فتوى جديدة لأكبر حاخام بإبادة الفلسطينيين

 

***
*****************
الناصرة ـ 'القدس العربي' 30 مايو 2009:حتى اوائل الثمانينيات من القرن الماضي ظلت نسبة المتدينين الاسرائيليين في الهيئات القيادية في الجيش اقل من النسبة التي يمثلونها من حيث تعداد السكان. فحتى ذلك الوقت ظل القادمون من القرى التعاونية (الكيبوتسات) - التي تمثل قلاع العلمانية الاسرائيلية - ينفردون بالسيطرة على المواقع القيادية في الجيش، لدرجة ان الانتماء لـ (الكيبوتس) كان رديفا للانتساب للوحدات المختارة في الجيش، مع انه بمثل هذا الانتساب تُفتح الطريق امام احتلال المواقع القيادية في الجيش والدولة مستقبلا. لكن منذ ذلك الوقت حدث تغيّر دراماتيكي متلاحق ولافت للنظر، فقد انخفضت نسبة خريجي (الكيبوتسات) الذين يلتحقون بالوحدات المختارة بسبب تحلّل الكثير من هؤلاء من الايمان بواجب التضحية من اجل الدولة، على حد قول المصادر الاسرائيلية.
في المقابل حدثت عملية عكسية تماما، حيث كانت توجيهات المرجعيات الروحية للتيار الديني الصهيوني لاتباعها بانّ عليهم ان يتوجهوا تحديدا للإنخراط في الوحدات المختارة والسريات النخبويّة في الجيش، من اجل قيادة الجيش، وبالتالي التحكم في المشروع الصهيوني.
ووفق المصادر عينها فانّ الذي سهّل على الصهاينة المتدينين تحقيق هدفهم وهو وجود ما يُعرف بالعبرية بـ (يشيفوت ههسدير)، وهي معاهد دينية عسكرية ـ يمولها الجيش ـ وينضم اليها حصرا اتباع التيار الديني الصهيوني بعد تخرجهم من المدرسة الثانوية. يقضي هؤلاء ثمانية عشر شهرا في هذه المعاهد، يمارسون خلالها تعليمهم الديني، وفي نفس الوقت يؤدون الخدمة العسكرية، مع العلم انّه بعد تخرجهم منها يقضون ثلاثين شهرا اضافية في الخدمة العسكرية، ووفق المعطيات الرسمية الاسرائيلية، يبلغ عدد هذه المدارس اثنتين واربعين مدرسة يديرها الحاخامات، و يتم التشديد فيها على انّ الخدمة العسكرية والروح القتالية هي مهمة جماعية يفرضها الدين بهدف قيادة المشروع الصهيوني.
من هنا كان كل طالب في هذه المدارس لا ينظر للخدمة العسكرية على انه يؤدي خدمة اجبارية تنتهي بعد ثلاث سنوات، بل انها بوابة واسعة لممارسة التاثير على مستقبل الدولة، وعلى عملية صنع القرار فيها. على الرغم من ان (يشيفوت ههسدير) يتم تمويلها من قبل الجيش، كذلك فإن مديريها من الحاخامات يتلقون رواتبهم من خزانة الدولة، الا ان نظام التعليم فيها مستقل تماما، وتتحكم فيه المرجعيات الروحية للتيار الديني الصهيوني دون اي قدر من الرقابة على مضامين مناهج التعليم فيه، على الرغم من انّ الخدمة العسكرية في اسرائيل الزامية، الا ان الانتساب للوحدات المختلفة داخل الجيش هو امر اختياري وطوعي لكن بفعل التثقيف والتعبئة التي يتعرضون لها داخل (يشيفوت ههسدير)، فانّ اتباع التيار الصهيوني الديني يتجهون للانتساب للوحدات المختارة، وسرايا النخبة في الجيش. شيئا فشيئا اصبح معظم قادة الوحدات المقاتلة من المتدينين. ومعظم القادة والمنتسبين للوحدات المختارة مثل (سرية وحدة الاركان)، و(ايجوز)، (دوفيدوفان) و(يسام)، هم ايضا من المتدينين. ليس هذا فحسب بل ان المتدينين يحتكرون الخدمة فيما يُعرف بسرايا النخبة التابعة لألوية المشاة، فمثلا 60% من القادة والمنتسبين لسرية النخبة في لواء المشاة (جفعاتي) هم من المتدينين. تغلغل المتدينين الصهاينة في المواقع القيادية للجيش دفع الجنرال يهودا دونيدينان الذي كان مسؤولا عن قسم 'الشبيبة' في وزارة الامن للقول: ان اتباع التيار الديني الصهيوني اصبحوا يشكلون 'العمود الفقري' للجيش. ولا يقتصر اندفاع المتدينين نحو المواقع القيادية في الجيش، بل ايضا في الاجهزة الاستخبارية، فعلى الرغم من انه لا يُعلن عن هوية الذين يخدمون في الاجهزة الاستخبارية الاسرائيلية، الا ان التسريبات الصحافية تؤكد ان المتدينين اصبحوا يمثلون ثقلا متصاعدا داخل جهاز الامن العام (الشاباك الاسرائيلي)، وهو اكثر الاجهزة الاستخبارية تاثيرا على دوائر صنع القرار في الدولة. وما ينطبق على الجيش والمخابرات ينطبق على الشرطة وحرس الحدود.
الجيش الذي سيكون تحت قيادة المتدينين هو غير الجيش الحالي، على الرغم من ان معظم القادة الحاليين ذوو نزعات عنصرية متطرفة. الجيش تحت قيادة المتدينين سيدفع الحكومة الى سياسات اكثر تصادما مع العالم العربي، وذلك بفعل تأثرهم الشديد بالافكار الخلاصوية التي توغل في نفيها للآخر العربي وازدرائه. القادة المتدينون سيخلطون بين متطلبات السياسة وتعليمات الحاخامات. فها هو الحاخام مردخاي الياهو اكبر مرجعية روحية للتيار الديني الصهيوني، والذي يحرص كل القادة المتدينين على تقبيل يديه والحصول على تبريكاته يصدر فتوى مؤخرا تبيح ابادة الفلسطينيين عملا بالفريضة التوراتية التي تقول 'اذكر عدوك وأبده' ('معاريف' 28-3-2005).
ان سماح النظام السياسي في الدولة العبرية للمتدينين بتقلد المواقع القيادية يثير في نفس كل عربي ومسلم المرارة بشكل خاص. ففي الوقت الذي توفّر فيه اسرائيل كل الظروف لمساعدة متدينيها على الارتقاء في سلم القيادة في الجيش والمؤسسات الاستخبارية على اعتبار ان هذا حق تكفله المواطنة، نجد ان الامور تنقلب رأسا على عقب في كثير من بلدان العرب والمسلمين، حيث ان مظاهر التدين تحول دون الارتقاء في سلم القيادة، وفي بعض البلدان يُمنع المتدينون من الالتحاق بالجيش مطلقا، وفي حال ضبطوا وهم يمارسون الشعائر الدينية يُطردون من الخدمة العسكرية ويقدّمون للمحاكمة

التاريخ: 01/06/2009