تقرير شامل عن منتظر الزيدي

 

الجزيرة نت : قالت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إن الرحلة الوداعية التي قام بها الرئيس الأميركي المنصرف جورج بوش إلى العراق لن يتذكر منها أحد إلا لحظة قام صحفي عراقي برمي حذائه تجاه رأس الرئيس وندد به على الهواء مباشرة ووصفه بأنه "كلب" جلب الموت والحزن إلى العراق طوال ست سنوات.

وقد أبرزت الصحف الأميركية "الخزي" الذي توج زيارة بوش الوداعية إلى العراق، فقد تناولت كبريات الصحف الأميركية نبأ قيام الصحفي العراقي منتظر الزيدي برمي حذائه في وجه رئيس أكبر دولة تقود العالم.

وخصصت الصحف صورا تفصيلية لذلك الحدث كما نشرت في نسخها الإلكترونية لقطات الفيديو التي صورت "دراما" الحذاء الذي "أفسد" رحلة الرئيس المنصرف إلى بغداد

ووصفت نيويورك تايمز الحادثة بأنها "دراما" بدأت بعد وقت قصير من انطلاق مؤتمر صحفي حول الاتفاقية الأمنية عقده بوش ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.

وتذكر الصحيفة في خبرها الرئيسي الذي غطى الموضوع قيام الصحفي الزيدي برمي حذائه الأول ثم الصراخ على بوش بالقول "هذه هدية من العراقيين، هذه قبلة الوداع يا كلب"

وتروي الصحيفة أن الزيدي قام برمي الحذاء الأول تجاه بوش الذي تملص منه بمشقة. وتضيف أنه وسط ارتباك الحراس ورجال الأمن والصحفيين رمى الزيدي الحذاء الثاني وصرخ بالعربية "هذه من الأرامل واليتامى وهؤلاء الذين قتلتهم في العراق".

وتروي الصحيفة أن حرس المالكي هجموا على الصحفي وطرحوه أرضا ثم سحبوه بخشونة من الغرفة، وأنهم ركلوه وضربوه كما قال الصحفي محمد طاهر مراسل فضائية الآفاق التي يملكها حزب الدعوة، حسبما تقول الصحيفة.

وأفادت الصحيفة بأن المالكي ومساعديه وبعض موظفي الأمن الأميركيين أبدوا استياء ليس فقط بسبب التغطية التلفزيونية ولكن لأن الحادثة تشكل خرقا أمنيا في المنطقة الخضراء التي تعد الأمنع بسبب الحراسة المشددة.

وقالت الصحيفة إن بوش اعتبر الحادثة دليلا على الديمقراطية، وقال"هذا ما يفعله الناس في المجتمع الحر، يجذبون الانتباه إلى أنفسهم"، فيما كانت تسمع صرخات الزيدي من الخارج

أما صحيفة كريستيان ساينس مونيتور فأبرزت في عنوانها "الازدراء" الذي لقيه بوش في زيارة العراق، وقالت إنه "على الرغم من الامتنان للولايات المتحدة للتخلص" من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين "فإن كثيرا من العراقيين يرون النتيجة باحتقار ورفض فكرة أن الولايات المتحدة جاءت هنا باسم الديمقراطية أو لجعل المنطقة أكثر أمنا".

وتضيف الصحيفة أن "ذلك الغضب بدا جليا" في مؤتمر بوش والمالكي حين رمى صحفي حذاءه على رأس الرئيس وصاح "هذه قبلة الوداع يا كلب". وأوضحت الصحيفة كما فعلت الصحف الأخرى أن رمي الحذاء في العرف العربي "رمز للاحتقار والازدراء".

ومن جهتها عنونت صحيفة واشنطن بوست تغطيتها للحدث بعنوان "الحذاء المقذوف يفسد رحلة بوش إلى بغداد". وأفردت معظم التغطية للحادثة وسجلتها بتفاصيلها.

وقالت الصحيفة إن وصول بوش في زيارة وداعية مفاجئة مدافعا بشدة عن الحرب التي أتلفت حتى الآن مزيدا من الوقت والمال والأرواح أكثر مما كان متوقعا، لم يحل دون تلقيه "الطعم المحلي من الاستياء تجاه سياساته" عندما رماه صحفي عراقي بحذائه في مؤتمر صحفي

وقالت الصحيفة بعد وصف دقيق للحادثة، إن بوش لم يجرح بل أطلق النكات بعد دقائق من الحادثة، وأضافت أن الصحفي الزيدي كان قد اختطف سابقا من قبل مليشيات شيعية مسلحة، وأنه كان ينهي تقاريره التلفزيونية بالقول "منتظر الزيدي من بغداد المحتلة"

أما صحيفة لوس أنجلوس تايمز فبدأت تغطيتها بالقول إن بوش بدا مرتبكا بعد أن قذِف بالحذاء، فيما وصفت المالكي بأنه لاعب بيسبول حين مد ذراعه ليلتقط الحذاء دفاعا عن ضيفه الأميركي

***

الجزيرة نت : تعالت الأصوات في العراق وخارجه متضامنة مع الصحفي العراقي الذي رشق الرئيس الأميركي جورج بوش بحذائه، وسارت مظاهرات في بغداد تطالب بالإفراج عنه فيما أعرب نحو 200 محام من العالم عن استعدادهم للدفاع عنه.

