لخليفة المسلمين ضـد شارل ـ كونت
 
كان شارل كوينت يقيم في أسبانيا وهولندا ، ويدير ألمانيا بواسطة أخيه فرديناند فون ،وكانت عاصمة ألمانيا هي فيينا ، وكانت لديه دولة قوية تهدد الخلافة الإسلامية العثمانية .
 
قال في المصدر السابق : ( صمَّم السلطان على تشتيت هذه الدولة ، وتقسيمها إلى دول كما كانت في السابق ، ويلاحظ أن في ذلك الوقت كانت أسبانيا هي الدولة الوحيدة التي تمتلك أقدر جيش وأسطول ، كما كانت قد أصبحت ذات مستعمرات كبيرة في أمريكا ..بقي ملك فرنسا ، وملك إنكلترا ، مستقلين بين الحكـّام الأوربيين ، وكان شارل ـ كوينت ، قد أدخـل البقية بشكلٍ أو بآخر في قبضته ، عزم ملك فرنسا على منازلة شارل ـ كوينت ـ مهما كلّف الأمر ، لكنّه هـُزم في الحرب الميدانية ، وأُسـر ،  وسيق إلى مدريد ،  وسجن في أحد القصور .
 
أرسلت أمه إلى السلطان سليمان القانوني ، ورجته تخليص ابنها من السجن ، وعندما اطلع السلطان في 6/12/1525م ، على كتاب نائبة ملكية فرنسا ووالدة ملك فرنسا ، أصبحت بيده حجـَّة مهمّة تجاه شارل ـ كوينت ، كما أصبح معه حليف طبيعي في الغـرب ، وأصبح بإمكانه التحرُّك بإسم ملك فرنسا بصورة شرعية ، ورسمية ، حيث إنَّ فرنسا قد طلبت منه ذلك بصورة رسمية ..كان شارل كوينت بالنسبة للأوربيين ، إمبراطوراً على روما الغربية ، أما السلطان سليمان ، فإنـَّه إمبراطور روما الشرقية ، وكان السلطان سليمان يرى أنّه هو إمبراطور روما الموحدة ، وأنّ شارل ـ كوينت غاصب ..أمـّا بالنسبة لفرنسا ، فقد كان لجوؤها لإمبراطور أوربا الشرعي ، السلطان سليمان ، أمـراً مشروعا بالنسبة للقانون الدولي في ذلك العهد ، إذ كان في ذلك العصـر ، مرجعان اثنان بالنسبة للملوك النصارى الذين يصيبهم الحيف : الإمبراطور ، والبابا ، وكانت قوة البابا العسكرية محدودة ، إذ لم يكن يسيطر إلا على إيطاليا الوسطى فقط .
 
كان شارل ـ كونت قد سجن فرانسوا في قصـر من مخلَّفـات العرب في مدريد ، وأجبره هناك على توقيع معاهدة مدريد ، ذات الشروط الصعبة وأخلى سبيله ، ذهب فرانسوا ـ ملك فرنسا ـ الذي وقع هذه المعاهدة السيئة للحصول على حريته إلى باريس ناجيا بنفسه ، ولم يكن ينوي أبـداً تنفيذ شروط هذه المعاهدة ، وأَخــذ في تطوير العلاقات التي بدأت والدته بتأسيسها مع السلطان سليمان ..
 
أضطر شارل ـ كوينت ، خلال سلطنته الطويلة ، إلى مواجهة أربعة أعداء ألدّاء له : أحدهم سليمان القانوني ، الثاني بربروس خير الدين باشا ـ تركه السلطان سليمان يتولى أمر البحر المتوسط ـ ، الثالث فرانسوا ، ورابعهم مارتن لوثر .ص 268
له تتمـة ..تابع المقــال بالنقـر
هنــــــــــــــا

الكاتب: حامد بن عبدالله العلي
التاريخ: 08/02/2009