تحاليل عن الأزمة الإيرانية

 

17يونيو 2009م
وكالات ـ حذر محمد شريعتي مستشار الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي, امس, أنه في حال استمر الشعب في الاعتراض على نتائج الانتخابات الرئاسية, فإن الرئيس محمود احمدي نجاد "سيفقد الشرعية وسيواجه أزمة داخلية قد يكون لها تداعيات في المنطقة (الشرق الأوسط)".
وفي مداخلة له خلال ندوة إلكترونية أقامها مركز الدراسات العربي - الأوروبي بعنوان "هل ستشهد ايران تحولات على مستوى علاقتها العربية والدولية بعد اعادة انتخاب الرئيس نجاد?" بمشاركة شخصيات إيرانية وعربية, قال شريعتي هناك "اعتراضات من جانب الاصلاحيين على نتائج الانتخابات ومن الشعب ايضا", مشيراً إلى انه "في الماضي لم تكن هناك اعتراضات".
واعتبر أن العلاقات الايرانية العربية "غير جيدة", متوقعاً "أن يصحح الرئيس نجاد أخطاءه السابقة مع الدول العربية, وان يقيم علاقات ديبلوماسية معها", لكنه أضاف ان "ازدياد غضب الشعب قد لا يقبل رسميا بسياسة نجاد هذه وحكومته, حيث سيواجه عند ذلك أزمة ليست داخل إيران فقط, وإنما أزمة في المنطقة بأكملها".
من جهته, توقع الخبير في الشؤون الإيرانية حسن فحص "أن لا تشهد سياسات إيران الخارجية أي تحول جذري تجاه الدول العربية والإقليمية", مرجحاً أن تشهد تغييرات في المرحلة المقبلة خصوصاً اذا ما بدأ الحوار الإيراني - الأميركي, "حيث قد يعرض على النظام الإيراني أن يقدم تنازلات أو إعادة في مواقفه مع دول الجوار من دون تخليه عن هدفه في قيادة المنطقة بمقابل إسرائيل".
****

طهران - وكالات: اعتبرت وزارة الخارجية الايرانية, امس, ان التوجهات "الدنيئة" لبعض الدول الغربية لا يمكنها التشكيك بالانتخابات "الديمقراطية" الاخيرة, داعية هذه الدول الى تغيير سياساتها تجاه الجمهورية الاسلامية.
وأكدت في بيان أن أي تشكيك بنتائج الانتخابات, هو "إساءة الى رأي الغالبية ويتنافى مع مبادئ الديمقراطية وحقوق الآخرين, ما دام مجلس صيانة الدستور, وهو المرجع القانوني المخول, لم يبت في شكاوى المرشحين", مشددة على أن "قانون الانتخابات قد كفل الوسائل التي تصون أصوات الناخبين والمنتخبين ووفر لهم الاعتراض القانوني".
وأشارت إلى أن بعض الدول اتخذت مواقف "غير مدروسة وطائشة وصلفة في دعمها للتجمعات غير القانونية والفوضى التي قام بها الانتهازيون, وخلافا للقواعد والمبادئ الديمقراطية والدولية المعترف بها, وتحولت الى متحدث باسم التيار المشاغب بهدف تشويه الصورة الناصعة للجمهورية الإسلامية".
واعتبرت أن هذه الدول "لديها تاريخ في دعم الارهاب ومساندة استعمار الشعوب المضطهدة وإشاعة الانظمة الدكتاتورية وتسليح الآخرين بأسلحة الدمار الشامل ومثيري الشغب في مختلف مناطق العالم".
وذكرت الوزارة أن الجمهورية الاسلامية تعتبر أداء هذه المجموعة من الدول وتوجهاتها "دنيئة", ونصحت هذه الدول بتغيير تعاملها "الخاطئ" مع الاحداث الايرانية.
في سياق متصل, استدعت وزارة الخارجية, امس, السفير السويسري الذي يمثل المصالح الاميركية في طهران للاحتجاج على "تدخل" مسؤولين أميركيين, من خلال تصريحاتهم, بشأن الانتخابات.
كما استدعت أيضاً ديبلوماسياً كنديا رفيعا للغاية نفسها, بعد يوم على استدعائها سفراء ست من دول الاتحاد الأوروبي (بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وهولندا والقائم بأعمال جمهورية التشيك بوصفها رئيس الدورة الحالية بالاتحاد الأوروبي) احتجاجاً على تدخل دولهم في الشؤون الإيرانية, معتبرة أن مواقفهم تنطوي على نوايا سيئة.

