بداية انهيار الإقتصاد الأمريكي

 

الخليج الإماراتية 18/3/2008م: عمت موجة من القلق، وصلت إلى ما يشبه الذعر، أوساط المستثمرين في مختلف البورصات والأسواق العالمية، وسط مخاوف من أن أزمة الائتمان العالمية قد تكون خرجت عن نطاق السيطرة، مما حد من الاقبال على الأصول الخطرة والتحول نحو الأصول الآمنة، ليتجاوز الذهب 1030 دولاراً للأونصة. وأوقد بيع بنك “بير ستيرنز” إلى “جيه بي مورجان تشايس” بسعر بخس وصل إلى 236 مليون دولار فقط شرارة المخاوف من سقوط ضحايا جدد لأزمة الائتمان العالمية، خصوصاً بعدما استبق المجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي الجلسة التي كانت مقررة اليوم بخفض سعر الفائدة الى 3،25% من 3،50%، واتخذ خطوات من أجل توفير السيولة لنطاق أوسع من الشركات المالية مستخدماً أدوات لم يلجأ اليها منذ “الكساد الكبير”، في وقت حذر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من أزمة ستدوم طويلاً وستكون لها عواقب وخيمة لن يكون أحد بمنأى عنها.

وأقر الرئيس الأمريكي جورج بوش بأن الاقتصاد الأمريكي يمر “بأوقات عصيبة” وقال إنه يؤيد الاجراءات التي اتخذها مجلس الاحتياطي الاتحادي لاستعادة النظام في أسواق المال المضطربة.
وقال بوش للصحافيين بعد اجتماع مع مستشارين اقتصاديين كبار إن رسالته إلى البلاد والعالم هي أن “الولايات المتحدة تسيطر على الوضع”.
وقال بوش بعدما أعلن مجلس الاحتياطي يوم الأحد اجراءات طارئة لاحتواء أزمة الائتمان العالمية المتفاقمة “نتخذ اجراءات قوية وحاسمة”.
وأضاف “مجلس الاحتياطي الاتحادي تحرك بسرعة لتحقيق الاستقرار في سوق المال. الوزير بولسون مؤيد لهذا التحرك وأنا أيضاً”.
وقال بوش “مؤسساتنا المالية قوية وأسواق المال لدينا تعمل بكفاءة وفاعلية. سنواصل مراقبة الوضع وسوف نتحرك بحسم عند الضرورة من أجل تحقيق الاستقرار في أسواق المال، وعلى المدى الطويل سيكون اقتصادنا جيداً. في الوقت الراهن نحن نتعامل مع وضع صعب”.
واعتبر المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس كان أمس ان الأزمة المالية الحالية “ستدوم طويلا” وستكون لها “عواقب اقتصادية وخيمة”.
وقال ستروس كان في مؤتمر صحافي نظمه صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية حول الاصلاحات الهيكلية في أوروبا “هناك أزمات تتعلق بالظروف الاقتصادية مثل التي نعيشها وستدوم طويلاً مع عواقب وخيمة”.
وأضاف ان الدول الناشئة ستتضرر هي الأخرى جراء الأزمة المالية التي بلغت الولايات المتحدة حتى الآن والدول المتقدمة.
وقال “لا فصل” بين الدول المتقدمة والدول الناشئة، لكن هناك “تفاوتاً في الوقت”.
وتابع المدير العام لصندوق النقد الدولي “ان الدول الناشئة ستتأثر للأسف بالأزمة”.
وشاطره هذا الرأي الأمين العام لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية انجيل غوريا الذي قال “لا أؤمن أبدا بالفصل بين الدول”، موضحاً في الوقت نفسه ان الأزمة قائمة اليوم في الدول المتقدمة، بينما يبدو ان الدول التي تعيش تقليديا في أزمات مثل أمريكا اللاتينية أكثر قوة وأكثر استعداداً.
ولكن مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة اوروبا مايكل دبلر اعتبر ان أوروبا غير مهددة بانكماش اقتصادي في الوقت الراهن حتى ولو كان صندوق النقد سيتوقع تراجع نسبة النمو في هذه المنطقة عندما يعيد النظر فيها.
ورداً على سؤال حول احتمال حصول انكماش في اوروبا نتيجة انتقال العدوى اليها من الولايات المتحدة، أجاب دبلر ان ذلك ليس جزءاً من توقعات صندوق النقد الدولي، موضحا ان ارقام مؤسسته حيال النمو في القارة العجوز والتي ستنشر في غضون بضعة أسابيع منخفضة، لكن لا احد يتحدث عن انكماش في الوقت الحالي.
ورفض دبلر توضيح ما اذا كانت الولايات المتحدة تجد نفسها في حالة انكماش، مكتفيا بالقول ان التطورات الاقتصادية ستتجه بوضوح نحو ضعف النمو في هذا البلد.
واعتبر رئيس البنك الدولي روبرت زوليك انه لا يوجد بلد بمنأى عن الأزمة المالية العالمية، رافضا نظرية الفصل بين الدول الغربية التي تواجه صعوبات وبين الدول الناشئة المرتفعة النمو.
وقال زوليك في مؤتمر صحافي في مقر مكتب العمل الدولي في جنيف “لا أعتقد أن هناك دولا في منأى ولا اعتقد ان هناك فصلاً بين الدول”. وأضاف “أعتقد أنه سيكون لها (الأزمة) بعض الاثار على المستوى التجاري والمالي”.
وأشاد بالنشاط القوي للصين والهند وبكون الاقتصاد العالمي مدعوما من “أقطاب نمو متعددة”. إلا إنه أشار إلى أن بعض الدول الناشئة ستواجه نفقات اقتراض اعلى بقليل منذ اندلاع الأزمة المالية في الولايات المتحدة صيف ،2007 والى ان بعض الدول تقترض اقل مما ترغب.
وأعرب عن قلقه من ارتفاع اسعار المواد الغذائية والطاقة “الذي يضع الدول الفقيرة تحت ضغط رهيب”.
وعلى صعيد الأسواق أغلقت الأسهم الآسيوية على انخفاض حاد، فتراجع مؤشر نيكاي الياباني 3،7% وهانج سنج في هونج كونج بنسبة 5،2% و”سنكس” في مومباي 6،3%.
وفي أوروبا تراجع مؤشر فاينانشيال تايمز (فوتسي) بنسبة 3،86%، و”كاك” الفرنسي 3،5% و”داكس” الألماني 4،18%.
وفي أمريكا تراجع داو جونز بنسبة 1،2% وناسداك 2%، وستاندرد اند بورز 2،2%.
وفي أسواق العملات هبط الدولار إلى مستويات قياسية جديدة مقابل العملات الرئيسية، فسجل اليورو 1،59 دولار.
أما في أسواق النفط، فقد ارتفعت الأسعار إلى أرقام قياسية جديدة ليلامس سعر برميل الخام الأمريكي 112 دولاراً مسجلاً 111،8 دولار قبل أن يتراجع بشكل حاد لاحقاً إلى 104،21 دولار. (رويترز أ.ف.ب)

التاريخ: 19/03/2008