فقد أيد عدد من العراقيين الذين استطلعت آراؤهم إقدام الصحفي منتظر الزيدي الذي يعمل مراسلا لقناة البغدادية على قذف حذائه تجاه بوش ونعته بـ"الكلب"، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي.

واعتبر أولئك العراقيون سلوك الصحفي الزيدي رد فعل طبيعيا ناتجا عن المعاناة والألم الذي سببه احتلال العراق من قبل الولايات المتحدة.

وخرجت تظاهرات في البصرة والنجف وبغداد تطالب بإطلاق سراح الزيدي وتندد بالاحتلال الأميركي للعراق حيث تم إحراق علم الولايات المتحدة.

وحمل المتظاهرون الاعلام العراقية ولافتات تمجّد الزيدي وتصفه بالبطل وقصدوا في بغداد ساحة الفردوس الشهيرة  وسط العاصمة التي شهدت إسقاط تمثال الرئيس العراقي صدام حسين على أيدي القوات الأميركية عام 2003.

وتباينت مواقف النواب في البرلمان العراقي إزاء كيفية التعامل مع الصحفي، فمنهم من رفض تصرفه، فيما اعتبره آخرون عملا تاريخيا.

وقد طالبت قناة البغدادية في بيان حصلت الجزيرة على نسخة منه السلطات العراقية بالإفراج عن الصحفي منتظر الزيدي تماشيا مع "الديمقراطية وحرية التعبير التي وعد العهد الجديد والسلطات الأميركية بها". وطالب البيان المؤسسات الصحفيـة والإعلامية العالمية والعربيـة والعراقيـة بالتضامن مع الصحفي.

وفي ردود عراقية أخرى  قال المجلس السياسي للمقاومة العراقية في بيان له إن الصحفي الزيدي عبر عن موقف الشعب الرافض للإحتلال وللإتفاقية الأمنية مطالبا باطلاق سراحه.

ومن جانبها دعت جبهة الجهاد والتغيير جميع المنظمات الدولية والعربية المهتمة بحقوق الانسان والدفاع عن الحريات للعمل على اطلاق سراح الزيدي.

وحذرت الجبهة الوطنية والقومية والإسلامية من المساس بالصحفي الزيدي معتبرة محاولة المالكي الدفاع عن بوش وسكوته عن ضرب الصحفي العراقي حسب وصفها انحرافا عن المنهج السليم.

ومن جهتها قالت نقابة المحامين العراقيين في بيان إنها ستباشر تشكيل لجنة من المحامين للدفاع عن منتظر الزيدي بالتعاون مع نقابة الصحفيين العراقيين، وستستند في الدفاع إلى الصكوك والمواثيق الدولية ذات الصلة وبما يكفل الإفراج الفوري عنه.

ومن ناحيتها أشادت "هيئة علماء المسلمين" بـ"الموقف الوطني الشجاع للصحفي منتظر الزيدي"، مؤكدة أن "هذا الموقف البطولي عبر أصدق تعبير عن غضب العراقيين ورفضهم المطلق للاحتلال الأميركي المقيت الذي قاده هذا المجرم ضد بلدهم".

وعلى الصعيد العربي عبرت اتحادات ومنظمات وصحف ومواطنون عن تضامنهم مع الزيدي وطالب اتحاد الصحفيين العرب بإطلاق سراح الزيدي، فيما دعا اتحاد المحامين العرب إلى توفير محاكمة عادلة له.

فخر عائلي


كما قالت العائلة في تصريحات لوكالة أسوشيتد برس إن منتظر كان يكره على السواء الاحتلال العسكري الأميركي وما يعتبره احتلالا إيرانيا "معنويا" للعراق.

لكن عدي الزيدي قال الضابط المسؤول عن حراسة المنطقة الخضراء قال له أن ينسى شقيقه المعتقل، وأضاف عدي للجزيرة ان عائلته تركت منازلها خوفا من اعتقال افرادها من قبل قوات عراقية وأميركية.

وفي مقابل ذلك استنكرت السلطات العراقية ما قام به الزيدي، وقالت إنه معتقل لديها حيث يخضع للتحقيق ويجري استجوابه عما إذا كان تلقى مساعدة مالية للقيام باحتجاجه، كما يجري فحصه للتأكد من إدمانه على الكحول أو المخدرات.