***

طهران - :في أعقاب انتخابات الرئاسة الإيرانية التي طعنت المعارضة في نتيجتها تواجه الجمهورية الإسلامية أسوأ اضطرابات منذ الثورة الإسلامية في عام 1979 مع نزول محتجين من أنصار المعارضة إلى الشوارع في تحد نادر للسلطات.
ونظم مؤيدو المرشح المعتدل المهزوم مير حسين موسوي مظاهرات حاشدة في طهران امس لليوم الخامس على التوالي احتجاجا على فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد.
وفيما يلي النقاط الأساسية المرتقبة في الساعات الاثنين والسبعين القادمة حددها مراسلو رويترز.
هل هناك أي علامة على أن كبار رجال الدين قد يسحبون الشرعية من الرئيس أحمدي نجاد؟
الاحتمال صفر تقريبا نظرا لأنه عقب الانتخابات أكد الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي في أحاديثه وخلال اجتماعه مع موسوي على أهمية الوحدة بين الإيرانيين وأشار إلى أحمدي نجاد بوصفه الرئيس الشرعي للبلاد.
وقد يمنع خامنئي أيضا من سحب الشرعية من أحمدي نجاد أن مثل هذه الخطوة ستؤكد ضمنا مزاعم الإصلاحيين بتزوير الانتخابات.
ونظرا لأن إيران تواجه ضغوطا دولية متزايدة بسبب برنامجها النووي فإن أي خطوة من هذا القبيل من جانب خامنئي ستوسع هوة الخلاف داخل المؤسسة الحاكمة.
هل من المرجح أن تتواصل الاحتجاجات أم ستفقد زخمها؟
من الصعب التنبؤ بما إذا كانت الاحتجاجات ستتواصل لأن عوامل كثيرة تدخل المعادلة.
فالسلطات تستخدم أساليب مختلفة لانهاء الاحتجاجات بينها إضعاف الثقة في النشطاء والمحتجين من خلال وصفهم بالمشاغبين وقولها إن الاحتجاجات ينظهما أجانب.
كما تسمح أيضا باستمرار الاحتجاجات دون مواجهات كبيرة للسماح للايرانيين المحبطين من أبناء الطبقة المتوسطة بتنفيس غضبهم. وتأمل السلطات أيضا أن يتبدد اهتمام المحتجين في نهاية المطاف وأن تموت الاحتجاجات بمرور الوقت.
وإذا لم تفلح التكتيكات الأخرى فربما تلجأ السلطات إلى اتخاذ إجراءات عنيفة لقمع الاحتجاجات. وحتى الآن يحتج إيرانيون شبان ومن أبناء الطبقة المتوسطة في مناطق حضرية. وإذا شارك فقراء بالمناطق الريفية في الاحتجاجات فعندها حتى القوة لن تتمكن من وقفهم.
من المحتمل في الأيام القادمة أن تخف حدة الاحتجاجات لكنها لن تتوقف. ومعالجة المؤسسة للقضية هي عامل الحسم الرئيسي.
هل هناك أي مجال أمام خامنئي لتقديم مزيد من التنازلات عندما يتحدث في خطبة الجمعة؟
من المرجح أن يدعو خامنئي كل الإيرانيين في خطبة الجمعة إلى التزام الهدوء وربما يحث الجماعات المتناحرة على الاعتراف بحق كل منها في الوجود. من غير المرجح إلى حد بعيد أن يقول شيئا لارضاء المعتدلين.
ومن المستبعد أيضا أن يعطي الإصلاحيين أي وضع إلا إذا تدهور الوضع بصورة أشد ولم نصل بعد إلى تلك المرحلة إذ أن الناس يتابعون حياتهم اليومية بشكل طبيعي رغم المظاهرات.
هل موسوي مستعد للمخاطرة بمواجهات اخرى في بالشوارع؟
يحتمل أن يواصل موسوي أنشطته وفي مراحل محددة ربما يتبنى حلفاؤه موقفا أشد عدوانية. إذا خرج الوضع عن نطاق السيطرة وبات يهدد المؤسسة فسيستسلم موسوي لأنه غير مستعد اساسا للسير ضد مصلحة الجمهورية الإسلامية.
وإذا أقر موسوي بالهزيمة فسيصاب كثير من الإيرانيين المؤيدين للاصلاح بخيبة أمل وسيمثل هذا نهاية الحياة السياسية لموسوي ولكثير من الشخصيات الإصلاحية البارزة.
وسيؤدي هذا إلى فوز المحافظين بانتخابات البرلمان والمجالس المحلية القادمة.
هل هناك عملية بناء تحالفات؟
برز تحالف مناهض لأحمدي نجاد ويضم موسوي والرئيسين السابقين محمد خاتمي وأكبر هاشمي رفسنجاني ورئيس البرلمان علي لاريجاني ورئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف. ونظرا لدعم خامنئي الكامل لأحمدي نجاد فقد ينظر إلى هذا التحالف على أنه تحالف ضد خامنئي.
(رويترز)

****

لندن ـ'القدس العربي':وصفت صحيفة 'الاندبندنت' ما يجري في ايران بين مؤيدي الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد والمرشح المنافس له مير حسين موسوي بانه منافسة معقدة وسجال غير معلوم التأثير على مستقبل ايران.
ودعت الصحيفة العالم الخارجي الى التعامل مع الازمة بحذر حتى يتم اجتيازها. وقالت ان ايران تواجه اكثر ايامها اضطرابا منذ الثورة الايرانية في عام 1979 وان الجدل الدائر حول الانتخابات أدى الى تحويل طهران الى معسكرين متضادين، ففي الوقت الذي اعلن فيه مجلس صيانة الدستور عن اعادة عملية فرز الاصوات المتنازع عليها، قام النظام الايراني بفرض قيود شديدة على تحركات الصحافيين الاجانب وعدد آخر من قادة المعارضة الذين ألقي القبض عليهم.
وقالت انه غير معروف على وجه التحديد عما ستؤول اليه نتيجة الصراع بين الطرفين المتنافسين وما اذا كان المتعاطفون مع المتظاهرين سيسجلون انتصارا على المتشددين أم لا، ولكنها قالت انه يجب عدم التقليل من قدرة هذه التظاهرات على التشويش واحداث قلق للنظام، لافتة الى أن الطلاب الايرانيين الذين يشعلون المواجهات حالياً قد لعبوا دورا قياديا في الاطاحة بنظام الشاه عام 1979، ومعتبرة أن طلاب اليوم مثل اسلافهم يحملون حماسة التغيير ويساعدهم على هذا ادوات الاتصال التي لم تكن متوفرة لاسلافهم طلاب الثورة الاسلامية.
ورجحت الصحيفة انه سيكون من الصعب السيطرة على التظاهرات في حال انتشارها من طهران الى المدن الاخرى، مشيرة الى أن التظاهرات بحجمها الحالي وتردد السلطات في اخمادها يزيد من نزعات التشكيك في احتمال نجاة النظام، لافتة في الوقت نفسه الى أن هناك عددا من الاسباب الواجب أخذها في الاعتبار قبل الجزم بذلك حيث تم قمع الحركة الاصلاحية الايرانية التي رافقت انتخابات عام 1999 و2003 و2008 على وجه حاسم وعاجل، كما ان النظام الحالي يحظى بشرعية اوسع من شرعية النظام القديم للشاه، وفوق كل ذلك فان مزاعم المعارضة التي تتهم نجاد بسرقة أصوات الناخبين قد لا تكون صحيحة.
وعادت الصحيفة رغم هذا التحليل لتقول بأن هناك الكثير من الاسباب التي تدفع للتشكيك في النتائج التي تم الاعلان عنها يوم السبت، اذ فشل موسوي في تحقيق نجاح أمام نجاد في المناطق التي كان يعتقد أنها محسومة لصالحه، مشيرة في الوقت نفسه الى كون موسوي محسوبا على تيار علي اكبر هاشمي رفسنجاني ما يعني أن الصراع ما يزال محصوراً داخل نظام الجمهورية اكثر من كونه صراعا مدعوما من الخارج.
وترى الصحيفة أن المخرج من الازمة يتمثل في أن تتوصل اطراف النظام المتصارعة الى صفقة للحد من بعض سلطات الرئيس نجاد على أن يتم منح موسوي دورا اكبر في أي موقع من مواقع التأثير في الحكم، معتبرة أنه رغم كل المحاذير التي تدعو المراقبين لعدم التعجل في هذا الأمر فانه لا يجب تجاهل احتمال أن تشكل الأحداث الجارية بداية لمحادثات مع الغرب وامريكا حول القضايا العالقة مع ايران وفي مقدمتها الملف النووي.
ولفتت الصحيفة في هذا الصدد الى أن تفاعل الادارة الامريكية مع الازمة الايرانية كان معقولا مقارنة مع موقف ادارة الرئيس الامريكي السابق جورج بوش الذي دعا الاصلاحيين في ايران عام 2003 للثورة. واختتمت تحليلها بالمثل الذي يقول انه من 'يريد الورد عليه ان يتحمل الشوك' وقصدت بذلك اسداء النصح الى الغرب بضرورة أن يتحمل لسع الاشواك من حيث وجوب الالتزام بموقف الحياد والمراقبة لان المعركة الدائرة حالياً هي معركة محلية من شأنها أن تحدد مستقبل ايران.