كما استنكر رئيس "مرصد الحريات الصحفية" في العراق زياد العجيلي تصرف الزيدي واعتبره "غير مهني وبعيدا عن الروح الصحفية"، مبينا أن "سلوك الصحفي في حياته الخاصة لا ينبغي أن ينعكس على حياته المهنية"

كما ندّدت نقابة صحفيي إقليم كردستان العراقي بما أقدم عليه الزيدي واعتبرت أنه تصرّف بعيد عن أخلاق ومهنة الصحافة وعمل غير حضاري.

وفي تفاصيل الحادث التي استأثر باهتمام دولي واسع فإن الصحفي الزيدي فاجأ الجميع أمس الأحد خلال مؤتمر صحفي مشترك ببغداد بين المالكي وبوش وتوجه مخاطبا بوش بلهجة حادة

وشتم الزيدي الرئيس الأميركي قائلاً "هذه قبلة الوداع من الشعب العراقي أيها الكلب" ورمى حذاءيْه تباعا تجاه بوش

وتفادى بوش الحذاءيْن اللذين قذفا نحو وجهه، في حين حاول المالكي صد أحدهما عنه في الوقت الذي استمر فيه صراخ الصحفي احتجاجا على وجود الرئيس الأميركي

ويحمل الضرب بالحذاء في المنطقة العربية دلالات كبيرة أهمها الاحتقار والإهانة، ولكن الرئيس بوش الذي وقف مذهولا بسبب الحادث لثوان حاول أن يتمالك نفسه ويحاول التقليل منه

وتعليقا على رشقه بالحذاء قال بوش "هذا يشبه الذهاب إلى تجمع سياسي لتجد الناس يصرخون فيك، إنها وسيلة يقوم بها الناس للفت الانتباه، لا أعرف مشكلة الرجل، لم أشعر ولو قليلا بتهديد".

وأفاد مسؤول عراقي بأن السلطات العراقية تحتفظ بالحذاءيْن اللذين قذف بهما الرئيس الأميركي لاستخدامهما دليلا في القضية

***

عبرت عائلة الصحفي العراقي منتظر الزيدي الذي قذف الرئيس الأميركي جورج بالحذاء عن فخرها بابنها وأبدت في الوقت نفسه تخوفا على مصيره بعد اعتقاله من جانب السلطات العراقية.

وكشفت عائلة الزيدي عن جانب من تفاصيل حياته ومواقفه السياسية, وقالت إنه كان يكره الاحتلال العسكري الأميركي للعراق, ويرفض في الوقت نفسه ما يسميه بالاحتلال الإيراني المعنوي للبلاد.

وذكرت أسوشيتد برس أن أشقاء الزيدي الثلاثة وأخته تجمعوا في مسكنه الواقع غرب بغداد, حيث زينوا صورا له إلى جانب صور وملصقات للزعيم الثوري الكوبي تشي غيفارا.

كما عبر عدد من أفراد عائلة الزيدي عن شعور بالارتباك والقلق إزاء الطريقة التي سيعامل بها الزيدي بعد أن اعتقل إثر واقعة الحذاء.

وأعربت العائلة أيضا عن شعور بالفخر لتحدي ابنها الرئيس الأميركي الذي يعتقد كثير من العراقيين أنه دمر بلادهم. وقالت شقيقة الزيدي أم فراس "أقسم بالله إنه بطل, الله يحميه".

أما ضرغام شقيق الزيدي فقال إن شقيقه يرى أن الولايات المتحدة وإيران وجهان لعملة واحدة. ووصفت عائلة الزيدي تصرف ابنها بأنه عفوي وتلقائي, وعللته بأنه ربما يرجع إلى التوتر الراهن والعنف المتواصل في العراق.

ضرغام شقيق منتظر وابنه حيدر يتفحصان أحذية الصحفي الذي رشق بوش (الفرنسية)



أما عدي الزيدي الشقيق الأكبر لمنتظر فقال "الحمد لله، منتظر أثلج صدور العراقيين والثكالى واليتامى، ما فعله منتظر يتمنى الملايين من العراقيين وفي العالم أن يفعلوا مثله".

وأضاف "الحمد لله، جاءته الجرأة دمروا البلد وحرقوا البلد وقتلوا، منتظر كان دائما يقول إن أكثر من خمسة ملايين تيتموا بسبب بوش وأعوانه".

ومضى عدي الزيدي يقول "الحمد لله والشكر، رفع رؤوسنا ورؤوس العراقيين الذين اتهموا بأنهم استقبلوا الأميركان بالورود، وهذا أكبر دليل للعالم كله على أننا غير راضين عن الاحتلال وقوانين الاحتلال". كما ناشد عدي الزيدي الحكومة أن تطلق سراح شقيقه

وقالت عائلة الزيدي إنها تفخر بما فعله ابنها، وقال عدي الزيدي الأخ الأكبر لمنتظر في تصريح لوكالة رويترز إن ما قام به منتظر أثلج صدور العراقيين والثكالى واليتامى ويتمنى ملايين العراقيين وفي العالم أن يفعلوا مثله.
التاريخ: 15/12/2008