روبرت فيسك

وفي مقال بنفس الصحيفة كتب روبرت فيسك الصحافي البريطاني المعروف بخبرته في شؤون الشرق الأوسط تحليلاً حول الأمر بعنوان 'رحل الخوف في أرض ذاقت طعم الحرية'. ويعتبر فيسك في تحليله أن مستقبل إيران الان رهن بما ستسفر عنه المواجهات بين معسكر محمود أحمدي نجاد وأنصار مير حسين موسوي.
وقال ان هناك 400 من أفراد قوات الأمن الخاصة فقط حالت دون اصطدام أنصار الفائز بالانتخابات الرئاسية وخصمه الذي رفض التسليم بصحة الانتخابات. ولاحظ فيسك الذي يغطي المظاهرات الاحتجاجية من طهران كيف أن أنصار موسوي طلبوا من أفراد الشرطة حمايتهم من التعرض لهجوم قوات التعبئة العامة التابعة للحرس الثوري الإيراني المعروفة بقوات الباسيج. واشار الى أن القوات المسلحة الخاصة للجمهورية الإسلامية التي دائما تتحالف مع قوات الباسيج، أبدت استعدادها هذه المرة لحماية جميع الإيرانيين سواء كانوا من أنصار أحمدي نجاد أو من أنصار موسوي.
ويرى فيسك أن حياد قوات الأمن كان سابقة في عهد الجمهورية الإسلامية علما بأن جيش الشاه سبق له أن رفض عام 1979 إطلاق النار على المظاهرات المليونية التي كانت تطالب بإزاحة نظام الشاه.
ويعتقد الكاتب ان ما يجري الان ليس ثورة لاستبدال نظام الجمهورية الإسلامية لأن أنصار الطرفين يرفعون شعار 'الله أكبر' في ميدان فاناك. ويلاحظ الكاتب أن إمساك قوات الأمن للعصا من الوسط يدل على أن أحمدي نجاد يواجه متاعب حقيقية، مشيرا الى ان قرار المرشد الأعلى، علي خامنئي، الطلب من مجلس صيانة الدستور إعادة فرز بعض الأصوات الانتخابية لم يبدد مع ذلك شكوك وغضب المعارضة الإصلاحية في إيران بشكلٍ كامل.
ويقول ان رفض المعسكرين التوصل إلى حلول وسطية يثير المخاوف، إذ ان أنصار أحمدي نجاد يدعون للالتزام بأوامر المرشد الاعلى للثورة، فيما يطالب أنصار موسوي بتوسيع نطاق الحرية. ويتساءل الكاتب عن امكانية انهاء السجال الحالي وما اذا كانت الفرصة لإنهاء العنف بين الإخوة الأعداء قد ضاعت، خاصةً ان كل طرف يعتقد بصحة مبادئه فيما اكتسب انصار موسوي قوة جديدة لمواجهة رجال الدين والتعبير عن امتعاضهم وكرههم لهم، وذلك بلهجة ساخرة غير مسبوقة.

اعادة الانتخابات

وعلى خلاف الموقف العقلاني لـ'الاندبندنت' ترى 'التايمز' ان الديمقراطية الايرانية فارغة و ان النظام لن يستعيد شرعيته الا بانتخابات جديدة، لان قادة ايران من خلال تجاهلهم لرغبات التحرر التي يطالب بها الشعب، يقومون بتغطيس بلدهم في المياه العالية، محذرة من توسع العصيان المدني وارتفاع عدد الشهداء خاصة من الاطفال والنساء حيث سيعرض ذلك شرعية النظام الاسلامي للخطر.
وتقول ان خطوة المرشد الاعلى للتحقيق واعادة فرز الاصوات تظهر ان مجلس صيانة الدستور يشعر بالقلق ليس من توسع دائرة المظاهرات ولكن من السخرية والاهانة التي تعرض لها النظام الاسلامي الطهوري بسبب اتهامات الغش. وترى ان التنازل القليل من النظام ليس كافيا وان اعادة الانتخابات ستكون كفيلة بترميم شرعية النظام.
وترى الصحيفة أيضاً ان الديمقراطية الايرانية ليست كاملة فهي تخضع لبعض أشكال السيطرة والتحكم، ولكنها حذرت من الثقة التي يتمتع بها الاصلاحيون أمام نظام مسلح بالحرس الثوري والباسيج واعتقادهم بان الغرب سيتحرك لدعمهم، فالقادة الغربيون غاضبون ازاء ما يحدث الا ان ردة فعلهم تتسم بالحذر.
وتقدم الصحيفة نصيحة للقادة الغربيين برفع أصواتهم بالنقد لموسوي نفسه فهو ليس ليبراليا ولا معارضا لنظام الجمهورية الاسلامية ولكنه شيئا فشيئا يتحول الى رمز للاضطهاد والمقاومة.
وفي صفحات الرأي في الصحف البريطانية والامريكية العديد من التعليقات منها انتقادات لسياسة اوباما من ايران وما اطلق عليها الثورة الخفية في ايران والتي بذرت بذورها منذ انتخاب نجاد اول مرة عام 2005 كما ذهب تحليل في 'نيويورك تايمز'. وقال التحليل ان خيبة الامل تتزايد بشكل كبير من الملالي منذ سنوات عدة.

بين المسجد وشبكة الانترنت

وفي مقالٍ لا يخفي فيه توماس فريدمان مظاهر الفرح تجاه ما يحدث في ايران ونهاية القوى الاسلامية التي تمتلك 'المسجد' فيما تمتلك القوى الديمقراطية التكنولوجيا الحديثة مثل: فيس بوك، تويتر، الرسائل الهاتفية والانترنت. ويعرب فريدمان عن تفاؤله لبعض مظاهر الهزيمة التي وقع فيها الاسلاميين مؤخراً وتمثلت في هزيمة حزب الله في الانتخابات اللبنانية الأخيرة، وان حماس تواجه فتح العائدة للنشاط والمقاومة والقاعدة في العراق هزمت من الحكومة ومجالس الصحوة.
ويقول الكاتب انه لاول مرة يجد المعتدلون الذين كانوا محصورين بين الاسلاميين واحتكارهم للمسجد من جهة والسلطة واحتكارها للقمع من جهة أخرى، فالقوى الديمقراطية الآن بات لديها مسجدها الجديد الذي يتمثل في 'شبكة الانترنت' على حد تعبيره، مشيرا الى ما ذكرته 'نيويورك تايمز' يوم الثلاثاء من ارتفاع عدد المشاركين في صفحة 'فيس بوك' الداعمة لموسوي الى 50 الف شخص، وهو رقم من المشتركين اكبر من حجم قدرة اي مسجد على الاستيعاب، الأمر الذي يفسر محاولة الحكومة الايرانية التضييق واغلاق مواقع بعينها على شبكة الانترنت.
وحذر فريدمان من قصور كلمة معتدلين لكونها تعني شمولية احيانا كما في حالة نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي الذي يريد ان يراكم كل السلطة في يديه. اما الامر الثاني فان الاسلاميين والمعتدلين على حد سواء نجحوا لان لديهم السلاح.

جهات خارجية واقليات

ومن هنا فان انتصار اي طرف يعتمد على قوته. وفي ضوء ما يحدث في ايران اليوم هناك شعور بالقلق من الطرفين، التيار الاصلاحي الذي يرى ان فرز الاصوات لا يرضي التطلعات والنظام الذي يلقي الاحداث على جهات خارجية وقد تكون مخاوفه مبررة فنتائج الانتخابات الايرانية والجدل وان اظهرت الانقسامات في الشارع الايراني الا انها ادت الى لعبة جديدة يقوم بها الجانب المنتصر الذي اخذ يلقي اهتمام الاعلامي الغربي وتهويله من الانقسامات على انها جزء من مؤامرة غربية واحيانا ثلاثية الابعاد امريكية ـ بريطانية ـ صهيونية. والرهاب الايراني من الغرب معروف وجزء من علاقة الثورة معه منذ انتصارها، لكن محللين يرون ان عودة النبرة الاتهامية ربما كانت مبررة، فمن مصلحة الانظمة الغربية هز النظام الايراني في ضوء ما قدمه الصحافي الامريكي العام سيمون هيرش في مجلة 'نيويوركر'في العام الماضي من تقارير عن قيام الاستخبارات الامريكية 'سي اي ايه' بدعم الجماعات والاقليات في جنوب ايران، كردية واذرية وبلوشية، وغيرها، من خلال دعمها ماليا وتسليحها، ومع ان الادارة الامريكية لم تؤكد ولم تنف مثل هذه النشاطات الا ان السلطات الايرانية ربطت العديد من التفجيرات واحداث العنف في هذه المناطق بقوى خارجية، وفي بعض الاحيان تحدثت السلطات الايرانية عن دور للموساد الاسرائيلي.
ويشير تحليل في صحيفة 'الغارديان' الى ان التعقيد السياسي في ايران يجعل من القلق حول دور هذه الاقليات المحرومة وعلاقتها بالقوى الخارجية هذه امرا لا مدعاة له الا ان السلطات تفتح عينها على هذه المناطق. وبحسب تقارير فان هناك اكثر من 100 نقطة تفتيش من قبل الحرس الثوري.
وربطت السلطات الايرانية عملية تفجير لمسجد في زاهدان بين سيستان ـ بلوشستان بعناصر بريطانية وامريكية واسرائيلية. كما تم تحميل مسؤولية المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة محلية في الاهواز لنفس الجهات، وهو ما اشار اليه المرشد الاعلى للثورة الاسلامية اية الله علي خامنئي.
وبنفس الطريقة تعاملت الحكومة الايرانية مع الاحداث التي اجتاحت الشوارع الايرانية ولاول مرة منذ الثورة عام1979 حيث اتهمت ايدي خارجية لديها مصلحة في دعم الاضطراب. وبحسب مسؤول الاستخبارات الايراني فان هذه الجماعات المعادية للثورة ستعتمد على تحقيق اهدافها من خلال التفجيرات والاعمال الارهابية.
وتم اعتقال 50 شخصا لديهم ارتباطات خارجية. ويرى التحليل ان الازمة الحالية التي يواجهها النظام من خلال زيادة القوى المعارضة والرافضة لنتائج الانتخابات الايرانية قد تدفع النظام الى حرف الانتباه عن المشاكل الداخلية والعمل على دعم القوى المعارضة للوجود الامريكي في العراق وقوات الناتو في افغانستان


التاريخ: 19/06/2009